شبكة انباء العراق:
2024-11-26@11:52:32 GMT

كيف نثق بالمؤرخين ؟

تاريخ النشر: 21st, June 2024 GMT

بقلم: كمال فتاح حيدر ..

اغلب الظن ان السلاطين والطغاة والغزاة هم الذين ادخلوا مادة التاريخ في المناهج التعليمية للمدارس والمعاهد من اجل استغفال الشعوب، وتضليلهم والتغطية على التاريخ الحقيقي وتزويره. فالثورة العربية الكبرى صنعتها بريطانيا للإطاحة بالخلافة العثمانية. والنهضة العربية كانت خطوة خبيثة ومفضوحة لتسليم زمام الأمور بيد المستعمر.

والثورات والانقلابات العسكرية كانت البوابات التي تسلل منها الاستعمار الحقيقي. كل ما نقرأه في الكتب والمجلدات لا يمت للحقيقة بصلة. فكيف نثق بالتاريخ إذا كان الحاضر يتم تزويره امام أعيننا ؟. .
اصدق ما كتبه المؤرخ مارك توين. قوله: (لو كان الموتى يتكلمون لما أصبح التاريخ مجموعة من الأكاذيب السخيفة). . وبالتالي كيف يتسنى لنا ان نقنع الجيل الجديد بما كانت تنشره صحفنا عن انتصارات العرب الوهمية السابقة ضد إسرائيل ؟، وعن شعارات أحزابهم وسعيهم المصطنع نحو إقامة ركائز العدل والمساواة والحرية والديمقراطية ؟.
انظروا الآن إلى الشعوب المنافقة التي تُصدّق ما نشرته كتب التاريخ عن محرقة بشرية لم يشاهدونها، لكنهم لا يصدقون وقائع المحرقة التي التهمت الأطفال في مخيمات رفح، والتي كانت تعرضها لهم الفضائيات بالبث المباشر. .
قالت الأم الإنجليزية لطفلها: لا تكذب يا ولدي حتى لا يغضب عليك الرب ويجعلك مثل محطة الـ BBC. فالرواية التي تنقلها المحطات الأمريكية والأوروبية عن حملات الابادة في غزة تجعلنا نشكك برواياتهم القديمة عن الحربين العالميتين الأولى والثانية. وتجعلنا نتساءل: هل كان هتلر مجرماً ؟. وهل كان سكان استراليا متخلفين عقليا ؟. .
فإذا كانوا يقلبون الحقائق التي نراها امام أعيننا كل يوم، فما بالك بالماضي البعيد، والحوادث التي سبقت ولادتنا ؟. قبل بضعة أيام شاهدت فيلما هوليوديا يظهر فيه يهودا الاسخريوطي كرمز من رموز الصدق والإيمان والوفاء لسيدنا المسيح عليه السلام، بينما رفض زعماء الامة العربية عرض فيلم الرسالة بدعوى انه يثير الفتنة. .
انظروا الآن إلى الحملة الإعلامية التي أضفت لمسات جديدة لتجميل صورة القادة العرب في الماضي القريب والحاضر المُعاش، وانظروا كيف اصبح السيسي فاتح بوابات معبر رفح، حتى زعموا انه يشرف بنفسه على تدفق المساعدات نحو مخيمات النازحين في غزة، وانظروا كيف صورت لنا الصحف الأردنية الملك المجاهد المغوار في دفاعه المستميت عن نساء المسلمين في مخيم النصيرات، وكيف انقذ الأطفال من المحرقة. .
كلمة اخيرة: البعض يرفضون مهنة تلميع الأحذية، ويستنكفون منها، لكنهم يتسابقون لتلميع صور الذين خذلونا وتآمروا علينا وغدروا بنا. .

