احتمالات تغيير عميق في الشرق الأوسط
تاريخ النشر: 21st, June 2024 GMT
نضع هذا الكلام تحت باب التخمينات ونسنده على مشاهد كثيرة من مصادر مختلفة حتى لا نزعم خبرة استراتيجية مما نسمع في التلفازات. كلام كثير عن توسع رقعة النزاع من غزة إلى الشرق الأوسط، حتى أننا نلتقط لأول مرة في التاريخ تخوفات أمريكية. الجميع خائفون، ولكن لا أحد يبدو في وارد معالجة المشكل الأساسي وهو الحرب على غزة، مما يقلل من صدق المخاوف ويفتح الباب على ظن أن إرادة ما خارج غزة تريد توسيع الحرب لكنها تتخير توقيتها وتستعد.
غزة هشمت الكيان فمن سيدخل الحرب؟
لا نحتاج تمجيد المقاومة وأثرها على العدو في تسعة شهور من المواجهة، فانهياره مُشاهد من قبل أصدقائه قبل أعدائه. بحسب ميزان القوة العسكرية فإن المقدمات المبنية على فارق التسليح انهارت وثبت المقاتل المؤمن بقضيته، ولم نتوقع انهيار الجبهة الداخلية للعدو بهذه السرعة، لم نره يتسول المدد فيُمنّ عليه ولا تستجيب مصانعه لتزويد جيشه. المركز العسكري المتقدم في المنطقة لم يصمد لغزة فكيف سيكون مرتكزا لحرب أشمل؟ نجمع معلومات كثيرة عن جهود إنقاذ ما تبقى منه على أمل استعادة دوره ما قبل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر. هل يمكن ترميم الكيان بعد غزة الطوفان؟
هُدمت مباني غزة واستقام حال الإنسان فيها، بينما نجت مباني الكيان ولكن انهار الإنسان فيه، وهذه علامة عجز عن القيام بدور عُهد إلى الكيان القيام به في المنطقة منذ تأسيسه. بمن ستتسع رقعة الحرب؟ هل تكفي حاملات الطائرات والقصف السجادي؟
سيكون من المبكر وضع جواب صحيح على السؤال، ولكن نضع هذه الخلاصة: هُدمت مباني غزة واستقام حال الإنسان فيها، بينما نجت مباني الكيان ولكن انهار الإنسان فيه، وهذه علامة عجز عن القيام بدور عُهد إلى الكيان القيام به في المنطقة منذ تأسيسه. بمن ستتسع رقعة الحرب؟ هل تكفي حاملات الطائرات والقصف السجادي؟ تجربة أفغانستان تقول لنا العكس، يمكنك أن تحرق الأرض لكن الإنسان صاحب الأرض بقي وانتصر. ونضيف تفصيلا صغيرا، من جبال اليمن الجرداء أمكن خنق التجارة العالمية وإن صمتت الشركات عن خسائرها. بمن ستتسع الحرب؟
لم يبق الا رغبة نتنياهو التي قد تصل إلى درجة "عليّ وعلى أعدائي" أو "أنا ومن بعدي الطوفان"، وهذا معنى كامن في حرب الطوفان كما سماها رجالها.
المنطقة على أبواب تغيير عميق
هذه خلاصة متداولة لم نكتشفها لكنها تعطينا الحق في السؤال عن مصير من راهن حتى الشهر التاسع من حرب الطوفان على انتصار الكيان على غزة ومقاومتها؛ على أمل عودة الأمر إلى ما كان عليه قبل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر.
نتأمل حال المطبعين العرب خاصة وقد نزلوا بثقلهم مع الكيان فلم يصمد؛ هل لديهم "خطة ب" لما بعد غزة؟ وقد يكون ما بعد غزة حربا أشمل تدمر اقتصادياتهم وتفجر صراعات داخلية كامنة مند تأسيس دولهم، فصديقهم وفرس رهانهم ينوي ذلك.
