تحليل :المواجهة بين إسرائيل وحزب الله تهدد باتساع رقعة الصراع
تاريخ النشر: 21st, June 2024 GMT
القدس "رويترز": باتت سُحب الدخان الناجمة عن اعتراض الصواريخ فوق شمال إسرائيل والحرائق الناتجة عن الغارات الجوية على جنوب لبنان إشارات واضحة على أن رقعة الحرب الدائرة في قطاع غزة قد تتسع إلى صراع أوسع يقول محللون إن مخاطره تهدد الجانبين.
وتصاعدت حدة الحرب الكلامية بين الطرفين مع التهديدات القوية من الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله يوم الأربعاء التي قال خلالها إنه في حال اندلاع الحرب "لن يكون هناك مكان في الكيان (إسرائيل) بمنأى عن صواريخنا ومسيراتنا"، وإن قبرص وأماكن أخرى بمنطقة البحر المتوسط ستكون أيضا في خطر.
ومنذ اندلاع الحرب في قطاع غزة في أكتوبر، يطلق حزب الله صواريخ على إسرائيل تضامنا مع حماس مما أجبر عشرات الآلاف على ترك منازلهم في إسرائيل وأدى لتصاعد الضغوط السياسية هناك لاتخاذ إجراءات أكثر قوة.
ونزح أيضا عشرات الآلاف من اللبنانيين من منازلهم بعد غارات إسرائيلية على جنوب لبنان.
وخوفا من اتساع رقعة الصراع في المنطقة، أرسل الرئيس الأمريكي جو بايدن مبعوث الولايات المتحدة الخاص إلى لبنان آموس هوكستين في جولة دبلوماسية جديدة هذا الأسبوع، كما أبلغ وزير الخارجية أنتوني بلينكن المسؤولين الإسرائيليين بضرورة تجنب المزيد من التصعيد.
وقصفت طائرات إسرائيلية أهدافا في جنوب لبنان الخميس وقتلت مقاتلا في حزب الله قالت إنه قائد عمليات الجماعة بمنطقة جويا.
وأقر حزب الله بمقتله دون وصفه بأنه قيادي في الجماعة.
وبعد توقف قصير خلال عيد الأضحى، أطلق حزب الله عشرات الصواريخ على إسرائيل.
وقالت أورنا مزراحي المسؤولة السابقة في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي "ليس هناك خيار جيد ولكن السؤال المهم هو إلى أي مدى يمكن أن تعاني إسرائيل جراء هذا الهجوم؟".
وأضافت "أرى أن غالبية الحكومة لا تريد الدخول في حرب، لكنها قد تندلع".
وفي لبنان جعلت تهديدات نصر الله الكثيرين يستعدون لحرب أوسع. ولكن بعض الدبلوماسيين والمحللين قالوا إن تهديداته محاولة لمضاهاة تصاعد حدة الخطاب من جانب إسرائيل.
وقال هوبرت فاوستمان المحلل السياسي وأستاذ التاريخ والعلاقات الدولية في جامعة نيقوسيا "أرى أن ما يحدث هو جزء من استراتيجية ردع".
وتابع "هناك خطر كبير بأن تُصعد إسرائيل المواجهة مع حزب الله وأن تندلع حرب شاملة شعواء، وهو ما لا أعتقد أن حزب الله يريده"، مضيفا أن حزب الله يسعى إلى إظهار "ما بوسعه فعله" إذا اندلعت الحرب.
ويشير حزب الله إلى أنه لا يسعى إلى صراع أوسع، رغم استخدامه أسلحة أكثر قوة بشكل مطرد.
ولدى إسرائيل أقوى جيش في الشرق الأوسط، لكن حزب الله لديه آلاف من المقاتلين، وكثير منهم متمرسون بسبب ما اكتسبوه من خبرة في الحرب الأهلية السورية. وبحوزة الجماعة أيضا ترسانة تضم عشرات الآلاف من الصواريخ القادرة على ضرب المدن في جميع أنحاء إسرائيل.
وتمتلك الجماعة أيضا أسطولا كبيرا من الطائرات المسيرة ويبدو أنها استخدمت واحدة منها في تنفيذ مهمة استغرقت وقتا فوق مدينة حيفا الساحلية هذا الأسبوع، مما يؤكد التهديد المحتمل للبنية التحتية الاقتصادية الرئيسية بما في ذلك أنظمة الطاقة.
ونشر حزب الله مقطعا مصورا مدته تسع دقائق و31 ثانية لما قال إنها لقطات جمعتها طائرة مراقبة لمواقع في إسرائيل منها موانئ بحرية ومطارات في حيفا، والتي تبعد 27 كيلومترا من الحدود اللبنانية.
