النائب العام للدولة: توظيف الذكاء الاصطناعي لخدمة العدالة
تاريخ النشر: 21st, June 2024 GMT
سانت بطرسبرج (وام)
أخبار ذات صلةشارك المستشار الدكتور حمد سيف الشامسي، النائب العام للدولة، في الاجتماع السادس لرؤساء أجهزة النيابة العامة والادعاء العام لدول «بريكس» الذي عقد في مدينة سانت بطرسبرج الروسية يومي 18 و19 يونيو الجاري.
واختتم وفد برئاسة النائب العام للدولة زيارته إلى روسيا الاتحادية لحضور اجتماع رؤساء أجهزة النيابة العامة والادعاء العام لدول «بريكس» يرافقه المستشار سلطان الجويعد المحامي العام الأول، وعدد من أعضاء النيابة العامة ضم كلاً من هيثم علي عبد الله الحمادي، وخالد مبارك المدحاني، وسعيد حسن محمد بالحاج، وعبيد أحمد العبدولي، ومحمد يوسف الحمادي، وسيف علي القمزي.
ورحب المستشار الدكتور حمد سيف الشامسي، خلال الاجتماع، بنظيره الروسي، والنواب العموم للدول الأعضاء، مؤكداً حرص دولة الإمارات على تعزيز التعاون مع دول البريكس في المجالات القضائية، بما يخدم المصالح المشتركة للدول الأعضاء، ولاسيما في ظل أهمية الاجتماع الذي أتاح الفرصة لطرح الرؤى المستقبلية لتعزيز التحول الرقمي وتبني التكنولوجيا الناشئة وتوظيف الذكاء الاصطناعي وتسخيره في خدمة العدالة، وتبادل الخبرات والتجارب ومناقشة المقترحات التي تحقق التقارب والتكامل بين دول المجموعة في مجال أعمال أجهزة الادعاء والنيابة العامة.
وشدد على أن استخدام الذكاء الاصطناعي في أعمال النيابة العامة يمكن أن يسهم بشكل كبير في تحسين كفاءة وفعالية العمل القانوني والارتقاء بالأداء القضائي، بما يصب في تحقيق أهداف مجموعة دول البريكس في مجال العدالة الجنائية ومكافحة الجريمة، وترسيخ مبادئ سيادة القانون.
وفي السياق ذاته، استعرض النائب العام في جانب من كلمته تجارب وتطلعات النيابة العامة للدولة في تعزيز التحول الرقمي وتبني التكنولوجيا الناشئة وتوظيف الذكاء الاصطناعي، وتسخيره في العمليات القضائية ورقمنة التشريعات مع التأكيد على الالتزام بمبادئ أخلاقيات استعمال هذه التطبيقات، وعلى رأسها حماية الخصوصية والبيانات الشخصية والأمن السيبراني.
وأشار إلى أهمية المبادرة لوضع معايير مشتركة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في العمل القضائي، تضمن توافق الأنظمة وسهولة التعاون بين دول المجموعة، وتنظيم برامج تدريبية لأعضاء النيابة العامة وتبادل الخبرات والممارسات الناجحة.
وعقد النائب العام للدولة عدداً من الاجتماعات الثنائية مع النواب العموم لدول مجموعة بريكس، بحث خلالها سبل تنمية آفاق التعاون في مجال أعمال النيابات العامة، وتعزيز التنسيق بينهم في القضايا ذات الاهتمام المشترك، حيث التقى كلاً من ايغور كراستوف، المدعي العام لجمهورية روسيا الاتحادية، وويينغ يونغ النائب العام لجمهورية الصين الشعبية، وشاري ناتاراج، المحامي العام الإضافي لجمهورية الهند، ومحمد شوقي عياد النائب العام لجمهورية مصر العربية، وتسفاي دابا واكجيرا وزير دولة لشؤون العدالة في جمهورية إثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية، ومحمد موفاهدي آزاد، النائب العام للجمهورية الإسلامية الإيرانية، وشاميلا باتوهي، مديرة النيابات العامة بجمهورية جنوب أفريقيا.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: النائب العام الإمارات النائب العام للدولة الذكاء الاصطناعي سانت بطرسبرج مجموعة بريكس النائب العام للدولة الذکاء الاصطناعی النیابة العامة
إقرأ أيضاً:
عندما يلتقي الذكاء الاصطناعي والعاطفي
د. سعيد الدرمكي
الذكاء الاصطناعي (AI) هو قدرة الأنظمة الحاسوبية على محاكاة الذكاء البشري، مثل التعلم واتخاذ القرار، ويُستخدم في مجالات عدة كالصحة، والصناعة، والتكنولوجيا، مما يعزز الكفاءة والإنتاجية. في المقابل، يشير الذكاء العاطفي (EI) إلى القدرة على فهم وإدارة العواطف، مما يسهم في تحسين التواصل، والقيادة، واتخاذ القرارات الفاعلة. ورغم اختلاف مجاليهما، فإن تكاملهما أصبح ضروريًا لتعزيز الفاعلية في مختلف المجالات.