الوضع العربي المثابر في مسار التطبيع لم يعد يملك هذه الورقة ليبيعها مقابل سلامته، وهو الأعرف بأن شعوب المنطقة تجلس على بركان غضب مكتوم منذ عهود طويلة. لكن لا يجب الاستسلام للخيال هنا، فالشوارع تحتاج نخبا واعية باللحظة وهذا الوعي غاب في أثناء معركة الطوفان فكيف يمكن تفجيره الآن؟ غياب هذه النخب في الشوارع العربية يعيدنا إلى حقيقة فاجعة، فحتى في صورة انهيار الكيان وغسل الغرب أيديه منه والشروع في استبداله؛ فإن النخب السياسية العربية لم تنضج سياسيا لتلتقط اللحظة الحاسمة ولو كانت قادرة لفعلت وغزة تصلى جحيمها وحدها.
نسلم بمؤشرات التغيير العميق وعلامته ولكننا لا نعول فيه على النخب السياسية العربية، ولذلك نقول بيقين إن النخب ستصير من بقية العصر الصهيوني المنهار هي بقية من ماض ستحملها ريح انهياره.
يبدو أنها ضربة الفأس في القبيلة العربية، هذه ضربة فأس في رأس نظام العالم ما بعد الحرب العالمية الثانية، ينقصنا فقط شيء من الصبر الغزاوي لانتظار النتائج، أما المؤشرات فقد صارت محل إجماع
بعد حرب الطوفان سيُكتب شيء قريب من هذا القول: الأنظمة العربية ونخبها التي صنعتها ودللتها إلى زوال وعصر جديد بنخب جديدة يتشكل والمعارك السياسية ستكون على مسح الطاولة وإعادة البناء. ما هي ملامح النخب القادمة؟ يعسر علينا وضع توصيف دقيق لكنها نخب لا تخاف من الكيان ولا تستعذب أعطيات أنظمة حكم قامت على غير هوى شعوبها. هنا يحدث تغيير عميق لم تنكشف مؤشرات، لكن ستدلنا عليه مناورات الغرب صانع الأنظمة عندما يبدأ في متابعة انهيارها كما يتابع الآن انهيار رأس حربته المسمومة بالمنطقة.
صورة نتمناها وننتظرها
منطقة عربية دون الكيان الصهيوني ودون أنظمة التطبيع، تحكمها روح مقاومة تؤمن بقدراتها ولا ترهب الغرب، تحرر شعوبها من الذل وتقود عملية بناء وتنمية وتأخذ مكانها في العالم طبقا لقدراتها وتطلعاتها. هل هذا الاحتمال بعيد؟ طريقة حرب الطوفان وصبر أهل غزة يقربه كثيرا، فهذا هو صبر الساعة مرادف النصر كما في السير الكبرى للشعوب التي انتصرت. هل ظهرت أسباب الحلم حتى نحلم؟
نعيد النظر في حال العدو المدجج أمام فتية مؤمنين، انقلاب كامل لم تصل إلى سبره أعلى القدرات الاستشرافية ونحن المتعاطفين مع غزة لم نحلم به، فقد كان أقصى أملنا أن يتوقف القصف وأن يرفع الموت يده عن غزة.
كتبت في أول الحرب أظنها غزوة موجعة للعدو قصيرة في الزمن.. يبدو أنها ضربة الفأس في القبيلة العربية، هذه ضربة فأس في رأس نظام العالم ما بعد الحرب العالمية الثانية، ينقصنا فقط شيء من الصبر الغزاوي لانتظار النتائج، أما المؤشرات فقد صارت محل إجماع.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة المقاومة التغيير غزة المقاومة التغيير النظام العالمي طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات سياسة مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حرب الطوفان ما بعد
إقرأ أيضاً:
تقرير للجيش الأمريكي: صعود أنصار الله يُعيد تشكيل خريطة القوى في الشرق الأوسط
مقالات مشابهة ليست إيران.. البنتاغون الامريكي يعلن العثور على أخطر مصادر تمويل الحوثيين بالترسانة العسكرية
5 أيام مضت
02/07/2024
09/03/2024
08/03/2024
07/03/2024
05/03/2024
كشف مركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الاستراتيجية، التابع لقيادة الجيش الأمريكي، في دراسة حديثة عن تحول حركة أنصار الله إلى قوة إقليمية مؤثرة، معتبرًا صعودها المفاجئ “تحوّلًا استراتيجيًا” يُعيد رسم خريطة القوى في الشرق الأوسط، ويتجاوز حدود الصراع اليمني إلى تأثيرات دولية واسعة.