وأنذر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن إسرائيل "ستحول بيروت إلى غزة" في حالة اندلاع حرب. ولكن من شأن تصعيد الصراع أن ينهك نظام الدفاع الصاروخي الإسرائيلي المعروف باسم (القبة الحديدية)، والذي اعترض حتى الآن معظم الصواريخ التي أطلقها حزب الله والتي يقدر عددها بالمئات.
وقال سيث جي. جونز، المحلل في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن "أحس أن حزب الله يشعر بأنه يحظى بنفوذ نوعا ما على الإسرائيليين، لأن الحرب في حال تصاعدها، ومهما كانت الأضرار التي قد تلحقها بلبنان وسوريا، ستسبب حالة من الرعب في إسرائيل".
وتابع "سيكون من الصعب على الدفاعات الجوية الإسرائيلية مواجهة ترسانة الصواريخ واسعة النطاق القادمة من الشمال. ستكون مشكلة عويصة".
أوامر عملياتية
يُجري قادة عسكريون إسرائيليون تدريبات وتقييمات منذ أسابيع استعدادا لما أسماه الجيش الإسرائيلي "واقعا سنضطر فيه للقتال على نطاق مختلف في الشمال".
ويستمر القتال في غزة، المسرح الرئيسي للحرب منذ هجوم مقاتلين بقيادة حماس على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر. وقدر مسؤولون إسرائيليون أن نهاية المرحلة الرئيسية من القتال لن تكون قبل أسابيع.
وتحتاج العديد من الوحدات إلى الراحة وإعادة التجهيز بعد القتال العنيف في غزة، لكن القيادة الشمالية للجيش الإسرائيلي قالت هذا الأسبوع إنها وافقت على خطط عملياتية لشن هجوم في لبنان.
وقال وزير الطاقة إيلي كوهين الخميس إن الجيش يعمل مع سلطات الطاقة لضمان توفير الحماية للبنية التحتية الاستراتيجية للكهرباء في إسرائيل، التي قال إنها سترد بقوة على أي ضربة تتعرض لها.
والبنية التحتية للطاقة في لبنان مهترئة بالفعل بسبب سوء الإدارة والصراعات، ومن بينها تلك الدائرة مع إسرائيل، على مدى عقود.
وتعرضت إسرائيل من قبل لتجربة مؤلمة في لبنان. فبعد غزوه عام 1982، ظلت القوات الإسرائيلية عالقة في إقامة منطقة عازلة لما يقرب من عقدين بعد الحرب التي شهدت ميلاد حزب الله.
ثم اندلعت حرب ثانية في عام 2006 بعد أن أسر حزب الله جنديين إسرائيليين، وتركت الجماعة اللبنانية المتحالفة مع إيران على بعد أميال من خط وقف إطلاق النار الذي وافقت عليه الأمم المتحدة على نهر الليطاني وتعزيز قوتها بشكل مطرد.
لكن الضغوط السياسية زادت على نتنياهو مع بداية الصيف في ظل غياب أي بوادر على موعد عودة الحياة إلى طبيعتها بعد مرور أكثر من ثمانية أشهر على بداية الصراع في غزة.
وأصبحت عشرات البلدات الإسرائيلية مهجورة وباتت الشوارع خالية بعد إجلاء حوالي 60 ألف شخص إلى أماكن إقامة مؤقتة ولم يبق سوى المباني التي تتعرض أحيانا لقصف بالصواريخ. كما فر نحو 90 ألف شخص من جنوب لبنان.
وقالت ساريت زهافي، وهي مسؤولة سابقة في المخابرات العسكرية الإسرائيلية وتدير حاليا مركز أبحاث متخصصا في الحدود الشمالية لإسرائيل، إن بعد الصدمة التي تعرضت لها إسرائيل في السابع من أكتوبر، لن يكون سوى عدد قليل من الذين غادروا منازلهم مستعدين للعودة في ظل تمركز حزب الله على الحدود.
وأضافت "لم نفعل شيئا ضد التهديد على مدى 17 عاما، والتعامل معه الآن سيتكلف ثمنا باهظا للغاية".
* شارك في التغطية توم بيري ومايا الجبيلي من بيروت وميشيل كامباس من نيقوسيا.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: جنوب لبنان فی إسرائیل فی لبنان حزب الله
إقرأ أيضاً:
تحليل أمريكي: ما أبرز التحديات التي ستواجه ترامب بشأن القضاء على الحوثيين؟ (ترجمة خاصة)
سلط مركز أبحاث أمريكي الضوء على أبرز التحديات التي تواجه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بشأن القضاء على جماعة الحوثي في اليمن التي تشن هجمات على سفن الشحن والسفن الحربية الأمريكية في البحر الأحمر.
