قافلة دعوية بمسجد الرضوان بالفيوم
تاريخ النشر: 21st, June 2024 GMT
في إطار حرص وزارة الأوقاف على غرس القيم الدينية والأخلاقية والوطنية، انطلقت اليوم الجمعة، قافلة دعوية كبرى من مسجد الرضوان بإدارة أوقاف بقرية فيديمين بمحافظة الفيوم، وذلك بتوجيهات من وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، وبحضور كل من الدكتور محمود الشيمي، وعدد من قيادات المديرية، والأئمة؛ ليتحدثوا جميعا بصوت واحد تحت عنوان "البحث العلمي ودوره في تقدم الأمم".
وخلال خطبة الجمعة أكد العلماء على أن العلم النافع لا ينحصر في العلوم الدينية فحسب، بل يتسع ليشمل كل العلوم النافعة التي تنفع الإنسان في دنياه وفي أخراه، مشيرين إلى أن ما جاء في السنة النبوية المطهرة من حث على العلم إنما هو في مطلق العلم النافع، حيث يقول سبحانه {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}،وهذا في مطلق العلم، ويقول(صلى الله عليه وسلم ) “مَن سلَكَ طريقًا يلتَمِسُ فيهِ علمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طريقًا إلى الجنَّةِ”.
وأضاف العلماء،أن طلب العلم يكون من المهد إلى اللحد، ونظل في حاجة إلى مزيد من التعلم، ومهما بلغ الإنسان في العلم فعليه أن يتذكر قول الله تعالى: { وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا}،فكلما ازداد الإنسان علمًا ازداد إدراكًا لحاجته إلى المزيد من العلم، موضحين أن طلب العلم يستدعي حسن القصد وصدق النية والإخلاص والتجرد وبذل الجهد، مستدلين بقول الإمام الشافعي "ومَنْ لَمْ يَذْقْ مُرَّ الَتَعلُّمِ سَاعَةً.. تَجَرَّعَ ذُلَّ الجَهْلِ طُولَ حَياتِهِ".
وشددوا على أهمية تلقِّي العلم والبحث فيه والاستمرار في ذلك مهما كبر الإنسان أو علت درجته العلمية، فلا بد دائمًا لطالب العلم أن يكون حريصًا على معالي الأمور في طلب العلم والتعليم والتفقه والعبادة وغيرها، فيستنفد أقصى الطاقة والجهد فيما كلِّف به، فمن أراد أن يخدم دينه ونفسه ووطنه فليجتهد فيما كلف به وأن يخدم من بابه لا من باب غيره، فالمفتي يخدم من باب الإفتاء والمدرس يخدم من باب التعليم والمهندس من باب الهندسة، والمهم أن يكون مميزًا ومخلصًا في عمله.
وأضاف العلماء: أن العلم النافع هو الذي يكون سبيل هدى ورحمة ورشد لصاحبه في أمر دينه ودنياه، ولذا رأينا سيدنا موسى عليه السلام يقول للعبد الصالح { هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (الكهف: 66) فالعلم إن لم يكن رحمة لصاحبه وللناس فلا قيمة له،وفي قصة سيدنا موسى مع العبد الصالح (عليهما السلام) في سورة الكهف معاني سامية، وقيمًا خالدة، وآيات عديدة، منها: تواضع سيدنا موسى(عليه السلام) في طلب العلم، حيث قال للعبد الصالح بأسلوب تلطف:{هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا}، فقال العبد الصالح {إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا}، فقال سيدنا موسى ( عليه السلام) {ستجِدُنِي إن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا}، زيادة في الأدب والتلطف.
وقد شملت القافلة الدعوية بجانب أداء خطبة الجمعة، مقرأة للأئمة، وفعاليات البرنامج الصيفي للطفل، ومقارئ للجمهور.
