كتبت كلوديت سركيس في" النهار":بدأ النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار خطوة الألف ميل. وقرر فتح الملف المالي على مصراعيه بتحقيقات سيتولاها بنفسه، .والسؤال المطروح: هل ستعترض قراراته ضغوط سياسية وتعوق خطواته أم سيكمل مسيرة قراراته التي ستكون "مزلزلة" حتى النهاية؟
اتخذ النائب العام التمييزي قراراً عبر استنابة أصدرها إلى الأجهزة الأمنية المختصة بمنع سفر عدد من المسؤولين في "بنك الاعتماد المصرفي" وأصدر مذكرة بإحضار رئيس مجلس إدارة بنك الاعتماد المصرفي طارق خليفة مخفوراً إلى مكتبه في قصر العدل حيث سيخضع للتحقيق من القاضي الحجار.

وهي المرة الأولى ربما التي يتولى فيها النائب العام التمييزي شخصياً التحقيق في قضية من هذا النوع. والعقبى بعدها، وفق مصادر قضائية بفتح تحقيق في ملف شركة"أوبتيموم" على يده أيضاً، وهو موضوع كان قيد التحقيق من النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون.
وأوضحت المصادر أن التحقيق الذي سيتناوله مع رئيس مجلس إدارة الاعتماد المصرفي، والأخير سبق أن خضع لتحقيق وتوقيف من القاضية غادة عون، سيجري أمام القاضي الحجار في ضوء تقارير تسلمها أخيراً من هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان والمدير الموقت. ويشمل التحقيق مع المسؤولين في هذا المصرف موضوع تبييض أموال وإفلاس احتيالي وتزوير وحصول اختلاسات تحت ستار إعطاء قروض غير مدفوعة ما أسهم في الأزمة المالية. وتنتظر أوساط متابعة صدور إجراءات ذات شأن في ملف "أوبتيموم إنفست" التي أحدثها مصرف لبنان لتقوم بدور الوسيط المالي في المعاملات بينه وبين المصارف.  

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

خط الدفاع الأول لحماية المال العام

 

 

خالد بن حمد الرواحي

يُعَدُ المال العام المورد الأساسي لتحقيق الاستقرار وبناء وتنمية أي دولة، لذا، يجب على الدول كافةً أن تولي اهتمامًا كبيرًا لحماية وصيانة ورقابة مواردها، ومن هنا كانت حماية المال العام من الأمور المُهمة التي تشغل الجميع، خاصة في مؤسسات القطاع العام التي تتمتع بأهمية كبيرة.

ويرتبط تعزيز قيم النزاهة والشفافية ونظم المساءلة في القطاع العام ارتباطًا وثيقًا بالبنية المؤسسية السليمة والأجهزة الرقابية القوية والفاعلة التي تتمتع بالاستقلالية والمهنية. إضافة إلى ذلك، تسعى السلطة التنفيذية لمنع أجهزتها وموظفيها من ارتكاب الأخطاء أو إساءة استخدام الموارد وحمايتها من الضياع والاختلاس. وذلك عن طريق إصدار تعليمات تحدد الإجراءات اللازمة للتأكد من دقة بياناتها المالية والمحاسبية. بوجود هذه التعليمات الملزمة لجميع الأجهزة الحكومية والموظفين، يمكن حماية الأموال العامة واكتشاف أية مخالفة أو انحراف في وقت مُبكر.

وتُعد دوائر التدقيق الداخلي أجهزة إنذار مُبكر للتعرف على الأخطاء والمخالفات، كونها عنصراً جوهرياً وأساسياً لضمان الأداء المالي الصحيح في دوائر الجهاز الإداري للدولة، خاصةً في ظل حجمه الكبير وتعدد أساليبه وإجراءاته العملية، وكثرة تنظيماته الإدارية وزيادة عدد العاملين فيه وتنوع خدماته.

