خطبتا الجمعة بالحرمين: من تقرّب بالحج للرحمن فليتقرب بالطاعات في كل مكان وزمان.. وذكر الله حياة للقلوب
تاريخ النشر: 21st, June 2024 GMT
ألقى الشيخ الدكتور ياسر بن راشد الدوسري خطبة الجمعة بالمسجد الحرام اليوم، وافتتحها بتوصية المسلمين بتقوى الله عز وجل؛ فإنَّ تقواه أفضل زادٍ، وأحسن عاقبة ليومِ المَعادِ، فاتَّقوا الله في كلِّ حينٍ، وتذكَّرُوا قولَ الحقِّ في كتابِه المبينِ: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّه مِنَ المُتَّقِينَ}.
وقال فضيلته: لقدِ انقضَى موسمٌ مِنْ أشرفِ مواسمِ أهل الإسلام، وانتهتْ أيام الحجِّ وشعائرِه العظامِ، وعاشَ الحجاجُ معَهَا أفضلَ الأيامِ، فوقفُوا في المشاعرِ بخضوعٍ واستسلامٍ، ورفعُوا الأكفَّ سائلينَ ربَّ الأنامِ، وتَطَهَّروا مِنَ الذنوبِ والآثامِ، فَهَنِيئًا لهُمْ علَى التمامِ، وهَنِيئًا لهُمْ مَا آتاهُمُ الله مِنَ الفضلِ والإنعامِ، {قُل بِفَضلِ اللَّه وَبِرَحمَتِه فَبِذَلِكَ فَليَفرَحُوا هُو خَيرٌ مّمَّا يَجمَعُونَ}.
ودعا فضيلته إلى شكر الله على نعمه وإمدادهُ، فالشكرُ له مؤذنٌ بالزيادةِ، وبذلكَ تحققُونَ مقصَدًا مِنْ مقاصدِ الحجِّ والعبادةِ، قالَ تعالَى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}.
وخاطب حجاج بيت الله الحرام بالقول: هَا أنتُم يا حجاجَ بيتِ الله قدِ استفتَحتُمْ حياتَكُم بصفحة بيضاء، ورجعتُم بعدَ حَجِّكُم بثيابِ الطُّهرِ والنقَاءِ، فأَرُوا الله مِنْ أنفسِكُم خَيرًا، وَاعزِمُوا على المُحافظة على الطاعاتِ مَا بَقِيتُم، والبعدِ عنِ المعاصِي مَا حَيِيتُم، وحافِظُوا على مَا اكتسبْتُم وَجنيْتُم، وإياكُم مِنْ هَدْمِ مَا شَيَّدْتُم وبَنيْتُم {وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّة أَنْكَاثًا}.
وأوضح الدكتور الدوسري أن أمارة الحجِّ المبرورِ ومنارة قَبولِهِ إيقاعُ الحسنة بعدَ الحسنةِ، والمداومة على ذلكَ، قالَ تعالَى: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ}، وهكذَا حالُ المؤمنِ كُلَّمَا فَرَغَ مِنْ عبادة أعقبَها بعبادة أخرَى، فلله دَرُّ أقوَامٍ أعيادُهُم قَبُولُ الأعمال، ومُرَادُهُم أشرفُ الآمالِ، وأحوالُهُم تَجْرِي على كَمَالٍ.
وبين أن مَنْ لبَّى في الحجِّ للرحمنِ فليُلبِّ بالطاعاتِ في كلِّ مكانٍ وزمانٍ، ومَنِ امتنعَ في حَجِّه عنْ محظوراتِ الإحرامِ فليعلمْ أنَّ هناكَ محظوراتٍ على الدوامِ، فليحذرْ مِنْ خطواتِ الشيطانِ، ولا يقتربْ مِنْ حِمَى الرَّحمنِ، قالَ صلَّى الله عليه وسلَّمَ: «أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا وَإِنَّ حِمَى الله مَحَارِمُهُ». متفقٌ عليه.
وأكد إمام وخطيب المسجد الحرام أن مِنْ توفيقِ الله تعالَى أنْ يعودَ الحاجُّ بعدَ الحجِّ بالتوحيدِ الخالصِ، وقدْ صَلَحَ قَلبُهُ، وازدادَ إيمانُهُ، واستقامَ حالُهُ، وحسُن خُلُقه، وقَوِي يقينُهُ، وزادَ وَرَعُه.. سُئِل الحسنُ البصري رحمَه الله تعالَى: ما الحجُّ المبرورُ؟ قالَ: أنْ تعودَ زاهدًا في الدنيا، راغبًا في الآخرةِ.
