شعبان بلال (القاهرة)
أشاد الدكتور عبدالحكيم الواعر، مساعد المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، والممثل الإقليمي لمنطقة الشرق الأدنى وشمال إفريقيا، بجهود ومبادرات دولة الإمارات العربية المتحدة الرائدة في مجال الاستدامة البيئية، والتزاماتها وأهدافها الطموحة ومشاريعها المبتكرة التي تمثل نهجاً استباقياً نحو التصدي لتغير المناخ وتُسلط الضوء على الدور الحاسم للزراعة، محذراً من تداعيات تغير المناخ على الأمن الغذائي العالمي.


وقال الواعر في حوار مع «الاتحاد»، إن جهود الإمارات رائدة في مواجهة تغير المناخ وتحسين نظم الزراعة والحفاظ على البيئة والاستدامة، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة والتصدي للتغير المناخي، مع التركيز على التحديات في قطاعات مثل التصنيع والزراعة.
وأوضح أن الشراكة بين «الفاو» والإمارات جزء من الجهد الجماعي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، حيث يعد القضاء على الجوع أولوية قصوى، وتُعتبر مساهمات الإمارات في هذا المجال حيوية لتحقيق عالم خالٍ من الجوع.

أخبار ذات صلة «الفارس الشهم 3» تساند القطاع التعليمي في غزة «تعليم» تعتمد تحديثات «المسارات» والمواد الاختيارية

ولفت إلى تطلع «الفاو» ومكتبها الخاص بدول مجلس التعاون الخليجي واليمن إلى تعاون أوسع مع الإمارات لدعم الاستثمار في الزراعة، وهو أمر حاسم لتحقيق التنمية المستدام، خاصة وأن الدولة تُعزز التنمية المستدامة من خلال الاستثمار الاستراتيجي في الزراعة، وتعمل على تعزيز جهود التكيف مع التغيرات المناخية لتحقيق الأمن الغذائي العالمي.
وأوضح المسؤول الأممي أن الإمارات تُسهم بشكل فعال في الاستدامة البيئية والمساعدة الإنسانية والأمن الغذائي العالمي، وتُعتبر خطواتها الاستباقية والتزامها الثابت مصدراً للأمل في مستقبل أكثر إشراقاً، منوهاً بجهود الإمارات في مواجهة تغير المناخ وتحسين نظم الزراعة والحفاظ على البيئة والتي تُعتبر رائدة وملهمة على مستوى العالم، وتتبنى أنماطاً زراعية مستدامة تستند إلى التقنيات الحديثة وتولي أهمية كبيرة للدراسات والبحوث العلمية.
وقال الواعر إن الإمارات تشهد توجهاً متنامياً نحو تطوير المزارع العمودية والزراعة الذكية مناخيًا، والتي تهدف إلى زيادة الإنتاجية والعائد الاقتصادي، والتكيف مع تغير المناخ والحد من انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري، حيث تُظهر الإمارات التزامًا قويًا بالابتكار الزراعي كجزء من جهودها لمواجهة التغير المناخي، حيث أطلقت مبادرات استراتيجية مثل «مبادرة الابتكار الزراعي للمناخ» بالشراكة مع الولايات المتحدة لحشد الدعم والاستثمارات للزراعة الذكية مناخيا.
وشدد على أن مبادرات الإمارات تسعى إلى تسريع وتيرة الابتكار الزراعي العالمي من خلال تكثيف جهود البحث والتطوير، وتسليط الضوء على الحلول الزراعية المستندة إلى البيانات العلمية من أجل الحد من تداعيات تغير المناخ والتكيف معه، بالإضافة إلى ذلك، تُظهر الإمارات التزاماً بتحقيق الحياد المناخي بحلول العام 2050، وتركز على تحسين الكفاءة وزيادة مصادر الطاقة المتجددة في القطاع الزراعي.

