عادل الباز: سفير روسيا وحديقة بوريل
تاريخ النشر: 21st, June 2024 GMT
1 الأسبوع الماضي كتب سفير روسيا الاتحادية بالسودان أندريه تشيرنو فول مقالاً بعنوان (حول مناهضة الاستعمار الغربي الجديد) وهو من أعمق المقالات التي شخصت أزمة الدولة السودانية، بل كل الدول الأفريقية التي تعاني من مظالم سياسات الغرب تجاه العالم الثالث.
قيمة المقال ليس في الأفكار العميقة التي طرحها ولا في لغته الرفيعة فحسب، بل أيضا في مقدرة السفير اندرية الفائقة في ربط تاريخ الاستعمار الغربي وأزمة السودان الحالية واتخاذها نموذجا مثاليا للسياسات التي تتخذها الدول الغربية لإلحاق الشعوب الحرة بمشروعها الفكري واخضاعها ونهب مواردها واملاء إرادتها بالخداع أو بالقهر.
2
يقول السفير أندريه في مستهل مقاله (تشهد الدول الغربية الحالية أزمة نظام، ولم تعد بلدان الجنوب مستعدة لقبول الاستعمار الجديد من أجل رفاهية المليار الذهبي. ازدهار وتطور (حديقة بوريل) الشيء الذي لم يتم من خلال جهد العمال الأوربيين فقط، ولكن من خلال دماء شعوب الكوكب بأكمله، وإن النجاحات والتقدم الذي حققه العالم الغربي من خلال الحروب الصليبية ومن خلالها أيضاً توسعت سرقة ونهب القارات الأخرى وعزز ذلك النظام الاستعماري الجديد القائم حتى يومنا هذا.).
حديقة بوريل التي أشار إليها السيد اندريه أعلاه لها قصة، إذ ثارت دول كثيرة على وزير خارجية الاتحاد الأوروبي السيد جوزيف بوريل عقب الكلمة التي ألقاها خلال افتتاح الأكاديمية الدبلوماسية الأوروبية، أكتوبر من العام 2022 ووصفته بأنه عنصري. ماذا قال بوريل؟
قال «إن أوروبا حديقة، لقد بنينا حديقة، أفضل مزيج من الحرية السياسية والرخاء الاقتصادي والترابط الاجتماعي استطاعت البشرية أن تبنيه، لكن بقية العالم ليس حديقة تماما، بقية العالم… أغلب بقية العالم هو أدغال». وأضاف: «الأدغال يمكن أن تغزو الحديقة، وعلى البستانيين أن يتولوا أمرها، لكنهم لن يحموا الحديقة ببناء الأسوار، حديقة صغيرة جميلة محاطة بأسوار عالية لمنع الأدغال لن تكون حلاً، لأن الأدغال لديها قدرة هائلة على النمو، والأسوار مهما كانت عالية لن تتمكن من حماية الحديقة، على البستانيين أن يذهبوا للأدغال، على الأوروبيين أن يكونوا أكثر انخراطا مع بقية العالم، وإلا فإن بقية العالم سوف تغزو أوروبا».
وردت وقتها المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، على بوريل بالقول، إن «أوروبا أنشأت تلك الحديقة من خلال النهب البربري للغابة». وتابعت: «فلسفتهم في الفصل والتفوق أصبحت هي الفكرة الأساسية للفاشية والنازية، وكلتا الحربين العالميتين في القرن العشرين كانتا ناجحتين عن طموح ألمانيا لاستعادة العدالة وإعادة تقسيم مستعمرات أوروبا التي فشلت تلك الدولة في انتزاعها لنفسها».
بمقال السفير اندرية يتجدد ذات الجدل ويتصاعد حين غادرت مقالته حديقة بوريل إلى إصابة قلب القيم الغربية ( لقد أصبح الترويج لقيم الديمقراطية والليبرالية المنحرفة أداة لقمع المعارضين كما أصبح أي شخص يرفض تسليم الموارد لشركات النخب الغربية مقابل لا شيء تقريبا – يصبح محظورا من قبل واشنطن وحلفائها، ثم يقومون بمساعدة حلفائهم المتطرفين (والطابور الخامس) بالتحريض على النزاعات الداخلية، وإذا تبيّن استقرار السلطات الداخلية قاموا بالتدخل عبر الذرائع الإنسانية وبتوفير الدعم المهول من قبل وكالات الأمم المتحدة ذات الصلة، والمنظمات غير الحكومية والتي تمولها الدول الغربية في معظم الأحيان، ويمثل هذا النهج دائرة مغلقة تكاد تتطابق فيها النتائج: تدمير الدولة، مئات الآلاف من الضحايا والأمثلة معروفة للجميع في يوغسلافيا، ليبيا، اليمن، العراق وسوريا
