الحرب والسرطان ينهشان جسد طفلة من غزة
تاريخ النشر: 22nd, June 2024 GMT
سرايا - داخل خيمة من القماش في أحد مراكز الإيواء وسط قطاع غزة تجلس الطفلة انشراح أبو عمشة (16 عاما) المصابة بمرض السرطان تقلّب صورها التي التقطت لها وهي على سرير العلاج الذي حرمت منه جراء العدوان المدمر الذي تشنه إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
لقد دفعت الحرب بالطفلة من غرفة يتوفر فيها جهاز تبريد يتواءم مع وضعها الصحي ويخفف -ولو بالحد القليل- تداعيات مرضها إلى خيمة تختزن داخلها درجات عالية من الحرارة والرطوبة وتنعدم فيها مقومات الحياة.
وحالت الحرب وإغلاق معبر رفح بشكل شبه كلي منذ بداية الحرب دون استكمال الطفلة أبو عمشة علاجها في الخارج كما كانت تسعى عائلتها في 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وفقا لما قالته للأناضول.
وينعدم اليوم الأمل لدى الطفلة وعائلتها في الخروج من القطاع لاستكمال العلاج وسط تدهور وضعها الصحي، وذلك بعدما أوصدت إسرائيل المعبر تماما في 7 مايو/أيار الماضي بعد أن سيطرت آنذاك على الجانب الفلسطيني منه ضمن عملية بدأتها في مدينة رفح أقصى جنوب القطاع.
وتطالب الطفلة -التي انتفخ الجزء الأيسر من وجهها وفقدت عينها بشكل كامل جراء وجود ورمين، الأول فوق العين والآخر في الخد- بالعمل على إخراجها من القطاع لاستكمال علاجها وإنقاذها من خطر محقق.
انشراح ليست الفرد الوحيد في عائلة أبو عمشة المصاب بالسرطان، إنما هي واحدة من 3 أفراد، حيث تعاني والدتها وشقيقتها المرض ذاته، في حين يواجه شقيقها مرض زيادة الكهرباء في الدماغ.
ويصارع اليوم أفراد العائلة المرض والحرب من أجل البقاء، في وقت فقدوا فيه معيلهم الوحيد قبل سنوات بالمرض ذاته.
ومنذ بداية العدوان أغلقت إسرائيل معابر قطاع غزة، خاصة معبر رفح البري الذي شهد إغلاقا جزئيا سمح خلاله بخروج عدد قليل جدا من أصحاب الجوازات الأجنبية والمرضى والجرحى، لكن إسرائيل أغلقته تماما بعد أن سيطر الجيش على الجانب الفلسطيني منه في 7 مايو/أيار الفائت.
وتقول وزارة الصحة الفلسطينية في بيان إن القطاع الصحي فقد أكثر من 70% من قدرته السريرية في القطاع، في حين تكافح الوزارة لتقديم الخدمات الصحية عبر إقامة مستشفيات ميدانية، لكنها غير قادرة على توفير الحد الأدنى من الخدمات الأساسية.
وفي يونيو/حزيران الجاري قالت الوزارة إن 25 ألف مريض وجريح في القطاع بحاجة للعلاج في الخارج، ولم يتمكنوا من السفر خلال العدوان الإسرائيلي.
وأشارت وزارة الصحة في بيان لها آنذاك إلى أن عدد المرضى والجرحى الذين تمكنوا من السفر للعلاج في الخارج بلغ نحو 4895 فقط، بنسبة وصلت إلى 19.5% من إجمالي العدد.
داخل الخيمة -التي تنعدم فيها مقومات الحياة الآدمية ولا سيما الخاصة بمرضى السرطان- تجلس الطفلة أبو عمشة تداعب مجموعة من القطط التي تقول إنها بدأت برعايتها خلال الحرب.
وتعيش الطفلة المصابة بالسرطان في أوضاع تصفها بالقاسية بسبب ضعف مناعتها.
وتقول عن ذلك "في منزلنا ببلدة بيت حانون شمال القطاع كانت لدي غرفة خاصة فيها جهازا تهوية وتبريد، وذلك لأنني بحاجة لظروف خاصة جراء ضعف المناعة الذي أعاني منه".
وتابعت "لكن اليوم نجلس في خيمة وسط ظروف غير صحية، وبدون توفر أي مقومات من شأنها أن تساهم في رفع مناعتي".
وتشير إلى انعدام إمكانية الخروج من الخيمة بسبب اكتظاظ النازحين داخل مركز الإيواء، في ظل انتشار أمراض وأوبئة.
ولفتت إلى أن وضعها الصحي يحول دون تحملها حرارة الجو الحالية، مما يؤدي إلى تدهور صحتها.
وأعربت عن أملها في السفر خارج القطاع لتلقي العلاج برفقة أفراد عائلتها في أقرب وقت ممكن.
بدورها، تقول سماح (والدة الطفلة أبو عمشة) للأناضول "إن والد انشراح توفي قبل أعوام إثر إصابته بمرض السرطان"، مضيفة "أنا وطفلتي الأخرى آية مصابتان بالسرطان، أما الطفل فهو مصاب بزيادة كهرباء في المخ".
