كيغالي- يلاحظ الزائر لرواندا قلة استخدام العملة النقدية في التعاملات اليومية، سواء في المتاجر والأسواق ووسائل النقل وتسديد الفواتير، بل وسداد المدفوعات للمؤسسات الرسمية وغير الرسمية، وصولا إلى إجراء عمليات جراحية. إذ يمكن لأي شخص في رواندا دفع الأموال وتلقيها باستخدام الهاتف المحمول، حتى بنسخه غير الذكية، حيث تتيح شركات الاتصال العاملة في البلاد هذه الخدمة.

وتفعيل الخدمة لا يتطلب سوى التوجه مرة واحدة لشركة الاتصالات للحصول على الرمز السري للمحفظة المالية.

الشمولية المالية  من مؤتمر إطلاق الدراسة الاستقصائية لنطاق التمويل في رواندا (الجزيرة)

وتصب هذه الخدمات في إطار ما تسميها الحكومة "سياسة الشمولية المالية" التي أطلقتها عام 2018، واستهدفت الوصول إلى أوسع شريحة من السكان البالغين خلال 4 سنوات. وكشفت وزارة المالية، اليوم الخميس، عن نتائج دراسة أسهمت، في أحد أوجهها، بقياس مدى تحقيق الأهداف التي وضعتها والتي تتعلق بإدماج السكان بالنظام المالي.

وأصدرت وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي نتائج الدراسة الاستقصائية لنطاق التمويل في البلاد (FinScope 2024). وتكمن أهمية الدراسة الجديدة، حسب الوزارة، في أنها الأولى بعد جائحة كوفيد-19، وتزامن إطلاقها أيضا مع إكمال مراحل "الإستراتيجية الوطنية لتنمية القطاع المالي"، حسب وزارة المالية.

وأظهرت الدراسة أن 96% من السكان البالغين أي قرابة 7.8 ملايين شخص باتوا قادرين على الوصول إلى منتجات وخدمات مالية تلبي احتياجاتهم، أي أنهم مستخدمون نشطون لخدمات الدفع وإرسال الأموال باستخدام تطبيقات الهواتف من دون استخدام العملة النقدية، أو المرور عبر المصارف التقليدية، وهي ما تعرف بالشمولية المالية، ارتفاعا من 93% عام 2020.

منتجات مالية غير مصرفية

وأبرز التقرير أن 92% من السكان البالغين يعتمدون على المنتجات والخدمات المالية الرسمية غير المصرفية "كالدفع عبر التطبيقات الإلكترونية" مقارنة بنحو75% عام 2020.

من مؤتمر إطلاق الدراسة الاستقصائية لنطاق التمويل في البلاد (الجزيرة)

ويشير التقرير إلى أن قرابة 86% من السكان استخدموا خدمة إرسال الأموال عبر الهاتف المحمول في النصف الأول من العام الحالي، مقارنة بنحو 30% عام 2020. ورغم ذلك، فإن النسبة المئوية للأفراد الذين يستخدمون المصارف التقليدية ظلت ثابتة عند 22% من السكان بين عامي 2020 و2024.

وتعليقا على نتائج الدراسة، قال وزير المالية والتخطيط الاقتصادي يوسف مورانغوا إن النتائج "تتماشى مع الخطة الإستراتيجية لتنمية القطاع المالي بين عامي 2018-2024".

بدوره، قال رئيس الحكومة الرواندي نغيرينتي إدوارد إن الحكومة نجحت في تقليص فجوة الشمول المالي لتقتصر على نحو 2% العام الحالي، وأكد أن الخطة الإستراتيجية لتنمية القطاع المالي تعد "أبرز أهداف التنمية المستدامة، ومحركا أساسيا للنمو الاقتصادي الذي يساعد على الحد من عدم المساواة في الدخل وتقليص معدلات الفقر".