وقال مركز "المجلس الأطلسي" في تحليل للباحث إميلي ميليكين وترجم أبرز مضمونه "الموقع بوست" إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يقول إن إدارته ستضمن "القضاء التام" على الحوثيين في اليمن، وهو يُعزز قوته العسكرية لإثبات ذلك.
وأضاف "قد أمضى ترامب الأشهر الأولى من ولايته الثانية في تصعيد الضربات العسكرية الأمريكية ضد الحوثيين ردًا على هجماتهم على سفن الشحن الدولية في البحر الأحمر. وقد ألحقت الحملة العسكرية الأمريكية المتجددة أضرارًا جسيمة حتى الآن، حيث قُتل ما لا يقل عن 57 شخصًا، بينهم مسلحون حوثيون ومدنيون يمنيون. كما استهدفت الحملة مخازن أسلحة وطائرات مسيرة ومنشآت تخزين صواريخ في محاولة لإضعاف قدرة الحوثيين على ضرب طرق التجارة في البحر الأحمر.
وحسب التحليل فإنه مع الخسائر المتتالية الأخيرة لقيادات وكلاء إيران الآخرين، قد يبدو زوال الحوثيين أمرًا محسومًا. إلا أن هذا الافتراض يُقلل من شأن قدرة الحوثيين على الصمود، وقدرتهم على التكيف الاستراتيجي، ونفوذهم المتجذر في اليمن.
"تتطلب تحديات استهداف المتمردين اعتراف إدارة ترامب بأن النهج العسكري البحت لن يحقق هدف واشنطن المتمثل في "الإبادة الكاملة". وفق التحليل.
ودعا المجلس الأطلسي إدارة ترامب إلى اتباع استراتيجية متعددة الجوانب، تجمع بين زيادة العمليات الاستخباراتية على الأرض، وتكثيف عمليات الاعتراض البحري، ودبلوماسية إقليمية فعّالة للضغط على الجهات الخارجية، وخاصة روسيا والصين، لمنعها من تعزيز قدرات الجماعة من خلال حوافز اقتصادية مثل تخفيف العقوبات أو التهديد بزيادة الرسوم الجمركية.
صمود الحوثيين
يضيف التحليل "على الرغم من التدخل العسكري القوي للتحالف الدولي بقيادة السعودية ضد الجماعة منذ استيلائهم على العاصمة صنعاء عام 2014، حافظ الحوثيون على سيطرتهم في اليمن ووسّعوها. وقد تطورت الجماعة المتمردة الصغيرة إلى قوة عسكرية هائلة، مع دعم دولي ناشئ يُمكّنها من توسيع نطاق تهديداتها البحرية".
وأشار إلى أن أحد أكبر التحديات في القضاء على الحوثيين يكمن في تحييد قيادتهم، وخاصة زعيمهم الكاريزماتي عبد الملك الحوثي، الذي لعب دورًا حيويًا في التنظيم منذ توليه قيادته عام 2004.
وقال "على عكس المنظمات الأخرى المدعومة من إيران، يتمتع الحوثيون بهيكلية وراثية، ويتمركزون بشكل كبير حول الحوثي وعائلته. ستُشكّل خسارة الحوثي ضربة قوية للتنظيم، لا سيما وأن عدم وجود خليفة واضح سيعني على الأرجح أن الجماعة ستحتاج إلى التركيز على إخماد التنافسات الداخلية بدلاً من العمليات. لكن القضاء على الحوثي سيكون مهمة شاقة".
ثغرات في الاستراتيجية الأمريكية
ورجح أن تُعيق محدودية المعلومات الاستخبارية الميدانية في اليمن قدرة الولايات المتحدة على تتبع الحوثيين. وقد تكرر هذا الواقع في أوائل العام الماضي عندما واجهت الولايات المتحدة صعوبة في تقييم نجاح عملياتها وترسانة الجماعة الكاملة بسبب نقص المعلومات الاستخبارية. فبدون وجود موثوق أو شبكة مخبرين، سيُشكل استهداف قائدٍ مُخبأٍ جيدًا تحديًا.
وأوضح أن مكافحة رسائل الحوثيين المتعلقة بالحملة العسكرية تتطلب نهجًا دقيقًا: فقد استغل المتمردون الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية الحيوية والإصابات المدنية الناجمة عن الغارات الجوية لدعايتهم الخاصة.
