لجريدة عمان:
2024-09-29@06:40:31 GMT

الاستحقاق الزمني

تاريخ النشر: 21st, June 2024 GMT

يشكل الزمن ارتباطًا عضويًا بكل مكونات الحياة وتفاعلاتها المختلفة، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون هناك مسار تفاعلي دون أن يكون للزمن مساحته المستحقة؛ سواء في تشكيل هذا المسار، أو في مجموعة التفاعلات التى تؤول إلى إنجازه أو فشله على حد سواء، فالطفل الذي في الحظة الآنية تلده أمه يتلقفه الزمن عبر مساحة ممتدة، بقدر ما كتب له من عمر من لدن خالقه ذي العزة والجلال الله سبحانه وتعالى، وليتخيل أحدنا كيف يتوغل الزمن في كل مجريات حياته اليومية، بدءًا من صرخته الأولى، وحتى صرخته الأخيرة، حيث نزعة الروح من الجسد، فهل يمكن قبول فكرة أن مرحلة من مراحل هذا المخلوق تجاوزت لحظة زمنية معينة دون أن ينغمس فيها وتنغمس فيه؟ لا يمكن إطلاقًا، ولذلك يأتي تقسيم مراحل التكون لدى الإنسان (الطفولة، الصبا، الشباب، الشيبة، الكهولة) وفق المساحة الزمنية لكل مرحلة، ولا يمكن أن تتداخل المراحل الزمنية في هذا الترقي الجسدي، والفكري، على حد سواء لأي إنسان في هذه الحياة الدنيا.

وكما تنطبق الصورة أعلاه على الإنسان، هي ذاتها على أي كائن حي، فالحياة مرتبطة بالزمن، بخلاف مرحلة الموت «البرزخ» فهذه تبقى من علم الغيب عند الله، أما الزمن الحاضر في حياتنا اليومية، فنوهم أنفسنا في كثير من الخيال أننا نستقطع منه المساحة التي نريد؛ لتسهيل مجريات حياتنا اليومية، مع أن الحقيقة غير ذلك تماما، فهو الذي يأخذ منا عمرنا، وصحتنا، ومساحة الرزق، ومساحة الخير، ومساحة الشر، ومساحة الرضى والغضب، والحب والكره، ويبقى في المستحيل المطلق أن نتجاوز أي لحظة زمنية دون تأخذ منا استحقاقاتها الملزمة تنفيذها، ولعل في العبارة المشهورة: «الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك» تظل بالغة الدلالة في هذا الأمر، ومن هنا فإن لم يتم استغلال الزمن بكل حيثياته الدقيقة، فإن التفريط فيه خسارة كبيرة لا تتعوض بأي شكل من الأشكال، ولذلك فالذين حاولوا التلاعب بالزمن خسروا خسارة كبيرة، سواء في أعمارهم، أو في أرزاقهم، أو في علاقاتهم مع من حوله، وبالتالي فأي خسارة في مساحة الزمن لن تعوض مطلقا، ولذلك هناك من يخطئ خطأ فادحًا من خسر شيئًا ما، عندما يقول: «سأعوض ذلك في المستقبل» فمستقبل الشيء هو حاضره، وليس غده، فالغد مرهون بزمن مختلف، وبأشخاص مختلفين، وبظروف مختلفة، وأي فرد لن يعيش عصرين متتاليين؛ لأن العمر المتاح له مرة واحدة فقط، فإما أن يكون فيه، أو أن يسقط نفسه منه، ومتى أسقط الإنسان نفسه من زمنه، فلن يجد زمنا يعوضه. يحب كثير من الناس ترديد عبارة: «العمر مجرد رقم» وهذه -في تقديري- مقولة حق يراد بها باطل، فالحق يقال إنَّ كل منا له رقم زمني، هذا عمره عشرة أعوام أو أقل، وآخر عمره خمسون عامًا أو أكثر؛ فهذا حق لا يمكن إنكاره، أما الباطل المبطن في المقولة، وهو أن لك أن تعيش على فوضويتك المعتادة، وتغتال قيمك، وتناصر شهواتك، وتغض الطرف عن أخطائك، وتوهم نفسك أنك ما زلت شابًا من حقه أن يستمتع بكل ما تصل إليه يده، دون أن يكون لثقل العمر دور في تحييدك عن السقوط في براثن الضياع، فالسقوط في العمر المتأخر مصيبة كبيرة، ومن يتعمده يرتكب جريمة مزدوجة في حق نفسه، وليس يسيرًا غفرانها.