المجاعة في غزة
وحول تداعيات الحرب في غزة، ذكر المسؤول بمنظمة «الفاو» أن انعدام الأمن الغذائي الحاد يزيد من حيث الحجم والشدة في القطاع، وهو ما يستدعي العمل بشكل ملح للعمل على منع المجاعة قبل أن تتفاقم، حيث إن غزة تصنف على أنها أخطر الأماكن من بين الـ«نقاط الساخنة» للجوع في العالم.
وحذر الواعر من أن الصراع سيؤدي إلى تزايد عدد الضحايا بشكل غير مسبوق بجانب الدمار والتشريد الواسع النطاق للسكان في غزة، إلا أن التحرك السريع يمكن أن ينقذ الأرواح، ويقلل من نقص الغذاء، ويحمي سبل العيش بتكلفة أقل لو حدث في الوقت المناسب.

التغير المناخي
ودق الدكتور عبدالحكيم الواعر ناقوس الخطر من أن تغير المناخ يؤدي إلى زيادة وتكثيف المخاطر التي يتعرض لها الأمن الغذائي العالمي، خاصةً البلدان الأكثر ضعفاً، بما في ذلك المناطق القاحلة، والدول الجزرية الصغيرة النامية، والمناطق المنخفضة من دلتا الأنهار، وسيكون لتغير المناخ تأثيرات أوسع نطاقاً على التدفقات التجارية والمواد الغذائية والأسعار، ويمكن أن يؤدي إلى مخاطر جديدة على صحة الإنسان، لذلك فإن الحاجة كبيرة الى جهود الاستجابة لتغير المناخ على الفور لحماية النظم الغذائية والأمن العالمي.

توافر المياه.
وأشار المسؤول الأممي إلى أن تطور أزمة المناخ، وتفاقم آثاره، مثل العواقب المترتبة على ارتفاع درجة حرارة الأرض والمحيطات ومستوى سطح البحر، سيؤثر على هطول الأمطار وذوبان الجليد، ونوعية المياه، وكذلك على المياه الجوفية في العديد من مناطق العالم، وستصبح ندرة المياه هي التحدي الرئيسي.
ويرى أنه من المرجح أن يؤثر تغير المناخ على تواتر وشدة الأحداث المتطرفة واختلالات الطقس، وتشير تحليلات منظمة الأغذية والزراعة أن حجم تأثيرات الأحداث المتطرفة على الزراعة مرتفع جداً، وأن 25% من الخسائر والأضرار الاقتصادية فى قطاعات الزراعة فى البلدان النامية ناجمة عن المخاطر المناخية، مثل الجفاف والفيضانات والعواصف.
وأضاف أن التوقعات المناخية تشير إلى انخفاضات مستقبلية في هطول الأمطار في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، وقد تصبح نقاطًا ساخنة للجفاف خلال القرن الحالي، ولأن نسبة كبيرة من سكان المنطقة، وخاصة الأفقر والأكثر ضعفاً، يعتمدون على الزراعة للحصول على الغذاء والدخل، فمن المرجح أن يتفاقم انعدام الأمن الغذائي، وتستمر الانتاجية في الانخفاض، وزيادة الهجرة الريفية نتيجة للفقد المستمر فى سبل العيش لهذه المجتمعات الهشة.
وأشار الواعر إلى أن ملياري شخص يفتقدون إلى المغذيات الدقيقة الأساسية التي يحتاجون إليها ليعيشوا حياة صحية، إذ يؤدي تغير المناخ إلى تعميق التحديات والتفاوتات الاجتماعية والاقتصادية والمكانية الحالية.

نظم زراعية مستدامة
وشدد مسؤول «الفاو» على أن أنظمة الإنتاج الغذائي والزراعي في العالم تواجه تحديات غير مسبوقة من الطلب المتزايد على الغذاء، بسبب الآثار السلبية لتغير المناخ، والإفراط في استغلال الموارد الطبيعية، وفقدان الأغذية وهدرها، ويمكن لهذه التحديات أن تقوض قدرة العالم على تلبية احتياجاته الغذائية الآن وفي المستقبل، وقد تفشل الأنظمة الغذائية والزراعية الحالية في التصدي للتحديات، في حين لا يزال الملايين يعانون من الجوع وسوء التغذية.

