عربي21:
2024-06-29@22:11:28 GMT

السمك.. عنوان انتخابي في بريطانيا

تاريخ النشر: 22nd, June 2024 GMT

يرزح قطاع مطاعم السمك في بريطانيا تحت أزمة نقصٍ بأنواع أسماك القدّ والحدّوق، وذلك منذ أن أعلنت روسيا تمزيق اتفاقية بحر بارنتس مع المملكة المتحدة، وهو ما شكّل تهديدا لإمدادات هذا النوع من السمك في بلاد، وبدأ يُبعدها أكثر فأكثر عن القطب الشمالي ذي الأبعاد الجيوسياسية المتنامية وثرواته الوفيرة.

وسائل إعلام بريطانية، منها صحيفة "ديلي ميل"، ذكرت في وقت سابق من هذا العام، أنّ الصيادين البريطانيين اصطادوا في العام 2023 وحده كمية "هائلة" من السمك في بحر بارنتس، وصلت إلى أكثر من 566 ألف طن، أو ما يصل إلى 40 في المئة من سمك القدّ والحدّوق المستهلك في المملكة المتحدة، من المياه والأراضي الروسية.



لكنّ برغم ذلك ترفض لندن الاعتراف بهذه الحقيقة وتدّعي العكس، فتقول إنّ الخطوة الروسية الأخيرة ربّما لا يكون لها تأثير كبير على تجار السمك، لأنّ النقص تلبّيه الأسماك الموجودة في المياه النرويجية القريبة. لكنّها في الوقت نفسه تتهم لندن موسكو بأنّها تستخدم هذا القطاع كـ"سلاح"، وتؤكد أنّ هذا الإجراء ليس بالأمر الجيد!

خلفيات القرار

وسبق أن اعتمد مجلس الدوما الروسي مطلع العام، قانونا يرفض اتفاقية عام 1956 التي سمحت للبحارة البريطانيين بالصيد في المنطقة الروسية في بحر بارنتس. إذ نشر الدوما مذكرة توضيحية أكدت أنّه بالنظر إلى قرار المملكة المتحدة الصادر في 15 آذار، مارس 2022، القاضي بإنهاء نظام "الدولة الأولى في الرعاية" في التجارة الثنائية بين بريطانيا وروسيا، فإنّ فسخ اتفاقية الصيد كردّ "لن يسبب عواقب وخيمة على السياسة الخارجية وعواقب اقتصادية على روسيا" كما أنّ رفض أحد أطراف الاتفاقية "لا يشكل انتهاكا للقانون الدولي".

وكتب نائب رئيس المجلس الفيدرالي كونستانتين كوساتشيف، عبر قناته على "تلغرام"، أنّ منع بريطانيا من صيد الأسماك في المنطقة بحر بارنتس الروسية، هو "إجراء طال انتظاره"، معتبرا أنّه "قانونيّ ومناسب" وهو بمنزلة ردّ من موسكو على تصرفات لندن "غير الودية".

تاريخ الاتفاقية عواقب على لندن

والاتفاقية قديمة جدا، وتعود إلى حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، تم التوقيع عليها بين حكومتي الاتحاد السوفييتي والمملكة المتحدة وأيرلندا الشمالية بموسكو في 25 أيار/ مايو 1956.

وتمنح الاتفاقية الحقّ للسفن البريطانية بالصيد في مياه بحر بارنتس على طول ساحل شبه جزيرة كولا، وعلى طول البر الرئيسي شرق كيب كانين نوس، وكذلك في ساحل جزيرة كولغويف.

ويقع بحر بارنتس الذي سُمِّي باسم مواطن هولندي (وليام بارنتس) اكتشفه في العام 1594، في الشمال الشرقي من النرويج ضمن الجزء الأوروبي من روسيا، كما تفصل بينه وبين المحيط المتجمد الشمالي جزر سڤالبارد وفرانز جوزيف لاند.

وتكون المياه الدافئة الآتية من تيار الخليج خلال فصل الصيف، ممرا صالحا للملاحة طوال العام بطول الساحل حتى ميناء مورمانسك الروسي، ثم تتجمّد خلال فصل الشتاء، لكنّها تبقى موطنا لأنواع سمك القدّ والرنجة والحدّوق.