ومع كل ما ورد أعلاه، يظل الزمن فرصة ذهبية لأي مخلوق -وفي مقدمتها الإنسان- أن يستثمره في كل تفاصيل حياته اليومية، ومتى حقق أحد من الناس ذلك، يمكن أن يكون غنيًا، عالمًا، حكيمًا، مصلحًا، قائدًا، موجهًا، وغير ذلك كثيرًا.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: أن یکون

إقرأ أيضاً:

رئيس «تشريعية النواب»: «الإجراءات الجنائية» عفى عليه الزمن.. وجميع المناقشات جرت بحيادية

أكد النائب المستشار إبراهيم الهنيدى، رئيس لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، أن مشروع قانون الإجراءات الجنائية من أبرز مشروعات القوانين المنتظر مناقشتها فى دور الانعقاد الخامس والمقرر انطلاقه فى الأول من أكتوبر، سيما وأن اللجنة البرلمانية بذلت جهوداً كبيرة للتوصل إلى صياغات قانونية سليمة.

وأوضح «الهنيدى»، خلال حواره مع «الوطن» أن لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب كانت حريصة على احترام جميع مؤسسات الدولة لإرساء العدالة الناجزة.. وإلى نص الحوار:

  ما دلالة توقيت تعديل قانون الإجراءات الجنائية الآن، خاصة أنك شغلت منصب النائب الأول لرئيس محكمة النقض وعضو مجلس القضاء الأعلى وكنت وزيراً سابقاً لوزارة العدالة الانتقالية؟

- بداية نحن دولة قانون، والدستور المصرى حريص على توفير ضمانات كافية للحقوق والحريات، وهو ما تطلب ضرورة مراجعة كثير من القوانين المصرية التى يزيد عهدها على 70 عاما، ومن ضمنها قانون الإجراءات الجنائية الحالى الذى لم يعد يتفق مع روح الجمهورية الجديدة والاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، لذا كان لا بد من التدخل التشريعى، الذى صاحبه اتفاق جميع الرؤى داخل جلسات الحوار الوطنى على ضرورة تعديله.

 المشروع لن يصدر إلا بعد مناقشته فى الجلسات العامة.. وإقراره بموافقة ثلثى الأعضاء وقوفاً

ما المراحل التى مر بها مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد الذى سيناقشه مجلس النواب فى دور الانعقاد الخامس؟

- البداية كانت بتشكيل لجنة فرعية لمراجعة قانون الإجراءات الجنائية، واستمر عملها لمدة تزيد على 14 شهراً، وضمت العديد من القامات القانونية، وأبرزهم المستشار محمد عبدالعليم كفافى، المستشار القانونى لرئيس مجلس النواب ومقرر اللجنة الفرعية، وبحضور أعضاء اللجنة من مجلسى النواب والشيوخ ومن الجهات والوزارات ذات الصلة، ولا ننسى الجهد الكبير الذى بذله النائب إيهاب الطماوى، وكيل لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب ورئيس اللجنة الفرعية التى قامت بإعداد المسودة الأولية لمشروع قانون الإجراءات الجنائية، لتبدأ بعدها لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب مناقشته مادة مادة فى حضور جميع الأطراف ذات الصلة، ولا ننسى أن اللجنة البرلمانية، بالاشتراك مع لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب برئاسة النائب طارق رضوان، كانت حريصة على الاستماع لجميع وجهات النظر ولم تنتصر لجهة أو نقابة على حساب الأخرى، وجرت جميع المناقشات بحيادية للوصول إلى صياغات متفق عليها قبل إعداد التقرير النهائى الذى سيعرض على المجلس.

هل يوجد رقم محدد لعدد مواد مشروع قانون الإجراءات الجنائية التى تم تعديلها؟

- قرابة 200 مادة تمت صياغتها فى مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، وكلها تحقق العدالة الناجزة لجميع الأطراف، وتتفق مع مواد الدستور المصرى فى الحقوق والحريات، وكذلك الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان والمواثيق الدولية.

