تهدف ورش منصة التأهيل النفسي بالتعاون مع المركز الألماني السوداني للتنمية والسلام بميونخ والمبدعين لمناقشة توجيه الإبداع لمعالجة صدمات الحرب وآثارها.

ميونيخ: التغيير

تجري منصة التأهيل النفسي بالتعاون مع المركز الألماني السوداني للتنمية والسلام بميونخ بمشاركة المبدعين، استعدادات لقيام ورش عمل لمعالجة انتكاسات الحرب.

وتهدف الورش لمناقشة التأهيل النفسي من قبل اختصاصيي علم النفس مع الموسيقيين والدراميين والشعراء والفنانين لتوجيه إبداعهم لمعالجة صدمات الحرب وآثارها.

الموسيقار يوسف الموصلي العلاج الأول

والتأمت عدة اجتماعات رصدتها (التغيير) عبر التطبيقات الإسفيرية حضرها لفيف من المبدعين والاختصاصيين النفسيين.

وابتدر الحوار الموسيقار د. يوسف الموصلي الذي ذكر أن الموسيقى بالنسبة له تمثل العلاج الأول، وكشف أنه عايش الحرب في الخرطوم بضاحية الأزهري وسط أهوال أصوات القصف ورائحة الموت.

وقال: “خرجنا بحمد الله من الخرطوم إلى بورتسودان واستغلينا سفينة حربية إلى البحر الأحمر ثم سافرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية”.

ونبه الموصلي إلى أنه ونسبة لما عايشه من ويلات الحرب أنتج بعد ذلك قرابة 12 عملاً تدعو للسلام وتنادي بوقف الحرب.

وذكر أن جميع ضروب الإبداع من مسرح وتشكيل وموسيقى هي عناصر لا يمكن الاستغناء عنها في العلاج النفسي.

د. سامي عمل كبير

من جانبه، أمن رئيس المركز الأماني السوداني للسلام والتنمية د. سامي سليمان، على دور الاختصاصين النفسيين والمبدعين الذين يقع على عاتقهم عمل كبير وجبار- حسب وصفه.

وأوضح أن الجميع وليس اللاجئين والنازحين فقط هم من يحتاجون إلى التأهيل النفسي، وقال: “نحن كذلك مرعوبون مثلنا مثل الأطفال الذين عاشوا الحرب”. وأضاف: “معالجة الخلل النفسي عن طريق الموسيقى والتشكيل والمسرح في قالب فني مريحة للنفس وتشد الشخص الراغب في العلاج”.

رغبة في المشاركة

وأكدت الفنانة الشابة ملاذ غازي على أنهم كمبدعين قادرون على معالجة الحرب بالموسيقى وأنها راغبة في مشاركة تجاربها.

وقالت: “منذ البداية كان الهم الأكبر لي هو مساعدة الآخرين وانتشالهم من حالة الاحباط التي اعترتهم”. وأضافت بأن الحرب في النهاية ستتوقف.

وأشارت إلى أنها كانت حضوراً في ولاية البحر الأحمر شرقي السودان لعرض مسرحي في دور الإيواء خصص للأطفال الذين وجدوا أنفسهم في بيئات مختلفة ويحتاجون إلى التفكير بصورة إيجابية.

تماضر شيخ الدين الحاضر والمستقبل

واستعرضت الدرامية تماضر شيخ الدين، تجربتها بالفنون في التأهيل النفسي في الولايات المتحدة، وأشارت إلى أن الانغماس والتركيز في الحاضر عبر التجارب الفنية يمثل نوعاً من الإلهاء للتفكير بإيجابية.

وقالت إن العمل الفني يخلص الإنسان من همومه ويجعله يعيش اللحظات الآنية بكل حواسه لتناسي الحرب، وأكدت استخدامها الألعاب الشعبية للأطفال السودانيين.

صدمات الحرب

أما الفنانة رجاء محمود (كورال الأحفاد)- وهي باحثة نفسية- فذكرت أن الجميع في وضع نفسي غير حميد مع المعاناة من المشاكل الناجمة عن الحرب.

وأوضحت أنها تعمل كمرشدة نفسية خارج السودان في مدرسة بها طلاب سودانيين تحاول إخراجهم من صدمات الحرب وتقديم الحماية النفسية والإسعافات اللازمة لهم.

