عشيّة زيارتِه إلى لبنان، وجَّه "ملتقى التأثير المدني" رسالةً إلى أمين سرّ دولة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين أشار فيها إلى أنَّ "لبنان في لحظة تاريخيّة حاسمة"، لافتا إلى أنّ هناك "أيديولوجيّات شموليّة ومسارات تفتيتيّة تهدّد هويّته ورسالته في الحريّة والعيش المشترك والمواطنة المحتضنة للتنوّع".  ومما جاء في الرسالة التي سلمها الملتقى إلى السّفارة البابويّة: "إنّ لبنان يواجه أزمة غير مسبوقة تهدّد هويته كدولة معروفة بحريتها وتنوعها وديموقراطيتها.

ويجب على لبنان أن يختار بين الحفاظ على هذه القيم أو فقدان طابعه الفريد والسقوط تحت تأثيرات خارجية مشبوهة وملتبسة. فقدان هويّته الثقافية الفريدة قد يؤدي إلى عدم استقرار إقليمي ودولي، ممّا يجعل من الضروري لجميع اللبنانيين أن يتضامنوا لمعالجة المشاكل الملحة في البلاد، ووضع خطة لحلِّها، والحفاظ على مبادئ الحرية والديمقراطية والتنوّع والتعايش المجتمعي الحاضن له". وأضاف الملتقى في رسالته: "هناك محاولات تحويل لبنان من ديموقراطية إلى ثيوقراطية تنحرف عن قيمه التاريخية، وتقوّض مبادئ الحرية وحقوق الإنسان، وتمس بالعدالة وبالعيش المشترك، وهذا يضرب الاعتدال الذي طالما تميّز به الشعب اللبناني. كذلك، فإنَّ الجهود لتدمير الدستور وتطبيق أحكامه بشكل انتقائي وشلّ دولة القانون والمؤسسات في الدولة يزيد من هذه التحديات". وعن القِيَم التاريخيّة للبنان، أشار الملتقى إلى "أنّها تتمثّل في الحريَّة بجميع أشكالها، بما في ذلك حرية الضمير والرأي والتعبير، وهي غير قابلة للمساومة"، وأردف: "التعايش السلمي وفق حقوق وواجبات متساوية، والشراكة في الحُكم بناءً على الميثاق الوطني، وهذه مبادئ أساسية لجميع اللبنانيين. العيش المشترك، المنصوص عليه في الميثاق الوطني والدستور، يحفل بالتنوع المجتمعي والطابع المدني للدولة. العيش المشترك بالمواطنة يتعرّض الآن للتدمير بسبب التدخلات الخارجية والخلل في المناعة الدّاخليّة. الأجندة الإقليميَّة المشبوهة تهدد الديموقراطية في لبنان. إنَّ الالتزام بالمواطنة الديموقراطية التي تعزز التنوع يتطلب تنفيذ الدستور والقوانين. إنَّ الالتزام بالميثاق الوطني، والنأي بلبنان عن الصراعات الإقليمية والدولية، وتطبيق اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية، كلها أمور حاسمة يجب أن لا تُمسّ". وأكمل: "لمواجهة هذه التحدّيات شدّد الملتقى على: "أنّه من الضروري تبنّي مدونة أخلاقية تحل المشاكل من خلال تطبيق الدستور. إنَّ احترام المهل الدستورية، خصوصًا انتخاب رئيس ينفذ الدستور، ويستعيد السيادة الوطنية، ويبدأ بالإصلاحات، هو أمر حاسم للاستقرار. إنَّ الحفاظ على الشرعية الوطنية، وتعزيز هوية لبنان والالتزام بقرارات واتفاقيات جامعة الدُّول العربيَّة والأمم المتحدة ضرورية للأمن القومي للبنان. يجب أن تكون السيادة الوطنية غير منقوصة، وتحت إشراف القوات المسلحة الشرعية للدولة حصرًا. إنَّ تطوير القدرات الدفاعية في إطار استراتيجي، يكون فيه للدولة السلطة الوحيدة في الحرب والسلم هو أمر بنيويّ، لضمان حماية لبنان وتعزيز السيادة والشراكة والاستقرار". وأردف الملتقى في رسالته: "إنَّ المصالحة الوطنية، واستراتيجيَّة حماية لبنان من الصراعات الإقليمية والدولية، والحياد الإيجابي، هي أمور ضرورية وملحة. كذلك، فإنَّ تجهيز القوات المسلحة اللبنانية هو أمر ضروري أيضاً. يجب على لبنان استعادة دوره في العالم العربي والمجتمع الدولي ببناء قيم الحرية والعدالة والحوار وحقوق الإنسان والمساواة وإدارة التنوع وترسّيخ مبادىء السلام. إنَّ خطة متكاملة للتعافي الاقتصادي والمالي، وتحديد المسؤولين عن الانهيار، وإجراء التَّدقيق الجِنائِيّ الماليّ هي أمور أساسيَّة للإصلاحات. هذه الإصلاحات ستُعيد الثقة، وتُساهِم بإعادة إطلاق الاقتصاد، وتعزز الإنتاجية وتساعد المودعين على استعادة أموالهم. وإنَّ بلورة سياسة عامّة لدعم حقّ عودة اللاجئين الفلسطينيين واللاجئين السوريين إلى بلديهم ضروريَّة". وختم الملتقى رسالته إلى الكاردينال بارولين معتبراً "أنّ رسالة لبنان، المبنيّة على التنوع الديني والعيش المشترك، تُعزِّز السلام الإقليمي والعالمي. في هذه اللّحظة الحاسمة، يجب على اللُّبنانيين ألاَّ يتخلوا عن هذا اللُّبنان وما يمثّله كرسالة، لأن كليهما يجسِّد قيماً إنسانيةً مقدّسة. وتبقى الحريَّة مع المواطنة والتنوع جوهرَ وجود لبنان، وشرطاً مسبقاً لدوره ورسالته".