وختم الدكتور ياسر الدوسري بالقول: ما يجري اليوم من اختصارٍ للخطبة وتخفيف للصلاة يأتي مراعاة للزحام وحرارة الأجواء وتيسيرًا على المصلين، وجزى الله ولاة أَمرِنَا في هذه الدولة المباركة على جهودِهِم العظيمة المعهودةِ، وأعمالهِم الجليلة المشهودةِ، التي أثمرتْ بتوفيقِ الله نجاحًا عظيمًا لموسمِ الحجِّ في هذا العامِ وفي كلِّ عامٍ، وإنَّ خدمة الحرمينِ الشريفينِ وقاصديهِمَا مِنَ الحُجاجِ والمعتمرينَ والزوّارِ ممَّا امتازتْ به المملكة العربية السعودية منذُ تأسيسها، فجزاهُم الله عنَّا وعنكُم وعنِ الإسلام والمسلمينَ مِنَ الأجرِ أعظمه ومِنَ الثوابِ أجزلهُ، وجعلَ ذلكَ في ميزانِ حسناتِهِم.
* وفي المدينة المنورة تحدث فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور خالد المهنا عن فضل ذكر الله، وأهميته في الكتاب والسنة، مبينًا أن المداومة على ذكر الله وتسبيحه وحمده دليل على تعظيم الله ومحبته وخشيته ورجائه وابتغاء مرضاته ومغفرته.
وقال الشيخ خالد المهنا في خطبة الجمعة اليوم إن ذكر الله سبحانه هو أفضل الطاعات، وأشرف القربات، ومقصد العبادات، وهو الذي من أجله شرعت الشعائر، كما قال عليه الصلاة والسلام: “إنما جُعل الطوافُ بالبيتِ وبين الصفا والمروة ورمي الجِمار لإقامة ذكر الله”، أي ليذكُر العباد ربهم، بقلوبهم عكوفًا على تعظيمه ومحبته وخوفه ورجائه، وبألسنتهم لهجًا بحمده وتكبيره وتهليله وتسبيحه، وبجوارحهم عملاً بطاعته، وسعيًا في مراضيه، فلذلك كان ذكره جلّ جلاله أكبر من كل شيء.
وأوضح إمام وخطيب المسجد النبوي أن ذكر الله حياة القلوب ونعيمها وقوّتها، وهو قوتُها وغذاؤها، وهو حياة الروح، وروح الحياة، ودليل الإيمان، وإن الإيمان لما كان قولاً باللسان، وإخلاصًا بالقلب وعملاً بالجوارح كان ذكر الله تعالى ترجمانًا له ودليلًا عليه، ولأجل ذلك جاء الذكر في كتاب الله وسنة نبيه مرادًا به مفهومًا واسعًا يعم اللسان والقلب والجوارح.
وبيّن الشيخ خالد المهنا أن ذكر الله تعالى باللسان يشمل تلاوة القرآن في الصلاة وخارجها، والأذكار المشروعة في الصلاة وبعد الفراغ منها، وما أمر به النبي – صلى الله عليه وسلم – وعلمه وفعله من الأذكار والأدعية المأثورة من عمل اليوم والليلة، ويتناول كل ما عظّم العبد به ربه، وأثنى عليه به من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير، ويدخل فيه الدعاء، وأجلُّه الاستغفار.
وتابع فضيلته، مذكرًا بما أعده الله للذاكرين الله كثيرًا والذاكرات من المغفرة والأجر العظيم، وما وعدهم به سبحانه من النصر والفلاح والحفظ، وحطّ الأوزار والخطيئات، ورفعة الدرجات وتكفير السيئات.. مبينًا أن ذكر الله تعالى دأب عليه سادة العارفين بربهم من الأنبياء والمرسلين والصديقين، وأولي الألباب الصالحين، فقد كان قدوة المؤمنين وإمام المتقين، لا يفتر عن ذكر الله تعالى في كل أوقاته كما أخبرت بذلك أمنا الصديقة السيدة عائشة بنت الصديق – رضي الله عنهما – ولذلك أرشد عليه الصلاة والسلام من قال له: يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثُرت علي فمُرني بأمر أتشبثُ به، إذ أرشده بقوله: “لا يزال لسانك رطبًا من ذكر الله”.