جهود «الفاو»
وحول برامج «الفاو» لمواجهة تداعيات تغير المناخ، أكد الدكتور عبدالحكيم الواعر، أن المنظمة تركز على جعل أنظمة الأغذية الزراعية الشاملة جزءا من حل المشكلة، ومنها تعزيز سياسة المناخ والحوكمة، عبر العمل على دمج الأمن الغذائي والتغذية وأنظمة الأغذية الزراعية والموارد الطبيعية وسبل العيش في جداول الأعمال الدولية الخاصة بالمناخ، وتعبئة الموارد والتنفيذ عبر العديد من التقييمات والدراسات وتوفير البيانات والإحصائيات حول مدى تأثُر النظم الزراعية بتغير المُناخ وعرض الحلول المبتكرة والتي تسهم بدورها في حشد الموارد لتنفيذ مشروعات لتخطى عقبات المناخ.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: تغير المناخ التغير المناخي المناخ التغيرات المناخية أزمة المناخ الاحترار المناخي الإمارات الفاو الأمن الغذائی العالمی لتغیر المناخ تغیر المناخ فی غزة

إقرأ أيضاً:

معلومات الوزراء يستعرض تقريرا جديدا حول تداعيات «تغير المناخ على مستقبل الطاقة»

أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تقريرا جديدا حول تداعيات «تغير المناخ على مستقبل الطاقة»، تناول من خلاله أهمية مصادر الطاقة التقليدية والمتجددة في ظل تزايد معدل الطلب عليها عالميًّا، والعلاقة بين الظواهر المناخية المختلفة ومصادر الطاقة، وكيف تؤثر تلك الظواهر على قطاعات الطاقة المختلفة كلٌّ على حدة، فضلاً عن انعكاسات تغير المناخ على البنية التحتية لقطاع الطاقة، وتحليل فجوة العرض والطلب على مصادر الطاقة، مع استعراض مستقبل الطاقة في مصر في ظل تغير المناخ من خلال الإسقاط على التحديات التي تواجه قطاع الطاقة في مصر، وأبرز الجهود المبذولة للنهوض بهذا القطاع.

أوضح التقرير، أنه في ضوء ما يعانيه العالم من تغير مناخي حاد وما يصاحبه من ظواهر متطرفة، أثرت بالطبع على جميع مقدرات الحياة ومفاتيح التنمية والتطور والتقدم، بل أصبحت تهدد حياة الإنسان واستقراره وأمنه، ولما كانت الطاقة هي جوهر عملية التنمية الاقتصادية في مختلف أنحاء العالم، وهي السبيل لرفاهية الإنسان ورخائه واستقراره المادي والاجتماعي -نظرًا لأهميتها في خلق فرص عمل عديدة تُسهم في الحد من البطالة، وقدرتها على دعم الصناعات والاستثمارات والابتكارات والخطط والبرامج والاستراتيجيات الجديدة بما يعود بالنفع والفائدة على البشرية- كان لزامًا أن يتم التطرق لتأثير التغيرات والظواهر المناخية عليها، وذلك في ظل ما تجابهه من تحديات أخرى مرتبطة بالسياقات الدولية المختلفة بما تتضمنه من تداعيات جائحة كورونا على الاقتصاد العالمي وإمدادات الطاقة، والأزمة الروسية - الأوكرانية، والصراع في غزة وتأجج منطقة البحر الأحمر والذي أثر بدوره على تلك الإمدادات.

وقد أشارت مجموعة البنك الدولي بأهمية الطاقة المتجددة مثل (الشمس والمياه والرياح) لأن تكون مصدرًا بديلًا للوقود الأحفوري الناضب، إذ من الممكن أن تساعد البلدان على التخفيف من تبعات تغير المناخ، كما أنها من الممكن أن تكون حلًّا مناسبًا بحلول عام 2030 لتعويض الفجوة في قطاع الطاقة، لكن هذه الطموحات باتت مُهددة بفعل موجات الطقس غير المعتادة والظواهر المناخية المتطرفة (ارتفاع درجات الحرارة، وارتفاع مستوى سطح البحر، والجفاف، والفيضانات، والأعاصير، وتباين معدل هطول الأمطار، وغيرها)، فأصبح مستقبل الطاقة سواء كانت متجددة أو تقليدية مهددًا على نحو مباشر بسبب تلك الحوادث، والأمر ينطبق كذلك على الإنتاجية والاستهلاك.