انظر وتفكر
ترويج القيم الغربية المنحرفة كأداة لقمع…
اذا تم رفضها
يكون الحظر والعقوبات بمساعدة العملاء
إذا لم تحدث العقوبات النتيجة المبتغاة
فالخطوة التالية
# تفجير النزاعات الداخلية..
واذا لم تنجح هذه أيضاً في اخضاع الأنظمة “المارقة”
# يكون التدخل عبر الذرائع الإنسانية من قبل الأمم والمنظمات الحكومية التي تمولها الدول الغربية.
هذا النموذج الكلاسيكي الذي يعتمده الغرب لإخضاع الدول التي لا تدور في فلكه ليست تنظيراً يسرده السيد السفير اندريه، إنما نماذجه حاضرة اليوم في اليمن إلى العراق وطبقوه في السودان بحذافيره حتى أسقطوا الانقاذ. ولكن السودان لم يخضع رغم أن التغيير سيطر على قيادته عليه عملاء الغرب ذوى “الغربية المنحرفة” الذين سعوا لتغيير المناهج الإسلامية والقوانين الشرعية وأباحوا كل منكر حتى المثلية… لكن المجتمع السوداني رفض تفاهات القراي التي حاول تسريبها للمناهج وقامها وأسقطها وسقط هو نفسه.. هذه المقاومة للقيم المنحرفة وعدم الخضوع للغرب وعملائه قادته لعدم رفع العقوبات رغم الوعود والأموال التي دفعت سمبلا والتى جرى نهبها من أموال السودانيين، بقت العقوبات حتى يوم الناس هذا.
الخطوة الثالثة ضمن مقرر النموذج الكلاسيكي جاءت بعد أن عجزت صنائع الغرب عن إدارة الدولة بفعل المقاومة لخطط تغريب المجتمع السوداني، اتجهوا بعدها لتفجير الأوضاع من الداخل وهذا قد تم بامتياز بواسطة ما عرف بالملعون “الاتفاق الإطاري” وهو الاتفاق الذي رعته الرباعية وأيده الاتحاد الأوروبي والترويكا رغم إنه اتفاق اقصائي لأبعد حد، وهو العنصر الأهم الذي قاد لـ( التفجير الداخلي.) الحرب.
ثم ماذا جرى؟
هرع الجميع للأمم المتحدة ومجلس الأمن للتدخل تحت غطاء “الأوضاع الإنسانية” ثم بدأت المؤتمرات الكاذبة تعقد هنا وهناك لأجل جمع الموارد لإغاثة ضحايا الحرب التي أشعلوها تواً. للأسف قتل وتشريد للضحايا ولا أموال وصلت سوى الفتات.
3
الهدف دائماً من كل قصص التآمر على الشعوب الحرة هو بحسب السفير اندريه
( سببه أن السودانيين الموالون للغرب وهم من أججوا وأزكوا نار الصراع تسعى الدول الغربية لإيصال ناشطين ومعارضين (تقدم) المأجورين إلى سدة الحكم في البلاد وبأي ثمن.).
بعبارة أخرى إيصال صنائع الغرب لسدة الحكم وهم بلا وزن ولا قيم تنتمي إلى الشعب ولا مؤهلات تجعلهم جديرين بالسلطة، وقد رأى الناس تجربتهم على أرض الواقع.
كل ذلك يحدث لتظل حديقة السيد بوريل مزدهرة تٌسقى بدماء الشعوب المضطهدة ومواردها وقيمها المهدرة ….ويستمر نواطير الغرب حراس دائمين لبوابة الحديقة، يقتاتون من بقايا غثاء حشائشها المسمومة.
أخيراً، شكراً للسيد اندريه على المقال العميق والرائع.
عادل الباز
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الدول الغربیة حدیقة بوریل بقیة العالم من خلال
إقرأ أيضاً:
من الشرق إلى الغرب.. زعماء العالم يتسابقون لتهنئة ترامب
تسارعت ردود الفعل الدولية صباح الأربعاء، عقب إعلان دونالد ترامب فوزه في الانتخابات الرئاسية الأمريكية من ولاية فلوريدا، بعد حصوله على عدد كبير من أصوات المجمع الانتخابي متفوقاً على منافسته الديمقراطية كامالا هاريس.
اعلانوكان رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان أول المهنئين، حيث وصف فوز ترامب بأنه "أكبر عودة في تاريخ السياسة الأمريكية" معتبراً إياه "نصراً ضرورياً للعالم".
وانضمت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إلى قائمة المهنئين، مؤكدة في تغريدة لها أن العلاقة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة "تتجاوز كونها مجرد تحالف"، متعهدة بالتعاون مع الرئيس المحتمل.
وتوالت التهاني من قادة فرنسا وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا، حيث أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن استعداده للعمل المشترك، فيما أكد المستشار الألماني أولاف شولتز على متانة العلاقات الثنائية بين البلدين.
وفي أوكرانيا، رحب الرئيس فولوديمير زيلينسكي بالتزام ترامب بنهج "السلام من خلال القوة"، معرباً عن أمله في العمل المشترك رغم تصريحات ترامب السابقة حول خفض التمويل العسكري لكييف.
