استقبل متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عوده النائب غسان حاصباني الذي قال بعد الزيارة: "تشرفت اليوم بزيارة سيدنا المتروبوليت الياس الجزيل الاحترام، وكالعادة قمنا بجولة كاملة على مواضيع عديدة. من المهم اليوم أن نتذكر أننا في بلد يحترم شعبه الحريات، يحترم الأفكار الإنفتاحية على بعضه البعض، يحترم الحياة أولا وحياة الإنسان".



اضاف: "اليوم نرى أكثر فأكثر أن حياة الإنسان، إن كان بمعيشته اليومية وإن كان بأمنه هي مهددة على عدة مستويات، إن كان على مستوى الأمن المحلي على الأرض الذي نريد أن نحافظ عليه ضمن القانون وأن تطبق القوانين على الأرض خاصة من قبل كل من يخالف هذه القوانين لبنانيا كان أو غير لبناني على الأراضي اللبنانية وأن نضبط هذا الوضع بشكل متكامل في كل المناطق لأن هذا أساسي جدا لأمن المواطن وسلامته في كل الأحياء".

وتابع: "أيضا أمن لبنان مهدد على المستوى الكبير، لبنان يهدد اليوم بحرب أن تتوسع، وتوسع هذه الحرب سيؤثر على المستوى الإنساني والاجتماعي والاقتصادي والسياسي أيضا. اليوم هناك من يجر لبنان إلى مواجهات وكل من حاول التهدئة أو خلق جوا من الاستقرار هناك من يهب ويطلق التهديدات ويصعد المواقف لضرب هذا الاستقرار ولجر لبنان إلى عزلة أكبر وإلى انهيار أكبر".

وقال: "من جهة أخرى هناك من يعطل الاستحقاقات الدستورية ويعطل الديمقراطية بمنعها من الحصول في أوقاتها، وكما هي موصوفة في الدستور. الانتخابات الرئاسية اليوم ليست تفصيلا وما يتم الحديث عنه ليس تفصيلا، فالأساس هو الديمقراطية، الأساس هو التصويت لرئيس جمهورية من قبل نواب الأمة في مجلس النواب. كل شيء آخر هو بديل وقد يحدث أعرافا تخرج عن هذا الدستور، وهذا خطر كبير على كيان لبنان ومستقبله".

أضاف: "كلما وقعنا بأزمة سياسية، بدل اللجوء إلى الدستور، إلى الكتاب الأساسي الذي توافق عليه كل اللبنانيين، هناك من يطلب أن نذهب إلى مكان آخر ويحور الأمور وكأنها الأساس بينما هي ليست الأساس. ما يتم الكلام عنه خلافا للدستور هو أمر قد يؤسس لأعراف تزيد من احتمالات الانهيارات الأكبر في المستقبل".

وتابع: "كي لا ننسى، كل ما حصل من أعراف، أو نوع من طاولات حوار منذ العام 2005 حتى اليوم، أدت إلى تأسيس أعراف، بنيت تدريجيا خطوة خطوة إلى أن أوصلتنا إلى الانهيار الذي نحن فيه والتفكك الحاصل في الدولة. إذا التجربة أوضحت أنها لا تؤسس إلى حال أفضل بل تؤسس إلى حال أسوأ كلما خرجنا عن الدستور واختلقنا أعرافا رديفة له".

واردف: "لذلك، من المهم جدا أولا أن يحترم لبنان استحقاقاته ودستوره، وأن يكون دائما هناك تشاور بين القوى السياسية وفاعليات البلد ولكن التشاور يبقى في النطاق السياسي ولا يخرج عن الدستور ونبقى محترمين للدستور وأن تجري الاستحقاقات في وقتها وبالطريقة التي يجب أن تكون".

وختم: "أما التهديد الذي يطلق من الأراضي اللبنانية لدول صديقة ولدول لم تقدم للبنان إلا ما فيه الخير والأمان والدعم والصداقات، فهذا أيضا يضيف إلى عزلة لبنان وإلى احتمال تفكك ما تبقى من الدولة بلبنان وإلى هجرة أكبر وإلى ضغط اقتصادي واجتماعي أكبر ويجرنا إلى حروب أكبر. لبنان لم يعد يتحمل أيا منها ولا يمكنه أن يحمل قضايا أكبر من قدراته وأهم وليس هناك قضية اليوم للشعب اللبناني أهم من معيشته، من حياته واستقراره ومن أمنه".

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

الدستور الاسلامي لماذا؟

ظللنا حيناً من الدهر نتصالح، نتهاوش ونتخاصم علي مسميات دون الإلتفات إلي جوهر الموضوع أو الإهتمام بما يراد تحقيقه من المسودة المعنيين نحن المواطنيين بتصميمها. ما يزيد الأمر لبساً أن هؤلاء المختصين (أو هكذا يسمون انفسهم) عندما يدعوا للتكلم في شأن الدستور لا يكادون يميزون بين الدولة ما قبل الحداثة والدولة ما بعدها. إن العناية بدولة ما قبل الحداثة هو شأن فئة من أصحاب التمييز الديني، العرقي أو القبلي، أما دولة ما بعد الحداثة فإدراتها ووضع التصورات لها هو شان كآفة المواطنيين دونما أدني تمييز من لون أوعرق أو جاه. بهذا تكون مهمة الدستور في العصر الحديث قد تحددت في إطار الإحكام الإقتصادي والسياسي لإمكانية الإنتقال الإنتولوجي من كوننا جماعة مؤمنين إلي كوننا دولة مواطنين. فالدستور يلزم الحاكم بإتخاذ مسافة متساوية من الكل وينحسر دوره في تعريف الحقوق والواجبات.

