واشنطن بوست: مسؤول أمريكي بارز يستقيل بسبب نهج بايدن تجاه حرب غزة
تاريخ النشر: 21st, June 2024 GMT
كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الجمعة، عن استقالة مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأمريكية، من المشككين في نهج "عناق الدب"، الذي تتبعه إدارة الرئيس جو بايدن مع الحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتانياهو.
وأكدت الصحيفة، أن أندرو ميلر، نائب مساعد وزير الخارجية للشؤون الإسرائيلية الفلسطينية، استقال من منصبه، بسبب الخسائر البشرية الهائلة الناجمة عن الحرب الإسرائيلية على غزة.
ورغم أن ميلر قال لزملائه، الجمعة، إنه استقال من منصبه المهم بسبب انشغاله الدائم عن عائلته، فإن الصحيفة أكدت، أن قراره يأتي اعتراضاً على سماح الولايات المتحدة لإسرائيل بقتل عشرات آلاف الفلسطينيين في قطاع غزة.
وأوضح ميلر، أنه لولا هذه المسؤوليات العائلية، لكان يفضل البقاء في وظيفته والنضال من أجل ما يؤمن به، رغم اختلافاته مع بعض سياسات الإدارة الأمريكية.
وعلقت الصحيفة على الاستقالة المفاجئة، بالقول، إنها تأتي وسط إحباط متزايد داخل وخارج الحكومة الأمريكية بشأن العدد الكبير من القتلى الفلسطينيين المدنيين في الحرب الإسرائيلية على غزة، والمخاوف بين البعض هيمنة زمرة ضيقة من أقرب مستشاري بايدن على الشؤون السياسية للولايات المتحدة.
وميلر هو أكبر مسؤول أمريكي يستقيل حتى الآن، وتركز عمله على القضايا الإسرائيلية الفلسطينية.
وقالت نائبة الرئيس ومديرة السياسة الخارجية في معهد بروكينغز سوزان مالوني، إن "رحيل ميلر سيكون خسارة للإدارة بشكل عام ووزارة الخارجية بشكل خاص، إنه مؤشر واضح على الخسائر العامة التي ألحقها الصراع بأولئك الذين كانوا يعملون على التعامل مع آثاره الأمنية على الولايات المتحدة وحلفائها".
ووصف آرون ديفيد ميلر، خبير شؤون الشرق الأوسط الذي قدم المشورة لكل من الإدارات الديمقراطية والجمهورية، أندرو ميلر بأنه دبلوماسي "ذكي" و"مبدع"، لكنه قال إنه أصبح من الصعب على المسؤولين في مكتب شؤون الشرق الأدنى التابع للوزارة التأثير على سياسة إدارة بايدن.
وأدت الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة، إلى مقتل أكثر من 37 ألف فلسطيني، وفقاً للسلطات الصحية المحلية، وأثارت انقساماً بين المسؤولين في الحكومة الأمريكية حول طبيعة الرد المناسب على التعنت الإسرائيلي بمواصلة الحرب الدموية.
وسبق أن أعلن عدد من المسؤولين في الإدارة الأمريكية استقالتهم من مناصبهم بسبب نهج إدارة بايدن تجاه الحرب الإسرائيلية على غزة، وهم جوش بول، وهاريسون مان، وطارق حبش، وأنيل شيلين، وهالا هاريت، وليلي غرينبيرغ كول، وأليكس سميث، وستايسي غيلبرت.
وكان جوش بول، أول مسؤول أمريكي يستقيل بسبب الحرب على غزة، بعد انسحابه من وزارة الخارجية الأمريكية في أكتوبر (تشرين الأول) 2023.
المصدر: وكالة خبر للأنباء
كلمات دلالية: الحرب الإسرائیلیة على غزة
إقرأ أيضاً:
عقوبات أم مساومات.. من بايدن الى ترامب: كيف تستخدم واشنطن العراق لخدمة مصالحها؟
بغداد اليوم - خاص
في دهاليز السياسة الأمريكية، حيث تُدار الحروب بقرارات رئاسية، ويُرسم مصير الدول بمصالح الشركات الكبرى، يبرز العراق كأحد أبرز الساحات التي تُستخدم لتصفية الحسابات السياسية والاقتصادية.
منذ سنوات، تحولت بغداد إلى نقطة ارتكاز في الاستراتيجيات الأمريكية، ليس كحليف حقيقي، بل كورقة تُستغل كلما دعت الحاجة. واليوم، تحت إدارة دونالد ترامب، يتعرض العراق لموجة جديدة من الضغوط تهدف إلى تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية للولايات المتحدة، بينما تُقدَّم على أنها حملة لضبط النفوذ الإيراني.
لكن خلف هذه الإجراءات، تتوارى أزمات داخلية أمريكية خانقة، ومحاولات مستميتة للتغطية على فشل الإدارات السابقة، وعلى رأسها إدارة جو بايدن، التي تركت إرثًا من الإخفاقات في الشرق الأوسط، إلى جانب أزمة اقتصادية تهدد بانهيار غير مسبوق للاقتصاد الأمريكي.
الضغوط الأمريكية.. لعبة سياسية أكثر من مواجهة حقيقية
كل ما يفعله ترامب في الشرق الأوسط، والضغوط التي يمارسها على العراق، لا تعكس بالضرورة استراتيجية أمنية واضحة أو سياسة خارجية ثابتة، بل هي مجرد أدوات يستخدمها لخدمة مصالحه السياسية والاقتصادية.
الأمر الأول: محاولة التغطية على إخفاقات إدارة بايدن، حيث توجد أدلة على أن بايدن، خلال فترة حكمه، تواطؤ مع جهات شرق أوسطية وسمح بتمدد النفوذ الإيراني في العراق، مما جعل الجمهوريين يستخدمون هذا الملف لإظهار ضعف الديمقراطيين في إدارة السياسة الخارجية.
