يعد تكوين الذاكرة عملية معقدة تتطلب عدة عمليات داخل الخلايا العصبية، وهنا يطرح سؤال عما إذا كان ممكنا توارث الذكريات من الآباء إلى الأبناء؟
وفي تكوين الذاكرة تحدث عمليات تحول الخلايا العصبية من حالة ما قبل التعلم (pre-learning)، والتي تتميز بمستويات عالية من الجينات الكابتة للذاكرة إلى حالة تتميز بمستويات عالية من الجينات المعززة للذاكرة.
نشرت دراسة في مجلة نيتشر نيروساينس (Nature Neuroscience) في العام 2014 توضح الطريقة التي تتأثر بها سلوكيات الشخص بخبرات أجداده.
استفادت الدراسة التي أجريت في جامعة إيموري، جورجيا من حب الفئران للكرز وفقا لما وضحته مقالة نشرت في صحيفة الجارديان البريطانية (the Guardian) يوم 17 يونيو/حزيران الحالي.
وقام العلماء في هذه الدراسة بتعريض مجموعة من الفئران أولا لرائحة تشبه رائحة الكرز ثم عرضوّها على الفور لصدمة كهربائية خفيفة. وسرعان ما تعلمت الفئران أن تتجمد تحسبا في كل مرة تشم فيها رائحة الكرز خوفا من الصدمات.
أصبح لدى الفئران مواليد صغار، وتُركت صغارهم لتعيش حياة سعيدة دون صدمات كهربائية ولا رائحة كرز. كبر الصغار وأصبح لهم أبناء (جيل ثالث) وعند هذه النقطة، أجرى العلماء التجربة مرة أخرى.
ووجد العلماء أن الارتباط بين الرائحة الحلوة والصدمة انتقل إلى الجيل الثالث، أي أن الفئران كانت تتجمد تحسبا في كل مرة تشم فيها رائحة الكرز خوفا من الصدمات.
اكتشف الفريق البحثي أن شكل الحمض النووي الموجود في الحيوانات المنوية للفأر الجد قد تغير. أدى هذا بدوره إلى تغيير الطريقة التي تم بها وضع الدائرة العصبية في صغاره وصغارهم، مما أدى إلى إعادة توجيه بعض الخلايا العصبية من الأنف بعيدا عن دوائر المتعة والمكافأة وربطها باللوزة الدماغية، المسؤولة عن الخوف.
من خلال مزيج من التغييرات، تتالي الذكريات المؤلمة عبر الأجيال للتأكد من أن الفئران الصغيرة سوف تكتسب الحكمة التي اكتسبها الأجداد الأوائل بشق الأنفس بأن رائحة الكرز قد تكون لذيذة، ولكنها ترتبط بأشياء سيئة.
التقليدأراد مؤلفو الدراسة استبعاد احتمال أن يكون التعلم عن طريق التقليد قد لعب دورا. فأخذوا بعضا من نسل الفئران وربوهم بعيدا عن آبائهم وأمهاتهم واستخدموا الحيوانات المنوية لبعض هذه الفئران لإنجاب فئران بعيدا عن آبائهم البيولوجيين.
أظهرت النتائج أن الفئران الصغيرة المحتضنة والمولودة عن طريق التلقيح الصناعي لا تزال تتمتع بحساسية متزايدة ودوائر عصبية مختلفة لإدراك تلك الرائحة المعينة.
أراد الباحثون التحقق فيما إذا كان من الممكن عكس هذا التأثير وتجنيب الأحفاد ذكريات الصدمة البيولوجية. فأخذوا الأجداد وأعادوا تعريضهم للرائحة دون أي صدمات مصاحبة. وبعد فترة معينة من تكرار التجربة الخالية من الألم، توقفت الفئران عن الخوف من الرائحة.
ومن الناحية التشريحية، عادت دوائرهم العصبية إلى شكلها الأصلي. والأهم من ذلك، أن الذاكرة المؤلمة لم تعد تنتقل في سلوك وبنية الدماغ للأجيال الجديدة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
العلماء يكشفون الأسرار الوراثية للشاي
الصين – أجرى علماء معهد بحوث الشاي التابع لأكاديمية العلوم الزراعية الصينية وجامعة هواتشونغ الزراعية دراسة للتركيب الجيني للشاي وحددوا مدى تأثير الأحماض الأمينية على طعمه وخصائصه الغذائية.
وتشير مجلة Horticulture Research، إلى أن مذاق أومامي (المذاق اللذيذ) هو أحد المذاقات الخمسة الأساسية إلى جانب الحامض والحلو والمر والمالح. وغالبا ما يوصف بأنه نكهة غنية أو لحمية أو “مرق” تجعل الأطعمة أكثر شهية.
أومامي، هو الذي يمنح الشاي ثرائه وعمقه، وهو ما يميز الأصناف عالية الجودة بشكل خاص.
وقد درس الباحثون وحللوا 339 عينة شاي واكتشفوا أن محتوى الأحماض الأمينية الحرة مثل الثانين فيها مختلف كثيرا. والثيانين مسؤول عن مذاق أومامي في الشاي وهو أكثر وضوحا في الأنواع المزروعة مقارنة بالأنواع البرية.
وبالإضافة إلى ذلك، اكتشف الباحثون أن نوع شاي ألبينو ذو الأوراق البيضاء والصفراء يحتوي على نسبة عالية من الثيانين وأكثر أهمية للصحة، حيث يمنع الالتهابات والسمنة ويبطئ عملية الشيخوخة. كما اكتشفوا أن الجين CsPIF1 يلعب دورا رئيسيا في تنظيم الثيانين، حيث يؤدي كبحه إلى ارتفاع نسبة الثيانين في الشاي.
ووفقا للباحثين، تفتح نتائج دراستهم آفاقا للاستيلاد الانتقائي (التهجين)، ما يسمح بإنتاج أصناف شاي جديدة ذات طعم وخصائص غذائية محسنة.
المصدر: gazeta.ru