وأضافت رجاء إنها استخدمت برنامج (مدرستي وطني) لخلق بيئة وطنية بمثابة وطن موازٍ مع استصحاب الغناء والموسيقى والرسم.

وتابعت: “شعرت بنجاح البرنامج منذ الشهر الأول، كان شكل الأطفال في البداية شاحباً وكانوا متعبين نفسياً، حكوا لي قصصاً مفزعة لهم مع الحرب في السودان، ثم شرعت في علاجهم نفسيا بالموسيقى وغيرها”.

العلاج بالفن

وأمنت الاختصاصية النفسية د. مي البنا على الحاجة إلى العلاج بالفن، وأشارت إلى أن أبناءها كانوا حاضرين لمجزرة فض اعتصام قيادة الجيش بالخرطوم. وذكرت أن الاختصاصين النفسيين كان لهم خيمة دعم نفسي بالاعتصام، ونوهت إلى أن أحد أصدقاء ابنها استشهد خلال أحد المواكب.

وقالت: “تأثر ابني بفقد صديقه وأصيب بتشنجات ومضاعفات نفسية واضطر لتناول أدوية بواسطة طبيب نفسي ثم حاول لاحقاً العزف بالأورغ والفلوت وبدأ يتعافى مما يؤكد دور الفن في العلاج النفسي.

وأضافت مي: “نحتاج لعمل درامي وموسيقي يوقف خطاب الكراهية الذي كان له دور كبير في إشعال الحرب ونحتاج كذلك لرسائل توعوية لنشر المحبة واحترام الآخر وإيصال صوتنا للمجتمع الأوروبي والعالمي لنقول لا للحرب”.

الوسومالسودان تماضر شيخ الدين حرب السودان سامي سليمان فض اعتصام القيادة العامة ملاذ غازي ميونخ يوسف الموصلي

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: السودان حرب السودان سامي سليمان فض اعتصام القيادة العامة ميونخ يوسف الموصلي التأهیل النفسی صدمات الحرب إلى أن

إقرأ أيضاً:

