مازلت ها هنا، فى منطقة البين بين، تلك التى تجمع بين الوجود وعدمه، ولأنها ملاذ الملاذ، فقد نهرع إليها من فراغ أو حيرة أو إحباط، فنجد بين ضفتيها مرسى أرواحنا، وأمان خوفنا.. هكذا هى الكتابة والإبداع..
دائما ما تنبع نصائح من حولى من تلك النقطة بالتحديد.. افزعى إلى قلمك، فرى إليه، فمعه وبه وإليه يكون الخلاص.
منذ عامين مضيا، عندما ألمت بى صدمة فقدان هزت جنبات روحي، لم أجد سوى الكتابة رفيقًا، ومنقذًا من رغبة فى الانتحار، فرحت أكتب وأكتب، أغلقت بابًا من المواساة لو كنت تركته لما أنجزت شيئا، فأحيانا لا يعى الرفاق أنك بحاجة للاختلاء بنفسك أكثر من عبارات مهدهدة قد تعيدك إلى شعور الفقد الأول ولحظته الأقسى.
هكذا ألقيت جرحى وراء ظهرى ورحت أكتب، أذكر كيف أن دموعا كانت تغرق السطور قبل أن تسودها الكلمات، فكنت أسرع بتجفيفها وأكتب، قبل أن تنهمر أخرى، وعندما فشلت فى الاحتفاظ بالقلم بين إصبعين يرتجفان انفعالا، وجدت فى التسجيل الصوتى حلا فعالا، فكنت أسجل ما أريد كتابته على هاتفى المحمول، يغمر الصوت نشيج ونهنهات ولحظات صمت كنت أقاوم خلالها ألا أتوقف وأعود لحزني، هكذا أنجزت خلال الثلاثة شهور الأولى من عمر حزنى كتابين، أراهما أهم وأقرب ما كتبت، ومنذها أدركت أن فى الكتابة دواءً لآلامي... هكذا أبقتنى الكتابة على قيد الحياة والأمل، فتحققت بى ومعى مقولة بوكوفسكى «الكتابة تبقينا أحياء»..
ترى فهل تفعلها معى اليوم؟
كما أنه ليس دواء كل الأمراض واحدًا، فليست كل الجروح يمكن تخطيها بالوسيلة ذاتها، وعليه أعترف أن الكتابة ما عادت ناجعة الآن، قد تهدئ من بعض الجرح لكنها أبدا لا تشفيه، ولا تخفى أثره، ولا تنسينا لحظات معاناته، خاصة إن كانت تلك الآلام غير معروف مصدرها، ولا مسبب محددا لها، هى من داخلنا، طفت بفعل أحداث وظروف قدرية، قد تكون نتيجة تواترات وتكالب لآلام مضت، ربما...
لكنها على كل حال صارت عصية على أن تمحى بفعل القلم، فلا قصة أو قصيدة أو حتى خاطرة أو مشروع إبداعى ما قادرًا على التغيير من ذلك الشعور الأقسى باللاشيء، الشعور بالاقتراب من نقطة النهاية، دونما حزن، نعم، أنتظرها كما أنتظر حبيبا طال غيابه، وكأنها المخلص الأوحد من كل ما لا أجد له دواء.
فهل تفعلها الصداقة؟
بعيدة أنا عن كل صداقة منذ فترة لا أعلم مداها، وأنا، تلك التى لا تستطيع الحياة بدون صديق يسمع ويعى ويقدر، وحين يتحدث يسبق تفهمه عقله.. فهل افتقادنا لصديق بالجوار يفعل بنا تلك الأفاعيل؟ لا أظن..
معجونة هى الأسباب بشعور الضياع، تاهت بين كثير من تفاصيل الأوجاع، وعليه فقد تاهت معها وسائل الخلاص..
أنتظر الآن لحظة من اثنتين؛ إما خلاصًا أبديًا، أو سكونًا واستسلامًا، حتى لو لم أستطع الوصول لأسباب التوهة، فما عاد البحث عن السبب هدفًا بالنسبة لي.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: نبضات سمية عبدالمنعم
إقرأ أيضاً:
فنانين ينتقدون الكتابة والأعمال المصرية.. هل هي دعوة للإصلاح أم هجوم غير مبرر؟ (تقرير)
لطالما كانت السينما والدراما المصرية مرآة للمجتمع، تعكس همومه وتطرح قضاياه الاجتماعية والسياسية. لكن في السنوات الأخيرة، بدأت أصوات عدد من الفنانين تتصاعد منتقدة بشكل علني ما وصفوه بتراجع مستويات الكتابة والإبداع في هذه الأعمال. هل أصبحت السينما والتلفزيون المصريين مجرد أدوات للترفيه السطحي بعيدًا عن الواقع؟ أم أن هذه الانتقادات مجرد هجوم على الصناعة من قبل فنانين غير راضين عن تحولات السوق؟
ويستعرض جريدة وموقع الفجر عن أبرز تصريحات المشاهير عن الكتابة المصرية
الانتقاد الأول: فشل الكتابة وغياب العمق
أحد أبرز النقاد كان الفنان يحيى الفخراني الذي عبر عن استيائه من "المستوى الأدبي المتراجع" في العديد من الأعمال المصرية. في أكثر من لقاء إعلامي، صرح الفخراني بأن السيناريوهات لم تعد تُكتب بحرفية عالية، ولا يوجد اهتمام حقيقي في تقديم قضايا اجتماعية معقدة. وفي حديثه عن مسلسل "دهشة"، الذي كان من إنتاجه وتمثيله، أكد الفخراني أن الكتابة كانت محورية في نجاحه، بينما في المسلسلات الحديثة، تفتقر الكتابات إلى الإبداع وتُركّز على التكرار.