طال مشروع قانون الإجراءات الجنائية هجوم مع ختام المناقشات داخل اللجنة التشريعية، فما الأسباب وراء ذلك؟

- مشروع قانون الإجراءات الجنائية من مشروعات القوانين المهمة للغاية، التى تحتاج إلى التروى فى النقاش والاستماع لجميع الأطراف للخروج بصياغات تتفق مع نصوص الدستور، ومجلس النواب دائماً يرحب بالمقترحات القانونية المقدمة ما دامت تصب فى المصلحة العامة للوطن والمواطن، والمؤكد أننا نحترم اختلاف الرأى، والدليل أننا اهتممنا بجميع المقترحات الصادرة عن نتائج الحوار الوطنى، وعملنا عليها بجهد ومناقشات مستفيضة، ولا ننسى أن هذا القانون سيتم عرضه فى الجلسات العامة للنقاش والتصويت عليه نهائياً.

ولكن نقابة الصحفيين لديها عدد من الملاحظات حول مشروع قانون الإجراءات الجنائية وطلبت إجراء حوار مجتمعى حوله؟

- نحن لا نعمل فى مكاتب مغلقة، ونحن منفتحون على جميع الآراء، لذلك كلف المستشار الدكتور حنفى جبالى، رئيس مجلس النواب، لجنة الشئون الدستورية والتشريعية والأمانة العامة بالمجلس بدراسة ملاحظات نقابة الصحفيين للوصول إلى صياغات تتفق مع الدستور وتحقق ضمانات للحقوق والحريات، دون إفلات للجناة أو المساس بحقوق المتهم.

أخيراً.. هل سيواجه مشروع قانون الإجراءات الجنائية معركة أخرى تحت قبة البرلمان خلال مناقشته فى الجلسات البرلمانية؟

- لا، والسبب أن جميع النواب من المعارضة والمستقلين وكتلة الأغلبية متفقون على الصياغات التى تمت فى النسخة قبل الأخيرة لمشروع القانون، وبالتالى مناقشته لن تستغرق وقتاً طويلاً فى الجلسات العامة، وأتوقع صدوره فى دور الانعقاد الخامس لمجلس النواب ليكون دستوراً حقيقياً للحقوق والحريات فى مصر 2024.

 مشروع مهم

قانون الإجراءات الجنائية الحالى لا يتماشى مع النظرة الحديثة لحقوق الإنسان المتعارف عليها دولياً، ومصر فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى تشهد متنفساً كبيراً، وبالتالى صدور قانون جديد للإجراءات يأتى استجابة للمتطلبات الدستورية لضمان حقوق الأفراد، ومن هذا المنطلق أطالب الجميع بالقراءة المتأنية ومراجعة الصياغات التى انتهت إليها اللجنة البرلمانية، حتى لا نعود للوراء مرة أخرى، فنحن أمام 540 مادة قانونية تمت مراجعتها وصياغتها بعناية شديدة بمشاركة برلمانية وحكومية ونقابية.

مقالات مشابهة

  • فيلم عنب يحافظ على المركز الثالث بقائمة الإيرادات اليومية بثالث أيام عرضه
  • وزيرة خارجية أستراليا: لبنان لا يمكن أن يكون غزة أخرى
  • رئيس الوزراء: ضغط البرنامج الزمني لتنفيذ مشروع التجلي الأعظم وتذليل أي معوقات
  • البيض: ثورتا سبتمبر وأكتوبر تراث وطني لا يمكن تجاهله رغم الخلافات
  • ”الطماطم تتحول إلى ذهب في عدن... أزمة أسعار خانقة تضرب المائدة اليومية!”
  • رئيس «تشريعية النواب»: «الإجراءات الجنائية» عفى عليه الزمن.. وجميع المناقشات جرت بحيادية
  • «تراث الطيور» كتاب يكشف أسرار علاقة الإنسان بالطيور في الموروث العربي
  • علماء: حتى جرعة بسيطة من المبيدات الحيوانية يمكن أن تسبب وفاة الإنسان
  • باحث سياسي: إسرائيل تريد تحويل لبنان إلى غزة جديدة
  • رئيس بولندا يمنح سفير مصر السابق لدى وارسو وسام الاستحقاق برتبة قائد