كتب محمد شقير في" الشرق الاوسط": كشفت مصادر سياسية مواكبة للأجواء التي سادت المفاوضات التي جرت أخيراً بين رئيس مجلس النواب نبيه بري، بالإنابة عن «حزب الله»، والوسيط الأميركي أموس هوكشتين الذي يتنقل بين بيروت وتل أبيب، عن أن خفض متبادل لمنسوب التوتر على امتداد الجبهة الشمالية الإسرائيلية تصدّر اجتماعهما لقطع الطريق على تفلُّت المواجهة العسكرية وتدحرجها نحو توسعة الحرب
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن هوكشتين وبري تداولا في مجموعة من الأفكار، أبرزها الالتزام بقواعد الاشتباك التي كانت سائدة قبل انخراط الحزب في مساندته لحركة «حماس»، في الثامن من تشرين الأول الماضي، أي إلى ما كانت عليه في السابع منه.


وقالت المصادر السياسية إن مجرد العودة إلى ما كان عليه الوضع في السابع من أكتوبر الماضي ستؤدي، من وجهة نظر هوكستين، إلى عودة النازحين على جانبَي الحدود اللبنانية - الإسرائيلية.
ولفتت المصادر نفسها إلى أن جميع الأفكار التي تداول فيها هوكشتين مع بري بقيت تحت سقف ضرورة التقيُّد بقواعد الاشتباك، وقالت إن من بين هذه الأفكار امتناع الحزب وإسرائيل عن استخدام كل أنواع المسيرات، وعدم تبادل القصف في العمق، مع أن بري أكد له أن إسرائيل هي المعتدية، ولم توقف خروقها للأجواء اللبنانية براً وبحراً وجواً، وتستمر في احتلالها عدداً من المواقع في النقاط المتداخلة بين البلدين التي تخضع للسيادة اللبنانية، إضافة إلى احتلالها مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، ورفضها تطبيق القرار «1701» الذي يلتزم به لبنان ويصر على تنفيذه.
وأكدت المصادر أنه جرى التداول بامتناع الطرفين عن تبادل القصف في العمق، ووقف إسرائيل استخدام القنابل الفوسفورية التي أدَّت إلى حرق المزروعات والأشجار المثمرة، وتحديداً في القرى والبلدات الواقعة على الخطوط الأمامية، مضيفة أن مجرد الالتزام بهذه الأفكار سيؤدي حكماً إلى ضبط إيقاع المواجهة العسكرية من جهة، وقطع الطريق على تدحرج الوضع نحو توسعة الحرب جراء تورط أي طرف في سوء تقدير لمجريات المواجهة من جهة ثانية، رغم أن الحزب، نقلاً عن قول بري لهوكستين، يمارس أقصى درجات ضبط النفس ولا يريد توسعة الحرب، لكنه يستعد لها إذا ما جنحت إسرائيل لتوسعتها.
ونقلت المصادر عن هوكشتين أن هناك ضرورة لخفض التوتر ومنعه من التفلت ريثما يتم التوصل لوقف النار في غزة، الذي يُفترض أن يتزامن مع تهدئة الوضع في الجنوب، وهذا يتطلب منذ الآن تهيئة الأجواء للوصول إلى اتفاق مسبق بين لبنان وإسرائيل، على أن يبدأ تنفيذه فور سريان مفعول الهدنة في غزة.
وأكدت أن هوكشتين جدد رفض الولايات المتحدة الأميركية توسعة الحرب وتوفير الغطاء السياسي لإسرائيل لئلا تتمدد الحرب إلى الإقليم بدخول إيران طرفاً في المواجهة.
وأوضحت المصادر أن كل ما أُشيع عن فشل المفاوضات لا أساس له من الصحة، وأن للحديث صلة بينهما، وأن هوكشتين على تواصل مع بري، ويُفترض أن يحيطه علماً بنتائج اجتماعه برئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، في زيارته الثانية لتل أبيب التي توجه إليها آتياً من بيروت فور انتهاء اجتماعاته التي عقدها،
وقالت إن بري سيبني على الشيء مقتضاه، بالتشاور مع الحزب، في ضوء رد نتنياهو على الأفكار التي طرحها عليه هوكستين لخفض منسوب التوتر، مع أن الأخير جدد نصحه، بحسب المصادر نفسها، بمعاودة التفاوض بين لبنان وإسرائيل للتوصل إلى اتفاق مسبق يبدو أنه سيبقى متوقفاً على ما سيؤول إليه الوضع في غزة، وإن كان لمح إلى أن إسرائيل ما زالت في حاجة إلى فترة زمنية ما بين 3 و4 أسابيع للسيطرة على رفح.
 