وأضاف التقرير أنه في ظل زيادة الطلب العالمي على مصادر الطاقة المختلفة لتلبية احتياجات التنمية والتطوير المستمر وللحاق بركب التطور التكنولوجي والمعلوماتي، تأتي أهمية مصادر الطاقة التقليدية والمتجددة وذلك على النحو التالي:

أولاً: أهمية الوقود الأحفوري كمصدر رئيس لإمدادات الطاقة عالميًّا: تنبع أهمية الوقود الأحفوري من كونه المصدر الرئيس لإمدادات حوالي 80% من الاحتياجات العالمية للطاقة، كما أنه يمثل الداعم الأول للاقتصاديات العالمية لأكثر من 150 عامًا، بل إنه كان الركيزة الأساسية التي قامت عليها الثورة الصناعية وكان له الدور البارز في النمو الاقتصادي الذي حدث منذ ذلك الحين.

وقد أبرز التقرير أهمية الوقود الأحفوري في تعزيز نهضة المجتمعات وتطورها على النحو التالي:

1-المصدر الأول لإنتاج الطاقة ولاسيما الكهربائية، والمصدر الأول للوقود لوسائل النقل المختلفة: وهناك العديد من الدول التي تعتمد على الوقود الأحفوري كمصدر رئيس لإنتاج الطاقة الكهربائية ويتم قياسها كنسبة مئوية من إجمالي الكهرباء المنتجة في العالم، لعل أبرزها: روسيا التي تعتمد على الوقود الأحفوري لإنتاج نحو 64% من الكهرباء، والصين 64.7%، بالإضافة إلى اعتماد الهند في 78% من إنتاجها على الوقود الأحفوري، وكازاخستان 87.2%، ومنغوليا 89.3%، وإيران 93.8%، والمملكة العربية السعودية 99.8%، وسلطنة عمان 99.4%، وليبيا 100%، والجزائر 99.2%، والنيجر 93.7%، وتشاد 94.3%، ومصر 88.2%، وإيطاليا 56.3%، والولايات المتحدة الأمريكية 59.1%

2-تعزيز القطاع الطبي بالتقنيات الحديثة، حيث يتم من خلال المشتقات البترولية انتاج العديد من المواد اللازمة للجراحة كالمعقمات وخيوط الجراحة المتطورة التي ساهمت في الارتقاء بهذا القطاع ليعود بالنفع على الإنسان.

3-تُسهم في صناعة الأنسجة والملابس من خلال الألياف الاصطناعية المشتقة من الوقود الأحفوري.

4-كما تدخل في نطاق صناعة الأسمدة ودعم قطاع الزراعة.

5-يساعد على تعزيز النمو الاقتصادي وتحسين مستوى الدخل: لاسيما للعاملين في قطاعات النفط والغاز الطبيعي والفحم، حيث أن هذه القطاعات ترفع من نصيب الفرد في الناتج المحلي الإجمالي، وتحسن من مستوى الرفاهة الاجتماعية، كما أنه يسهم في عدة قطاعات كصناعة السيارات، وصناعة الحديد والصلب، والأسمدة، والمنسوجات، والبتروكيماويات.

ثانياً: أبرز التقرير أهمية الطاقة المتجددة (الشمس والرياح والمياه) كمصدر ثانٍ لإمدادات الطاقة عالميًّا: فعلى الرغم من الأهمية المحورية للوقود الأحفوري كمصدر أولي للطاقة، فإن السياقات الراهنة المرتبطة بأنه مصدر ملوث للبيئة وغير متجدد وله دور في تغير المناخ وكمياته المحدودة -بسبب استنزاف احتياطاته-، دعت إلى الانتقال نحو طاقة نظيفة، صديقة للبيئة وغير ناضبة، أو ما يمكن أن يطلق عليه الطاقة المتجددة ممثلة في (الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والطاقة الكهرومائية، وطاقة المد والجزر، والطاقة الحرارية الأرضية).

