مهارات التفكير النقدي.. كيف تحمي عقل طفلك في عصر التواصل الاجتماعي؟
تاريخ النشر: 22nd, June 2024 GMT
في ظل حياة تسيطر على جانب كبير منها منصات التواصل الاجتماعي بما قد تحمله من آراء مضللة ومعلومات متحيزة وأخبار زائفة وشائعات، تحت مظلة انتشار التهكم والسخرية والانتقادات اللاذعة تجاه أي رأي مخالف للاتجاهات السائدة، فإن حماية عقل طفلك مسؤولية كبيرة يجب عدم إهمالها في أي ظرف. ولن يتحقق ذلك بمنعه من استخدام هذه المواقع، ولكن بتعليمه التفكير النقدي وجعله يتقن مهاراته.
يُعرّف التفكير النقدي بأنه عملية تحليل المعلومات وتقييمها بشكل مستقل لتحديد مدى نزاهتها ودقتها، مع القدرة على التفرقة بين ما هو واقعي وما هو غير واقعي. وهو أيضًا، شكل من أشكال التفكير الذي يركز على المشكلات ويبحث في كيفية التعامل معها بفعالية، حيث يقوم الفرد باختبار الحلول المحتملة للمشكلات المطروحة أمامه. فيتضمن التفكير النقدي التعامل مع المشكلات المعقدة وتطوير حلول واضحة لها. كل هذا يجعل البعض يصف التفكير النقدي بأنه: عملية "التفكير في التفكير".
والمفكر الناقد المثالي هو شخص فضولي، مطلع، واثق من العقل، منفتح، مرن، منصف في التقييم، صادق في مواجهة التحيّزات الشخصية، حكيم في إصدار الأحكام، راغب في إعادة النظر، منظم في المسائل المعقدة، مجتهد في البحث عن المعلومات ذات الصلة، مثابر في البحث عن نتائج دقيقة بقدر ما يسمح به الموضوع وظروف التحقيق.
مع انتشار استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على نطاق واسع، أصبحت العديد من عيوب التفكير أكثر توحشًا وأعمق أثرًا، فقد تجد طفلك مقتنعًا بقضية ما فقط لأنه لاحظ أن جميع الآراء المنتشرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي تؤيدها، هذا بالإضافة إلى أن طفلك قد لا يقاوم إغراء أن يُعبر عن رأيه هو أيضًا، حتى وإن لم تكن لديه معلومات كافية حول الأمر من دون بحث أو تدقيق.
من ناحية أخرى، يتيح التفكير النقدي أيضًا للأطفال تكوين وجهة نظر عميقة عن العالم من حولهم، ويتضمن هذا كيفية رؤيتهم لأنفسهم وهويتهم ومنظومتهم الفكرية والأخلاقية. حيث يمكن لمهارات التفكير النقدي أن تساعد الطفل على فهم نفسه والآخرين والعالم من حوله بشكل أفضل وأكثر عمقًا.
كيفية تعليم طفلك مهارات التفكير النقدي؟يمكنك تعليم طفلك مهارات التفكير النقدي، من خلال اتباع بعض الخطوات، والتي منها ما يلي:
ابدأ بعمر صغير: لا تؤجل تعليم مهارات التفكير النقدي حتى بلوغ سن المراهقة. يمكن بدء تعزيز الوعي بالتفكير في عمر 4 أعوام.يُشير موقع سيكولوجي توداي إلى أن أول ما يجب تعزيزه في هذه السن المبكرة هو ما يسميه الباحثون "ما وراء المعرفة"، ويُقصد به الوعي بتفكير الفرد وعمليات التفكير. هنا يمكن للطفل تحديد الأخطاء في أنماط تفكيره، والتعرف على حدوده وقيمة ووجهات نظر الآخرين.
يمكنك أن تحفز عقل طفلك أيضًا من خلال أن تطرح أنت الأسئلة عليه، ويجب على الآباء أيضًا ألا يرفضوا الأسئلة التأملية التي يطرحها أطفالهم، بل يجب عليهم تشجيعهم على التفكير مليًّا في هذه الأسئلة.
شجع القراءة النشطة: دع طفلك يتفاعل مع النصوص التي يقرؤها ويفكر فيها. مناقشة الشخصيات والأفكار في الكتب تعزز مهاراته العقلية.القراءة النشطة هي عملية القراءة التي يقوم خلالها طفلك بالتفاعل مع النص الذي يقرؤه والتفكير فيه وتحليله والتحدث بشأن الأفكار التي قرأها ومناقشتها. هنا، لا يكون طفلك متلقيا فقط بل مفكرًا ومحللًا، وهو ما سيساعده لاحقًا في تطبيق مهارات التفكير والتحليل على كافة جوانب حياته.