وأوضحت أن الحالة الصحية التي تمر بها انشراح صعبة للغاية جراء المضاعفات الصحية التي تعرضت لها وزيادة الانتفاخ في الجزء الأيسر من الوجه.
وتستكمل قائلة "كنت أجمع المال من أجل إخراج الطفلة لاستكمال علاجها بالخارج بعد أن تلقته في مستشفيات إسرائيلية وبالأردن، لكن دون جدوى حيث أجرت نحو 17 عملية جراحية منذ إصابتها بالمرض".
ومن بين تلك العمليات خضعت انشراح لعملية استئصال ورم في الرأس وزرع بلاتين، فضلا عن عملية زرع للفك، بحسب قول الوالدة.
وتشير إلى أنها فقدت منزلها في الحرب، كما فقدت بالتزامن جميع الأموال التي احتفظت بها من أجل علاج انشراح.
تجتمع ظروف الحرب والمرض لدى أفراد عائلة أبو عمشة مع غياب معيلهم الذي توفي بسبب السرطان، حيث يعتمدون في حياتهم اليومية على المساعدات الشحيحة التي تصلهم.
وتوضح أن انعدام توفر الطعام الصحي والحليب الخاص برفع مناعة الجسم ساهم في تدهور الوضع الصحي لانشراح.
وقالت عن ذلك "مرت علينا أيام تناولنا فيها الكرتون بدلا من الخبز".
حالها كحال باقي العائلات الفلسطينية مرت عائلة أبو عمشة -التي يعاني معظم أفرادها من المرض- بنحو 12 رحلة نزوح.
وقالت أبو عمشة "منذ اندلاع الحرب نزحنا من منزلنا في بلدة بيت حانون، ومن هنا بدأت رحلات النزوح حتى بلغت نحو 12 مرة".
وأوضحت أن حالة التشرد التي أصابت العائلات خلال الحرب أبعدتها عن أقاربها، مما جعل فرصة الحصول على الدعم والإسناد أمرا صعبا للغاية، وفق قولها.
وبينت أنها أصيبت بشظايا قصف إسرائيلي استهدف المستشفى الإندونيسي (شمال) الذي مكثت فيه الطفلة أبو عمشة لتقلي العلاج خلال الحرب.
وأضافت "خلال فترة مكوثنا في الإندونيسي استهدف الجيش الطوابق العليا من المستشفى قبل اقتحامه".
وتابعت "أصبت بشظايا صاروخ في يدي، مما تسبب بقطع العصب فأشعر بخدران في اليد، مما يحول دون إنجازي المهام اليومية".
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
إقرأ أيضاً:
تحليل عبري: هل تحارب إسرائيل الحوثيين أم دولة اليمن.. وما الصعوبات التي تواجه السعودية والإمارات؟ (ترجمة خاصة)
قالت صحيفة عبرية إنه مع تراجع الصراعات مع حماس وحزب الله تدريجيا، تتجه إسرائيل الآن إلى التعامل مع الهجمات المستمرة من الحوثيين في اليمن.
وذكرت صحيفة "جيرزواليم بوست" في تحليل لها ترجمه للعربية "الموقع بوست" إنه مع تدهور حزب الله بشكل كبير، وإضعاف حماس إلى حد كبير، وقطع رأس سوريا، يتصارع القادة الإسرائيليون الآن مع الحوثيين، الذين يواصلون إطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار على إسرائيل.
وأورد التحليل الإسرائيلي عدة مسارات لردع الحوثيين في اليمن.
وقال "قد تكون إحدى الطرق هي تكثيف الهجمات على أصولهم، كما فعلت إسرائيل بالفعل في عدة مناسبات، وقد يكون المسار الآخر هو ضرب إيران، الراعية لهذا الكيان الإرهابي الشيعي المتعصب. والمسار الثالث هو بناء تحالف عالمي - بما في ذلك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة - لمواجهتهم، لأن الحوثيين الذين يستهدفون الشحن في البحر الأحمر منذ السابع من أكتوبر لا يشكل تهديدًا لإسرائيل فحسب، بل للعالم أيضًا.
وأضاف "لا توجد رصاصة فضية واحدة يمكنها أن تنهي تهديد الحوثيين، الذين أظهروا قدرة عالية على تحمل الألم وأثبتوا قدرتهم على الصمود منذ ظهورهم على الساحة كلاعب رئيسي في منتصف العقد الماضي ومنذ استيلائهم على جزء كبير من اليمن".
وأكد التحليل أن ردع الحوثيين يتطلب نهجًا متعدد الجوانب.
وأوضح وزير الخارجية جدعون ساعر يوم الثلاثاء أن أحد الجوانب هو جعل المزيد من الدول في العالم تعترف بالحوثيين كمنظمة إرهابية دولية.
