في ظل حياة تسيطر على جانب كبير منها منصات التواصل الاجتماعي بما قد تحمله من آراء مضللة ومعلومات متحيزة وأخبار زائفة وشائعات، تحت مظلة انتشار التهكم والسخرية والانتقادات اللاذعة تجاه أي رأي مخالف للاتجاهات السائدة، فإن حماية عقل طفلك مسؤولية كبيرة يجب عدم إهمالها في أي ظرف. ولن يتحقق ذلك بمنعه من استخدام هذه المواقع، ولكن بتعليمه التفكير النقدي وجعله يتقن مهاراته.

ما التفكير النقدي؟

يُعرّف التفكير النقدي بأنه عملية تحليل المعلومات وتقييمها بشكل مستقل لتحديد مدى نزاهتها ودقتها، مع القدرة على التفرقة بين ما هو واقعي وما هو غير واقعي. وهو أيضًا، شكل من أشكال التفكير الذي يركز على المشكلات ويبحث في كيفية التعامل معها بفعالية، حيث يقوم الفرد باختبار الحلول المحتملة للمشكلات المطروحة أمامه. فيتضمن التفكير النقدي التعامل مع المشكلات المعقدة وتطوير حلول واضحة لها. كل هذا يجعل البعض يصف التفكير النقدي بأنه: عملية "التفكير في التفكير".

والمفكر الناقد المثالي هو شخص فضولي، مطلع، واثق من العقل، منفتح، مرن، منصف في التقييم، صادق في مواجهة التحيّزات الشخصية، حكيم في إصدار الأحكام، راغب في إعادة النظر، منظم في المسائل المعقدة، مجتهد في البحث عن المعلومات ذات الصلة، مثابر في البحث عن نتائج دقيقة بقدر ما يسمح به الموضوع وظروف التحقيق.

التفكير النقدي عملية تحليل المعلومات وتقييمها بشكل مستقل لتحديد مدى نزاهتها ودقتها (غيتي إيميجز) حماية وتطوير لعقل طفلك

مع انتشار استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على نطاق واسع، أصبحت العديد من عيوب التفكير أكثر توحشًا وأعمق أثرًا، فقد تجد طفلك مقتنعًا بقضية ما فقط لأنه لاحظ أن جميع الآراء المنتشرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي تؤيدها، هذا بالإضافة إلى أن طفلك قد لا يقاوم إغراء أن يُعبر عن رأيه هو أيضًا، حتى وإن لم تكن لديه معلومات كافية حول الأمر من دون بحث أو تدقيق.

من ناحية أخرى، يتيح التفكير النقدي أيضًا للأطفال تكوين وجهة نظر عميقة عن العالم من حولهم، ويتضمن هذا كيفية رؤيتهم لأنفسهم وهويتهم ومنظومتهم الفكرية والأخلاقية. حيث يمكن لمهارات التفكير النقدي أن تساعد الطفل على فهم نفسه والآخرين والعالم من حوله بشكل أفضل وأكثر عمقًا.

كيفية تعليم طفلك مهارات التفكير النقدي؟

يمكنك تعليم طفلك مهارات التفكير النقدي، من خلال اتباع بعض الخطوات، والتي منها ما يلي:

ابدأ بعمر صغير: لا تؤجل تعليم مهارات التفكير النقدي حتى بلوغ سن المراهقة. يمكن بدء تعزيز الوعي بالتفكير في عمر 4 أعوام.

يُشير موقع سيكولوجي توداي إلى أن أول ما يجب تعزيزه في هذه السن المبكرة هو ما يسميه الباحثون "ما وراء المعرفة"، ويُقصد به الوعي بتفكير الفرد وعمليات التفكير. هنا يمكن للطفل تحديد الأخطاء في أنماط تفكيره، والتعرف على حدوده وقيمة ووجهات نظر الآخرين.

بدء تعزيز الوعي بالتفكير يمكن في عمر 4 أعوام (شترستوك) شجع طرح الأسئلة: دع طفلك يطرح الكثير من الأسئلة واحذر من التجاوب بالضجر. قم بطرح أسئلة على طفلك وشاركه في عمليات البحث والتفكير.

يمكنك أن تحفز عقل طفلك أيضًا من خلال أن تطرح أنت الأسئلة عليه، ويجب على الآباء أيضًا ألا يرفضوا الأسئلة التأملية التي يطرحها أطفالهم، بل يجب عليهم تشجيعهم على التفكير مليًّا في هذه الأسئلة.

شجع القراءة النشطة: دع طفلك يتفاعل مع النصوص التي يقرؤها ويفكر فيها. مناقشة الشخصيات والأفكار في الكتب تعزز مهاراته العقلية.

القراءة النشطة هي عملية القراءة التي يقوم خلالها طفلك بالتفاعل مع النص الذي يقرؤه والتفكير فيه وتحليله والتحدث بشأن الأفكار التي قرأها ومناقشتها. هنا، لا يكون طفلك متلقيا فقط بل مفكرًا ومحللًا، وهو ما سيساعده لاحقًا في تطبيق مهارات التفكير والتحليل على كافة جوانب حياته.

التفكير النقدي التعامل مع المشكلات المعقدة وتطوير حلول واضحة لها (غيتي إيميجز) كن قدوة جيدة: عندما تمارس مهارات التفكير النقدي، سيكون طفلك ميالًا لتقليدها. تطبيقك لهذه المهارات يلهمه ويشجعه على القيام بالمثل. التدريب على اتخاذ القرارات: ساعد طفلك على اتخاذ القرارات من خلال طرح الخيارات والمناقشة. تعزيز قدرته على التعبير عن تفضيلاته واختياراته.