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: توسعة الحرب

إقرأ أيضاً:

حتى لاتموت جهود الهدنة في غزة !!

ليس من المبالغة في شيء القول إن مبادرة الرئيس الأمريكي للتهدئة في غزة لم تتعثر فقط في أروقة مجلس الأمن الدولي حيث استمرت التعديلات في منطوقها نحو ستة أيام لتتحول من نص قدمته إسرائيل في أواخر مايو الماضي مما أدى إلى اعتراض الجزائر وروسيا والصين عليه ثم إدخال عدة تعديلات عليها لإضفاء بعض المصداقية على تسميتها وتجاوز الاعتراضات التي ظهرت، والتي ينبغي التعامل معها لتأمين النصاب الضروري للموافقة عليها عند التصويت يوم الاثنين قبل الماضي. حيث وافق مجلس الأمن بأغلبية 14 صوتا وامتناع دولة واحدة عن التصويت هي روسيا الاتحادية ليس فقط من قبيل المناكفة لواشنطن ولكن أيضا لعدم ثقتها في الموقف الأمريكي، الذي أكد من جانبه موافقة إسرائيل على المشروع المقترح حتى قبل التصويت عليه دعما لإسرائيل وإظهارا لسلبية موقف حماس واتهامها مسبقا بأنها «الوحيدة التي تعارض وقف إطلاق النار» وهو ما دعا حماس إلى انتقاد وزير الخارجية الأمريكي بلينكن ووصفت تصريحاته بأنها «عقبة تعرقل المفاوضات الجارية». خاصة وأن تأكيدات إسرائيل لم تتوقف حول استمرارها في الحرب حتى تحقيق أهدافها، وهو ما سبب إرباكا وازدواجية في المواقف الأمريكية وزاد بالفعل من تشكك حماس والفصائل الفلسطينية ومن قبلهم موقف موسكو حول مناورات واشنطن وعدم وضوح موقفها حول العناصر الرئيسية للمبادرة، سواء بمراحلها الثلاث أو بمجملها التي لم يتوقف أمامها الكثيرون في غمرة ترحيب الجميع باستثناء روسيا بالتصويت على المقترح في مجلس الأمن. ولعله ينبغي الإشارة إلى أن امتناع موسكو عن التصويت على مشروع القرار ليس ممارسة لحق الفيتو من جانب روسيا ولكنه نوع من التحفظ لا يرقى إلى حد الفيتو وإسقاط القرار، وبالتالي وافق مجلس الأمن على المبادرة واعتبرت واشنطن ذلك دعما لمساعي بايدن برغم أن النص في أصله كان اقتراحا إسرائيليا تم مناقشته على صفحات صحيفة عمان أواخر مايو الماضي.

وإذا كانت واشنطن قد دعمت رؤيتها وتحركها للتوصل إلى اتفاق هدنة، قد عمدت إلى تقديم موافقة مجلس الأمن في 5 يونيو الجاري على أنها إنجاز كبير يدعم رؤيتها وتحركها إلا أنها سرعان ما وجدت نفسها أمام مشكلة ممتدة ومتعددة الجوانب، وأن الأمر لم ينته عند إقرار مجلس الأمن للمبادرة، بل إن المتاعب بدأت تطرح نفسها بشكل عملي، ولعل ذلك هو من أهم دوافع حماس لإعلان قبولها وعدم قبولها في الوقت ذاته لقرار مجلس الأمن حتى لا تضع نفسها تحت الضغط الإعلامي والسياسي الأمريكي باتهامها أنها لا تريد تنفيذ القرار ولا تريد وقف إطلاق النار كما يزعم وزير الخارجية بلينكن وليس مصادفة أن يرسل بايدن مستشاره للأمن القومي «سوليفان» ليساعد الوزير بلينكن في المفاوضات وحول تفسير معنى موقف حماس بشأن التعديلات التي أظهرت في الواقع خلافات بينهما بشأن التعديلات التي اقترحتها حماس ودعت إلى الأخذ بها حتى يمكنها التوقيع على اتفاق هدنة، وقد بدا ذلك وكأنه تعثر مجددا وتحدثت صحف إسرائيلية – يديعوت احرونوت - عن أن فرص توقيع المبادرة تكاد تكون «منعدمة».