الجائحة تعزز الدفع عبر المحمول

خلال جائحة كوفيد-19، شجعت حكومات أفريقية سكانها على استخدام أنظمة الدفع عبر الهاتف للحد من انتشار الفيروس، وبنهاية عام 2023، شهدت القارة طفرة في شركات التكنولوجيا المالية بزيادة 17%. ونقلت بلومبيرغ أن كبريات شركات الاتصالات في القارة رفعت من معدلات استثمارها لتعزيز خدمات الدفع عبر الهاتف والمحافظ الرقمية.

رئيس الحكومة الرواندي نغيرينتي إدوارد يتحدث في المؤتمر (الجزيرة)

وحسب تقرير صادر عن منظمة "جي إس إم إيه"، وهي مجموعة ضغط تمثل مصالح مشغلي شبكات الهاتف المحمول عالميا، ارتفعت قيمة التعاملات المالية عبر الهاتف في أفريقيا بنحو 12% لتسجل قرابة 919 مليار دولار، وارتفع حجم التعاملات بمعدل 28% أي بنحو 62 مليار دولار عام 2023.

وحسب التقرير، يمكن لاعتماد أنظمة الدفع عبر الهواتف المحمولة أن يؤدي إلى زيادة في الناتج المحلي الإجمالي، وأورد التقرير أن تداول الأموال عبر الهواتف في أفريقيا جنوب الصحراء وصل لنحو 3.7% من الناتج المجلي الإجمالي بقيمة 150 مليار دولار، مقارنة بقرابة 5.9% في شرق القارة أي قرابة 60 مليار دولار، و4.1% في غرب أفريقيا بنحو 70 مليار دولار، بنهاية عام 2022.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات ملیار دولار عبر الهاتف من السکان الدفع عبر

إقرأ أيضاً:

ناج من إبادة رواندا: ما يحدث في غزة لا يختلف عما عشناه

قال كلاود غيتبوك، أحد الناجين من الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994، إنه لا يوجد فرق بين الإبادة التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة وما حدث في بلاده.

وكانت رواندا على موعد مع يوم حزين في السابع من أبريل/نيسان 1994، عندما بدأت عمليات الإبادة الجماعية التي استمرت حتى 15 يوليو/تموز من العام نفسه، حيث شن متطرفون في جماعة "الهوتو"، التي كانت تمثل الأغلبية في البلاد، إبادة جماعية ضد أقلية "التوتسي"، مما أدى وفقا للتقديرات إلى مقتل نحو 800 ألف شخص.

وفي مقابلة أجرتها معه وكالة الأناضول في ذكرى الإبادة الجماعية براوندا، أعرب غيتبوك، الذي وضع كتابا عن الإبادة في بلاده، عن أسفه لأن الفلسطينيين في غزة اليوم ليسوا محظوظين مثله في النجاة من الإبادة الجماعية.

وانتقد غيتبوك المنظمات الدولية التي تلتزم الصمت تجاه الإبادة الجماعية، والتطهير العرقي، وجرائم الحرب في غزة، مؤكدا أن المبررات التي تقدمها إسرائيل لاستهداف المدنيين الفلسطينيين في غزة لا تتطابق مع الواقع، وأن تل أبيب تستخدم ذرائع مختلفة لإضفاء الشرعية على الإبادة الجماعية.

واعتبر الناجي الرواندي أن القوى الكبرى لن تتخذ أي إجراء إلا إذا تفاعل العالم مع ما يحدث في فلسطين، مضيفا أن المجتمع الدولي غير جاد في التعامل مع الإبادة الجماعية، فهم "لا يتدخلون إلا عندما يكون ذلك في مصلحتهم. ولكن عندما تحدث إبادة جماعية حقيقية في أماكن مثل فلسطين والكونغو، لا أحد يتدخل. بل على العكس، يُقدم الدعم لمرتكبيها".

إعلان

وأردف: "دعمت بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا الإبادة الجماعية في رواندا، ويحدث اليوم وضع مماثل مع الإبادة الجماعية في الكونغو، وما يحدث في فلسطين هو نفسه ما حدث في رواندا عام 1994".