انطلاق فعاليات برنامج البناء الثقافي لأئمة وواعظات أوقاف الفيوم (صور) IMG-20240621-WA0074 IMG-20240621-WA0073 IMG-20240621-WA0072 IMG-20240621-WA0071 IMG-20240621-WA0070 IMG-20240621-WA0069 IMG-20240621-WA0060 IMG-20240621-WA0061 IMG-20240621-WA0058 IMG-20240621-WA0057
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الفيوم أوقاف الفيوم قافلة دعوية مسجد الرضوان العلماء قرية فيديمين خطبة الجمعة سیدنا موسى طلب العلم IMG 20240621 من باب
إقرأ أيضاً:
نور الدين السالمي
ولد عبدالله بن حميد بن سلوم السالمي فـي قرية الحوقين بالرستاق سنة 1283 هـ، وكان طفلا نجيبا فطنا، سريع الفهم والحفظ. وحين بلغ عبدالله الثانية عشرة من عمره أصيب بالتراخوما فـي عينيه فقد نعمة البصر، وعلى الرغم من فقدانه لنعمة البصر فلقد حرص والده حميد بن سلوم السالمي أن يستمر ولده فـي حضور حلقات العلم، وأن يواصل رحلته فـي التزود من معين المعرفة، فقرر أن يختار له معلم عالم، فسجله فـي حلقة الشيخ صالح بن سعيد الإسماعيلي، حيث كانت أسرة السالمي الصغيرة قد انتقلت إلى قرية الخبة فـي منطقة الباطنة. والشيخ صالح بن سعيد الإسماعيلي كان واليا وقاضيا فـي السويق، فتعلم عبدالله بن حميد السالمي على يديه، وأخذ عنه العلم الجليل، وللشيخ صالح مكتبة عامرة بالكتب اطلع عليها الفتى الصغير، ونهل من معارفها، كان عبدالله السالمي فتىً لامعا مجدا فـي طلب العلم، سخر جميع إمكاناته الذهنية والفكرية للمعارف، ليكون مميزا بين أقرانه، ولا يجعل من فقدانه للبصر عائقا أمامه فـي مسيرته التعليمية.
أوضح السالمي أهمية السؤال فـي تحصيل العلم، وبأن السؤال نصف العلم، فـيقول:
وأسألِ أَهلَ العلمِ فالسؤالُ
نِصْفَ العلومِ هكذا يقالُ
وأوضح السالمي أن للسؤال آدابا، وعلى طالب العلم التقيد بهذه الآداب، احتراما للعلم وللمعلمِ، فـيقول:
وَأسألْ ولا تَملَ أو تُمَلا
وإن عَرَفْتَهَا فَأْبدِ الجَهَلا
مِن أَدبِ السؤالِ للعفـيفِ
أن يسألَ العالمُ كالضعيفِ
هكذا كان منهج السالمي فـي تحصيل العلم، فهو متقيد بآدابه، مراع للتواضع والاحترام فـي طرح سؤاله على معلمه، حريص أن يكون سؤاله فـي صلب الموضوع مباشرة حتى لا يمل المعلم منه، ويتضايق من أسئلته، ثم يشكر المعلم على إجابته له وإفهامه ما لم يفهمه من خلال مطالعته للكتب.
لم يخش السالمي من فكرة تجربة الجديد، فلم يتردد فـي أن يكتب ويُؤلف، ولم يدر فـي خلده أنه ما زال صغيرا على التأليف، بل كان مقداما وشجاعا أمام نفسه فـي أنه يستطيع أن يكتب شيئا مفـيدا ولا يخشى نقد من هم أعلم منه، ولهم باع طويل فـي التأليف، وهذا دليل على ثقته بنفسه وعزمه فـي مواجهة نفسه قبل مواجهتها للآخرين.
حيث ألف أول مؤلف له وجعل له عنوان «بلوغ الأمل فـي المفردات والجُمل»، وهو منظومة نحوية تقع فـي ثلاثمائة بيت، كما كتب كتاب «المواهب السَنِيَّة على الدرة البهية فـي نَظْم الأجرومية» شرح فـيها منظومة شرف الدين يحيى بن موسى العمريطي للمقدمة الأجرومية فـي النحو، وانتهى من تأليفها فـي التاسع من ذي الحجة عام 1306هـ. وفـي علم العروض كتب منظومة فاتح العروض والقوافـي، وشرحها فـي كتاب المنهل الصافـي على فاتح العروض والقوافـي.
وفـي علم العقيدة كتب السالمي منظومة غاية المراد فـي علم الاعتقاد، ومنظومة أنوار العقول فـي 300 بيت ألفها عام 1312هـ، ثم شرحها فـي كتاب بعنوان مشارق أنوار العقول الذي انتهى منه عام 1313هـ، وبعدها بعام أي 1314هـ كتب كتاب بهجة الأنوار الذي عالج فـيها مجموعة من المسائل الكلامية. وله كتاب «روض البيان على فـيض المنان فـي الرد على من ادعى قِدَم القرآن»، وهو شرح لقصيدة فـيض المنان للشيخ سعيد بن حمد الراشدي، وفَرغَ السالمي من تأليف روض البيان عام 1313 للهجرة
وكانت له مراسلات مع العمانيين فـي شرقي إفريقيا حول سؤال أهل زنجبار له فـي موضع التشبه بالغرب فـي طريقة اللباس، فأجابهم برسالة تحمل عنوان «بذل المجهود فـي مخالفة النصارى واليهود»، وله رسالة أخرى بعنوان «سواطع البرهان».
كما كتب «اللمعة المرضية فـي أشعة الإباضية»، سرد فـيها أكثر من 120 كتابا انتهى من تأليفها بتاريخ 21 جمادى الأولى سنة 1323 للهجرة.
