من يقرر في الضفة الغربية: الشاباك أم المستوطنون؟
تاريخ النشر: 21st, June 2024 GMT
في 6 حزيران/ يونيو 2024، نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية تحذيرات من جانب جهاز الشاباك بشأن احتمالية انهيار السلطة الفلسطينية. جاء هذا التحذير في ضوء الأزمة الاقتصادية المحدقة بالسلطة الفلسطينية؛ بعد قرار وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموترتش، المنتمي للصهيونية الدينية، القاضي بالامتناع عن تحويل أموال المقاصة (الضرائب) إليها.
حصر الأزمة في الجانب الاقتصادي فقط تقزيم لما يجري في الضفة الغربية، ويبدو أن الصحيفة أرادت أن تسلط الضوء على التحديات الأمنية التي تواجه إسرائيل في حال انهيار السلطة الفلسطينية، حيث يخشى كاتب المقال من تولي حركة حماس أو فصائل أخرى السيطرة على الضفة الغربية، مما قد يشكل خطرا على إسرائيل. ومع ذلك، يبدو أن كاتب المقال قد تجاهل تماما الوضع المأساوي الذي تواجهه الضفة، من الحواجز العسكرية التي تقطع الأوصال الجغرافية وتؤثر على حركة السكان والتجارة والحياة الاجتماعية، والاستيطان المتنامي الذي يؤدي إلى فقدان المزيد من الأراضي الفلسطينية وتشويه هويتها الثقافية والاجتماعية، إضافة إلى عمليات الاعتقال والمداهمات واعتداءات المستوطنين المكثفة تزيد من التوترات والانعكاسات السلبية على حياة السكان الفلسطينيين في المدن والقرى والمخيمات.
يأتي هذا التحذير في ظل تعقيدات الوضع في الضفة الغربية، حيث تتداخل الأبعاد السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية. وفي هذا السياق، تبرز قوتان رئيسيتان في الضفة الغربية على المستوى العام -بعيدا عن السلطة الفلسطينية-: جهاز الشاباك (جهاز الأمن العام الإسرائيلي) والمستوطنون على اعتبارهم جسما منظما، ممثلا بمجلس المستوطنات "يشع". وعلى الرغم من أن الشاباك يتحمل المسؤولية الأمنية، فإن المستوطنين يتمتعون بنفوذ كبير، ما يجعل التفاعل بين الطرفين معقدا وملتبسا.
المستوطنون في الضفة الغربية ليسوا فقط سكانا في أمكنة محصنة ومحمية، بل هم جزء من مشروع استيطاني مدعوم من قبل الدولة الإسرائيلية ويهدف إلى توسيع السيطرة اليهودية على الأراضي
من الجدير ذكره، أن الضفة الغربية تُعتبر قضية حساسة ومعقدة بسبب تشكيلها لمحور يجمع بين الأبعاد الدينية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية. وتحديدا، يروج اليمين الإسرائيلي بكافة أشكاله لفكرة أن الاستيطان في الضفة ضرورة دينية، ذات أصل توراتي وليس من دافع قومي فقط، حيث يعتبرونه جزءا من حقوقهم التاريخية والدينية، ومن هنا، يرفضون بشدة فكرة محاصصة الضفة الغربية أو تقسيمها مع "الأغيار"، أي الفلسطينيين.
بالعودة إلى المقالة، فإن الشاباك هو الجهاز الأمني الرئيسي المسؤول عن جمع المعلومات الاستخباراتية ومحاربة مظاهر المقاومة. يركز الشاباك بشكل كبير على الحفاظ على الأمن ومنع العمليات ضد الإسرائيليين، سواء كانوا داخل "إسرائيل" أو في المستوطنات في الضفة الغربية. يتمتع الشاباك بسلطات واسعة تمكنه من تنفيذ عمليات اعتقال، والتحقيق مع المشتبه بهم، واستخدام التكنولوجيا المتقدمة لمراقبة التحركات والنشاطات في الضفة الغربية.
المستوطنون في الضفة الغربية ليسوا فقط سكانا في أمكنة محصنة ومحمية، بل هم جزء من مشروع استيطاني مدعوم من قبل الدولة الإسرائيلية ويهدف إلى توسيع السيطرة اليهودية على الأراضي. يمتلك المستوطنون تأثيرا كبيرا على السياسات المحلية والوطنية من خلال شبكة من المنظمات والمراكز البحثية التي تدعم المشروع الاستعماري، هذه المنظمات تقدم توصيات وتضغط على الحكومة لتبني سياسات تساهم في زيادة الاستيطان ومصادرة الأراضي الفلسطينية.
الحكم في هذه المنطقة يشهد تقاسما للسلطة بين جهاز الشاباك ودولة المستوطنين. على الرغم من أن جهاز الشاباك مسؤول رسميا عن الأمن والاستخبارات في المنطقة، إلا أن المستوطنين يمتلكون نفوذا كبيرا يؤثر على السياسات المحلية والقرارات الحكومية
على الرغم من أن الشاباك هو الجهاز الرسمي المسؤول عن الأمن، فإن المستوطنين يتمتعون بنفوذ كبير يؤثر على القرارات الأمنية والسياسية. يعتبر تقاسم الأدوار بين الشاباك والمستوطنين معقدا، حيث إن الشاباك ينصاع في بعض الأحيان لتوصيات وطلبات المستوطنين، خاصة عندما يتعلق الأمر بمصادرة الأراضي وتوسيع المستوطنات. هذا التعاون يمكن أن يكون غير معلن ولكنه فعّال، حيث تسعى كلا الجهتين لتحقيق أهدافها بطرق تتكامل أحيانا وتتعارض أحيانا أخرى.