يمكن أن تساعد طفلك على اتخاذ القرارات بشكل بسيط من خلال سؤاله عمّا يريد أن يفعله، على سبيل المثال، هل يود الذهاب إلى الحديقة اليوم أم يُفضل الذهاب إلى المتحف؟ هل يرغب في أن يمارس السباحة أم أنه يُفضّل لعب كرة القدم؟ عليك أن تشجع طفلك على اتخاذ القرارات والاختيار من بين عدّة بدائل للتعبير عن تفضيلاته من دون الانصياع لاختيارات الآخرين.
شجع الانفتاح: علّمه أن يكون موضوعيًا ويقيم الأفكار بدون تحيز. يجب أن ينظر للفكرة بإنصاف لتحليلها وتقييمها .علم طفلك أن يترك أحكامه وافتراضاته ومشاعره جانبًا، وينظر للفكرة بإنصاف، قدر المستطاع، ليتمكن من تحليلها وتقييمها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات مهارات التفکیر النقدی على اتخاذ القرارات التواصل الاجتماعی من خلال
إقرأ أيضاً:
كيف تحمي نفسك من الأخبار الزائفة: 3 خطوات أساسية للتحقق من المعلومات
تشهد الساحة العالمية والأحداث الجيوسياسية المتسارعة انتشارًا غير مسبوق للمعلومات المضللة والأخبار الزائفة، سواء في أوروبا أو غيرها من أنحاء العالم.
وفي الولايات المتحدة، يواجه الإعلام سيلًا من الادعاءات المشكوك فيها، التي يطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس التنفيذي لشركة تسلا إيلون ماسك. أما في القارة الأوروبية، فإن التهديد المستمر للأخبار الزائفة لا يقل خطورة، حيث بات التضليل الإعلامي سلاحًا يستخدم في التأثير على الرأي العام.
فخلال الانتخابات الفيدرالية الألمانية الأخيرة وبعدها، اجتاحت وسائل التواصل الاجتماعي منشورات مضللة تزعم وجود تلاعب في الانتخابات. ومن بين الادعاءات التي انتشرت على نطاق واسع، كان هناك منشور يدّعي أن اسم مرشح حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف لم يكن مدرجًا على بطاقات الاقتراع في مدينة لايبزيغ.
لكن سرعان ما نفت السلطات المحلية في لايبزيغ هذا الادعاء، مؤكدة أن جميع بطاقات الاقتراع طُبعت بالطريقة نفسها، مما يجعل أي تغييرات من هذا النوع مستحيلة.
هذا المثال ليس إلا نموذجًا بسيطًا لما يواجهه الأوروبيون وغيرهم يوميًا من حملات تضليل إعلامي تهدف إلى زرع الشكوك والتأثير على الرأي العام.
وفي ظل هذا الانتشار الواسع للمعلومات المغلوطة، أصبح من الضروري تعلم كيفية التحقق من صحة الأخبار وحماية أنفسنا من سيل الأخبار الزائفة. فكيف يمكننا القيام بذلك؟
تواصلت منصة يوروفيريفاي (EuroVerify) مع مجموعة من الخبراء الذين قدموا ثلاث نصائح رئيسية لرصد الأخبار المضللة وتجنب الوقوع في فخ المعلومات الكاذبة عبر الإنترنت.
تعد بعض العبارات المتكررة مؤشرًا قويًا على أن المعلومات قد تكون مغلوطة، وفقًا للبروفيسور مارك أوين جونز، أستاذ تحليل الإعلام في جامعة نورث وسترن في قطر.
ويقول جونز: "غالبًا ما تكشف التقنيات البلاغية طبيعة المنشورات المضللة. العبارات التي تبدأ بـ"وسائل الإعلام الغربية لا تخبركم" أو "ما لا تكشفه وسائل الإعلام الرئيسية" هي إشارات تحذيرية" إذ غالبًا ما تظهر هذه العبارات خلال الأحداث السياسية المهمة مثل الانتخابات، أو في المنشورات المتعلقة بالحروب، بهدف توجيه آراء المستخدمين والتأثير على سلوكهم.
أما البروفيسور روبرت رايتشيك، الأستاذ في معهد الصحافة والاتصال الجماهيري بجامعة سيليزيا في كاتوفيتشي، فيرى أن وسائل التواصل الاجتماعي والخوارزميات الخاصة بها لا تكتفي فقط بتشكيل الآراء، بل قد تؤدي أيضًا إلى تعميق الانقسامات بين المستخدمين.