ومن أشهر كتب نور الدين السالمي كتاب «تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان»، والذي يعد من أهم مصادر التاريخ العماني فهو الكتاب الأشمل بين جميع الكتابات التاريخية العمانية، يقع الكتاب فـي جزأين، شرح فـي الجزء الأول فضائل أهل عمان، ووصول مالك بن فهم إلى عمان، واستيطان الأزد أرض عمان، ودخول أهل عمان فـي الإسلام ومشاركتهم فـي الفتوحات الإسلامية، ثم عَرَّج على إمامة الإمام الجلندى بن مسعود إلى أن انتهى الجزء الأول بعرض لملوك بني نبهان المتأخرين، وبدأ الجزء الثاني بإمامة الإمام ناصر بن مرشد اليعربي، وانتهى بالأحداث التي تزامنت مع فترة حكم السلطان فـيصل بن تركي.
وفـي عام 1308هـ عزم السالمي على القيام برحلة علمية يزور من خلالها عددا من العلماء لمجالستهم ومناقشتهم فـي بعض القضايا الفكرية، وعَرْض كتابه الشرف التام شرح دعائم الإسلام عليهم، فخرج من الرستاق متوجها إلى الحمراء وفـيها التقى بشيخه ماجد بن خميس العبري، فأطلعه على الكتاب وجلس بمعيته أياما يناقشه ويحاوره، ثم شد الرحال إلى نزوى ليلتقي فـيها بالشيخ محمد بن خميس السيفـي فتجاذبا أطراف الحوار العلمي لمدة ثلاثة أيام، ليسافر بعدها إلى منح ويحاور الشيخ محمد بن مسعود البوسعيدي، ومن منح توجه إلى المضيبي لِيُلْقِي فـيها عصا الترحال فترة من الزمن، ويعمل معلما لأبناء الشيخ سلطان بن محمد الحبسي .
ظل السالمي متطلعا للعلمِ شَغْوفا به يجد فـي نفسه رغبة جامحة للاستزادة من معين المعرفة، وكان يسمع كثيرا عن علم الشيخ صالح بن علي الحارثي، فطلب من الشيخ سلطان الحبسي أن يعفـيه من مهمة تدريس أبنائه وأن يأذن له بالسفر إلى القابل؛ ليقابل الشيخ صالح ويجلس بين يديه متعلما.
بدأ السالمي مشواره كمعلم فـي مستوى أستاذ جامعي فـي فترة وجوده فـي القابل، فحين جاء القابل متعلما لدى الشيخ صالح بن علي الحارثي، رأى الحارثي فـي تلميذه ذكاء وعلما غزيرا فطلب منه أن يتولى مهام التدريس فـي مدرسته، فتفرغ السالمي لتعليم الطلاب ممن هم فـي المستوى الجامعي بمسميات وقتنا الحاضر، وتسامع الناس فـي جميع مدن وقرى عمان عن معلم غزير العِلم فـي القابل، فتوافدت أفئدة طلاب العلم إليه من كل عمان تطلب الجلوس بين يديه، والتزود من معين علمه وفكره، وبعد أن يتخرج الطالب من مدرسة السالمي يعود إلى بلده ليكون معلما أو قاضيا أو واليا، لذا نجح السالمي من بناء نهضة علمية فـي جميع ربوع عمان، وتفرغ طلابه لنشر العلم والتأليف، فكان الكثير منهم يحذو حذو شيخه فـي أن تكون له مصنفات تُدْرَس وتُقْرأ فـي حلقات العلم، ويقول عن ذلك ولده شيبة الحمد فـي كتابه نهضة الأعيان: «لا نجد عمانيا له أدنى مسكة من العلم إلا وقد اغترف من ذلك البحر، والتقط من ذلك الدر بحسب ما قَسَّم الواهب من المواهب، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم».
لمؤلفات السالمي دور كبير فـي تشكيل الفكر الإباضي فـي عمان وخارجها خلال القرنين الرابع عشر والخامس عشر الهجريين، حيث أدت مؤلفاته إلى تطور جوانب كثيرة فـي الفكر العماني بشكل عام والإباضي بشكل خاص.
يقف الإنسان متعجبا حائرا من إنجازات هذا الرجل الكفـيف كيف تمكن من كتابة جميع هذه المصنفات فـي فترة زمنية قصيرة وفـي وقت كانت الكتابة غير يسيرة وسهلة مثل اليوم، ولا نملك إلا أن نقول كما قال أبو مسلم البهلاني:
هَلمَّ فلنحذو سَعْيَهُمْ فَلَيْسَ
للإنسانِ إلا مَا سَعْى
ليسوا رِجَالا لا نُطِيقُ فِعْلهمْ
ولكنهم جَدَّوا وَقَصْرنَا الخُطَا