د. كمال فتاح حيدر

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات

إقرأ أيضاً:

بين حاضنتين .. تموضعات التاريخ والمجتمع

يستلزم الحديث أولا النظر إلى مفهوم الحاضنة الاجتماعية، والحاضنة التاريخية في هذه المناقشة فقط، فالمقصود بالحاضنة الاجتماعية هنا: هو القدرة على احتواء أحداث التاريخ، والاستفادة منها، وعدم تجاوز تأثيراتها، وإن ارتبطت هذه الأحداث بزمن معين، وكان له فترة انتهاء، لأن الأحداث لا تموت موتا مطلقا، وإنما تختفي فورتها الآنية في اللحظة الزمنية لحدوثها، في الوقت الذي تسعى الذاكرة الاجتماعية للاحتفاظ بها لأقصى فترة زمنية ممكنة، وتوظيفها توظيفا بنيويا عبر ذات الذاكرة التي تنقلها من عصر إلى عصر من خلال أجيالها المتعاقبة. ومن هنا تواردت وتسلسلت إلينا الأحداث والوقائع التاريخية منذ آلاف السنين، ولا زلنا نرويها، ونتحدث عنها، ونتخذها مثلا، وكأننا الشخوص التي عاشت تفاعلاتها المختلفة؛ حيث نمارس هنا دور «شاهد على العصر» مع أننا لم نعش تلك العصور، ولكننا استسغنا هذه السرديات التي نقلها إلينا من كان قبلنا، لأنها جزء من تكويننا الاجتماعي بكل مفرداته، وبالتالي فهذا الرصيد يعود الفضل في بقائه واستمراره إلى الحاضنة الاجتماعية التي ترى فيه بقاءها، وأصالتها، وهويتها.

وبالتالي فالحاضنة الاجتماعية لن تتنازل عنه قيد أنملة، مع ما تلاقيه من صد للحديث عنه، وانتقاد لبقائه على رأس أهميته كل هذه السنين، خاصة من الفئة التي ترى أن كل ما يشير إلى الماضي، يدفن في مقبرة ماضيه، وما النداء الذي ينادى به بضرورة إعادة قراءة النص، أو المفاهيم المصاحبة لذات الفكرة، إلا صورة ماثلة لهذا الاشتباك وعدم الرضى لاستمرار الحاضنة الاجتماعية على قرارها الذي تعض عليه بالنواجذ، وهذا أمر واضح ومسلم به، والكل يعيش تفاصيله، سمه حوار الأجيال، سمه صراع الأجيال، وارتق به إلى حوار الحضارات، أو صراع الحضارات، كل ذلك مفهوم ومقبول، ومع ذلك يبقى للحاضنة الاجتماعية فضل البقاء والاستمرار، تأصيلا للمقولة المتداولة: «الإنسان لن يكون مقطوعا من شجرة» في كل مراحل نموه واستمراره الاجتماعي المتواصل.