لعل المسلمون يواجهون أزمة نفسية حادة في التأقلم مع هذا الواقع لأنهم إعتادوا علي التواصل بالمعني الإجرائي ولم يتعرفوا علي التداول بالمعني القيمي، فقد كانت هنالك دوماً سلطة عليا (تبلورت في شكل الأرستقراطية القرشية بشقيها الأموي أو العباسي) تعمل علي إنزال مراسيم فقهية -- سميت من بعد "شريعة إسلامية - - هي أشبه بالقوانين العسكرية التي سنت لتقييد حركة المجتمع وتقنين أفواه المعارضين. هؤلاء المعارضين كان أكثرهم من الأقليات الأثنية (الديلم، الترك، الموالي، إلي آخره) والمجموعات الدينية المضطهدة مثل الرافضة، المعتزلة والخوارج. فلا عجب أن قد إنزوت المفاهيم الليبرالية نتيجة الصدفة التاريخية التي هيئت للتيار السلفي الإنتصار ممتطياً جواد السلطة السياسية القاهرة. فنحن عندما نتكلم اليوم عن "الشريعة الإسلامية " ننسي أنها خياراً ايدولوجياً لفئة معينة من الناس تسني لها الإنتصار العسكري علي حساب التيارات الأخري علي حين غفلة من الدهر بل علي حساب العدل كقيمة سماوية عليا. فهل يستمر الترويج لهذه الأيدولوجية علي اساس إنها الإسلام أم أن من واجبنا تفكيك هذا الإرث وإعادة تركيبه بحيث يستوعب التجربة الإنسانية الثرة التي توفرت للبشرية في ظل القرون السبعة الماضية؟ لقد تعطلنا عن اللحاق بالركب الإنساني بسبب تمسكنا بالعقل الكانتي (Kantian)، ذاك الذي له مقدرة علي التعرف علي الحقيقة المطلقة، ويلزمنا الإنتقال إلي مرحلة العقل الهابرماسي (Habermassian) الذي هو عبارة عن منتوج ثقافي وإجتماعي. يمكننا وقتها تفعيل منظومتنا القيمية (التي تشمل الإسلام ولا تختصر عليه) من خلال التدافع وليست التعسف الذي فصل هذه المنظومة عن الحياة اليومية.

إن أكثر الناس تزمتاً ورفضاً للعلمانية إنما يعيشون واقعاً حياتياً منفصلاً عن قيمهم الروحية ليست لأنهم منافقين يرفضون قيم الحق، إنما لأنهم بتحجرهم قد ضيقوا وعاءاً كاد أن يتسع حتي يشمل كل مناحي الحياة. فمن العلماني يا تري في هذه الحالة، ذاك الذي ينافح لتفعيل المنظومة القيمية متسلحاً بما توفر للإنسانية من أدوات مفاهيمية، أم ذاك المتبلد الذي قنع بما بلغه من مفاهيم تبلورت في القرون الوسطي فظل يروج لنظم البيع علي انها إقتصاد، وأساليب الحوار القبلي علي أنها شوري، والغلبة علي أنها سياسة؟ بل، لقد بلغ الصلف ببعضهم أن إستعذبوا شعار "تطبيق الشريعة" مبرراً للقمع، الظلم وهضم الأقليات حقها. إن الشيعة مثلاً، الذين يعيشون في إيران تتوفر لهم حقوقاً لا تتوفر لذويهم في السعودية، كما أن السنة الذين يعيشون في السعودية تتوفر لهم حقوقاً لا تتوفر لآقرانهم في إيران. فليست العبرة بالمسميات، إنما بالممارسات التي تختلف عبر الزمان والمكان بإختلاف منتسبيها.

أنظر تركيا علي ايام اتاتورك وتركيا اليوم، هو ذات الدستور العلماني لكنه فسر تفسيراً مختلفاً يتمشي مع مقتضيات الواقع المتبدل. انظر افغانستان علي ايام طالبان وافغانستان اليوم، هو ذات الدستور الإسلامي لكنه الأن يهيئ لإعطاء المرآة حقها ويقدر لها جهدها كقوة فاعلة تمثل اكثر من 50% من الطاقة العاملة. كيف بهم يحظرون علي المرأة الإنتخاب وهي تفلح أكثر من 60% من الأرض ولا تملك أكثر من 4%؟ هل تنتهج مثل هذه الشريعة تمشياً مع الاهواء ام أنها شرعة رب العالمين؟ أين الغيرة من حال النساء اللائي ما زلن يقمن لمدة تجاوزت ال7 سنوات في صحراء هي شرق تشاد وغرب دارفور؟ هل نسيتم قول النبي (صلي): "المسلمات بناتي"؟ كيف إرتضيتم لبناته هذه المهانة؟ هل الشريعة هي اداة المركز لتطويع الهامش دينياً أم انها الوسيلة لتضمين الهدي القراني؟