الإجراء الروسي ردّ فعل.. وليس فعلا

ومنذ أن أصبحت روسيا "الوريث القانوني" للاتحاد السوفييتي، ظلت الاتفاقية سارية المفعول. لكن الخطوة الجديدة تأتي بعد أكثر من عامين من الحرب في أوكرانيا، التي ضغطت بالفعل على الشركات في المملكة المتحدة، خصوصا تلك التي تعتمد على هذا النوع من الأسماك. وشهدت أسعار القدّ والحدّوق ارتفاعا كبيرا فتسببت بتآكل مدخرات الصيادين البريطانيين.

وبدأ الخلاف يوم فرضت بريطانيا تعريفة جمركية على الأسماك البيضاء القادمة من روسيا، والتي كانت في حينه تشكل نحو 50 في المئة من الأسماك البيضاء المستهلكة في المملكة المتحدة، فأدى الأمر إلى انخفاض في الغذاء في بريطانيا بنحو 20 في المئة، حُرم منها المواطنون البريطانيون.

لكن في المقابل، لم يتسبب الإجراء البريطاني بأيّ عواقب سياسية واقتصادية خطيرة على الاتحاد الروسي، وذلك على عكس الإجراء الروسي الأخير الذي يهدّد اليوم قطاع مطاعم السمك في بريطانيا، نتيجة السياسات التي تتخذها حكومة لندن بشكل أعمى، على حساب مصالح مواطنيها.

ليس هذا فحسب، فإنّ الإجراء البريطاني، ثمّ الرد الروسي عليه، يؤدي مع الوقت إلى تدمير نفوذ لندن الجيوسياسي، خصوصا لناحية تصاعد التوترات الدولية حول القطب الشمالي مع دخول الصراع حول ثرواته الهيدروكربونية والمعادن ومصائد الأسماك، مرحلة محمومة من أجل هيمنة القوى الدولية والإقليمية عليها.3

وللمفارقة، فإن بريطانيا اليوم ترفض التدبير الروسي الذي سبق واستخفت به يوم هدّدت موسكو باتخاذه، كما تعتبره لندن اليوم مثالا على "العزلة" التي فرضتها روسيا على نفسها. لكنّ بريطانيا في الوقت نفسه تقول بخلاف الواقع، إنّ انسحاب روسيا من الاتفاقية ليس له أيّ تأثير عليها، وذلك لأنّ الأسطول البريطاني لا يصطاد هناك. لكن برغم هذا كلّه، تؤكد الحكومة البريطانية أنّها لم تتلقَ أيّ إخطار رسمي من موسكو بشأن هذا القرار.

الصيادون الروسي يرحبون

وفي المقابل، يتّهم الصيادون الروس تلك الاتفاقية بالغبن، ويقولون إنّها منحازة لصالح البريطانيين في الغالب ولا تقدم فوائد مماثلة لروسيا، بينما تعتبر موسكو السياسات البريطانية "قصيرة النظر" وتهدّد البلاد بخسائر تقدر بمليارات الدولارات، نتيجة فقدان فرصة مجانية تمكّن الصيادين البريطانيين من الحصول على الأسماك في الجزء الروسي من بحر بارنتس.

في المحصلة، يمكن القول إنّ لندن سوف تبدأ بمواجهة سؤال يسبق الانتخابات العامة في البلاد بنحو عام ومفاده: كيف يمكن كبح ردّة فعل المواطنين البريطانيين تجاه العواقب السلبية الناجمة عن الحسابات السياسية الخاطئة المتعددة، والتي يتمثل أحدها في فقدان النفوذ في بحر بارنتس؟ ربّما الصناديق الانتخابية سوف تجيب.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه بريطانيا أسماك روسيا الصيد بريطانيا روسيا بحار الصيد اتفاقيات مدونات سياسة صحافة اقتصاد صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المملکة المتحدة فی بریطانیا بحر بارنتس السمک فی

إقرأ أيضاً:

كيف سترد روسيا على الهجوم الأوكراني بصواريخ "أتاكمز" الأمريكية؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

بعد الهجوم الأوكراني الأخير المزعوم على شبه جزيرة القرم، التي تسيطر عليها روسيا، بصواريخ أمريكية، تعهدت روسية بالرد، كما أعلنت كوريا الشمالية دعمها لموسكو، وأصدرت بيانات متعددة في الأيام الأخيرة تنتقد الدعم العسكري الغربي لكييف، بحسب ما ذكر موقع "NK News" الأمريكي.