وأضاف: إن العبد متى ذكرَ ربه بلسانهِ فهو على خير، ومتى اجتمع له مع حركة اللسان حضور القلب فتواطأ القلب واللسان على الذكر كان الخير أعظم والفضل أتمّ، إذ يتفكر العبد في معاني ما يلهج به لسانه من ذكر الله، ويتدبر بفؤاده مقاصد تلك الأذكار من تعظيم الله سبحانه وتوحيده، وإخلاص الدين له في عبادته واستعانته، ويتفكر في ملكوت السموات والأرض وما خلق الله من شيء، وما أودع في خلقه من دلائل عظمته وقدرته وقوته ورحمته، وذلكم هو السبيل القويم، والمنهج الواضح الذي يسلك بالعبد إلى ذوق ثمار الذكر اليانعة، ويظفره بنتائجه النافعة، التامة الكاملة، من نيل كريم الأجر، وانشراح الصدر، وتحصيل محبة الله وتعظيمه ومحبته وخوفه ورجائه، فإن من علامة المحب لله المعظم له عز وجل دوامه على ذكر ربه بقلبه ولسانه، وقل ما ولع المرء بذكر الله بلسانه وقلبه إلا أفاد منه حب الله عز وجل.
واختتم فضيلته الخطبة مبينًا أن ليس للقلوب طمأنينة ولا سكينةٌ، ولا راحة ولا قرار، إلا بكثرة ذكر الله في الغيب والشهادة، والسرّ والجهر، فالقلوب إنما خلقت لذكر الله، فلا تحيا إلا به، ولا تثبت على الإيمان إلا به، فهو الفرقان بين أهل النفاق وأهل الإيمان.
المصدر: صحيفة الجزيرة
كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية ذکر الله تعالى تعال ى ى الله الله م
إقرأ أيضاً:
صنعاء.. أمسية بمديرية جحانة بذكرى استشهاد الإمام علي عليه السلام
يمانيون/ صنعاء نظمت السلطة المحلية بمديرية جحانة بالتنسيق مع التعبئة العامة، أمسية مركزية بمناسبة ذكرى استشهاد الإمام علي عليه السلام ، تحت شعار ” فزت ورب الكعبة “.
وخلال الأمسية أشار مسؤول قطاع التعليم الفني والتدريب المهني بالمحافظة عزيز الرجالي، إلى أهمية إحياء هذه المناسبة الدينية العظيمة لتجسيد الانتماء الإيماني الحقيقي بالله ورسوله وآل بيته الأطهار.
ورحب بالحاضرين من العلماء وأعضاء السلطة المحلية والمكاتب التنفيذية، داعيا الجميع الى التحشيد للدورات الصيفية، والحضور المشرف والمشاركة الواسعة في يوم القدس العالمي الجمعة القادمة.
بدورهم استعرض أمين عام رابطة علماء اليمن العلامة طه الحاضري وعضوا الرابطة العلامة فؤاد ناجي والعلامة خالد موسى، فضائل الإمام علي عليه السلام ومناقبه في مسيرة حياته الجهادية ضد قوى الكفر والشرك والنفاق.
وحثوا على اغتنام ما تبقى من أيام الشهر الكريم في أعمال البر والتقرب من الله سبحانه وتعالى وتجسيد مبدأ التكافل والتراحم وملامسة هموم وحياة المستضعفين من الناس .
وأوضحوا أن استشهاد الإمام علي عليه السلام حادثة مؤلمة على الأمة ومنعطف خطير في مسار الإسلام الأصيل لازالت تداعياته الى اليوم.
وتطرقوا إلى أهمية المشاركة الفاعلة في مسيرة يوم القدس العالمي لهذا العام لا سيما في ظل التحديات التي تعيشها الأمة مع استمرار العدوان على قطاع غزة وكل الأراضي الفلسطينية المحتلة بدعم أمريكي مباشر، مؤكدين أهمية الاحتفاء بهذه الذكرى بهدف إحياء القضية المركزية في اوساط الأمة وتجديد التحذير من الخطر اليهودي الذي نبهنا الله منه في كتابه الكريم، و حذرنا منهم رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
ولفت العلامة الحاضري و ناجي وموسى، إلى أن الحاضر اليوم من جرائم الصهاينة اليهود في قطاع غزة وجنوب لبنان وسوريا هو الشاهد على خطورة اليهود تجاه الإسلام.. مؤكدين أن الموقف اليمني، هو الموقف الإيماني الصحيح والشجاع المساند الشعب الفلسطيني.
حضر الأمسية مسؤول التعبئة بالمديرية صالح الحصني ومدير أمن المديرية العقيد عماد الفقية.
تخلل الفعالية قصيدة شعرية في حب الامام علي للشاعر محمد طلة.