ان البشرية قد إنعتقت من الخرافة وأنه ما من بشر سيقبل الترويج لمثل هذا السخف هذا علي أنه دين؟ والسؤال هل هنالك حقاً "شريعة" يمكن اسقاطها علي المجتمعات أم أن هنالك شرعة فُرضت لتحقيق العدل الذي هو نسبي يختلف بإختلاف المجتمعات وحاجتها للكفاية (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا) صدق الله العظيم. إن مجتمعاتنا قد عانت بما فيه الكفاية من هذه الإطروحات الخطيرة والشائهة التي لم تعني بأمر التكافل قدر ما عنيت بامر الإستبداد، بل انني اذهب لابعد من ذلك فأقول أن فكرة الإسلام السياسي هي في حد ذاتها فكرة متوهمة، هي عبارة عن أزمة نفسية عاشتها النخبة نتيجة تعاملها غير المنهجي مع الحداثة، ومن قبلها إدراج الإستعمار "للمنظومة الفقهية" الذي إقتضي إعتماد القوننة كوسيلة للحد من حركة المجتمع ووأد ديناميته. (راجع مقالي عن "الصنم والصنمية، هل اصبحت الشريعة هي العجل الذي اتخذه المسلمون الهاً من دون الله في القرن الواحد وعشرين؟").

يكفي من اللغو مذكرة الإسلاميين الأخيرة هذه والتي كانت بمثابة النعي لهذا المشروع لما فيها من ضبابية اخلاقية وفكرية، بل بؤس مفاهيمي ولغوي. يجرؤ احدهم فيتكلم عن انجازات الانقاذ، وأنا أعجب اي إنجاز يمكن ان يصمد في مواجهة المخازي /المآسي التي إرتكبها هؤلاء؟ إذا كانت الإنجازات يمكن أن تثبت لهولاء (بعد ان تسببوا في قتل 2.5 مليون مواطن وتشريد اخرين) فحريُّ بهتلر أن يدخل التاريخ من انصع ابوابه فإنه كاد ان يوجد بديلاً للطاقة يغني البشرية عن هيمنة رأس المال اليهودي.

لقد إستهدف نظام الإنقاذ العروبة يوم ان رفد 3000 ضابطاً جلهم من السودان الشمالي النيل وسطي، صحيح أنه إستبدلهم باخرين، لكنهم مؤدلجين غير قوميين (ولم يستدع منهم غير فاشلاً واحداً من أبناء الألهة دخل الي الكلية بغير أهلية وبغير شهادة ثانوية). كما استهدف نظام الإنقاذ العرب يوم ان رفد 12000 صف ضابطا ًجلهم من البقارة (مسيرية، رزيقات، حوازمة، زيادية، الي آخره). عن اي العرب إذن يتكلم هؤلاء؟ هل هنالك عرب غير العدنانيين الذين قطنوا الوادي، او القحطانيين الذين قطنوا الصحراء؟ أما مقولتهم (لأمراء الخليج) أعينونا لأن نهايتنا هي نهاية التواجد العربي الإسلامي في البلاد، فمردودة بل هو ممحوقة لأنهم يتبعون فيها منطقاً معكوساً. إذ ان بقائهم كل يوم فيه إنتقاصاً لقدر الرسالة، إشانة في حق المرسل، ومذمة في حق المرسل إليه. إذا كانت الرسالة رحمة، والمرسِل رحمان، والمرسَل رحيم، فإن أي من هاتيك الصفات اصاب السودانيين من بين العالمين؟

مقالة كُتبت عام 2012 عندما أثير اللغط حول موضوع الدستور الإسلامي، ولا زالت ذات صلة لواقع اليوم!

auwaab@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • اللي هيجاوب يبقى شاطر..حمادة هلال يسخر من مسابقات المسلسلات والبرامج
  • البنتاغون: حملة ترامب على الحوثيين تستهدف مجموعة أكبر من الأهداف
  • طوني فرنجية في ذكرى كمال جنبلاط: ألف تحيّة لوليد جنبلاط الذي يلعب اليوم دور صمّام الأمان
  • معدل التضخم يبقى عند 2% بسبب ارتفاع الإيجارات
  • ما الذي تفتقده صحافتنا اليوم؟
  • الدستور الاسلامي لماذا؟
  • أكبر خرق إسرائيلي لاتفاق وقف إطلاق النار: قوة مشاة في عديسة رغم انتشار الجيش
  • إعادة محاكمة متهم بقضية خلية الوراق الإرهابية اليوم
  • إفطار المطرية اليوم.. تفاصيل أكبر مائدة رمضانية بالوطن العربي بحضور 100 ألف صائم|فيديو وصور
  • اللهم امنحني نورك الذي يضيء لي الطريق.. دعاء اليوم 15 رمضان 2025