سلام فياض يكتب عن خطة بايدن وحماس ومستقبل غزة
تاريخ النشر: 21st, June 2024 GMT
شكك رئيس الوزراء الفلسطيني السابق سلام فياض في إمكانية تنفيذ خطة الرئيس الأميركي جو بايدن لإنهاء الحرب على قطاع غزة ، والتي تبناها مجلس الأمن الدولي بأغلبية ساحقة في 10 يونيو/حزيران الماضي.
وتدعو الخطة إلى تبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية ( حماس )، وتوسيع المساعدات الإنسانية، ومن ثم إنهاء الحرب بشكل دائم.
وجاء تشكيك فياض خلال مقال كتبه في مجلة فورين أفيرز الأميركية، إذ يرى أنه ليس هناك يقين كبير بشأن كيفية تنفيذ خطة بايدن "على الرغم مما أحدثته الحرب من خسائر فادحة في الأرواح والدمار والبؤس الذي لا يوصف".
ويعتقد فياض أن تنفيذ الخطة الأميركية سستكتنفه صعوبات جمة، وذلك لأن الحكومة الإسرائيلية أعلنت أنها لن توقف هجماتها ما لم تتمكن من تحقيق "نصر تام"، علما أن القضاء على حماس قضاء مبرما يظل هدفا إسرائيليا بعيد المنال.
لا توافقوكان سلام فياض قد تولى رئاسة أول حكومة طوارئ (عرفت بحكومة تصريف الأعمال) في 15 يونيو/حزيران 2007 بتكليف من الرئيس محمود عباس ، وذلك بعد يوم من إعلانه حالة الطوارئ في أراضي السلطة وحلّ حكومة الوحدة الوطنية برئاسة إسماعيل هنية ، إثر سيطرة كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة حماس- على قطاع غزة.
واستقال فياض من رئاسة الحكومة في أبريل/نيسان 2013، بعد تباين في وجهات النظر بين مؤسستي الرئاسة ومجلس الوزراء.
ووفق فياض، ليس هناك حتى الآن توافق في وجهات النظر حول كيفية إدارة قطاع غزة بعد الحرب، بل إن التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار -الذي يمكن أن يمهد الطريق لتهدئة مستدامة- أصبح يستعصي تدريجيا على التحقق.
وعزا السبب وراء هذا المسار السلبي إلى الخوف أكثر منه إلى الجهل. وقال إن الجهل بحقائق الوضع لم يكن بالتأكيد هو السبب بقدر ما كان "التردد في مواجهتها أو إعطاء الأولوية لها".
دعوة للتوحدوأكد رئيس الوزراء الفلسطيني السابق على ما سبق أن كتبه في المجلة الأميركية نفسها في الخريف الماضي، حين دعا قيادة الحركة الوطنية الفلسطينية أن تتحد تحت لواء منظمة التحرير الفلسطينية، التي يتعين عليها أن تقبل بانضمام حركة حماس، فضلا عن الفصائل المهمة الأخرى، إلى عضويتها.
ويرى أن توحيد الجبهة الداخلية الفلسطينية عنصر أساسي لتمكين السلطة الفلسطينية من الاضطلاع بدورها الصحيح في حكم كل من غزة والضفة الغربية بما يتوافق مع تفويضها عند إنشائها في عام 1994.
واعتبر أن القوى العالمية العظمى -بموافقتها على قرار مجلس الأمن الدولي- تكون قد اتخذت الخطوة الأولى نحو قبول هذه الرؤية.
ولفت إلى أن القرار الأممي أكد -بالإضافة لدعوته إلى إنهاء القتال- على "أهمية توحيد قطاع غزة مع الضفة الغربية تحت قيادة السلطة الفلسطينية". لكن فياض يستدرك أن الإقرار بذلك لا يعدو أن يكون الخطوة الأولى في هذا الاتجاه.
ومضى رئيس الوزراء السابق إلى التأكيد على أن حركة حماس لن تختفي عن المشهد، وستظل موجودة حتى بعد أن ينجلي غبار الحرب.
حماس صمدتوقال فياض إن حركة حماس صمدت تحت وطأة القوة العسكرية الإسرائيلية في جيب من الأرض -(في إشارة إلى قطاع غزة)- استغرق من إسرائيل بضع ساعات فقط للاستيلاء عليه في حرب يونيو/حزيران عام 1967.
وأضاف أن الحركة سوف تؤكد بكل ثقة أنها منتصرة في الحرب، وهو ما كان له أثر في تهدئة الأصوات المعارضة، خاصة في قطاع غزة، مما جعلها تصمد أمام التشكيك في قرارها بمهاجمة إسرائيل في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وعلى النقيض من ذلك، ستجد إسرائيل -بحسب فياض- صعوبة في الادعاء بأنها فازت، وستفشل في تحقيق معظم -إن لم يكن كل- أهداف الحرب المعلنة، ولا سيما الإطاحة بحماس من حكم غزة.
