إعلام عبري: الجيش يخطط لتغيير شكل الحرب على قطاع غزة
تاريخ النشر: 21st, June 2024 GMT
سرايا - قال المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، اليوم الجمعة، إن جيش الاحتلال يخطط لتغيير شكل الحرب على قطاع غزة، في نهاية عملية اجتياح رفح، خلال الأسابيع المقبلة، بحسب المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" العبرية.
وأضاف هرئيل، أنه سيطلب من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الوصول إلى "وضوح إستراتيجي"، ويوصي بإنهاء الحرب بشكلها الحالي، والتركيز على اقتحامات ضد أهداف لحركة المقاومة الإسلامية حماس بادعاء أنه بذلك "يمنح فرصة لخطوات أخرى".
واعتبر أن "الخطوات الأخرى" ستشمل محاولة لإعادة تحريك الاتصالات حول وقف إطلاق نار في قطاع غزة وصفقة تبادل أسرى، رغم أن "احتمالات ذلك لا تبدو مرتفعة حاليا".
وتابعت الصحيفة العبرية أن من شأن نجاح خطوة كهذه أن يستغلها جيش الاحتلال كي يُنعش قواته، وأن تحاول الولايات المتحدة التوصل إلى "اتفاق سياسي" لإنهاء التصعيد بين تل ابيب وحزب الله.
وفي حين، أقر قادة في كيان الاحتلال أن تل أبيب لم تحقق أهدافها من الحرب على غزة.
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
إقرأ أيضاً:
انتصار غزة.. الفضل ما شهدت به الأعداء
«وشمائلٌ شهِد العدو بفضلها .. والفضل ما شهدت به الأعداء» بيت شعر عربي شهير ينسب وفقًا لمصادر متعددة للشاعر العباسي السرِيّ الرّفّاء المَوصِلي وتنسبه مصادر أخرى إلى الشاعر اللبناني إبراهيم الأحدب في مدح مفجر الثورة الجزائرية على المحتل الفرنسي عبدالقادر الجزائري حيث يقول: «وعِداك قد شهدوا بفضلك في العلا.. والفضل ما شهدت به الأعداء». ورغم تعدد نسب عجز البيت، فإن شهرته تعود إلى الحكمة التي يحملها وهي أنه إذا اعترف العدو لشخص بفضائل، فإن ذلك دليل على صحة هذا الاعتراف لأن العدو دائمًا لا يذكر لعدوه سوى العيوب والسلبيات، وهو الأمر نفسه عندما يعترف على نفسه، ويقر نقائصه وعيوبه.
فور الإعلان عن توقيع اتفاق الهدنة بين المحتل الإسرائيلي وحركة المقاومة الإسلامية حماس، لم أهتم كثيرًا بما كانت تنقله وسائل الإعلام العربية على اختلاف توجهاتها، وذهبت مباشرة إلى المواقع الإلكترونية للصحف الإسرائيلية، لمعرفة ردود أفعالها على الصفقة. وتوقفت طويلًا أمام مقالاتها الافتتاحية التي تعبر فيها عن رأيها في الاتفاق والحرب بشكل عام.
المحطة الأولي كانت مع الصحيفة اليسارية الشهيرة «هآرتس» وتعني «الأرض»، والتي تعد أقدم الصحف الإسرائيلية، إذ يعود تاريخ إصدارها إلى عام 1918، صحيفة عبرية برعاية الحكومة العسكرية البريطانية في فلسطين، ثم آلت ملكيتها في العام التالي إلى بعض اليهود ذوي التوجه الاشتراكي. وبسبب مواقفها المعارضة لحكومة نتنياهو اليمنية المتطرفة والحرب على غزة والانتهاكات الإنسانية التي يرتكبها الجيش في هذه الحرب، حرمتها الحكومة في نوفمبر العام الماضي من الإعلانات الحكومية، وأمرت المسؤولين الحكوميين بمقاطعتها.
الصحيفة العبرية التي يصدر منها نسخة كاملة باللغة الإنجليزية، ونسخة مختصرة باللغة العربية، كانت أكثر إنصافا وأكثر جرأة في تغطيتها لأحداث الحرب الطويلة في غزة وصفقة إنهاء الحرب، من بعض الصحف ووسائل الإعلام العربية التي تحول بعضها خلال الحرب وبعد الاتفاق إلى أبواق للدعاية الصهيونية الفجة. صحيح أنها ما زالت تنظر إلى حركة حماس باعتبارها منظمة إرهابية وإلى المقاومين في غزة باعتبارهم مسلحين إرهابيين، ولكن مع ذلك كان ما تنشره على مدار أيام الحرب يدعو إلى وقف الإبادة الجماعية للمدنيين في غزة، وتسهيل دخول المساعدات الغذائية والطبية.
أكتفي هنا للدلالة على ما تفوقت فيه صحيفة الأعداء على صحف وتلفزيونات من يصفون أنفسهم بالأهل والأصدقاء، بالإشارة إلى عدد من المقالات الافتتاحية التي نشرتها «هآرتس» قبل وبعد توقيع الاتفاق. عندما بدأ الحديث عن احتمال عقد صفقة مع «حماس» لإنهاء الحرب وإطلاق سراح الأسري الإسرائيليين رحبت الصحيفة بذلك في افتتاحية التاسع من يناير، وقالت: إن هذا الاحتمال «يخلق حالة من التفاؤل في أوساط الإسرائيليين»، واتهمت نتنياهو وحكومته بالفشل في إدارة ملف الأسرى بسبب حالة الخلط التي يقوم بها بين مصالحه السياسية الداخلية الضيقة وبين مصالح الدولة»، وأكدت أن نتنياهو «لديه مصلحة في استمرار الحرب بناءً على اعتبارات لا تتعلق بالوضع الأمني، بل بوضعه السياسي». وطالبت الصحيفة بتكثيف الدعوة لوقف الحرب، خاصة بعد أن امتدت لسنة وثلاثة أشهر، «قتلت فيها إسرائيل ليس فقط جميع قادة حماس، بل أيضًا دمرت مناطق كاملة في قطاع غزة، وتسببت في قتل غير مسبوق للأطفال والنساء وكبار السن، وتدمير شامل سيصعب على أجيال من الفلسطينيين التعايش معه».