وقد أشارت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة إلى أنه رغم اعتماد 80% من سكان العالم -أي ما يقرب من 6 مليارات نسمة- على الوقود الأحفوري كمصدر للطاقة، وأن 80% من الإنتاج العالمي للطاقة يأتي من خلال مصادر الطاقة التقليدية، فإن الاتجاه نحو الطاقة المتجددة كمصدر بديل للطاقة أصبح محل اهتمام من العالم، لا سيما أن 29% من الكهرباء المتولدة في العالم تأتي من خلال الطاقة المتجددة، وترى الوكالة أنه بحلول عام 2050 يمكن أن يتم توليد 90% من الطاقة الكهربائية من خلال مصادر الطاقة المتجددة، لذا فأهميتها تنبع من كونها: مصادر متجددة (مستدامة) للطاقة، صديقة للبيئة غير ملوثة، تحافظ على الصحة العامة، وتكاليف الاستثمار فيها منخفضة مقارنة بالوقود الأحفوري، وتُسهم في خلق فرص عمل جديدة وآمنة للحد من معدلات البطالة.

وقد أوضح التقرير أن الظواهر المناخية المتطرفة التي تنتج عن التغيرات الحادة في الطقس أثرت على قطاع الطاقة بشكل بيِّن، خاصة قطاع توليد الطاقة الكهربائية من خلال الوقود الأحفوري، ومحطات الطاقة الحرارية، والكهرومائية، ومحطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وبالتالي تأثر قطاع الطاقة من حيث البنية التحتية، ومعدل الطلب على الطاقة، وانخفاض قدرة المحطات وما إلى ذلك من ظواهر.

وقد استعرض التقرير تأثير الظواهر المصاحبة لتغير المناخ على قطاع الطاقة وذلك على النحو التالي:

-تأثر البنى التحتية الحيوية لقطاع الطاقة ولا سيما الوقود الأحفوري: فقد تأثر قطاع الطاقة فعليًّا من الظواهر المناخية المتطرفة على مستوى البنى التحتية وعمليات الإنتاج والتكرير للوقود الأحفوري، فغالبًا ما تتم العملية التي يتم فيها استخراج النفط والغاز الطبيعي في المياه أو المناطق الساحلية والصحراوية، وبالتالي قد يتسبب ارتفاع مستوى سطح البحر والعواصف والأعاصير إلى التأثير على مصافي التكرير الموجودة على طول السواحل كتأثر الساحل الأمريكي بالأعاصير المدمرة، كما تأثرت البنية التحتية للطاقة، وتحديدًا قطاع النقل المتمثل في الطرق والسكك الحديدية، بالإضافة إلى خطوط الأنابيب الناقلة للنفط والغاز والتي تُعد الأساس لقطاع الطاقة، لأنها تنقل الوقود الأحفوري إلى محطات المعالجة والتكرير ومنه للتوزيع وتبدأ بنطاق صغير وصولًا إلى النقل عبر القارات.

-خلل منظومة العرض والطلب في قطاع الطاقة نظرًا لاعتبارات (التكلفة، التخزين، التوليد).

-تهديد إنتاجية الطاقة المتجددة (الحرارية، الكهرومائية، الطاقة الشمسية، طاقة الرياح): فقد تتأثر إنتاجية الطاقة الحرارية وتتأثر كفاءة المولدات بفعل ارتفاع درجات الحرارة وزيادة معدل البخر للمياه المستخدمة في التبريد، مما قد يترتب عليه ضعف القدرة الإنتاجية لتلك المحطات، وخاصة أن تكاليف إنشاء طرق بديلة لتبريد المولدات من غير الاستعانة بالمياه مكلفة للغاية، مما يفرض تحديًا على هذا القطاع.