ويتوقع فياض أن تشكل مؤسسات حركة حماس -بما في ذلك شرطة غزة- جزءا لا يتجزأ من واقع ما بعد الحرب، مضيفا أن هذا لا يوحي، بطبيعة الحال، أنها ستكون قادرة على التعامل مع "المهمة الجسيمة" المتمثلة في إعادة تعمير القطاع المدمر لوحدها.
ويعتقد أن إسرائيل لم تحقق نصرها المنشود بل أدخلت نفسها في حرب لا نهاية لها، وأضرت بسمعتها الدولية، ولن يفيدها اتهامها لمعارضي الحرب بمعاداة السامية.
مصداقية أكبروعلى المدى القريب -وفق فياض- سوف تكتسب حماس قدرا أكبر من المصداقية داخل كل من غزة والضفة الغربية. وإذا لم تكن قد فعلت ذلك بالفعل، فإن كاتب المقال يرجح أن ينتهي بها المطاف إلى منافسة منظمة التحرير على تمثيل الشعب الفلسطيني.
ولعل الأمر الأكثر أهمية -برأي رئيس الوزراء السابق- هو فشل قيادة منظمة التحرير في توسيع صفوفها لتشمل جميع الفصائل والحركات السياسية الفلسطينية المهمة، وخاصة حماس والجهاد الإسلامي.
وشدد على أنه من الضروري أن تعرف جميع الأطراف المعنية أن السلطة الفلسطينية لن تكون قادرة على حكم المنطقتين ما لم يتحد الكيان السياسي الفلسطيني أولا.
ويجب أن تكون منظمة التحرير الفلسطينية أكثر شمولا، ويتعين على السلطة الفلسطينية أن تحكم من خلال حكومة تتمتع بصلاحيات كاملة، وفقا لأحكام قانونها الأساسي وبدعم من إجماع وطني واسع النطاق.
وختم بالقول إن الإخفاق في ذلك سيجعل قطاع غزة يعيش عقودا في "أكبر مخيم مفتوح في العالم".
المصدر : وكالة سواالمصدر: وكالة سوا الإخبارية
كلمات دلالية: السلطة الفلسطینیة منظمة التحریر رئیس الوزراء حرکة حماس قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
منير أديب يكتب: التنظيمات الإسلاموية وأمن المنطقة العربية.. حماس نموذجًا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
ما زالت هناك أكثر من قراءة وتقدير لما حدث في 7 أكتوبر من العام 2023، لا أحد يمنع حماس ولا المقاومة الفلسطينية من القيام بدورها المرتبط بمقاومة المحتل ولا اتخاذ أي إجراءات من شأنها تحرير الأرض المغتصبة.
القانون الدولي والإنساني يُعطي الحق لكل من احتلت أرضه في مقاومة العدو، واتخاذ كافة الوسائل التي تؤدي في النهاية إلى التحرير، ولكن هذا لا يُبرر للمقاومة أنّ تنفرد بقرار الحرب خاصة وأنه يُؤثر ليس فقط على أمن فلسطين ولكن على أمن المنطقة العربية أيضًا.
حماس تُدافع عن القضية الفلسطينية من منطلق ديني وعلى خلفية انتماء وأيديولوجيا تحكمها؛ قد لا يكون هناك تعارض مع ما تعتقده وبين مشروع التحرير، ولكن اختزلت واختصرت هذا المشروع في تصورها الديني، وهذا ما سوف نأتي على ذكره لاحقًا.
لا أحد يستطيع أنّ يُشكك في نوايا المقاومة، ولا أحد يستطيع أنّ يستثني حركة حماس من المعادلة السياسية أو الأمنية في فلسطين أو حتى في قطاع غزة، هذه رؤية تتسق مع الواقع الحالي ومع التركيبة الفلسطينية التي أفرزت هذه الفصائل.
هذا لا يمنع من محاسبة حماس، بل على الحركة أنّ تراجع نفسها وتُعيد تقييم خطواتها السابقة واللاحقة، سواء انقلابها على السلطة الفلسطينية بقطاع غزة في العام 2007، أو حتى قرار هجومها على إسرائيل قبل خمسة عشر شهرًا.
قرار الحرب الذي اتخذته حماس منفردة ربما أثر على أمن المنطقة العربية بأكملها، وربما يدفعها إلى الدخول في حرب مع إسرائيل خلال فترة قادمة؛ فضلًا التغير الجيو سياسي الذي لف هذه المنطقة وما زال، وهذا بسبب قرار الحركة وترتيباتها مع أطراف غير عربية.
بررت حماس عبر خطابات عديدة على لسان قادتها أو على لسان قريبين من الحركة، أنّ من أسباب هجوم 7 أكتوبر هو الوقوف أمام تيار التطبيع العربية مع إسرائيل!