ومع تزايد الآمال بعقد الاتفاق قالت «هآرتس» في افتتاحية نشرتها في الرابع عشر من يناير إنه «لا يجب السماح لليمين المتطرف بإفشال الفرصة الوحيدة لوقف الحرب وإنقاذ الأسرى»، وأكدت أن «المعارضين للصفقة من وزراء الحكومة وأعضاء الكنيست لا يتحركون بدافع الالتزام بتحرير الأسرى، بل بدافع رغبتهم في مواصلة الحرب، بهدف تحقيق خطط تتعلق بالاحتلال والاستيطان في قطاع غزة، وأن هؤلاء «على استعداد للتخلي عن الأسرى من أجل تعزيز ما أسموه «إنجازات استراتيجية»، لذلك يجب رفض قلقهم الزائف على جميع الأسرى رفضًا قاطعًا».
وهاجم مقال ثالث للصحيفة وزير الأمن القومي المتطرف، بن غفير، وقالت: «إن معارضته للصفقة ليس من قبيل اهتمامه بحياة الأسرى، ولكن باستعداده لتقديم ضحايا من أجل إقامة الهيكل الثالث في قلب إمبراطورية الفصل العنصري التي تشمل الضفة الغربية وقطاع غزة. وأكدت أن موقفه في تعطيل الصفقة لمدة عام كامل يكشف «عن الانحلال الذي استشرى في قيادة الدولة، وأن إعادة جميع الأسرى وإنهاء الحرب هما الخطوة الأولى فقط في الطريق الطويل لإعادة بناء إسرائيل بعيدًا عن أفعال نتنياهو وعصابته».
وفي تحليلها للاهتمام الإسرائيلي بما حدث في غزة في اليوم التالي للحرب وظهور كتائب القسام في الشوارع أكدت «هآرتس» كذب المزاعم الإسرائيلية بأن كل أهل غزة كانوا ضالعين في الحرب، مشيرة إلى أن أفراد المقاومة لا تتجاوز نسبتهم اثنين بالمائة من سكان القطاع، وأن «حوالي مليونيّ إنسان هم لاجئون كل ما يريدونه هو أن يعيشوا حياتهم بأفضل ما في وسعهم». وقد وصفت هذه المزاعم بأنها «إحدى أكثر الخدع فائدة للحكومة الإسرائيلية من بين العديد من الأكاذيب، والمغالطات التي تحيط بهذه الحرب الدنيئة. وقالت: إن «خلف هذه الخدعة التي تقول إن أهل غزة جميعهم حماس وجميعهم قتلة وجميعهم نازيون معادون للسامية، يجري إخفاء كل شيء وتبرير كل شيء، من القتل العشوائي لنحو 50 ألف إنسان، غالبيتهم الساحقة من النساء والأطفال، والسحق التام للجهاز الطبي، والدمار الشامل لجميع المؤسسات الدينية، والثقافية، والتعليمية، والاجتماعية، والتدمير المنهجي والتسوية بالأرض لكل البنى التحتية اللازمة للحد الأدنى من الحياة. وأضافت الصحيفة متهكمة: «كل ذلك، في ظاهر الأمر، من أجل تطهير قطاع غزة من غير اليهود وتهيئته ليكون صالحًا لسكن اليهود الأطهار فقط. ويفضَّل أن يكونوا من المتدينين الملائمين».
المجتمع الإسرائيلي الذي يتهم الفلسطينيين بالإرهاب، هو مجتمع إرهابي. لم تقل هآرتس ذلك صراحة، ولكن اقرأوا هذه العبارة المأخوذة من المقال الذي يدحض مقولة: «إن كل أهل غزة ضالعون في الحرب»، والتي تقول عن إسرائيل: «سيكون من الصعب جدًا العثور في العالم كله على دولة أخرى كلها، كل ما ومَن فيها، من مواطنيها، وجنودها، ورجال شرطتها، ومستوطنيها، وصناعاتها، وإعلامها، وثقافتها ومجمل وجودها وكينونتها، مُجنَّدون ومُسخّرون لقواتها المسلحة إلى هذا الحد. «ضالعون» ناشطون إلى هذا الحدّ في القتال، في الاحتلال، في النهب وفي الشرّ. بالفكر وبالعمل، بالقول وبالفعل، بالأجر وبالتطوع، بالتجنيد الرسمي وبالتطوع الفردي، من أجل السماء ومن أجل الجشع. كل الإسرائيليين ضالعون، منذ الحمل ومنذ الولادة. من الختان وحتى الذبول. مُرَبَّون، مُدرَّبون، مُرَوَّضون، مُذعِنون، مثل الدلافين في حوض الدلافين، مثل الخيول في السيرك، مثل الجنود في الموكب العسكري. مثل الدمى تحركها الخيوط».
هل تصدق أن هذه المقالات نشرت في صحيفة كبيرة تصدر في كيان محتل يخوض حربًا منذ أكثر من عام وعلى جبهات متعددة؟ هكذا شهدت «هآرتس على إسرائيل.. الكيان، والحكومة، والمجتمع، والشعب. لذلك يمكننا أن نعدل عَجُز بيت الشعر العربي الذي أوردناه في مقدمة المقال ليكون «والحق ما شهد به الأعداء على أنفسهم».