السودان: إنقاذ ما لم يمكن إنقاذه

ناصر السيد النور

لم تعد الأزمة السودانية التي خلقتها الحرب ـ المستمرة – تلقى اهتماماً يجدر بما وصلت إليه من كوارث مهولة، بدا وكأنها عصية على الحل، وفي الوقت نفسه يواصل طرفاها قوات الجيش والدعم السريع القتال، بكل ما تتيحه وسائل الحرب. والاهتمام المفترض هو ما يعول عليه ضحاياها بالمعنى الإنساني، في إنهاء معاناتهم الإنسانية كأكثر الأطراف تضررا من الحرب، أو بما تشكله من تهديد وخطر داهم، لا يتوافق ومنظومة الأمن الإقليمي والدولي هذا إذا حسن الظن بالوثوق بما تقوله ـ من دون أن تنفذه غالبا- مؤسسات معنية بالسلم والأمن الدوليين، ممثلة بالأمم المتحدة ومجلس أمنها الدولي، أو مؤسسة إقليمية من جامعة عربية واتحاد افريقي، بإمكانياتهما المحدودة، وموقفهما المتردد في التعامل مع أطراف الأزمة وضحاياها.
وما يلفت الانتباه مؤخراً، تكرار التحذيرات الصادرة عن كل الهيئات الدولية الإنسانية، بما سيؤول إليه الوضع في السودان، نتيجة لحرب وحشية، وما أحدثته من حالات إنسانية في النزوح واللجوء، وسقوط ضحايا دون حصر، ومؤخراً المجاعة الوشيكة. ويتزامن هذا مع وصف يبعث على الإحباط، باعتبارها أسوأ كارثة يشهدها العالم في الألفية الثالثة، وتقع الكارثة السودانية ضمن خريطة صراعات العالم، أو البؤر الملتهبة (غزة، وأوكرانيا) في موقع تتقاطع معه قوى الصراع الدولي، والوزن الاقتصادي والتأثير السياسي، وأخيراً الموقع الاستراتيجي.
وقد كتب حازم صاغية الكاتب اللبناني مؤخراً «ما من شكّ في أنّ بيننا عنصريّين تصدّهم عن الاهتمام بالسودان أفريقيّتُه، واللون الأسمر لبشرة سكانه. لكنْ في بيئات ثقافية قد لا يصح فيها هذا الوصف، يبدو التجاهل أعقد وأشدّ مواربة. ذاك أنّ أحوال السودان تشكّل فضيحة لوعي تلك البيئات، التي غالباً ما اعتبرت أنّ النزاعات والصراعات لا تستحقّ صفتها هذه، ناهيك عن الاهتمام بها، ما لم تكن نتاج اصطدام بطرف غربيّ وأجنبيّ، وأنّ الضحايا بالتالي لا يكونون ضحايا ما لم يقتلهم هذا الطرف بعينه». وهذا الوصف ربما يصدق وربما وافق واقع حال السياسات العربية، بل قبل ذلك النظرة العربية لدول الجامعة العربية التي تعاني في تعريف هويتها عربياً كدول في هامش المحيط العربي كالصومال وموريتانيا، إذ تُعامل من حيث موقعها الجغرافي من الخليج إلى المحيط، من دون اعتراف بالقواسم المشتركة، وأولها البعد الثقافي والعنصري. والواقع أن التأثير العربي في الأزمة السودانية لا ينكر وجوده، ولكنه على الجانب الذي لا يرغب فيه السودانيون. فقد اتهم سفير السودان هذا الأسبوع في جلسة مجلس الأمن، دولة الإمارات صراحة بدعم قوات الدعم السريع، وطالبها بالتوقف عن التدخل في دعم أحد طرفي الصراع، واعتبرها سفير الإمارات في رده على الاتهامات، سخيفة. فأدخلت الحرب العلاقات الدبلوماسية بين السودان ومحيطه العربي في أزمة ذات بعد آخر، من دون أن تصل إلى موقف الخطر لأسباب معلومة. والحرب بطبيعة الحال أصبحت جاذبة لتدخلات متفرقة مثلها مثل حروب أخرى.
أما الداخل الذي ترك ليواجه مصيره تفتك به معارك الطرفين، من دون تمييز في مستوى الدمار والخراب في وتيرة معارك متصاعدة، لا ينتظر منها نتيجة حاسمة، إلا في حدود ما تقتل من مدنيين. ومن دون تدخل مطلوب، إقليماً أو دولياً، ازدادت قوى الطرفين شراهة في حربها، وفي حجم الانتهاكات المرتكبة. وقد لا تنتظر الأزمة السودانية حلولا ما بعد الحرب، كإعادة الإعمار والمصالحة الوطنية، وما إليها مما يؤمل أن تعيد الأمور إلى نصابها، وهذه الرؤية الرغبوية، التي يأمل فيها السودانيون تبدو، مع واقع الظروف الحالية، بعيدة عن التحقق، وأعقد مما تسمح به الإمكانيات المتاحة. فما الذي يمكن أن ينقذ، خاصة أن الأزمة السودانية أصبحت مركبة تداخلت فيها المؤثرات ومجريات الأحداث، بما دفع بها بعيداً نحو المجهول، وتأخرت بالتالي معالجة جزئياتها، ما زاد من تعقيدها. فاقتصاد البلد الفقير قد أوصلته الحرب إلى ما يتعدى البيانات والأرقام الإحصائية، إلى مرحلة صفرية، مع انهيار في العملة وارتفاع في التضخم، وما انسحب جراء ذلك من تعطل الحياة والأنشطة الاقتصادية، وسكان يعانون