وبعيدا عن الانسياق وراء حالات التضارب والتشتت بين وزراء حكومة نتانياهو، ووراء تضارب تصريحات نتانياهو نفسه التي لا يمكن أن تبعث على الثقة في موقفه إذا تم التوصل بشكل أو بآخر إلى اتفاق هدنة في غزة، فإن الموت السريري لمبادرة بايدن وأمله في إنعاش حملته الرئاسية القادمة يظل أمرا غير مستبعد، بكل ما يترتب على ذلك من نتائج، وهو ما يمكن الإشارة إليه بقدر من التفصيل فيما يلي:

أولا، إن نقطة الخلاف الأساسية والمهمة ، ليست فقط هي من أين تبدأ عملية تنفيذ الجوانب الأساسية لمبادرة بايدن، وما هي الخطوات الأولي لذلك؟ وهل هناك إرادة مشتركة للعمل بين حماس وإسرائيل للسير نحو خطوات التنفيذ الضرورية؟ الجواب معروف بالتأكيد وعلى شاشات التليفزيون، فالخلافات بين الجانبين شاسعة والثقة بينهما معدومة، ولذا فإن الشكوك المتبادلة هي المسيطرة والدور الذي تقوم به أطراف الوساطة هو دور مضن وبالغ الصعوبة ويحتاج إلى توثيق على أكثر من مستوى سياسي وديبلوماسي وإنساني قبل ذلك حتى ولو بدا مستحيلا في ظل الملابسات الراهنة، خاصة وأن الطرفين – حماس وإسرائيل – يقفان على طرفي نقيض وهذا أمر معلن ومعروف فإسرائيل ونتانياهو تحديدا وحتى بايدن يريد إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين في فترة مبكرة وبعد ذلك لكل حادث حديث، وحماس تريد إنهاء الحرب وانسحاب إسرائيل من غزة والمهم ضمان ذلك أمريكيا ومن جانب روسيا والصين وتركيا وهو ما كانت حماس قد طلبته من قبل دون أن يتم البت فيه، وقد تتحفظ لواشنطن على ذلك إلا إذا تيقنت من أنه لا غنى عنه في النهاية. وعلى أية حال فإنه ليس هناك من يمكنه تقديم ضمانات موثوقة بالنسبة لالتزام إسرائيل والأمثلة في هذا المجال أكثر من أن تحصى. يضاف إلى ذلك نقطة جوهرية هي أنه إذا كانت إسرائيل هي قوة الاحتلال وهي التي، قامت بكل الدمار والقتل في صفوف الفلسطينيين وبموافقة وتبرير أمريكي وبريطاني وغربي فلماذا لا توقف الحرب من جانبها إذا كانت بالفعل تريد ذلك؟ ولكن نتانياهو لا يريد في الحقيقة وقف الحرب لأنه يعتبر استمرارها أداة لتدمير حماس. وهنا يتضح التناقض فحماس تدعو لوقف القتال بشكل دائم وهي مستعدة لذلك بالفعل ولكن إسرائيل هي التي لا تريد فكيف تحملها واشنطن والغرب مسؤولية لا تريد إسرائيل تحملها وبما يخدم مصالح إسرائيل أيضا فهل تعترف أمريكا والغرب بذلك أم يمارسون الخديعة والتدليس حتى النهاية ؟! من جانب آخر فإنه من غير الممكن أن توقف حماس القتال من طرف واحد، على الأقل تقديرا لدماء عشرات الآلآف من الشهداء والضحايا ووفاء للأرض التي تحارب مع أبنائها دوما وفي كل الظروف. ومن المؤسف أن الحرب قد تطول لأن نتانياهو يريد أن تتاح له فرصة الزعم بتحقيق أهدافه في الحرب، قبل أن تتم محاكمته دوليا قبل أن تتوقف الحرب.