أما الحاضنة التاريخية: فهي غير منكورة، بل متنوعة، وتتضمن تباينات مختلفة، وكل مآلات الأنشطة، والممارسات التي يقوم بها أبناء المجتمع تنضوي تحت الحاضنة التاريخية، فهي الملتحمة على طول خط السير الزمني مع الحاضنة الاجتماعية، والدليل على أن للتاريخ حاضنة قوية، هو ما يشير إليه هذا الكم النوعي، المادي وغير المادي الذي استطاع الإنسان أن يحصده طوال تجربته في الحياة، وظل التاريخ ساعده الأيمن لتوثيق كل صغيرة وكبيرة بذلها الإنسان عبر المساحة الزمنية المتاحة هذه، منذ بدء الخليقة، وإلى يومنا هذا، وما بعده، وفي هذا المكتسب يمكن الخروج بقراءة واسعة عن الإنجازات البشرية المادية وغير المادية أيضا، ومن هذا المكتسب يمكن الخروج بكثير من القناعات، والمواقف، والرؤى، فالتاريخ حفظ كل ذلك، ورصده رصدا متواترا، لا لبس فيه ببعديه المادي وغير المادي، تبقى فقط همة المجتمع الإنساني لكي يغرس فيه أدواته من البحث والتقصي، والتمعن، والتمحيص، فهناك؛ أيضا؛ الكثير مما حُمِّلَ التاريخ فوق ما يحتمل، خاصة عندما تتجاوز الأقوال -وليس الأفعال- المنطق «حدث العاقل بما يعقل» وإن كان في هذه الأقوال ما يذهب كله إلى التمجيد، بالأشخاص على وجه الخصوص، واحتساب ما لم يفعلوه على أنهم فعلوه، وهذه إشكالية كبيرة وموضوعية في كتابة التاريخ، وأمانة كبيرة تقع على عاتق كتاب التاريخ في كل عصر، فالمسألة ليست محصورة بزمنها الآني، بل تنتقل عبر الأجيال «الحاضنة الاجتماعية» مدعومة بأعمار هذه الأجيال «الحاضنة الزمنية» فتتوافق هنا الحاضنتان، ولا تتباينان في حجم المسؤولية، وعلى الإنسان الفرد أن يعي هذه الحقيقة، حتى في التفاصيل الصغيرة من حياتها، فحياته هي انعكاس لمستوى جميع أفراد حاضنته الاجتماعية، ولعل الهوية هنا تلعب دورا محوريا، خاصة من حيث التأصيل، وتلعب مفردات الهوية الدور الأكبر في هذا الاتجاه من حيث مستوى التنوع الذي تعيشه المجتمعات، لتحتكم على أصالتها أكثر وأكثر، والناس عموما يعبرون عن مجتمعاتهم من خلال مفردات هوياتهم، والتي لا تنقطع إطلاقا عن مجريات حياتهم اليومية، فهم ملتحمون معها وبها إلى درجة الاندماج المطلق، الذي يقاس عليه درجة تفوق هذا المجتمع عن غيره، في قدرته على المحافظة على أصالته وتجذره؛ والتجذر هنا هو الحمولة الزمنية التي يسجلها التاريخ.

من ضمن الأسئلة التي يمكن أن تطرح في العلاقة بين الحاضنتين، لتجلية الصورة عن الوقوع في مأزق التباين بينهما، ولتأكيد الفهم على مسألة التوافق والتكامل بينهما أيضا، لشدة التماس بين الوظائف المسنودة إلى كل منهما: ومن ذلك، أيهما متقدم على الآخر، هل الحاضنة التاريخية أم الحاضنة الاجتماعية، هذا من حيث النشأة؟ وأيهما أكثر تأثيرا في مجريات الآخر؛ التاريخية أم الاجتماعية؛ هذا من حيث التفاعل؟ ومع التسليم بأن الإنسان هو الفاعل في أحداث كليهما، فما هو المسوغ الذي يتكئ عليه لكي يجازف بتكرار أحداث التاريخ عبر مقولة: «من ينكر التاريخ، يجازف بتكراره» هذا من حيث الفهم؟ والتكرار هنا هو العودة الدائمة إلى المربع الأول، وكأن ما تم تحقيقه أو إنجازه يذهب في غياهب النسيان، أم أن الحاضنة التاريخية من تعاني من الشتات، هذا من حيث الإهمال؟ نعم، التاريخ يعطي اتساع المساحة الزمنية للبذل والعطاء، ولكن يبقى للحاضنة الاجتماعية القول الفصل في أحياء هذه المساحة، وإشعالها اشتغالا وتفاعلا وتأثيرا، والحرص على الاستفادة من كل موطئ قدم للتاريخ، وهل يمكن أن نقرأ تضادية معينة بين الطرفين: التاريخ والاجتماع هذا من حيث الدلالة؟ والتضادية هنا تذهب إلى أن المساحة الزمنية تظل دائما ضيقة لاستيعاب تفاعلات المجتمع، بينما يرى آخرون أن تفاعلات المجتمع غير قادرة على ملأ فراغ هذه المساحة التي يتيحها الزمن للإنسان، وتعكس الصورة برمتها حالة من المراوحة بين الطرفين، ولكنها تصل ختاما إلى أن كلا الطرفين (الحاضنة التاريخية/ الحاضنة الاجتماعية) يؤسسان منطلقات حياة الناس، ويصلان بها إلى مصاف التميز، ويبقى على الإنسان (الفرد/ المجموع) أن يكون حاضرا بفعله وتأثيره في تفاعلات الحاضنتين.