واستعرض التقرير أبرز إجراءات التكيف التي تم اتخاذها في قطاع الطاقة لمجابهة هذا التغير والتكيف مع تداعياته السلبية، وهو ما يمكن تناوله على النحو التالي:

-إدراج قطاع الطاقة النووية كأحد إجراءات التخفيف لمجابهة تغير المناخ.

-إجراءات التكيف في قطاع الطاقة المتجددة (الكهرومائية والشمس والرياح): والتي تتمثل في: بناء السدود والخزانات كبيرة الحجم لأجل الاستفادة من فائض المياه الناتج عن الأمطار والفيضانات.

-إجراءات التخفيف في قطاع الوقود الأحفوري: على الرغم من التأثير السلبي للوقود الأحفوري على تغير المناخ من ناحية ارتفاع نسبة المساهمة في الانبعاثات الكربونية، فإنه تأثر كذلك بفعل ذلك التغير، وكان لازمًا أن يتم اتخاذ عدد من الإجراءات تتضمن التخفيف للحد من الانبعاثات الناتجة عن هذا القطاع، والتي من ضمنها أن يتم تخفيض غاز الميثان -العنصر الأساسي في تكوين طبقة الأوزون الأرضي، بالإضافة إلى كونه مسببًا رئيسًا في تغير المناخ وتلوث الهواء- من عملية إنتاج الوقود الأحفوري.

وأشار التقرير إلى مستقبل قطاع الطاقة في مصر ومدى تأثره بفعل التغيرات المناخية، حيث أشار إلى تمتع مصر على مدار تاريخها بالمناخ المعتدل في ظل درجات حرارة غير مرتفعة، وأجواء شتوية دافئة، لكن مع بداية الألفية الجديدة شهدت مصر سياقات مغايرة على صعيد المناخ، فمن المناخ المعتدل إلى موجات الحر وارتفاع درجات الحرارة في الصيف، وموجات البرد التي تصل حد الصقيع أحياناً في عدد من المحافظات، حيث ارتفعت درجات الحرارة في الفترة ما بين عام 1901 وعام 2013 بمعدل 0.1 درجة مئوية لكل عشرة أعوام. وتسارعت وتيرتها في الفترة ما بين 2000 إلى 2020 بمتوسط 0.38 درجة مئوية لكل عقد، وهو أعلى من المتوسط العالمي لكل عقد والبالغ 0.31 درجة مئوية، كما أن المتوسط العالمي لتلك الظاهرة خلال العام الواحد في تلك الفترة 0.03 درجة مئوية لكل سنة، في حين أن متوسط الاحتباس الحراري في مصر يبلغ نحو 0.04 درجة مئوية لكل سنة. وهو مرتفع نسبيًّا مقارنة بالمتوسط العالمي خلال تلك الفترة، وهو ما يظهر تأثير تغير المناخ على مصر بداية من الألفية الجديدة.

وأوضح التقرير أن تلك السياقات المناخية تؤثر بدورها على قطاع الطاقة باعتباره أحد أبرز القطاعات المتأثرة في مصر بفعل تلك الظواهر، وذلك في ظل ارتفاع معدل الطلب على الطاقة داخل الدولة لتلبية الاحتياجات الأساسية للأفراد والتنمية، وهو ما أقرته دراسة أجراها برنامج الأمم المتحدة للبيئة، حيث أفادت الدراسة أن 50% من إجمالي الكهرباء التي يتم استهلاكها خلال أشهر الصيف في القاهرة تأتي من خلال استخدام أجهزة تكييف الهواء. وهو ما يشكل ضغطًا على قطاع الطاقة في ظل ارتفاع درجات الحرارة وما يصاحبها من ظواهر مناخية ذات صلة، إضافة إلى زيادة الطلب على الطاقة في فترات موسمية (الصيف) على حساب أخرى.