من فاعل محلي إلى لاعب إقليمي مؤثر
وبحسب الدراسة، التي حملت عنوان “الميليشيا التي أصبحت لاعبًا قويًا: الصعود المذهل للحوثيين”, فإن الحركة كانت تُعتبر قبل طوفان الأقصى مجرد فاعل محلي في اليمن، لكنها بعد أحداث أكتوبر 2023 عززت تحالفاتها مع محور المقاومة (إيران، حزب الله، فصائل فلسطينية)، وأصبحت لاعبًا رئيسيًا في معادلة الصراع الإقليمي.
وأشارت الدراسة إلى أن العمليات العسكرية التي نفذتها الحركة، مثل استهداف السفن في البحر الأحمر، لم تقتصر على التأثير الإقليمي، بل تسببت في زعزعة الاستقرار العالمي، مما دفع القوى الكبرى إلى إعادة تقييم حساباتها في المنطقة.
تنزيل التقرير الكامل pdf لمركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الاستراتيجية
الصعود المذهل للحوثيينتنزيلالمقالة من المصدر الأصلي للتقرير على مركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الاستراتيجية التابع لقيادة الجيش الأمريكي
تهديد اقتصادي واستراتيجي عالمي
أكد التقرير أن استهداف أنصار الله للممرات البحرية الحيوية، مثل باب المندب، أدى إلى تعطيل سلاسل التوريد العالمية، ورفع أسعار النفط، وأجبر الشركات الدولية على إعادة حساب المخاطر التجارية في المنطقة. كما أسفر عن انخفاض حركة الملاحة في قناة السويس بنسبة 60%، مما أثر على التجارة الدولية بشكل مباشر.
سياسيًا، فرضت الحركة نفسها كطرف لا يمكن تجاوزه في أي مفاوضات إقليمية أو دولية، كما كشفت عن ضعف الآليات الدولية في احتواء الصراعات الناشئة، مما جعلها “مغيّرًا لقواعد اللعبة”, وفقًا للتقرير.
استراتيجية المواجهة الأمريكية: أربعة مستويات للتصدي لأنصار الله
في ضوء هذا الصعود المتسارع، اقترحت الدراسة الأمريكية استراتيجية للتعامل مع “الخطر الحوثي” عبر أربعة محاور رئيسية:
عسكريًا: استهداف قيادات الحركة عبر عمليات اغتيال تهدف إلى تقويض بنيتها التنظيمية.دبلوماسيًا: العمل على عزلها دوليًا من خلال تشكيل تحالفات إقليمية مضادة.إعلاميًا: مواجهة حملاتها الدعائية التي تعزز شرعيتها محليًا وإقليميًا.اقتصاديًا: فرض عقوبات على الدول والجهات الداعمة لها.قدرات عسكرية غير مسبوقة وتأثير إقليمي متزايد
وبحسب الأرقام الواردة في التقرير، نفذت أنصار الله أكثر من 100 هجوم بحري، مما أدى إلى تعطيل التجارة العالمية بشكل غير مسبوق. كما شنت أكثر من 220 هجومًا على إسرائيل، بينها ضربات ناجحة على تل أبيب، ما أظهر قدرتها على تنفيذ عمليات بعيدة المدى.
وتشير الدراسة إلى أن تحالفات الحركة مع جهات إقليمية فاعلة ساهمت في توسيع نفوذها على مستوى الشرق الأوسط، في وقت لم تثبت التدابير العسكرية الدولية فعاليتها في احتواء عملياتها، بسبب الطبيعة غير المتكافئة للصراع.
توصيات لمواجهة التغيرات الاستراتيجية
خلص التقرير إلى أن مواجهة هذا الواقع الجديد تتطلب استجابة شاملة تتجاوز الحلول العسكرية، مشيرًا إلى أن التأثيرات المحتملة لهذا التحول قد تمتد إلى الاستقرار الإقليمي والأمن العالمي، مما يستدعي إعادة تقييم السياسات الدولية تجاه الشرق الأوسط.
ذات صلةالوسومالحوثيين انصار الله تقرير الجيش الامريكي قيادة الجيش الأمريكي مركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الاستراتيجية
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.
آخر الأخبار