الحرب والسرطان ينهشان جسد طفلة من غزة
تاريخ النشر: 21st, June 2024 GMT
داخل خيمة من القماش في أحد مراكز الإيواء وسط قطاع غزة تجلس الطفلة انشراح أبو عمشة (16 عاما) المصابة بمرض السرطان تقلّب صورها التي التقطت لها وهي على سرير العلاج الذي حرمت منه جراء العدوان المدمر الذي تشنه إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
لقد دفعت الحرب بالطفلة من غرفة يتوفر فيها جهاز تبريد يتواءم مع وضعها الصحي ويخفف -ولو بالحد القليل- تداعيات مرضها إلى خيمة تختزن داخلها درجات عالية من الحرارة والرطوبة وتنعدم فيها مقومات الحياة.
وحالت الحرب وإغلاق معبر رفح بشكل شبه كلي منذ بداية الحرب دون استكمال الطفلة أبو عمشة علاجها في الخارج كما كانت تسعى عائلتها في 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وفقا لما قالته للأناضول.
وينعدم اليوم الأمل لدى الطفلة وعائلتها في الخروج من القطاع لاستكمال العلاج وسط تدهور وضعها الصحي، وذلك بعدما أوصدت إسرائيل المعبر تماما في 7 مايو/أيار الماضي بعد أن سيطرت آنذاك على الجانب الفلسطيني منه ضمن عملية بدأتها في مدينة رفح أقصى جنوب القطاع.
وتطالب الطفلة -التي انتفخ الجزء الأيسر من وجهها وفقدت عينها بشكل كامل جراء وجود ورمين، الأول فوق العين والآخر في الخد- بالعمل على إخراجها من القطاع لاستكمال علاجها وإنقاذها من خطر محقق.
انشراح ليست الفرد الوحيد في عائلة أبو عمشة المصاب بالسرطان، إنما هي واحدة من 3 أفراد، حيث تعاني والدتها وشقيقتها المرض ذاته، في حين يواجه شقيقها مرض زيادة الكهرباء في الدماغ.
ويصارع اليوم أفراد العائلة المرض والحرب من أجل البقاء، في وقت فقدوا فيه معيلهم الوحيد قبل سنوات بالمرض ذاته.
ومنذ بداية العدوان أغلقت إسرائيل معابر قطاع غزة، خاصة معبر رفح البري الذي شهد إغلاقا جزئيا سمح خلاله بخروج عدد قليل جدا من أصحاب الجوازات الأجنبية والمرضى والجرحى، لكن إسرائيل أغلقته تماما بعد أن سيطر الجيش على الجانب الفلسطيني منه في 7 مايو/أيار الفائت.
وتقول وزارة الصحة الفلسطينية في بيان إن القطاع الصحي فقد أكثر من 70% من قدرته السريرية في القطاع، في حين تكافح الوزارة لتقديم الخدمات الصحية عبر إقامة مستشفيات ميدانية، لكنها غير قادرة على توفير الحد الأدنى من الخدمات الأساسية.
وفي يونيو/حزيران الجاري قالت الوزارة إن 25 ألف مريض وجريح في القطاع بحاجة للعلاج في الخارج، ولم يتمكنوا من السفر خلال العدوان الإسرائيلي.
وأشارت وزارة الصحة في بيان لها آنذاك إلى أن عدد المرضى والجرحى الذين تمكنوا من السفر للعلاج في الخارج بلغ نحو 4895 فقط، بنسبة وصلت إلى 19.5% من إجمالي العدد.
أوضاع قاسية
داخل الخيمة -التي تنعدم فيها مقومات الحياة الآدمية ولا سيما الخاصة بمرضى السرطان- تجلس الطفلة أبو عمشة تداعب مجموعة من القطط التي تقول إنها بدأت برعايتها خلال الحرب.
وتعيش الطفلة المصابة بالسرطان في أوضاع تصفها بالقاسية بسبب ضعف مناعتها.
وتقول عن ذلك "في منزلنا ببلدة بيت حانون شمال القطاع كانت لدي غرفة خاصة فيها جهازا تهوية وتبريد، وذلك لأنني بحاجة لظروف خاصة جراء ضعف المناعة الذي أعاني منه".