وبالنظر إلى ذلك، يُستدعى التدقيق الداخلي الحاجة إلى تطوير كفاءة الأداء المالي وتوفير الحماية المناسبة للأموال العامة. كما يتضمن التدقيق مُراجعة الأنظمة الرقابية الحالية، مما يُسهّل تنفيذ الأعمال الإدارية بكفاءة وفعالية عالية، ويُقدم الدعم للإدارة العليا في اتخاذ القرارات على أي مستوى. ومع التركيز المُتزايد على استخدام مؤشرات قياس وتقييم وتحسين الأداء، يظهر أن التدقيق الداخلي يُسهم أيضًا في مراجعة الأنظمة الرقابية الحالية، مما يسهل تحقيق كفاءة وفعالية الأداء المالي لتحقيق أهداف المؤسسة.

والتدقيق الداخلي بشكل مبسط، عبارة عن عملية مستقلة مهنية منظمة وموضوعية، تعمل على الرقابة والتأكد من صحة عمليات الجهة الحكومية، وإضفاء الثقة والمصداقية عليها، من خلال تقرير يصدره الشخص المخول للقيام بتلك المهام، والذي يجب أن يكون على قدر عالٍ من الكفاءة والاستقلالية.

من جهة أخرى، تتمثل أهمية استقلالية مُمارسة المدقق الداخلي لعمله في الحفاظ على قدرته على القيام بمهامه بحرية تامة، بعيدًا عن الضغوط التي تُهدد كفاءته وقدرته على القيام بالمهام الموكلة إليه. وتُحقق هذه الاستقلالية من خلال ارتباط التدقيق الداخلي بمستوى إداري في قمة الهيكل التنظيمي للمؤسسة. ومع ذلك، تتأثر استقلالية وحدات التدقيق الداخلي في الجهات الحكومية، حيث لا تتمتع بمقومات الاستقلالية المناسبة بشكل كامل نظرًا لأنها جزء من الهيكل التنظيمي للجهة الحكومية، وبالتالي فإن استقلاليتها عامة.

علاوة على ذلك، لا توجد إدارة أو هيئة مستقلة تنضوي تحتها وحدات التدقيق الداخلي، مما يعني أن الإدارة العليا في الوزارة أو في الإدارات الأخرى قد تفرض عقوبات على موظفي التدقيق الداخلي أو تحرمهم من بعض حقوقهم، مما يؤدي إلى إضعاف استقلاليتهم. بالإضافة إلى ذلك، التشريعات لا تمنح أية حصانة للعاملين في هذه الوحدات.

ويكتسب التدقيق الداخلي أهمية خاصة في القطاع العام، حيث يُعتبر خط الدفاع الأول لحماية المال العام وضمان استخدامه بطريقة أمثل، وتقديم أفضل الخدمات لأفراد المجتمع المحلي. كما يُعتبر التدقيق الداخلي أداة فعالة في تطوير السياسات وزيادة الكفاءة الإنتاجية، مما يسهم في تعزيز مختلف قطاعات المجتمع بالفائدة.

ووفقًا للائحة التنفيذية للقانون المالي، تختص وحدات التدقيق الداخلي دون غيرها بمراجعة سندات الصرف، والتحقق من أن الإنفاق تم وفقًا للتشريعات والإجراءات المالية، بالإضافة إلى مراجعة القيود المحاسبية. تعطي هذه المهام أهمية كبيرة للتدقيق الداخلي ووحداته، حيث تتفرد بالرقابة القبلية الشاملة وتمثل نوعًا من الرقابة الذاتية. ينعكس أثر هذه الرقابة على أداء جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة، الذي يتولى الرقابة الخارجية اللاحقة للصرف بالعينة. هذا في حين أن إدارات التدقيق الداخلي في الجهات الحكومية ما زالت اختصاصاتها تقتصر على التدقيق المالي فقط ولا تشمل التدقيق الإداري.