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

حضور مجتمع ثقافي كبير في أول أيام ملتقى القراءة الدولي بالرياض

انطلق اليوم ملتقى القراءة الدولي بقاعة المؤتمرات بمركز الملك عبدالله المالي بحضور نخبة من المثقفين والقراء.
وشهد الافتتاح جلسات حوارية، بدايتها مع الدكتور سعد البازعي بعنوان (صناعة المبادرات القرائية ذات الأثر المستدام والقراءة التاريخية مع قاسم الرويس).
وشهد الملتقى حضورًا غفيرًا لمحبي القراءة، وتبادل الأفكار، إضافة إلى حوار مع الدكتور محمد الخالدي بعنوان (القراءة الرافد الذي لا ينضب).
وأقيمت ورش العمل مع مجموعة من المتحدثين المحليين والإقليمين والدوليين المهتمين بالقراءة.
وضم الملتقى ٤ مناطق مختلفة في مجالات متنوعة لإثراء ثقافة القراءة، منها منصة تبادل الكتب وأندية القراءة، وغيرها.
ويسهم هذا الملتقى في ترسيخ قيم الثقافة، ودعم التبادل الفكري بين قراء العالم، ويهدف إلى جعل القراءة ركيزة أساسية في رحلة التحول الحضاري، وتسليط الضوء على المواهب السعودية والعربية والعالمية، وتعزيز ثقافة القراءة وتبنيها كقيمة مجتمعية، تسهم في الارتقاء بالوعي، وتوسيع آفاق الفكر، داخل بيئة تجمع بين الإبداع والتنوع في مجال القراءة من خلال فعاليات مبتكرة، تجذب مختلف الفئات العمرية والتوجهات الفكرية.
ويؤكد هذا الملتقى على أهمية القراءة في الحياة، وسيستمر حتى يوم 21 ديسمبر.

مقالات مشابهة

  • الكاردينال بارولين يزور مستشفى الطفل يسوع
  • شرطة دبي تختتم فعاليات ملتقى المدينة العالمية المجتمعي
  • لشكر : الحركة الاشتراكية العالمية تسعى لتكريس السيادة الوطنية للدول ويصون سلامة أراضيها
  • افتتاح ملتقى ليبيا الدولي «للطب والسلامة المرورية»
  • إطلاقات وشراكات مليارية في ملتقى صُناع التأثير بالسعودية
  • إطلاقات وشراكات مليارية تحت مظلة وزارة الإعلام خلال ملتقى صُناع التأثير
  • حضور مجتمع ثقافي كبير في أول أيام ملتقى القراءة الدولي بالرياض
  • ملتقى “صُنّاع التأثير ImpaQ” يختتم فعالياته بمشاركة 1500 مؤثر دولي ومحلي
  • ملتقى صُنّاع التأثير يناقش دور حسابات الأندية الرياضية
  • اتفاقيات ومبادرات.. ختام ملتقى صناع التأثير بمشاركة 1500 مؤثر