كما هدد الزعيم الروسي فلاديمير بوتين بتسليح كوريا الشمالية، التي أبرم معها معاهدة دفاع مشتركة مؤخرا، وهي خطوة أثارت قلق الغرب، إذا استمرت الولايات المتحدة في تقديم أسلحة لأوكرانيا.

وأسفر الهجوم الأوكراني على سيفاستوبول في شبه جزيرة القرم عن مقتل أربعة أشخاص على الأقل، بينهم طفلان، بينما أصيب أكثر من 150 آخرون، وفقا لحاكم المدينة. ووقع الهجوم الأوكراني الذي شهد استخدام صواريخ أتاكمز الأمريكية بعد أن أعطت واشنطن الضوء الأخضر لكييف بشن ضربات داخل الحدود الروسية، ووعدت موسكو برد انتقامي.

وقال الباحث الروسي في جامعة دونكوك كريس مونداي، في تصريحات نشرها موقع"NK News" الأمريكي، أن رسالة الكرملين هي أن الولايات المتحدة تتجاوز جميع الخطوط الحمراء وأن هذا يبرر جهود بوتين لتعزيز التعاون العسكري مع كوريا الشمالية.

وأضاف: "يمكن استخدام هذه الضربة على شبه جزيرة القرم لتبرير إرسال قوات كورية شمالية إلى أوكرانيا للقتال مع الجيش الروسي. لكن هذه الخطوة لا تزال قيد المناقشة. وفي روسيا، تم الحديث عنها علانية لأكثر من عام."

وقال المحلل السياسي والعسكري ستافروس أتلامازوجلو، وهو أحد المحاربين القدامى في الجيش اليوناني، في تصريحات نشرتها مجلة "ناشونال إنتريست" الأمريكية، إنه في نهاية المطاف، من المتوقع ألا تسعى روسيا إلى مزيد من التصعيد، مثل شن ضربة نووية تكتيكية في أوكرانيا كرد علي الهجوم الذي شنته كييف بصواريخ أتاكمز، مضيفا: "من المرجح أن يكون المسؤولون الأمريكيون قد أبلغوا نظراءهم الأوكرانيين بالفعل بأنه يجب أن تكون هناك معلومات استخباراتية دقيقة قبل شن هجوم بصواريخ أتاكمز المقدمة من وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، ولكن بخلاف هذا، ستستمر الأمور كما هي، ومع ذلك، ربما يدرج المسؤولون الروس هذه الضربة في قائمة المظالم لدعم مزيد من التصعيد في الوقت الذي يختارونه."

مقالات مشابهة

  • "القاهرة الإخبارية": روسيا تقصف مبنى سكنيًا من 9 طوابق وسط أوكرانيا
  • الماكريل بـ140 جنيهًا والبلطي بـ72.. أسعار الأسماك والجمبري السبت 29 يونيو 2024
  • بوتين يعلن استئناف إنتاج أنواع من الصواريخ
  • روسيا تهدد الغرب بـمواجهة مباشرة
  • «روسيا»: نستعد للرد على المسيرات الأمريكية بالبحر الأسود
  • أسعار الأسماك اليوم الجمعة 28 يونيو 2024.. البوري بـ 140 جنيها
  • أسعار الأسماك اليوم الخميس بسوق العبور للجملة.. وقفزة للوقار
  • كيف سترد روسيا على الهجوم الأوكراني بصواريخ "أتاكمز" الأمريكية؟
  • البوري بـ150 جنيهًا.. أسعار الأسماك والجمبري الخميس 27 يونيو 2024
  • آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /27.06.2024/