يمكن أن تساعد طفلك على اتخاذ القرارات بشكل بسيط من خلال سؤاله عمّا يريد أن يفعله، على سبيل المثال، هل يود الذهاب إلى الحديقة اليوم أم يُفضل الذهاب إلى المتحف؟ هل يرغب في أن يمارس السباحة أم أنه يُفضّل لعب كرة القدم؟ عليك أن تشجع طفلك على اتخاذ القرارات والاختيار من بين عدّة بدائل للتعبير عن تفضيلاته من دون الانصياع لاختيارات الآخرين.

شجع الانفتاح: علّمه أن يكون موضوعيًا ويقيم الأفكار بدون تحيز. يجب أن ينظر للفكرة بإنصاف لتحليلها وتقييمها .

علم طفلك أن يترك أحكامه وافتراضاته ومشاعره جانبًا، وينظر للفكرة بإنصاف، قدر المستطاع، ليتمكن من تحليلها وتقييمها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات مهارات التفکیر النقدی على اتخاذ القرارات التواصل الاجتماعی من خلال

إقرأ أيضاً:

«وسائل التواصل الاجتماعي وعلاقتها بغرس قيمة الانتماء لدى الشباب» في ندوة بمركز إعلام زفتى

في إطار الحملة التي تنظمها الهيئة العامة للاستعلامات بعنوان "الأمن القومي وتعزيز الانتماء لدى الشباب"، عقد مركز إعلام زفتى ندوة إعلامية تحت عنوان "وسائل التواصل الاجتماعي وعلاقتها بغرس قيمة الانتماء لدى الشباب"، وذلك بقاعة مسرح مدرسة زفتى الثانوية الصناعية للبنين.

استهدفت الندوة تعزيز الانتماء لدى الشباب والطلاب، والتوعية بدور وسائل التواصل الاجتماعي باعتبارها سلاحًا ذو حدين، إذ يمكن أن تكون أداة للبناء والتوعية، أو وسيلة للهدم والتضليل.

تحدث خلال الندوة الأستاذ الدكتور هشام سعد زغلول، أستاذ الإعلام التربوي بكلية التربية النوعية - جامعة المنصورة، موضحًا مفهوم الانتماء وأهميته في بناء الهوية الوطنية، ومستويات الانتماء التي تشمل الأسري، والمجتمعي، والوطني، والقومي، كما تناول الفرق بين الانتماء الحقيقي والانتماء الزائف في العصر الرقمي.

وأشار د.هشام زغلول إلى دور وسائل التواصل الاجتماعي في تشكيل الوعي الثقافي والسياسي لدى الشباب، ومدى مساهمتها في تعزيز الهوية الوطنية والانتماء، من خلال توفير منصات للتعبير عن الآراء والمشاركة المجتمعية. كما استعرض بعض النماذج الناجحة للحملات الوطنية التي تمت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والدور الذي تلعبه الدولة والمؤسسات الإعلامية في توظيف الإعلام الرقمي لغرس الانتماء الوطني، موضحًا أثر المحتوى الإيجابي مقارنة بالمحتوى الهدّام على وعي الشباب.

كما تناولت الندوة التحديات المرتبطة بوسائل التواصل الاجتماعي، مثل الشائعات، الأخبار الكاذبة، الإدمان الإلكتروني، العزلة الاجتماعية، والتأثير السلبي للجماعات المتطرفة على وعي الشباب المصري.

وأكد د.هشام على أهمية التربية الإعلامية ورفع الوعي الثقافي في المدارس والجامعات والمؤسسات الدينية والثقافية، ودور الأسرة في ترشيد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى ضرورة تطوير المحتوى الرقمي لتعزيز الشعور بالانتماء الوطني.

اختُتمت الندوة بالتأكيد على ضرورة التكاتف بين المؤسسات التعليمية، الإعلامية، والثقافية لتعزيز الانتماء الوطني لدى الشباب، وتوجيههم نحو الاستخدام الأمثل لوسائل التواصل الاجتماعي بما يخدم قضايا الوطن والمجتمع.

شهدت الندوة مشاركة عدد من طلاب مدرسة زفتى الثانوية الصناعية للبنين، بحضور محسن عبد الله أخصائي إعلام، وهناء حمودة مدير عام العلاقات العامة والإعلام بالإدارة التعليمية بزفتى.

أدار الندوة الإعلامي حازم محمد عبد الصمد، تحت إشراف عبد الله الحصري مدير مجمع الإعلام، و إبراهيم زهرة مدير عام إدارة إعلام وسط الدلتا، والدكتور أحمد يحيى وكيل أول الوزارة ورئيس قطاع الإعلام الداخلي.

مقالات مشابهة

  • قانون الضمان الاجتماعي.. تعرف على الحالات التي تحرمك من الدعم النقدي
  • «وسائل التواصل الاجتماعي وعلاقتها بغرس قيمة الانتماء لدى الشباب» في ندوة بمركز إعلام زفتى
  • هل يمكن لمريض السرطان الصيام بشكل آمن؟
  • المجلس الوزاري للتنمية يناقش قرارات تنظيمية في الصحة والتمكين الاجتماعي
  • لماذا قرر الجيش الإسرائيلي حظر وسائل التواصل الاجتماعي؟
  • تقليد أم كلثوم في واي فاي يشعل مواقع التواصل الاجتماعي
  • التأثيرات النفسية للتواصل الاجتماعي.. تحذيرات من مخاطر الإدمان
  • منشورات على التواصل الاجتماعي ساعدت حماس في التخطيط لـ7 أكتوبر
  • التسول الإلكتروني عبر مواقع التواصل الاجتماعي
  • مركز الإعلام الرقمي يرصد إقبالاً عراقياً على تطبيقات في التواصل الاجتماعي وتراجعاً لأخرى