دولة، وليس قطاعاً غير حكومي
وحسب التحليل فإن خطوة ساعر مثيرة للاهتمام، بالنظر إلى وجود مدرسة فكرية أخرى فيما يتعلق بكيفية التعامل مع الحوثيين، وهي مدرسة يدعو إليها رئيس مجلس الأمن القومي السابق جيورا إيلاند: التعامل معهم كدولة، وليس كجهة فاعلة غير حكومية.
وقال إيلاند في مقابلة على كان بيت إن إسرائيل يجب أن تقول إنها في حالة حرب مع دولة اليمن، وليس "مجرد" منظمة إرهابية. ووفقاً لإيلاند، على الرغم من أن الحوثيين لا يسيطرون على كل اليمن، إلا أنهم يسيطرون على جزء كبير منه، بما في ذلك العاصمة صنعاء والميناء الرئيسي للبلاد، لاعتباره دولة اليمن.
"ولكن لماذا تهم الدلالات هنا؟ لأن شن الحرب ضد منظمة إرهابية أو جهات فاعلة غير حكومية يعني أن الدولة محدودة في أهدافها. ولكن شن الحرب ضد دولة من شأنه أن يسمح لإسرائيل باستدعاء قوانين الحرب التقليدية، الأمر الذي قد يضفي الشرعية على الإجراءات العسكرية الأوسع نطاقا مثل الحصار أو الضربات على البنية الأساسية للدولة، بدلا من تدابير مكافحة الإرهاب المحدودة"، وفق التحليل.
وتابع "ومن شأن هذا الإطار أن يؤثر على الاستراتيجية العسكرية للبلاد من خلال التحول من عمليات مكافحة الإرهاب إلى حرب أوسع نطاقا على مستوى الدولة، بما في ذلك مهاجمة سلاسل الإمداد في اليمن".
ويرى التحليل أن هذه الإجراءات تهدف إلى تدهور قدرات اليمن على مستوى الدولة بدلاً من التركيز فقط على قيادة الحوثيين - وهو ما لم تفعله إسرائيل بعد - أو أنظمة الأسلحة الخاصة بها. ومع ذلك، هناك خطر متضمن: تصعيد الصراع وجذب لاعبين آخرين - مثل إيران. وهذا ما يجعل اختيار صياغة القرار مهمًا.
وأشار إلى أن هناك أيضًا آثار إقليمية عميقة. إن تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية من شأنه أن يناسب مصالح دول الخليج مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، التي تنظر إلى الحوثيين باعتبارهم تهديدًا مباشرًا والتي قاتلتهم بنفسها.
إعلان الحرب على اليمن يعقد الأمور
أكد أن إعلان الحرب على اليمن من شأنه أن يعقد الأمور، حيث من المرجح أن تجد الإمارات العربية المتحدة والسعوديون صعوبة أكبر في دعم حرب صريحة ضد دولة عربية مجاورة.
وقال إن الحرب ضد منظمة إرهابية تغذيها أيديولوجية شيعية متطرفة ومدعومة من إيران شيء واحد، ولكن محاربة دولة عربية ذات سيادة سيكون شيئًا مختلفًا تمامًا.
وطبقا للتحليل فإن تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية يتماشى مع الرواية الإسرائيلية الأوسع لمكافحة وكلاء إيران، ومن المرجح أن يتردد صداها لدى الجماهير الدولية الأكثر انسجاما مع التهديد العالمي الذي يشكله الإرهاب. ومع ذلك، فإن تصنيفهم كدولة يخاطر بتنفير الحلفاء الذين يترددون في الانجرار إلى حرب مع اليمن.
بالإضافة إلى ذلك حسب التحليل فإن القول بأن هذه حرب ضد منظمة إرهابية من الممكن أن يعزز موقف الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا في حربها ضد الحوثيين، في حين أن القول بأنها حرب ضد اليمن من الممكن أن يضفي الشرعية عن غير قصد على سيطرة الحوثيين على أجزاء أكبر من اليمن.
وأكد أن ترقية الحوثيين من جماعة إرهابية إلى دولة اليمن من الممكن أن يمنحهم المزيد من السلطة في مفاوضات السلام والمنتديات الدولية. كما يمكن أن يؤدي ذلك إلى إقامة علاقات دبلوماسية رسمية مع دول أخرى، وتغيير طبيعة التعامل الدولي مع اليمن.
يضيف "قد يؤدي هذا الاعتراف إلى تقويض سلطة الحكومة المعترف بها دوليا في العاصمة المؤقتة عدن ومنح الحوثيين المزيد من النفوذ في مفاوضات السلام لإنهاء الحرب الأهلية في اليمن بشكل دائم".
ولفت إلى أن هناك إيجابيات وسلبيات في تأطير معركة إسرائيل على أنها ضد الحوثيين على وجه التحديد أو ضد دولة الأمر الواقع في اليمن.
وتشير توجيهات ساعر للدبلوماسيين الإسرائيليين في أوروبا بالضغط على الدول المضيفة لتصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية إلى أن القدس اتخذت قرارها.
وخلص التحليل إلى القول إن هذا القرار هو أكثر من مجرد مسألة دلالية؛ فهو حساب استراتيجي له آثار عسكرية ودبلوماسية وإقليمية كبيرة.