العصر الجاهلي أم عصر ما قبل الإسلام
تاريخ النشر: 21st, June 2024 GMT
#العصر_الجاهلي أم عصر ما قبل الإسلام
أ.د. #خليل_الرفوع
أستاذ الأدب العربي. الجامعة القاسمية
المصطلح العلمي حقيقة ومجازًا هو الذي استقرت عليه الدلالة في الدراسات الحديثة، وهو: العصر الجاهلي، ولم يطلق اسم الجاهلية في العصر نفسه بل أُطلِق فيما بعد، وليس المقصود بالجهل هنا عدم المعرفة؛ فقد كان العربُ أهل حضارة ومعرفة وأدب والشواهد التاريخية والشعرية والقرآنية كثيرة، لكن الدلالة هي الجهل الديني أي لم يكونوا على دين واحد صحيح في زمن تعددت فيه الديانات في بلاد العرب، فجاء الوصف القرآني لسلوك اجتماعي عربي قبل الإسلام: (ولا تبرجْنَ تبرج الجاهلية الأولى).
والمعنى الآخر هو الظلم والعدون، وقد كان أكثرهم كذلك فلم تكن هناك حكومة تسوس العرب جميعا بل كانت الأعراف القبيلة هي السائدة آنذاك حتى في ممالك اليمن القديمة المتحضرة، ومناذرة العراق وغساسنة بلاد الشام، وفي ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي ذر مؤدبًا حينما عيّر عبدًا بأمه :(إنك امرؤ فيك جاهلية) أي ظلم الجاهلية وعدوانها على الرغم من أنه صحابي يتقن القراءة والكتابة والمعرفة الدينية، وفي هذه الدلالة يقول الشاعر الجاهلي عمرو بن كلثوم :
ألا لا يجْهَلن أحد علينا
فنجهلَ فوق جهل الجاهلينا
فهو يفتخر بأنه سيجهل إن جُهِل عليه أي إن اُعتدي عليه فالدلالة الشعرية والقرآنية واضحة جلية، فالعصر الجاهلي هو العصر الذي سبق الإسلام بمئتي عام تقريبًا إلى مائة وخمسين، ويطلق عليها الجاهلية المتأخرة؛ وقد عاش فيه الشعراء الفحول مثل: امرئ القيس وعنترة ولبيد والنابغة والخنساء …. وهو أفضل عصر من حيث الشعر والبيان والبلاغة وتأسيس البناء اللغوي، لذا تنزّل القرآن فيه ولم يتنزل في غيره من العصور؛ ولا يطلق عليه مصطلح: عصر ما قبل الإسلام؛ لأننا لا نعرف متى بدأ الإسلام، هل بالبعثة أم بالهجرة أم باكتمال نزول القرآن أم باكتمال بناء الدولة الإسلامية على يدي عمر بن الخطاب رضي الله عنه خاصة أن أكثر العرب في الجزيرة والعراق وبلاد الشام لم يسلموا إلا بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم بزمن، ولم يتمكن الدين من قلوبهم، وقد استمر بعض العرب على جاهليتهم زمن الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين وعصر بني أمية وربما إلى زمننا بالمفهوم اللغوي والقرآني. وفي الدراسات الإنسانية المعاصرة أطلق مصطلح العصر الجاهلي على ما قبل العصور الإسلامية من أجل دراستة منفصلا عن العصور اللاحقة وهي: صدر الإسلام والأموي والعباسي والفاطمي والأيوبي والمملوكي والعثماني …..
وبعْدُ
فإن إطلاق مصطلح العصر الجاهلي على الحقبة التي سبقت الإسلام ليست إلا تسمية تعريفية تحديدية تميزية عما قبلها من عصور وعما بعدها.وليست متاضدة مع مفهومي المعرفة والحضارة.
مقالات ذات صلة حرب غزة التي غيرت مسار التاريخ 2024/06/19
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: قبل الإسلام ما قبل
إقرأ أيضاً:
أستاذ تفسير: القرآن أمرنا بإجراء "fake check" للأخبار لمنع الشائعات
أكدت الدكتورة هبة عوف، أستاذ التفسير بجامعة الأزهر الشريف، أن الإسلام حثنا على ضرورة التحقق من الأخبار قبل نشرها، واصفة ذلك بأنه مبدأ أساسي لحماية المجتمع من الشائعات والمعلومات المغلوطة، وأن الإسلام أمرنا بأن نعمل ما يشبه عملية "fake check" أي التحقق والتثبت من صحة الأخبار قبل أن نشاركها مع الآخرين، حتى لا نكون سببًا في نشر الفتنة أو الضرر.
أوضحت أستاذ التفسير بجامعة الأزهر الشريف، خلال تصريحات لها، أن القرآن تحدث عن الأخبار الكاذبة والافتراء الذي يضر بالمجتمع، لافتة إلى أن القرآن الكريم يحتوي على توجيهات هامة في هذا الشأن، حيث يقول الله تعالى في سورة النور، في الآية 11: "إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ..."، وهذه الآية تبرز ضرورة التحقق من صحة الأخبار وعدم الانسياق وراء الشائعات، خاصة تلك التي قد تضر بالأفراد والمجتمع.
وشددت: "نحن في عصر سريع الانتشار، حيث يمكن لأي خبر أن ينتشر في ثوانٍ عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لذا يجب علينا أن نتحلى بالمسؤولية قبل نشر أي معلومة، الإسلام يدعونا دائمًا إلى أن نكون حذرين في تداول الأخبار وأن نتأكد من حقيقتها، حتى لا نساهم في نشر الفتن أو التشويش على الآخرين، وقبل نشر أي خبر على وسائل التواصل الاجتماعي، يجب علينا التأكد من مصدره ومن صحة المعلومات الواردة فيه، لمنع انتشار الشائعات والأكاذيب التي قد تضر بالمجتمع."
وأضافت أن الشائعات تمثل تهديدًا للسلام الاجتماعي، وأن التثبت من المعلومات هو الأساس في الإسلام، وهذا ما علمنا إياه القرآن الكريم في الآية 6 من سورة الحجرات: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا..."، لافتة إلى أن هذه الآية تُظهر كيف يجب على المسلم أن يتعامل مع الأخبار المشكوك فيها وأن يتأكد من مصداقية مصدرها قبل اتخاذ أي خطوة في نشرها.
وقالت إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت"، مما يعكس أهمية التحلي بالحكمة وعدم التسرع في نشر الأخبار أو التفاعل معها ما لم نتأكد من صحتها، ومبدأً هامًا في حياتنا اليومية للتعامل مع الأخبار والشائعات.
كما أوضحت كيف تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع الشائعات فى حادثة الإفك التي تعرضت لها السيدة عائشة رضي الله عنها، حيث انتشرت شائعة كاذبة حولها، وأشارت إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتسرع في الحكم على هذه الشائعة بل تم التثبت منها في النهاية من خلال نزول الوحي الذي كشف براءتها، وهذا يُظهر أهمية الصبر وعدم التسرع في الحكم، وهو ما يجب أن يفعله المسلم في التعامل مع الشائعات.