الأمر الآخر: الأزمة الاقتصادية العنيفة التي تضرب الولايات المتحدة، والتي باتت تُشكل تهديدًا حقيقيًا للاستقرار المالي الأمريكي، حيث تظهر أرقام التسريح الجماعي للموظفين في الشركات الكبرى والمؤسسات الصناعية كدليل على حجم الأزمة. ترامب، الذي يواجه ضغوطًا داخلية متزايدة، يسعى إلى تحويل الأنظار عن الداخل الأمريكي، عبر افتعال أزمات خارجية تشغل الرأي العام، ويأتي العراق في مقدمة هذه الملفات.
مصرف الرافدين في عين العاصفة: اتهامات بلا أدلة
ضمن سلسلة الضغوط، يأتي ملف مصرف الرافدين كواحد من أبرز الأهداف الأمريكية، حيث تتهم واشنطن العراق وإيران بالتورط في تمويل أنشطة مشبوهة ودعم الحرس الثوري، وهي اتهامات لم تستند إلى أدلة قانونية واضحة، بل جاءت في سياق حملة تضييق اقتصادي على بغداد.
الحكومة الأمريكية تدرك جيدًا أن هذه التعاملات تتم ضمن الأطر القانونية والتجارية الدولية، لكنها تسعى إلى خلق حالة من الهلع المالي والاقتصادي داخل العراق، لإجبار بغداد على الخضوع لخيارات أمريكية محددة.
لكن المفارقة هنا، أن الإدارة الأمريكية نفسها لا تملك القدرة على إغلاق هذا الملف، ولا حتى تقديم بدائل اقتصادية للعراق، مما يجعل الضغوط أشبه بأداة ابتزاز سياسي، أكثر منها إجراءً اقتصادياً ذا أثر حقيقي.
الاقتصاد العراقي بين واشنطن والحاجة لدول الجوار
العراق، الذي يعتمد بشكل كبير على الغاز والكهرباء المستوردين من إيران، لم يجد أي خطط بديلة قدمتها الولايات المتحدة، بل تُرك يعتمد على منظومة اقتصادية هشة، جعلته مضطرًا إلى تعزيز علاقاته الاقتصادية مع دول الجوار، رغم الضغوط الخارجية.
الولايات المتحدة، التي كانت تمتلك فرصة تاريخية لإعادة بناء الاقتصاد العراقي على أسس متينة بعد 2003، تركت البلاد متخلفة اقتصاديًا، باستثناء الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل.
هذا الفشل الأمريكي في تقديم حلول حقيقية، يجعل أي ضغوط لمنع العراق من التعامل مع إيران أو أي دولة أخرى، أقرب إلى محاولة خنق بغداد اقتصاديًا، دون تقديم بدائل ملموسة.
الملف العراقي: ساحة لخدمة مصالح ترامب الاقتصادية
تحت غطاء مواجهة النفوذ الإيراني، تسعى واشنطن إلى تمرير صفقات اقتصادية لصالح شركات أمريكية مرتبطة بدوائر النفوذ داخل إدارة ترامب. فالضغوط التي تُمارس على الحكومة العراقية لا تهدف فقط إلى عزل إيران اقتصاديًا، بل إلى إجبار العراق على تقديم امتيازات لشركات أمريكية محددة، في قطاعات الطاقة والاستثمار والمقاولات.
الرئيس الأمريكي، الذي يواجه انتقادات متزايدة بسبب سياساته الداخلية، يحاول إعادة فرض الهيمنة الاقتصادية الأمريكية على العراق، عبر صفقات تخدم دوائر النفوذ الاقتصادي داخل البيت الأبيض.
ازدواجية المعايير: واشنطن ليست جادة في مواجهة إيران
لو كانت الولايات المتحدة جادة حقًا في محاصرة إيران، لكانت المواجهة مباشرة، بدلاً من استخدام العراق كأداة ضغط. فالواقع يشير إلى أن واشنطن، رغم كل تصريحاتها، لا تزال تدير علاقتها مع طهران وفق حسابات دقيقة، وتستغل العراق فقط كوسيط لتطبيق استراتيجياتها.
الأمر لا يتعلق فقط بفرض عقوبات أو إغلاق ملفات مالية، بل هو جزء من سياسة أمريكية طويلة الأمد، تُبقي العراق في حالة من الفوضى الاقتصادية والسياسية، حتى يظل بحاجة دائمة إلى التدخل الأمريكي.
إلى أين يتجه العراق وسط هذه الضغوط؟
المشهد الحالي يعكس حقيقة واضحة: واشنطن تستخدم العراق كورقة ضغط لخدمة أجنداتها الداخلية والخارجية، دون أن تقدم حلولًا واقعية لمشكلاته الاقتصادية والسياسية. ومع استمرار هذه الضغوط، تجد بغداد نفسها أمام خيارين:
إما الخضوع لهذه السياسات، والاستمرار في حالة الارتهان الاقتصادي والسياسي، أو تبني سياسة أكثر استقلالية، عبر تنويع شراكاتها الاقتصادية وتقليل الاعتماد على واشنطن، لصياغة معادلة أكثر توازنًا في علاقاتها الدولية.
لكن هذه الخطوة ليست سهلة، إذ تتطلب إجماعًا داخليًا، وإرادة سياسية قادرة على مقاومة الابتزاز الأمريكي، والبحث عن حلول عملية تُخرج العراق من هذه الحلقة المفرغة.
المصدر: قسم التحليل والمتابعة في وكالة بغداد اليوم