تلعب مراكز الأبحاث الخاصة بالمستوطنين كمنتدى "شيلو" على سبيل المثال لا الحصر، دورا كبيرا في توجيه السياسات والتوصيات. هذه المراكز تقوم بإعداد دراسات وتقديم تحليلات تدعم توسيع المستوطنات وتقديم مبررات قانونية وأمنية لذلك، ويعتمد صناع القرار في الحكومة الإسرائيلية والشاباك في بعض الأحيان على هذه الدراسات لتبرير قراراتهم، مما يعزز نفوذ المستوطنين.
من يقرر في الضفة الغربية: جهاز الشاباك أم المستوطنون؟ سؤال منطقي يعكس التوترات والتحديات في الضفة الغربية. يمكن القول إن الحكم في هذه المنطقة يشهد تقاسما للسلطة بين جهاز الشاباك ودولة المستوطنين. على الرغم من أن جهاز الشاباك مسؤول رسميا عن الأمن والاستخبارات في المنطقة، إلا أن المستوطنين يمتلكون نفوذا كبيرا يؤثر على السياسات المحلية والقرارات الحكومية. يسعى المستوطنون إلى توسيع نفوذهم من خلال تأييد مصادرة الأراضي وتوسيع المستوطنات، وغالبا ما يتم تقديم توصيات وطلبات من قبل مراكز البحث التابعة لهم التي تلقى استجابة من جهاز الشاباك. هذا التعاون والتنافس المعقد بين الجهاز الأمني والمستوطنين يجعل من الصعب تحديد الجهة التي تمتلك السيطرة الفعلية في الضفة الغربية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الشاباك الفلسطينية الضفة الغربية المستوطنين فلسطين الضفة الغربية مستوطنين الاحتلال الشاباك مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة مقالات صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الضفة الغربیة جهاز الشاباک
إقرأ أيضاً:
نتنياهو يقرر إقالة رئيس الشاباك والشرطة تحقق مع رئيسه السابق
قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي إن بنيامين نتنياهو قرر إقالة رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) الحالي رونين بار، في حين قررت الشرطة الإسرائيلية استدعاء الرئيس السابق للشاباك نداف أرغمان للتحقيق بعد تقديم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو شكوى ضده.
وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي إن نتنياهو التقى بار وأبلغه بأنه سيطرح على الحكومة قرار إقالته، كما قالت القناة 12 الإسرائيلية إن نتنياهو استدعى بار إلى لقاء طارئ وسيتقدم للحكومة بمقترح لإقالته.
وبهذا الصدد، قال وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير إنه يرحب بقرار رئيس الحكومة إقالة بار، مضيفا "هذا ما كنت أطالب به منذ مدة طويلة".
كما اعتبر وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش أن استبدال بار "خطوة ضرورية وكان الأفضل له أن يتحمل المسؤولية ويستقيل قبل أكثر من عام".
في المقابل، اعتبر زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد أن طريقة نتنياهو "المخزية" في إقالة رئيس الشاباك تشير إلى فقدانه السيطرة على أعصابه وانهيار القيم، وأن الإقالة في هذا الوقت "غير مسؤولة وتدل على عدم الاهتمام بمصير الرهائن". وأضاف أنه سيتم الطعن أمام المحكمة العليا في قرار إقالة بار.
وكان نتنياهو تقدم يوم الجمعة الماضي بشكوى إلى المفتش العام للشرطة داني ليفي ضد رئيس الشاباك السابق نداف أرغمان، معتبرا أن أرغمان "تجاوز جميع الخطوط الحمراء".
إعلانواتهم نتنياهو رئيس الشاباك السابق بتهديده وابتزازه في منصبه، "مستخدما أساليب عصابات الجريمة المنظمة، كأنه زعيم مافيا وليس مسؤولا أمنيا سابقا في إسرائيل".
واعتبر أن "هذه جريمة تضاف إلى حملة كاملة من الابتزاز والتهديد يقودها رئيس الشاباك الحالي (رونين بار)، والهدف هو منعي من اتخاذ القرارات اللازمة لإصلاح الشاباك بعد فشله الذريع في 7 أكتوبر/تشرين الأول (2023)".
والخميس الماضي نقلت القناة 13 الإسرائيلية عن أرغمان قوله "إذا عمل نتنياهو ضد القانون، سأكشف كل ما أعرفه، سأكشف معلومات من اجتماعاتي معه وجها لوجه"، وقال إن "علينا إنهاء الحرب في غزة فورا واستعادة جميع الأسرى.. لا يوجد في قطاع غزة ما يستدعي البقاء فيه".
رد الشاباكمن جهته، رد الشاباك على نتنياهو، في بيان الجمعة، قائلا إن "هذه اتهامات خطيرة ضد رئيس مؤسسة أمنية رسمية في إسرائيل".
وأضاف أن "رئيس الشاباك رونين بار يكرس كل وقته وجهوده لحماية الأمن القومي، والعمل على استعادة المختطفين الإسرائيليين، والدفاع عن الديمقراطية. وأي مزاعم أخرى في هذا السياق لا أساس لها من الصحة".
وفي الأيام الأخيرة احتدمت الخلافات بين نتنياهو والشاباك، بعدما انتقد رئيس الوزراء نتائج تحقيق أجراه الجهاز بشأن أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، معتبرا أنها "لا تجيب عن الأسئلة".
وأقر الشاباك الثلاثاء الماضي بفشله في تقييم قدرات حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وألمح إلى مسؤولية نتنياهو عن "رسم سياسة فاشلة على مر السنين".
وبعد صدور نتائج تحقيق الشاباك، دعا لبيد، ورئيس حزب معسكر الدولة المعارض بيني غانتس، نتنياهو إلى الاعتذار، وأكدا أنه "يحاول إلقاء اللوم على الآخرين".