هنا؛ أيضا جانب متعلق بذات المسألة أو الفهم، وهو أن ما يحدث في المسألة التاريخية من تفاوت نسبي في شأن التدوين، وفي تجاوز الأحداث، وفي تهجينها، وفي التحايل على أكثرها، هو نوع من التلاعب الذي يحدثه الإنسان، ويتجاوز من خلاله المنطق، حيث تذهب به العاطفة إلى المآلات غير المتوقعة منه كمؤرخ، وكراصد للحقيقة، وكشاهد على عصر لن يشاهده من بعده؛ لطول أزمنة التاريخ، أكثر مما تقع عينه على آثاره، ومحتوياته، وقد تصل إليه مشوهة، وهو يقرأ ما كتب عن تاريخ أصبح شيئا من الماضي، وكتابة التاريخ هي نوع من المجازفة غير محمودة العواقب، في أغلبها، لأن الكاتب لن يكون صادقا، وأمينا، وحياديا، بالقدر الذي يتوقعه منه الآخرون لعوامل اجتماعية، وأغلبها ومطامع ذاتية، وذلك فإن مجمل كتاب الحاضنة التاريخية واقعون في هذا المأزق، وهذا لا ينفي أن هناك رجالا صدقوا ما عاهدوا عليه أنفسهم، بأن يكونوا منصفين، وصادقين، وحراسا أوفياء على أمانتهم التي يحملونها عن طيب خاطر، وهؤلاء كثير منهم أيضا؛ واجهوا في حاضنتهم الاجتماعية الكثير من الصعاب، والطرد من رضى المجتمع من حولهم فـ «الدهر لا يبتغي إلا مادحا ملقا؛ يتغنى بالهوى فوه» وهذا إشكالية موضوعية في الحاضنة الاجتماعية، تتأثر بها الحاضنة التاريخية.

تتبلور عقدة هذه المسألة أكثر في أن الإنسان واقع بين فكي كماشة، فلا الزمن يعطيه صك برهان لكي يكتب ما يريد، ولا المجتمع يعطيه هذا الصك ليعيش كما يريد، وللخروج من هذه العقدة «الإشكالية» أن يكون صادقا صادقا، ويكفيه ذلك.

مقالات مشابهة

  • محللون: الدول العربية لديها فرصة كبيرة لوقف الحرب إذا كانت جادة
  • بلدية الكفرة تنفي وفاة أسرة كانت تائهة في الصحراء نتيجة قصف جوي
  • مجلس الوزراء السعودي يخصص جلسته غداً للميزانية العامة للدولة
  • كانت أمّاً لطفل.. مقتل عتالة كوردية بنيران القوات الايرانية
  • أزمة في حمامات الكونجرس مع وصول أول نائبة متحولة جنسياً
  • بين حاضنتين .. تموضعات التاريخ والمجتمع
  • الكثيري يناقش تعزيز التعاون لإدارة مخيمات النازحين مع الوحدة التنفيذية
  • تركيا تدين استهداف اليمن سفينة شحن تركية كانت في طريقها للكيان الصهوني .. كاريكاتير
  • كانت مسيحية وعلمت ابنتها الإسلام.. من هي والدة مي عز الدين؟
  • عبّرت عن استنكارها لتصريحات مسؤول حكومي.. الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين بمأرب تصدر بياناً هاماً