التلفزيون تلك القلعة المهجورة .. البزعي والفلول من خلفه .. كما تدين تّدان
تاريخ النشر: 21st, June 2024 GMT
ياسر عرمان
ازمة التلفزيون في بورتسودان هي صورة مصغرة لازمة البناء الوطني في السودان، وانقضاء اجل المشروع الوطني القديم، ولكل اجل كتاب. حديث البزعي يمثل عقلية ومفهوم قديم ومتعسف من مفاهيم البناء الوطني لا يعترف بالتنوع ولا بحق الاخرين في ان يكونوا اخرين، ولا يتعرف بالمواطنة بلا تمييز، والبزعي نفسه ضحية من ضحايا المشروع الوطني القديم وعجرفة المشروع الحضاري المتعالي الذي لا صلة له بالارض او بالسماء.
قديما قال احد الكبار: "السودان دولة عربية ومن لم يعجبه ذلك فليأخذ عصاه ويرحل". بالفعل رحل البعض واستمرت حروبنا المتناسلة التي تلد بعضها بعض، وترجع احدى اسبابها العديدة لمفاهيم الآحادية والإقصائية في الحقل الاجتماعي والثقافي والسياسي.
الاعلام السوداني الحكومي وتلفزيون واذاعة البزعي ظلا نموذجا للعجز الغير مبرر في تجاهل التنوع السوداني، وشكلت هجرة المركز البالي القديم من الخرطوم الى بورتسودان وفي معيتهم البزعي تحديا جديدا للمركز وتجاهله على مدى عقود للصورة المتنوعة التي يزخر بها السودان. والفلول الذين كانوا يدعون الى دولة البحر والنهر هاهم قد وجدوا البحر المالح دون النهر ولن يكونوا وحدهم فالنموذج الليبي ايضا مشروع جزئي، وكلا المشروعين لا يعكسان صورة الوطن الكامل وغير قابلين للحياة.
الفلول ان كانوا من مواطني شرق السودان او من النهر، في بورتسودان تطاردهم روح الدكتور طه عثمان بلية الوثابة والباحثة عن العدل والإخوة الشريفة وعلى ممثلي المركز القديم ودولة ١٩٨٩ وبعض من يدعون تمثيل المهمشين في حكومة بورتسودان عليهم أن يدرسوا هذا الوضع بدقة وتغيير الاتجاه والسياسات والحوار مع اهل شرق السودان ووضع خطة- رغم ظروف الحرب- لانصافهم وبناء بورتسودان كمدينة مهمة واستراتيجية، ووضع تلك الخطة بمشاركة اهلها وتوظيف بنات وابناء الشرق، وهذه فرصة لاظهار قدر من الحساسية تجاه شرق السودان والخلل التاريخي الذي قامت عليه الدولة السودانية.
بعد ثورة ديسمبر استخدم الفلول الشرق منصة لقصف الحكومة الانتقالية، وتحدث الفلول حديثا اعرج عن مظالم الشرق وهم الظالمون وقد اطلقوا الرصاص على شباب البجا في وضح النهار، واذكر جيدا في إحدى زياراتي لبورتسودان دعاني اهل شهداء يناير للحديث في احتفالهم في قلب المدنية ورفض محمد طاهر ايلا التصديق بالاحتفال، ومع ذلك شاركنا معهم في اقامة الاحتفال. والبزعي ساهم في العمل ضد ثورة ديسمبر في التلفزيون والاذاعة و في التحريض ودعم القوى المضادة للثورة بعد أن جعل التلفزيون قلعة مهجورة، هذه اعماله ترتد إليه، وكما تُدين تُدان.
إن هذه الحرب تدمر الدولة وما تبقي من مؤسساتها ولابد من وقفها وبناء نظام جديد. إن الموت الذي يشمل المدنيين والعسكريين من كلا الطرفين والبنية التحتية لن يقود الى نصر وسلام مستدام وإن التعجيل بالحلول والجلوس الى طاولة التفاوض هو المدخل الصحيح.
*الخريف والكارثة الإنسانية والمجاعة:*
إن الكارثة الإنسانية تتفاقم والانتهاكات تزداد في دارفور والجزيرة وكردفان والخرطوم وغيرهم، والمجاعة تتمدد والخريف سيؤدي الى ازدياد حدة الكارثة الإنسانية واطراف النزاع مطالبة بوقف طويل لاطلاق النار على اساس انساني ومراقب اقليميا ودوليا، لا حل عسكري لاي من الطرفين، والحل العسكري إن حدث لن يدوم.
إن السودانيين في الخارج- على وجه الخصوص- مطالبين بحملة اقليمية وعالمية شاملة تعكس تفاصيل الكارثة الانسانية والانتهاكات وتبني شبكة فاعلة لوقف الحرب، وهو اقل شىء نقدمه لشعبنا، ولا زلنا بعيدين عن انجاز هذه المهمة.
20 يونيو 2024
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
في بيان رسمي.. مصر تعلن رفضها لحكومة سودانية موازية
القاهرة-رويترز
أعربت مصر اليوم الأحد عن رفضها للمساعي الرامية إلى تشكيل حكومة موازية في السودان قائلة إن هذه المحاولات تعقد المشهد وتعيق الجهود لتوحيد الرؤى في جارتها الجنوبية التي تشهد صراعا أهليا بين قوات الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية منذ ما يقرب من عامين.
وقال سياسيون سودانيون إن قوات الدعم السريع وقعت ميثاقا مع جماعات سياسية ومسلحة متحالفة معها خلال مراسم مغلقة في العاصمة الكينية نيروبي يوم 22 فبراير شباط لتشكيل "حكومة سلام ووحدة" في الأراضي التي تسيطر عليها القوات شبه العسكرية.
ومن غير المتوقع أن تحظى مثل هذه الحكومة، والتي أثارت بالفعل قلق الأمم المتحدة، باعتراف واسع النطاق لكنها دلالة أخرى على مدى تفكك البلاد خلال الحرب المستمرة منذ أبريل نيسان 2023.
وقالت وزارة الخارجية المصرية في بيان اليوم الاحد "تعرب جمهورية مصر العربية عن رفضها لأي محاولات تهدد وحدة وسيادة وسلامة أراضى السودان الشقيق بما فى ذلك السعى نحو تشكيل حكومة سودانية موازية، الأمر الذى يعقد المشهد فى السودان، ويعيق الجهود الجارية لتوحيد الرؤى بين القوى السياسية السودانية، ويفاقم الأوضاع الإنسانية".
وطالبت مصر "كافة القوى السودانية بتغليب المصلحة الوطنية العليا للبلاد والانخراط بصورة إيجابية فى إطلاق عملية سياسية شاملة، دون إقصاء أو تدخلات خارجية".
وتؤيد القاهرة موقف الجيش السوداني وانتقدت قوات الدعم السريع عدة مرات. وفر ملايين السودانيين بعد اندلاع الحرب إلى دول جوار من بينها مصر.
وقالت مصادر شبه عسكرية وسياسيون داعمون للحكومة الموازية لرويترز إن هذه الحكومة تهدف إلى انتزاع الشرعية الدبلوماسية من منافستها التي يقودها الجيش فضلا عن تسهيل الحصول على أسلحة متطورة.
وقد يؤدي هذا التحرك إلى إطالة أمد الحرب المدمرة، التي فقدت فيها قوات الدعم السريع شبه العسكرية السيطرة على أراض خلال الفترة الماضية، وإلى التقسيم الفعلي لثالث أكبر دولة في أفريقيا من حيث المساحة.