شظف العيش، وبحاجة إلى مساعدات وكل ما يتأتى من الخارج في مواجهة مجاعة هي الأسوأ من نوعها أيضا وفق التقديرات الدولية. ولأن الحرب ألحقت ضرراً بليغاً بالبنية التحتية على رثاثتها، وتشمل المؤسسات الاقتصادية القائمة وخروج الاقتصاد السوداني عن مسار اقتصاد الدولة، التي فقدت أصولها وممتلكاتها، أسوة بممتلكات المواطنين؛ فإن ما ينتظر إصلاحه اقتصادياً سيحتاج إلى عقود، فإذا كان الانهيار الاقتصادي الذي يؤثر في سردية الحرب، ويعيد على ضوء نتائجه الفادحة المباشرة صياغة ملامح البلاد من جوانبها كافة، فإن السياسة التي قادت بطرق ممارستها من قبل الساسة للحرب نفسها وبعثت التشوهات السياسية في منظومة الحكم والدولة، ما يعني عملياً بروز نمط آخر لساسة وإدارة السياسة، وفق وضعية مغايرة مضادة لتقاليدها التاريخية ورموزها السياسية، ولأن الحرب أخطر ما أحدثه الانقسام المجتمعي في التصنيف الجهوي والقبلي لمنظومات الدولة الضاربة، كالجيش وبقية التحالفات العسكرية، تكون الأزمة السودانية قد دفعت إلى الوجود بلداً مقسماً وفق نتائج الحرب.
إزاء هذا الوضع السياسي الغامض والمربك يصعب التنبؤ بما يمكن أن تنقذه السياسة تسوية أو على فرضية إطار سياسي جامع، يستدعي أشكال الحلول والتوافقات السياسية على ما درج عليها ممارسو السياسية السودانية. فالعودة إلى الخريطة التقليدية للمكونات السياسية بأحزابها ونقاباتها وتكتلاتها في اليمين واليسار، خضعت لمناورات الحرب، وتغيرت قواعد اللعبة فيها بين سياسة حرب تعبر عنها حكومة عسكرية، تمثل طرفاً رئيسياً في الحرب، والمدنيين الذين يمثلون الجانب السياسي الرافض لاستمرار الحرب. وهنا تبدو المساحة متباعدة بين جميع الأطراف، ما يضع الواجهات السياسية في موقف حرج لغياب الإرادة الوطنية السياسية، خاصة أن المكونات السياسية المدنية تصنف بالذراع السياسي لقوات الدعم السريع. وهو تصنيف يلقي ظلالا سالبة عليها، على الرغم من الغرض والدعاية التي تقف وراءه، وهذه القوات التي يقاتلها الجيش زادت من حدة تعقيد المعادلة السياسية والعسكرية الاجتماعية في البلاد. ويزيد من مستوى الانهيار السياسي عدم التنسيق في المواقف، وأحياناً الموقف من الحرب نفسها، فلا تزال نتائج الحرب تحدد مستوى الاقتراب بين الموقف الوطني والحزبي والجهوي. ولعل الأخير يشكل أبرز التحديات التي يواجهها السياسي السوداني لارتباطاتها النفسية والاجتماعية. إذا كان حجم المخاطر التي أحدثتها الحرب الجارية في السودان منذ عام ونصف العام من دون توقف، جعلت من غير الممكن تصور ما سيكون عليه الوضع بعد مرحلة الحرب، إلا بالقدر الذي يحمل التمنيات أكثر من الواقع وحقائقه. فما تضرر لم يكن محصوراً بالدائرة العسكرية، حيث ميادين القتال ولغة السلاح، وإنما كارثة أقرب ما تكون إلى الفناء ألمت بشعب وأرض وكل ما ترمز إليه محددات الدولة التعريفية، في حدود ما يلامس الوجود الإنساني قبل القانوني والدستوري للكيان الذي بعثرته سياسات أخطأت بالتقدير، أو سبق الإصرار نتائج لم تكن في الحسبان مما يجعل من معالجتها أمراً غير وارد في المدى المنظور.
كاتب سوداني
نشر بالقدس العربي اللندنية# 26/06/2024م

nassyid@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • الإمارات تقدم 20 مليون دولار أمريكي للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لمعالجة الأزمة الإنسانية في السودان
  • الإمارات تقدم 20 مليون دولار أميركي للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لمعالجة الأزمة الإنسانية في السودان
  • الإمارات تقدم 20 مليون دولار لـ«مفوضية اللاجئين» لمعالجة الأزمة الإنسانية في السودان
  • ما اضطراب ما بعد الصدمة؟
  • السودان: إنقاذ ما لم يمكن إنقاذه
  • دراسة تكشف تأثير الصداقة القوية في المراهقة على صدمات الطفولة المبكرة
  • Patreon يمنح المبدعين المزيد من الأدوات لجذب المشتركين مجانًا
  • مناظرة بين الديمقراطيين والجمهوريين تفجر صدمات للعرب والشرق الأوسط
  • الصداع النفسي.. ما هي الأعراض والأسباب وطرق العلاج والوقاية؟
  • الصحة العالمية تستعد لنقل 6 أطفال فلسطينيين إلى خارج غزة لغرض العلاج