وقد استعرض التقرير التحديات التي تواجه مستقبل الطاقة بالدولة المصرية، ومنها: تغير المناخ، وتحديات مرتبطة بالانتقال والتحول للطاقة المتجددة، وندرة الموارد الطبيعية، مشيراً إلى أنه برغم تلك التحديات قامت الدولة المصرية بجهود حثيثة في قطاع الطاقة لأجل تحسين إنتاجية هذا القطاع من جانب، والحد من الانبعاثات الكربونية الناتجة عنه من جانب آخر، والنهوض باتجاه مشروعات جديدة تُسهم في تحقيق الانتقال العادل للطاقة، ولعل أبرز تلك الإسهامات:

-تشييد محطة الطاقة النووية في الضبعة لتوليد الكهرباء.

-اتخاذ قطاع الكهرباء عددًا من الإجراءات للحفاظ على البيئة وضمان استدامتها إذ اعتمدت وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة خطة طوارئ لمكافحة تلوث مياه النيل الناتج عن المحطات التي تقع على جانبي النهر.

-تعزيز القدرة الإنتاجية للطاقة المتجددة من خلال الاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة كالمياه والشمس والرياح بتشييد وبناء المحطات الجديدة

-دعم البنية التحتية لقطاع الطاقة وذلك لترشيد الاستهلاك، حيث تم دعم الجهد الفائق والعالي لمحطات الطاقة بإجمالي 50 ألف كيلومتر من الخطوط الهوائية والكابلات الأرضية، إضافة إلى استبدال العدادات الذكية بعدادات القراءة التقليدية، فحتى تاريخه تم تركيب نحو 9.9 ملايين عداد مسبوق الدفع بشركات توزيع الكهرباء، إضافة إلى الاتفاق على إنشاء شبكات الاتصال ومراكز البيانات الخاصة بها.

وأفاد التقرير في ختامه أن تغير المناخ وما يصاحبه من ظواهر مناخية متطرفة تؤثر تأثيرًا بيِّنًا على مستقبل قطاع الطاقة في مختلف دول العالم ومنها بالتأكيد مصر، فبرغم الجهود الدولية لأجل التخفيف والتكيف مع الطقس المتطرف في هذا القطاع، فإن التأثيرات بالغة في عدد من قطاعات الطاقة وعلى وجه التحديد قطاع الطاقة المتجددة، بل قد وصلت في بعض الأحيان بتهديد إنتاجية الطاقة في ظل الطلب المتزايد على مصادرها بفعل السياقات الدولية المتغيرة واحتياجات التنمية والتطوير المستمر، لذا يتعين أن تتضافر الجهود الدولية والوطنية لأجل التحرك جماعيًّا من خلال الاتفاقات والسياسات والبرامج والخطط والاستراتيجيات لإنقاذ مستقبل الطاقة في العالم، وذلك باعتبار أن المناخ ظاهرة فاقت حدود وإمكانات وقدرات الدول على مواجهتها فرادى دون تضافر الجهود معًا.

اقرأ أيضاًاليوم.. ختام فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب وإعلان الجوائز

بفائدة 30%.. أعلى عائد على شهادات الادخار في بنك مصر

مقالات مشابهة

  • «يناير2025» الأعلى على الإطلاق.. تغير المناخ يدفع «الحرارة» لمستويات غير مسبوقة
  • آمنة الضحاك: رؤى خليجية مشتركة لتعزيز الأمن الغذائي
  • المدن الاسفنجية..مساحات خضراء تواجة مخاطر تغير المناخ
  • دراسة تربط بين تغير المناخ ومرض الخرف
  • آمنة الضحاك: التعاون بين الإمارات وقطر يعزز الأمن الغذائي المستدام
  • التطوير الزراعي والبحث العلمي.. مفتاح تحقيق الأمن الغذائي
  • تقرير جديد لـ معلومات الوزراء حول تداعيات تغير المناخ على مستقبل الطاقة
  • تقرير جديد لـ "معلومات الوزراء" حول تداعيات تغير المناخ على مستقبل الطاقة
  • معلومات الوزراء يستعرض تقريرا جديدا حول تداعيات «تغير المناخ على مستقبل الطاقة»
  • المشاط: الشراكات مع المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة تُعزز جهود الأمن الغذائي