أحمد عبد العزيز أيضًا أكد في تصريحات صحفية أن "السيناريوهات أصبحت تُكتب بأيدي غير مؤهلة"، موجهًا انتقادًا حادًا للكتّاب الذين يعتمدون على الفكرة السطحية بدلًا من تناول موضوعات تثير تفكير المشاهد، مثل الأعمال التي كانت تُعرض في الثمانينيات والتسعينيات، والتي كانت تتميز بالعمق والرسائل الاجتماعية القوية.
الانتقاد الثاني: سيطرة الكوميديا والتهريج على الدراما
الدراما المصرية، وخاصة في السنوات الأخيرة، باتت تميل بشكل واضح إلى الأعمال الكوميدية السطحية التي تركز على الإثارة والترفيه. وقد كان محمد صبحي من بين أولئك الذين انتقدوا هذا الاتجاه، حيث قال إن غالبية الأعمال التي تُعرض في رمضان أصبحت تعتمد على الضحك الساخر والكوميديا المفرطة، دون التركيز على تقديم رسائل هادفة.
على سبيل المثال، مسلسل "الواد سيد الشحات" الذي قام ببطولته الفنان أحمد فهمي، ورغم تحقيقه نجاحًا جماهيريًا، إلا أن بعض النقاد اعتبروا أن العمل يُشجّع على الهزل والتهريج أكثر من تقديم محتوى ذو قيمة فكرية. هشام سليم تحدث عن تدهور الذوق العام، مشيرًا إلى أن المسلسلات الكوميدية أصبحت تسيطر على الشاشات، مما يحد من تنوع الأفكار والموضوعات المطروحة.
الانتقاد الثالث: غياب الأصالة في السينما المصرية
من بين الأصوات التي اعتبرت أن السينما المصرية فقدت هويتها، نجد الفنان خالد الصاوي، الذي عبّر عن خيبة أمله من غياب القصص الأصلية. في أحد تصريحاته، وصف الصاوي السينما المصرية الحالية بـ "النسخ الضعيفة من الأفلام الغربية"، مؤكدًا أن العديد من الأفلام السينمائية المحلية لم تعد تتمتع بالقدرة على تقديم قصص تحاكي الواقع المصري.
أحد أبرز الأمثلة كان فيلم "حرب كرموز" (2018) الذي كان من بطولة أمير كرارة. الفيلم، رغم نجاحه التجاري، تعرض لانتقادات من البعض بسبب افتقاره إلى الأصالة، حيث اعتُبر "نسخة" غير مبتكرة من أفلام الأكشن الغربية. النقاد أكدوا أن الفيلم اعتمد على مشاهد الأكشن فقط، دون أن يقدم أي محتوى ثقافي أو اجتماعي جديد يعكس واقع الحياة المصرية.
الانتقاد الرابع: الأفلام "التجارية" والابتعاد عن القضايا الجادة
الفنانة ليلى علوي أكدت في أحد اللقاءات الصحفية أن السينما المصرية أصبحت "صناعة ربحية" بحتة، حيث تسعى الأفلام إلى جذب أكبر عدد من الجمهور عبر تقديم "وصفات تجارية" تعتمد على الإثارة والقصص الرومانسية السطحية. علوي أشارت إلى أن غياب الكتابة القوية والمحتوى الهادف أصبح سمة بارزة في معظم الأفلام التي تعرض حاليًا، وهو ما يجعلها تفتقر إلى الجودة.
في هذا السياق، نجد أن العديد من الأفلام الرومانسية التي ظهرت مؤخرًا، مثل "بنت من دار السلام" و"الضيف"، رغم أنها حققت نجاحًا في شباك التذاكر، إلا أنها لم تبرز أي محتوى يتطرق إلى قضايا مجتمعية مؤثرة. الأعمال تركز بشكل أكبر على العلاقات العاطفية، مما يجعلها مجرد أدوات للتسلية بعيدًا عن تقديم رسائل ثقافية واجتماعية.
الانتقاد الخامس: هل الفن المصري فقد رسالته؟
العديد من الفنانين يرون أن الهجوم الذي يوجهونه ليس من باب الانتقاد الفارغ أو التشهير، بل هو دعوة للإصلاح. أحمد عبد العزيز صرح بأن "الغاية من النقد هي الدفع لصناعة الفن في مصر إلى مستوى أعلى"، مؤكدًا أن السينما والدراما يجب أن تكون أداة لتوعية المجتمع، لا مجرد أدوات ترفيه سطحية.
الخاتمة:
إن انتقادات الفنانين للأعمال المصرية ليست مجرد هجوم على الصناعة، بل هي بمثابة دعوة إلى إعادة تقييم الوضع الفني والبحث عن سبل للنهوض بالدراما والسينما المصرية. ربما تكون هذه الاصوات قد لاقت تجاوبًا من بعض المبدعين الذين يسعون لتقديم أعمال جديدة أكثر تعقيدًا وعمقًا، ولكن في النهاية، يبقى السؤال: هل سيظل الفن المصري مجرد ساحة للإنتاج التجاري الرخيص، أم أن هناك فرصة حقيقي