ويضيف رايتشيك: "كلما استهلك المستخدم محتوى مثيرًا للجدل، كلّما زاد تعرّضه لهذا النوع من المحتوى، مما يعزز قناعاته السابقة بدلاً من توسيع آفاقه".
2. إنتبه للمحتوى المزيف الذي تُنتجه تقنيات الذكاء الاصطناعيأحد أخطر التطورات في التضليل الإعلامي هو استخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء محتوى مزيف يبدو حقيقيًا، مما يجعل من الصعب على المستخدمين التمييز بين الحقائق والأكاذيب.
يشير جونز إلى أن الصور ومقاطع الفيديو التي تنتجها تقنيات الذكاء الاصطناعي، مثل "التزييف العميق" (Deepfake)، قد تبدو واقعية للغاية، ولكن هناك طرقًا يمكن من خلالها كشف زيفها.
ويشرح جونز: "في بعض الأحيان، يمكن ملاحظة عيوب مثل عدم تناسق الأذنين، أو فشل الذكاء الاصطناعي في توليد تفاصيل مثل الأقراط بشكل دقيق. وأحيانًا، إذا لم يكن الشخص في الصورة يرتدي نظارات، فقد تظهر آثار لأذرع النظارات بالقرب من الأذن". ويؤكد أن هذه ليست وسائل مضمونة بنسبة 100%، لكنها توفر مؤشرات قوية على أن المحتوى قد يكون مزيفًا.
ويحذر جونز من أن المشكلة الرئيسية في المحتوى المُنشأ بواسطةالذكاء الاصطناعيتكمن في قدرته على التلاعب بالمشاعر، إذ يقول: "عندما تثار عواطفنا، نصبح أكثر ميلًا لمشاركة الأخبار، مما يزيد من انتشار المعلومات المضللة بشكل سريع وخطير".
في ظل انتشار عدد لا يحصى من الأخبار عبر الإنترنت، يصبح التحقق من الحقائق أمرًا بالغ الأهمية.
ويؤكد البروفيسور آيك بيكون، أستاذ الإعلام والدراسات الصحفية في جامعة فيريج بروكسل، أن تعزيز الوعي الإعلامي لا يقتصر فقط على التمييز بين الأخبار الحقيقية والمضللة، بل يتعداه إلى فهم كيفية عمل وسائل الإعلام. ويقول: "فهم كيفية عمل الإعلام أمر أساسي، لأنه يساعدنا على إدراك الأسباب التي قد تجعل بعض وسائل الإعلام التقليدية عرضة للتحيز".
كما يشير إلى أن إحدى أبسط الطرق لكشفزيف المعلومات هي اللجوء إلى الآخرين وطلب آرائهم. ويضيف: "اسأل والديك أو أصدقاءك: هل تعتقدون أن هذا الخبر حقيقي؟ هل تصدقونه؟"
من جانبه، يؤكد رايتشيك على أهمية مقارنة الأخبار من مصادر متعددة، مشددًا على أن الاعتماد على مصدر واحد قد يكون مضللًا. ويحذر: "يجب متابعة وسائل الإعلام الرئيسية، والتحقق من الأخبار عبر القراءة والمشاهدة والاستماع إلى مصادر متنوعة".
كما يوضح أن غياب التعليم المناسب حول التاريخ والسياق السياسي يجعل الأفراد أكثر عرضة للتأثر بالمعلومات المضللة. ويضيف: "إذا لم نحصل على تعليم حقيقي ولم نكن على دراية بالسياق التاريخي، سنكون أكثر عرضة للوقوع في فخ الأخبار الكاذبة".
مع تزايد انتشار الأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة، يصبح تعزيز الوعي الإعلامي أولوية لا غنى عنها. فالتلاعب بالعواطف، والعبارات الرنانة، والتقنيات الحديثة، جميعها أدوات تُستخدم لخداع الجمهور والتأثير على الرأي العام.
لذلك، لا تكن مجرد مستهلك سلبي للمعلومات، بل كن متيقظًا، تحقق من المصادر، وشارك المعلومات بعقل ناقد، لأن الحقيقة مسؤولية الجميع.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية لحماية الأطفال من إدمان الإنترنت.. اليونان تعزز الرقابة الأبوية والحكومية بتطبيق جديد لمكافحة استغلال الأطفال عبر الإنترنت.. السويد تدرس فرض حدود عمرية على وسائل التواصل الاجتماعي! غوغل وأكبر قضية احتكار منذ ربع قرن.. محاكمة الشركة بتهمة الهيمنة بالبحث على الإنترنت تنمر على الإنترنتالذكاء الاصطناعيتضليل ـ تضليل إعلاميأخبار مزيفةوسائل التواصل الاجتماعي