وفي ذات السياق، يؤدي غياب التدقيق الداخلي في بعض الأحيان إلى انتشار الرشوة والفساد، وظهور المحسوبية، وتأخير العمل، وعدم التوازن في أنظمة العمل اليومي، مما يُكلف ميزانية الدولة ملايين الريالات. بالإضافة إلى ذلك، يُؤدي الغياب إلى تآكل حقوق بعض الموظفين على حساب مصالح موظفين آخرين، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى فقدان المؤسسات لجزء كبير من مواردها البشرية، وتسجيل خسائر سنوية على حساب مصالح بعض المستفيدين والمتعاملين داخل وخارج تلك المؤسسات.

لذلك، أنشأت الجهات الحكومية الخاضعة لأحكام القانون المالي إدارة للتدقيق الداخلي ضمن سلطتها التنفيذية وفقًا للمادة (9) من القانون المالي الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (47/98). تم تحديد اختصاصات وحدات التدقيق الداخلي بموجب القرار الوزاري رقم (80/99) الصادر عن وزارة المالية، وتم إلغاء القرار السابق المشار إليه بصدور اللائحة التنفيذية للقانون المالي بالقرار الوزاري رقم 118/2008. واجبات هذه الإدارات تتمثل في التحقق من تنفيذ القوانين واللوائح والقرارات والإجراءات المالية المعمول بها.

وعليه.. فإنِّه من الأهمية بمكان تعزيز استقلالية دوائر التدقيق الداخلي في الجهات الحكومية وتوفير الضمانات الكافية لها، من خلال تبعيتها لوزارة المالية. يجب تعزيز استقلالية المدقق الداخلي من خلال إنشاء نظام خاص بهم، وتنظيم دورات تدريبية داخلية وخارجية متخصصة في مجال التدقيق الداخلي. كما ينبغي تشجيع المدققين للحصول على شهادات مهنية في مجال التدقيق، وتعريفهم بالتشريعات الرقابية العامة، والتشريعات المتعلقة بجهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة بشكل خاص.

علاوة على ذلك، من الضروري توجيه الاهتمام إلى تأهيل وتدريب وتطوير الكوادر الرقابية العاملة في وحدات التدقيق الداخلي، وتوفير المخصصات والمتطلبات اللازمة لهم، خاصة مخصصات التدريب.

وأخيرًا.. ينبغي السعي لانتقاء الموظفين الذين يعملون في دوائر التدقيق الداخلي من بين أصحاب الكفاءات والمهارات والمؤهلات المناسبة، ومن الضروري تعزيز تطوير الأداء في إدارات التدقيق الداخلي ليشمل كل من التدقيق الإداري والمالي، مع تعزيز رقابة الأداء بأساليب مشابهة للرقابة الخارجية، مع أهمية تعزيز قدرة المدققين الداخلين على اكتشاف الاستثناءات والأنماط غير المألوفة عبر استخدام الذكاء الاصطناعي، وهذا بدوره سيُعزز من تحقيق مستوى عالٍ لحماية المال العام في عصر التكنولوجيا بالتالي سيُعَظِّمُ الثقة في المؤسسات العامة ويُسهم في تحقيق التنمية المُستدامة.

مقالات مشابهة

  • ميقاتي بحث مع وزير خارجية النمسا في الوضع في جنوب لبنان.. وترأس إجتماعاً وزاريّاً
  • خدمة التحقق من الهوية في TikTok وX تركت بيانات اعتمادها مفتوحة على مصراعيها لمدة عام
  • تفاصيل خطة قصور الثقافة في العام المالي الجديد.. مسارح متنقلة بالأماكن النائية
  • القاضي (حيدر حنون) يؤكد رغبة النزاهة العراقية في التعاون مع جهاز الشرطة الماليَّة والهيئة الوطنيَّة لمكافحة الفساد الإيطاليَّة
  • النائب محمد عزت القاضي: غلق المحال التجارية 10 مساء يرشد استهلاك الكهرباء
  • بين وزيرين
  • «اتحاد المصارف»: القطاع المالي يواصل أداءه ونموه القوي
  • السفير الروسي بحث مع القاضي الحجار في تطوير العلاقات القضائية بين البلدين
  • ملامح تسوية في ملف الاعتماد المصرفي
  • خط الدفاع الأول لحماية المال العام