وهنا سؤال، ما علاقة مقاومة حماس لإسرائيل بهذه الطريقة التي اختارتها بقرار أي دولة عربية التطبيع مع إسرائيل من عدمه؟ هل حماس نصبت نفسها وصيّة على المنطقة العربية؟ وهل المقصود أنّ تكون هناك حرب في المنطقة بين العرب مجتمعين وإسرائيل؟
من حق حماس أنّ تواجه إسرائيل بالكيفية التي تُريدها، ولكنها لا بد أنّ تضع في ذهنها عدة اعتبارات تتعلق بأمن المنطقة العربية، فكما أنّ العرب ساندوا وما زالوا فلسطين منذ العام 1948 فعلى كل حركات المقاومة أنّ تراعي اعتبارات الأمن في المنطقة، وهذا يؤدي بنا إلى مقاربة مهمه تتعلق بمن يتحمل فاتورة الحرب التي لم يُشارك في قرارها وقد لا يكون مستعدًا لها.
الحرب الإسرائيلية الأخيرة دفعت إلى طرح مشروع دونالد ترامب القديم والخاص بصفقة القرن المرتبط بتهجير الشعب الفلسطيني إلى الواجهة؛ ولكن الإدارة الأمريكية ما زالت تدفع بقوة في اتجاه هذا المشروع بحجة عدم وجود ما يصلح للعيش في قطاع غزة، وهنا باتت الأردن والقاهرة طرفًا في المواجهة.
صحيح هناك تكاليف يدفعها العرب في المواجهة مع إسرائيل وفي تحمل عبء المواجهة؛ ولكن لا بد أنّ يكون قرار الحرب والسلم ليس فصائيليًا، ولكن فلسطينيًا خالصًا؛ وهذا ليس معناه أنّ تستأذن المقاومة كلما ألقت صاروخًا على إسرائيل، ولكن لا بد من وجود ثوابت يحترمها كل الفلسطينيين، من أجل خدمة القضية الفلسطينية.
حماس حركة مقاومة ولها مشروعها؛ ولا أحد يُطالبها بأن تترك البندقية، فأي سلام لا بد أنّ يُبنى على القوة، وإذا كان هناك من غصن للزيتون فلا بد من وجود بندقية تدافع عنه.
لا بد أن تكون حماس جزءا من الإجماع الوطني، فليست هي حركة المقاومة الوحيدة ولن تكون، فمنظمة التحرير الفلسطينية الأقدم في النشأة والمعبر الوحيد عن الشعب الفلسطيني، فإذا الأولى قد خرجت في العام 1987، فإنّ الثانية نشأت في العام 1964.
منظمة التحرير المعبر الشرعي والرسمي عن الشعب الفلسطيني، وهي حركة تحرر وطني، منظمة سياسية شبة عسكرية تُعبر عن كل الفلسطينين في كل المحافل الدولية، ومعترف بها في الأمم المتحدة وأمام المجتمع الدولي ونجحت في استرداد الكثير من حقوق الفلسطينيين.
أما حماس، فقد اختارت أنّ تكون منظمة إسلامية، فهي من حيث المبدأ لا تُعبر عن كل الفلسطينيين، صحيح تُقاوم إسرائيل ولكن لا يمكن أنّ نطلق عليها حركة تحرر وطني؛ فهذا الوطن يضم كل الأديان والطوائف، حتى ولو ادعت أنها تُدافع عن كل هذه الأديان، ولكنها في الحقيقة لا تضم إلا أيديولوجيا الدين والتنظيم بين صفوفها، وهكذا تتعامل مع المنضمين لها.
فلسطين التي شرفها الله بالمسجد الأقصى يوجد بها كنيسة القيامة، يُقال إنّ هذه الكنيسة بنيت فوق جلجثة أو الجلجثة، وهي مكان الصخرة التي يعتقد أن السيد المسيح صلب عليها حسب اعتقاد مسيحي الشرق الأوسط.
وهنا اعتقاد لدى المسيحيين بأنّ هذه الكنيسة سوف تشهد قيامة السيد المسيح من بين الأموات، على كل الأحوال فلسطين بلد مسلم لكل الديانات والطوائف التي تعيش فيها، ولابد لكل الفلسطينيين أنّ يسعوا لتحرير بلدهم، التحرر ليس مسيحيًا ولا إسلاميًا ولكنه تحرر وطني، وهذا ما تفتقده حماس على مستوى الإدراك العملي وعلى مستوى المسمى أيضًا.
تتحمل حماس ما حدث في المنطقة العربية خلال العام والنصف الأخيرين وما سوف تشهد المنطقة خلال العقد القادم، فأي تغيير ليس لصالحها ولا لصالح المنطقة العربية ولا لصالح القضية الفلسطينية، في ظل ضغوط أمريكية ودولية لتصفية هذه القضية، وهنا يبدو المشهد العربي مدافعًا عنها ومتحملًا العبء الأكبر في المواجهة رغم ما ادعته الحركة بأنّ قرار الحرب جاء مواجهًا لمشاريع التطبيع العربي!