ثانيا، أنه في حين تدرك حماس أن تخليها عن ورقة الرهائن بأي شكل وإطلاقها سراحهم جميعي يلهم يتطلب الحصول على ضمانات دولية للالتزام الإسرائيلي بالانسحاب الكامل من غزة ولاستمرار عملية الهدنة وبحيث تكون المراحل الثلاثة متتابعة لأنها تخشى الفواصل الزمنية بين المرحلتين الأولي والثانية وبين المرحلة الثانية والثالثة إذا كانت ستكون هناك مرحلة ثالثة جدلا. فهي لا تستبعد تراجع نتانياهو بعد تسلمه آخر رهينة من الفصائل الفلسطينية والعودة إلى الحرب لأي سبب يدعيه لاستكمال أهدافه. وبينما تعرضت وتتعرض حماس لحملة أمريكية وغربية منظمة ومتواصلة لتحميلها مسؤولية عرقلة اتفاق الهدنة حتى الآن على الأقل فإن التأييد الأمريكي والغربي لإسرائيل سيكون جاهزا عند الضرورة وإلقاء المسؤولية على عاتق حماس، في حين أن إسرائيل هي التي تواصل الحرب وحماس هي التي تطلب وقف القتال. وأمام هذا التباين فإنه من المعروف أن التفاوض من جانب الوسطاء يكون حول تاريخ معين يقبل به الطرفين لوقف القتال مؤقتا وبدء التطبيق العملي لإطلاق سراح الدفعة الأولى من الرهائن والمحتجزين . أما ترك المسألة لتتحكم فيها إسرائيل وبالتالي حماس فإنها ستستغرق وقتا طويلا خاصة وأن بايدن يدرك ذلك من منظور مصلحة نتانياهو في البقاء في السلطة لأطول فترة ممكنة. وإذا استمرت واشنطن في موقفها الذي يفتقر إلى الحسم والقوة في التعامل مع نتانياهو فإن مبادرة بايدن التي كانت في الأصل مبادرة إسرائيل قبل نحو عدة أسابيع ستذبلوتفقد الحماسة أو القدرة على تنفيذها ثم التعرض للموت الفعلي أو السريري خاصة وأن إسرائيل وبعض مسؤولي حماس يرون في استمرار القتال مصلحة ما بالنسبة لكل منهما من منطلقات مختلفة بعد أن تحول الدم الفلسطيني للأسف إلى أداة لتعزيز المصالح لنتانياهو ولحماس فالتضحيات الفلسطينية وتصريحات السنوار كانت صادمة، خاصة وأن تضحيات الفلسطينيين التي لم تتوقف طوال السنوات الماضية تزداد مع مرور الوقت ولكن هل التضحيات الفلسطينية هدف في حد ذاته ولا يهم إن تحولت إلى شكل من الإبادة الجماعية بحجة أنها «تضحية ضرورية» وهنا فإن مسؤولية وعبئا ثقيلا يقع على كاهل القيادة في حماية أرواح ومقدرات شعبها وليس تقديم أرواح شعبها بسهولة ضحية لمجازر آلة الحرب الإسرائيلية التي تمارس الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين بوعي وتخطيط ودعم أمريكي وغربي. والمأساة أن تتصور بعض القيادات الفلسطينية أنها تعمل من أجل المصلحة الفلسطينية في حين أن التشبث بحكم غزة، حتى ولو كانت أنقاضا، يسبق أية أولوية أخرى وسيظل ذلك مجال جدل وخلافات بين الفلسطينيين وضد مصالحهم الوطنية. برغم أية شعارات على هذا الجانب أو ذاك.

مقالات مشابهة

  • استخدام المسيرات في تهريب المخدرات.. التحدي الأكبر للأمن في العراق
  • لا تطمينات باطفاء جبهة الجنوب قبل غزة: قواعد الاشتباك نافذة الى إشعار آخر
  • الامتناع عن التصويت يضع الاتحاد الأوروبي في ورطة.. وميلوني تدعو لطريق مختلف
  • تقرير أمريكي: إسقاط حزب الله واليمن المسيرات يتحدى الهيمنة الجوية لـ”تل أبيب” وواشنطن
  • تقرير : نجاح اسقاط المسيرات يفقد أمريكا و العدو الصهيوني الهيمنة الجوية
  • نُذر الحرب مع حزب الله تحاصر اقتصاد إسرائيل
  • هل اختراع العزلة هو السبيل للهروب من ثقل الأفكار؟
  • ما الأسلحة الجديدة التي تهدد إسرائيل باستخدمها ضد حزب الله؟
  • تفاصيل لقاء ملك الأردن مع الرئيس الفرنسي ومطالب وقف الحرب على غزة
  • حتى لاتموت جهود الهدنة في غزة !!