وترتكب إسرائيل بدعم أميركي مطلق منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إبادة جماعية في غزة، خلفت أكثر من 166 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.

تأثير الاستعمار

وعن تأثير سياسة الاستعمار في الإبادة الجماعية براوندا، أوضح غيتبوك أنه حين كان طفلا لم يكن يعلم بوجود جماعات عرقية في رواندا، فقد كان الجميع من السود، ويتحدثون اللغة نفسها، ولديهم ثقافة وحدة، وكانوا يعرفون الناس من خلال نسبهم.

وأردف: "لكن حين وزع البلجيكيون (المستعمرون) بطاقات الهوية قديما، كانت تحمل الهوية العرقية. كانت هذه البطاقات تجعل منك هدفا سهلا، لا سيما في الأماكن التي لا يعرفك فيها أحد".

وأشار إلى أنه لم يكن هناك أي توتر عرقي خطير في البلاد حتى عام 1990، "حين عادت الحسابات التاريخية إلى الأجندة مع بداية الحرب".

لا يمكن الصمت

وذكر غيتبوك أن آلاف الأشخاص بُترت أطرافهم وتعرض كثير من المدنيين للتعذيب في الفترة من عام 1990 إلى عام 1994 فقط.

وأوضح أنه فقد كثيرا من أقاربه في الإبادة الجماعية، قائلا: "جلست أنا وأمي مؤخرا وبدأنا نحصي عدد من فقدناهم، وتوقفنا عندما وصلنا إلى 79 شخصا.. جدي، أعمامي، أقاربنا".

وأضاف: "في رواندا تُستخدم الإبادة الجماعية لإسكات الضحايا وابتزاز المجتمع الدولي. واليوم، تحدث الإبادة الجماعية، ولا يمكننا الصمت".

ورغم مرور 31 عاما على الإبادة الجماعية العرقية في رواندا، ما زال أكثر من ألف مشتبه بمسؤوليتهم عن ارتكاب مجازر في هذا البلد، يعيشون في بلدان أخرى، طلقاء ودون محاكمة.

ووفقا لبيانات وحدة مراقبة الفارّين من الإبادة الجماعية التابعة لمكتب المدعي العام في رواندا، لا يزال المشتبه في ارتكابهم جرائم إبادة جماعية، يعيشون طلقاء في بلدان مختلفة، بما فيها الولايات المتحدة وفرنسا وهولندا وكندا، دون تعرضهم لأي مساءلة قضائية.

إعلان

وأعلنت الأمم المتحدة يوم 7 أبريل/نيسان من كل عام، يوما لاستذكار ضحايا الإبادة الجماعية التي دارت فصولها في رواندا.

مقالات مشابهة

  • ماكرون وبن سلمان يبحثان هاتفيا جهود تحقيق الاستقرار بالشرق الأوسط
  • انهيار منزل مكوّن من 4 طوابق في أسيوط.. وعمليات بحث مكثفة عن السكان تحت الأنقاض
  • الدفع أو وقف خدمات الاتصالات.. مصر تطبق قرارها بشأن الهواتف المستوردة
  • «مدبولي» يشيد بدور هيئة الرقابة المالية في تنمية القطاع المالي غير المصرفي
  • ڤودافون كاش تطلق خدمة التحويلات المالية الدولية الفورية بين مصر وعدد من دول الخليج
  • ڤودافون كاش تطلق خدمة التحويلات المالية الدولية الفورية من دول الخليج إلى مصر
  • تقارير اقتصادية: الدينار يترنح بين الانقسام المالي وغسل الأموال
  • وزير الخارجية والهجرة يتلقى اتصالاً هاتفياً من وزير خارجية اليابان
  • وكالة الأونروا: المجاعة تتهدد السكان في قطاع غزة
  • ناج من إبادة رواندا: ما يحدث في غزة لا يختلف عما عشناه