وتابعت "لكن اليوم نجلس في خيمة وسط ظروف غير صحية، وبدون توفر أي مقومات من شأنها أن تساهم في رفع مناعتي".
وتشير إلى انعدام إمكانية الخروج من الخيمة بسبب اكتظاظ النازحين داخل مركز الإيواء، في ظل انتشار أمراض وأوبئة.
ولفتت إلى أن وضعها الصحي يحول دون تحملها حرارة الجو الحالية، مما يؤدي إلى تدهور صحتها.
وأعربت عن أملها في السفر خارج القطاع لتلقي العلاج برفقة أفراد عائلتها في أقرب وقت ممكن.
المرض متفش في العائلة
بدورها، تقول سماح (والدة الطفلة أبو عمشة) للأناضول "إن والد انشراح توفي قبل أعوام إثر إصابته بمرض السرطان"، مضيفة "أنا وطفلتي الأخرى آية مصابتان بالسرطان، أما الطفل فهو مصاب بزيادة كهرباء في المخ".
وأوضحت أن الحالة الصحية التي تمر بها انشراح صعبة للغاية جراء المضاعفات الصحية التي تعرضت لها وزيادة الانتفاخ في الجزء الأيسر من الوجه.
وتستكمل قائلة "كنت أجمع المال من أجل إخراج الطفلة لاستكمال علاجها بالخارج بعد أن تلقته في مستشفيات إسرائيلية وبالأردن، لكن دون جدوى حيث أجرت نحو 17 عملية جراحية منذ إصابتها بالمرض".
ومن بين تلك العمليات خضعت انشراح لعملية استئصال ورم في الرأس وزرع بلاتين، فضلا عن عملية زرع للفك، بحسب قول الوالدة.
وتشير إلى أنها فقدت منزلها في الحرب، كما فقدت بالتزامن جميع الأموال التي احتفظت بها من أجل علاج انشراح.
تجتمع ظروف الحرب والمرض لدى أفراد عائلة أبو عمشة مع غياب معيلهم الذي توفي بسبب السرطان، حيث يعتمدون في حياتهم اليومية على المساعدات الشحيحة التي تصلهم.
وتوضح أن انعدام توفر الطعام الصحي والحليب الخاص برفع مناعة الجسم ساهم في تدهور الوضع الصحي لانشراح.
وقالت عن ذلك "مرت علينا أيام تناولنا فيها الكرتون بدلا من الخبز".
المرض ورحلات النزوح
حالها كحال باقي العائلات الفلسطينية مرت عائلة أبو عمشة -التي يعاني معظم أفرادها من المرض- بنحو 12 رحلة نزوح.
وقالت أبو عمشة "منذ اندلاع الحرب نزحنا من منزلنا في بلدة بيت حانون، ومن هنا بدأت رحلات النزوح حتى بلغت نحو 12 مرة".
وأوضحت أن حالة التشرد التي أصابت العائلات خلال الحرب أبعدتها عن أقاربها، مما جعل فرصة الحصول على الدعم والإسناد أمرا صعبا للغاية، وفق قولها.
وبينت أنها أصيبت بشظايا قصف إسرائيلي استهدف المستشفى الإندونيسي (شمال) الذي مكثت فيه الطفلة أبو عمشة لتقلي العلاج خلال الحرب.
وأضافت "خلال فترة مكوثنا في الإندونيسي استهدف الجيش الطوابق العليا من المستشفى قبل اقتحامه".
وتابعت "أصبت بشظايا صاروخ في يدي، مما تسبب بقطع العصب فأشعر بخدران في اليد، مما يحول دون إنجازي المهام اليومية".
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي اقتحم الجيش الإسرائيلي المستشفى الإندونيسي شمال قطاع غزة لمدة 4 أيام، قبل أن ينسحب منه مخلفا عددا من القتلى ودمارا واسعا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
مركز الملك سلمان للإغاثة ينفذ 642 مشروعًا لدعم القطاع الصحي في 53 دولة
تتبنى المملكة العربية السعودية ممثلة بمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية نهجًا ثابتًا في العمل الإنساني، مستمدةً ذلك من قيمها التي تؤكد التكافل والتآزر ومساعدة المحتاج، إيمانًا منها بأن الكرامة الإنسانية والصحة حق أساسي لكل فرد على وجه الأرض.