لمنع الحوثيين من الظهور مجددًا -يقول المجلس الأطلسي في تحليله- سيتعين على الولايات المتحدة قطع سبل إعادة إمداد الجماعة، وخاصةً من شركائها الدوليين. وقد اتسمت الجهود المبذولة لقطع إمدادات الأسلحة من طهران، الداعم الرئيسي للحوثيين، بالتذبذب. ونتيجة لعوامل مثل تحول الأولويات الإقليمية والرغبة في تجنب التصعيد مع إيران، فإن الجهود البحرية الأميركية للاستيلاء على شحنات الأسلحة الإيرانية الموجهة إلى الجماعة كانت تتدفق وتتراجع في السنوات الأخيرة.
وزاد "تصعب المساعي الإيرانية لتجنب الكشف عبر أساليب مثل استخدام قوارب التمويه، ونقل الأسلحة في البحر، وتمويه الشحنات على أنها قوارب صيد أو إخفاؤها على متن سفن شحن مدنية. في الواقع، لم يُعترض سوى ما يُقدّر بعشرين سفينة تهريب إيرانية بين عامي 2015 و2024.
واسترسل "لقطع الطريق بشكل مستدام على الشحنات الإيرانية، ستحتاج الولايات المتحدة إلى زيادة دورياتها البحرية في البحر الأحمر وخليج عدن، مع العمل في الوقت نفسه على التعاون مع حلفائها في الخليج لتضييق الخناق على طرق التهريب وتزويد خفر السواحل اليمني بتقنيات رادار مُتطورة وزوارق دورية تُمكّنه من أن يكون أكثر فعالية على المدى الطويل".
المشهد المتطور
وأفاد "حتى لو تمكنت الولايات المتحدة من قطع شحنات إيران عن الجماعة المتمردة، فإن الحوثيين يسعون إلى تنويع شركائهم خارج إيران وشبكتها من الحلفاء والوكلاء المتراجعين في المنطقة".
على سبيل المثال، تشير تقارير من أغسطس/آب إلى أن ضباطًا من المخابرات العسكرية الروسية يعملون الآن في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، ويقدمون لهم مساعدة تقنية مهمة. وهناك أيضًا مزاعم ببيع أسلحة روسية صغيرة بقيمة عشرة ملايين دولار للحوثيين، ومزاعم موثوقة بأن موسكو زودت الجماعة ببيانات استهداف لعملياتهم البحرية، وتدرس بيعهم صواريخ متطورة مضادة للسفن.
وأكد التحليل أن توسيع العلاقات بين الحوثيين وبكين قد يسمح لهم بإعادة بناء صفوفهم. على سبيل المثال، تزعم مصادر استخباراتية أمريكية أن الصين تزود المتمردين بمكونات ومعدات توجيه متطورة لأسلحتهم مقابل منح السفن التي ترفع العلم الصيني العاملة في البحر الأحمر حصانة.
وقال "نظراً لقدرة الحوثيين الواضحة على الصمود، يتطلب هذا توسيع اتفاقيات تبادل المعلومات الاستخباراتية مع الحلفاء الإقليميين، ونشر تقنيات مراقبة متطورة لتتبع شحنات الأسلحة غير المشروعة، والعمل بشكل وثيق مع الشركاء الخليجيين لتعزيز الأمن البحري".
وحث واشنطن على إعطاء الأولوية لتعزيز الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، والمعروفة أيضاً باسم مجلس القيادة الرئاسي، عسكرياً ومن خلال مشاريع من شأنها تحسين حوكمتها واستقرارها الاقتصادي. يمكن أن تشمل هذه الجهود تأمين شراكات لتنشيط إنتاج وتوزيع النفط والغاز في اليمن، بالإضافة إلى الخبرة الفنية لتحسين الإدارة المالية للمجلس ومساءلة القطاع العام. هذا، إلى جانب التدريب الأمني للقوات التابعة للمجلس، مثل خفر السواحل اليمني، من شأنه أن يساعد المجلس على إنشاء بديل موثوق لحكم الحوثيين، مع تعزيز هياكل الحكم المحلي والتحالفات القبلية التي يمكن أن تقوض قاعدة دعم الحوثيين من الداخل.
وقال إن العمل العسكري قد يُضعف المتمردين اليمنيين على المدى القصير، فإن إضعاف الجماعة فعليًا والقضاء عليها في نهاية المطاف يتطلب من المجلس الرئاسي اليمني أن يحكم بفعالية، وأن يستعيد شرعيته، وأن يقدم بديلًا عمليًا لليمنيين الخاضعين حاليًا لسيطرة الحوثيين.
وأردف "يجب على إدارة ترامب أن تضع هذه الغايات في اعتبارها عند صياغة استراتيجيتها تجاه الحوثيين".