وقد نشر الأمين العام لحلف الناتو مارك روته على موقع X أنه تحدث بالفعل إلى ترامب، قائلاً: ”ستكون قيادته مرة أخرى أساسية للحفاظ على قوة تحالفنا“.
وكان ترامب قد انتقد حلف الناتو، مهددًا بقطع التمويل الأمريكي للحلف العسكري ما لم تقم الدول الأوروبية الأخرى بسحب ثقلها المالي.
وفي السياق ذاته، أشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بـ"العودة التاريخية" لترامب، معتبراً إياها "بداية جديدة لأمريكا" وللتحالف بين البلدين.
هذا، وقال الرئيس التركي رجب طيب اردوغان" "تهانينا لدونالد ترمب على فوزه بالانتخابات الرئاسية الأمريكية"، وأضاف "آمل في هذه الفترة الجديدة أن تتعزز العلاقات التركية الأمريكية وأن تنتهي الأزمات والحروب الإقليمية والعالمية، وخاصة القضية الفلسطينية والحرب الروسية الأوكرانية، وأعتقد أنه سيتم بذل المزيد من الجهود من أجل عالم أكثر عدلا".
Relatedتقرير: الصين تدير حملة على الإنترنت للتأثير على الانتخابات الأمريكية عبر حسابات وهميةالانتخابات الأمريكية: مديرا فيسبوك وتويتر التنفيذيان في جلسة استماع أمام مجلس الشيوخ الاتحاد الأوروبي يتجه لفرض المزيد من العقوبات على روسيا تحسبا لفوز ترامب في الانتخابات الأمريكيةعربيا، هنّأ أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، ترامب، وقال "أتطلع للعمل معه مرة أخرى لتعزيز علاقتنا وشراكتنا، وأتطلع إلى تعزيز جهودنا المشتركة مع الرئيس ترامب لحفظ الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم".
بدوره، تقدم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي "بخالص التهنئة" للرئيس المنتخب دونالد ترامب، متمنيًا له "التوفيق والنجاح في خدمة مصالح الشعب الأمريكي."
وأكد في تغريدة له عبر منصة إكس على "أهمية تعزيز التعاون المشترك بين مصر والولايات المتحدة، مشيرًا إلى أن البلدين قدما نموذجًا مثاليًا للتعاون في العديد من المجالات."
وأضاف "أن البلدين يتطلعان للعمل معًا من أجل إحلال السلام، والحفاظ على الاستقرار الإقليمي، وتعزيز الشراكة الاستراتيجية بينهما في ظل التحديات التي يشهدها العالم."
وتشير التوقعات إلى تقدم ترامب في ثلاث ولايات متأرجحة، بما فيها ولاية بنسلفانيا الحاسمة، محققاً 267 صوتاً في المجمع الانتخابي من أصل 270 صوتاً مطلوباً للفوز.
المصادر الإضافية • أب
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية الرئيس الـ 47.. ترامب يتربع على عرش البيت الأبيض مجددًا بعد فوزه بـ 277 صوتًا في المجمع الانتخابي مخاوف من عودة ترامب إلى البيت الأبيض.. أوروبا تحبس أنفاسها بانتظار نتائج الانتخابات الأمريكية قبل الانتخابات الأمريكية: حكم قضائي تاريخي في نبراسكا يسمح لأصحاب السوابق الجنائية بالتصويت الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024 كامالا هاريس دونالد ترامب اعلاناخترنا لك يعرض الآن Next عاجل. الرئيس الـ 47.. ترامب يتربع على عرش البيت الأبيض مجددًا بعد فوزه بـ 277 صوتًا في المجمع الانتخابي يعرض الآن Next عاجل. حرب غزة بيومها الـ397: الجيش الإسرائيلي يعلن "تطهير" شمالي القطاع وسقوط صاروخ في مطار بن غوريون يعرض الآن Next مباشر. نتنياهو إلى "العزيز" ترامب: عودتك بداية جديدة يعرض الآن Next الجمهوريون يستعيدون السيطرة على مجلس الشيوخ الأمريكي وينتزعون مقعدًا إضافيا في مجلس النواب يعرض الآن Next متى سيتم الإعلان عن الفائز في الانتخابات الأمريكية؟ اعلانالاكثر قراءة حملة اعتقالات واسعة في صفوف اليمين المتطرف في ألمانيا بتهمة التخطيط لانقلاب على نظام الحكم هل تحسم بنسلفانيا السباق الرئاسي بين هاريس وترامب؟ حب وجنس في فيلم" لوف" دراسة: ممارسة الجنس جزء أساسي في حياة من هم فوق 65 عاما أحكام بسجن "نجوم تيك توك وأنستغرام" في تونس بسبب خرق قواعد "الأخلاق الحميدة" اعلانLoaderSearchابحث مفاتيح اليومالانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024دونالد ترامبكامالا هاريسفيضانات - سيولالحزب الديمقراطيإسرائيلكامالا هاريسالحزب الجمهوريإسبانياغزةوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين - أونرواالشتاءالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesJob offers from AmplyAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactPress officeWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024