وتسعى المملكة من خلال المركز إلى تقديم الدعم والمساندة للمتضررين والمحتاجين واللاجئين والنازحين حول العالم، من خلال تنفيذ العديد من البرامج والمشاريع الإغاثية والإنسانية والتنموية التي تضمن تحسين جودة الحياة، وتعزيز الخدمات الصحية، والتخفيف من المعاناة الإنسانية.
وقد ترجم مركز الملك سلمان للإغاثة جهوده المتواصلة إلى واقع ملموس مما جعله من المنظمات الرائدة عالميًا في تقديم الخدمات الصحية المتنوعة، وسباقًا في تلبية النداءات العاجلة في أي بقعة من العالم تعاني من شتى الأزمات الصحية، وذلك بتنفيذه 642 مشروعًا لدعم القطاع الصحي في 53 دولة بقيمة تجاوزت مليارًا و440 مليونًا و955 ألف دولار أمريكي.
وقدّم المركز بهذا الخصوص 368 مشروعًا صحيًا للشعب اليمني الشقيق بقيمة تجاوزت 946 مليونًا و216 ألف دولار، نستذكر منها مشروعه لتشغيل المستشفى التخصصي لطب وجراحة العيون في محافظة مأرب ومديرياتها، ودعمه لمراكز الأطراف الصناعية وإعادة تأهيلها في عدة محافظات يمنية، فضلًا عن توفيره محطات أكسجين لدعم القطاع الصحي اليمني، إضافة إلى توفير الخدمات الصحية الأساسية للأمهات والأطفال حديثي الولادة في اليمن.
كما مدّ المركز يد العون للشعب الفلسطيني الشقيق بتنفيذه 25 مشروعًا صحيًا بقيمة تجاوزت 72 مليونًا و438 ألف دولار أمريكي، منها دعمه للاستجابة لحالات الطوارئ من خلال توسيع نطاق الإمدادات الطبية والدعم اللوجستي للمتضررين في قطاع غزة، فضلاً عن تأمين المعدات الطبية لوزارة الصحة الفلسطينية لمكافحة وباء كورونا (كوفيد -19)، كذلك تأمين وتركيب أجهزة وكراسي ومستلزمات الغسيل الكلوي، وتحسين صحة الأمهات والأطفال حديثي الولادة بين السكان المتضررين في قطاع غزة.ولم يتوانَ المركز في الاستجابة السريعة للكارثة التي حلّت بسوريا وتركيا جراء الزلزال المدمر الذي ضرب البلدين في عام 2023م، من خلال دعم 20 مستشفى ومستوصفًا، وتشغيل منظومة عيادات متنقلة مكوّنة من فرق طبية ميدانية متحركة، وتوزيع حليب الأطفال بالمناطق المتضررة من الزلزال في سوريا، كما أطلق المركز كذلك برنامج “سمع السعودية” لزراعة القوقعة والتأهيل السمعي وهو الأكبر عالميًا، حيث كانت باكورة برامجه 24 برنامجًا استهدفت المتضررين من الزلزال من الشعبين السوري والتركي.
ومما يعبّر عن روح التعاضد الإنساني التي تكنها المملكة، نفذ المركز البرنامج السعودي للتوائم الملتصقة، الفريد من نوعه على مستوى العالم، حيث يستقبل التوائم الملتصقة والطفيلية من شتى أنحاء المعمورة، ويتكفل بجميع نفقات عملية فصلهم وعلاجهم وتأهيلهم لما بعد العملية، إلى جانب تكاليف النقل واستضافة التوائم وذويهم طوال فترة الرعاية الطبية، وقد تمكن البرنامج منذ عام 1990م حتى الآن من دراسة 146 حالة من 27 دولة، وأجرى 62 عملية فصل توأم ملتصق وطفيلي تكللت جميعها بالنجاح ولله الحمد.
الجدير بالذكر أن مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية نفذ منذ تأسيسه 3.393 مشروعًا في مختلف القطاعات الحيوية شملت 106 دول حول العالم بقيمة تجاوزت 7 مليارات دولار أمريكي، وفي هذا اليوم يحتفي المركز بيوم الصحة العالمي المصادف لـ 7 أبريل من كل عام لما لهذا القطاع من أهمية كبرى في المحافظة على حياة الإنسان والعناية بها.