كان يُنظر إلى الذكاء الاصطناعي والذكاء العاطفي على أنهما كيانان منفصلان، إذ ارتبط الذكاء الاصطناعي بالقدرات الحسابية والمنطقية، حيث يركز على تحليل البيانات واتخاذ القرارات بناءً على الخوارزميات، دون أي بُعد عاطفي. في المقابل، اعتُبر الذكاء العاطفي مهارة بشرية بحتة، تتمحور حول إدارة المشاعر والتفاعل الاجتماعي، مما جعله وثيق الصلة بالقيادة والتواصل. الفرق الأساسي أن الذكاء الاصطناعي يُعامل كأداة تقنية، بينما يُنظر إلى الذكاء العاطفي كجزء من الذكاء البشري يصعب محاكاته بالتقنيات.
يُعد كل من الذكاء الاصطناعي والذكاء العاطفي مكملًا للآخر، حيث يواجه كل منهما تحديات دون الآخر؛ فالذكاء الاصطناعي، دون الذكاء العاطفي، يعاني من ضعف في فهم المشاعر البشرية واتخاذ قرارات تتسم بالتعاطف، مما قد يؤثر على جودة التفاعل مع البشر. في المقابل، يواجه الذكاء العاطفي صعوبات في تحليل البيانات الضخمة، والتنبؤ بالاتجاهات، وتحسين الإنتاجية، واتخاذ القرارات المعقدة دون الاستعانة بقدرات الذكاء الاصطناعي. لذلك، أصبح التكامل بينهما ضروريًا لتعزيز الكفاءة البشرية والتقنية معًا.
ويمكن تحقيق هذا التكامل من خلال توظيف الذكاء الاصطناعي في تحليل المشاعر عبر النصوص، والصوت، وتعبيرات الوجه، مما يتيح فهمًا أعمق للتفاعل البشري. في المقابل، يسهم الذكاء العاطفي في تحسين الذكاء الاصطناعي من خلال تطوير برمجيات تجعله أكثر استجابة للمشاعر البشرية، مما يساعد في إنشاء واجهات مستخدم أكثر إنسانية وتفاعلية، تعزز تجربة المستخدم وتجعل التقنيات الذكية أكثر توافقًا مع الاحتياجات الاجتماعية.
ويسهم تكامل الذكاءين في تحسين العديد من المجالات. ففي قطاع الأعمال، يُستخدم الذكاء الاصطناعي العاطفي لتعزيز تجربة العملاء من خلال تحليل مشاعرهم والاستجابة لها بذكاء. وفي مجال الطب، تُوظَّف الروبوتات لدعم المرضى نفسيًا وعاطفيًا، مما يسهم في تحسين رفاهيتهم. أما في الموارد البشرية، فتعتمد الشركات على أدوات متطورة لتحليل رضا الموظفين وتعزيز تفاعلهم، مما يساعد في خلق بيئات عمل أكثر استجابة ومرونة.
ورغم الفوائد الكبيرة لهذا التكامل، فإنه يواجه تحديات تتعلق بالخصوصية والانحياز الخوارزمي وتأثيره على التفاعل البشري. فالذكاء الاصطناعي لا يمتلك وعيًا حقيقيًا، بل يعتمد على تحليل الأنماط والاستجابات المبرمجة، مما يجعله غير قادر على الإحساس الحقيقي. كما إن هناك مخاوف بشأن جمع البيانات الشخصية دون إذن، والانحياز في تحليل المشاعر، ومخاطر التلاعب النفسي بالمستخدمين. ويبقى التحدي الأكبر هو تحقيق التوازن بين التكنولوجيا والعنصر البشري، بحيث لا يحل الذكاء الاصطناعي محل الذكاء العاطفي، بل يكمله لتعزيز الفاعلية دون المساس بجوهر التفاعل الإنساني.
أما فيما يتعلق بدور الأبحاث والتكنولوجيا في تحقيق التكامل، فيجب تطوير أنظمة قادرة على فهم المشاعر البشرية باستخدام تقنيات التعلم العميق وتحليل اللغة الطبيعية. كما ينبغي تعزيز الذكاء العاطفي الاصطناعي ليكون أداة داعمة للتجارب البشرية، بحيث يساعد في تحسين التفاعل والتواصل دون أن يحل محل المشاعر الإنسانية.
المستقبل يعتمد على التكامل بين الذكاء الاصطناعي والذكاء العاطفي، مما يؤدي إلى ثورة في مجالات العمل والتعليم والتفاعل الاجتماعي، مع ضرورة وضع ضوابط أخلاقية تضمن التوازن البشري. يسهم هذا التكامل في تحسين بيئات العمل من خلال تحليل مشاعر الموظفين وتعزيز الإنتاجية، كما يتيح التعليم التكيفي الذي يستجيب لعواطف الدارسين، مما يعزز تجربة التعلم. وفيما يتعلق بالعلاقات البشرية، فإنه يدعم التواصل الفاعل، لكنه قد يؤدي إلى تراجع المهارات الاجتماعية إذا أُسيء استخدامه، مما يستدعي توجيه هذا التطور بما يحقق أقصى فائدة دون الإضرار بالجوانب الإنسانية.
من هنا، يمكن الاستنتاج أن التكامل بين الذكاء الاصطناعي والذكاء العاطفي ضروري لتحقيق توازن فاعل بين الكفاءة التقنية والبعد الإنساني. فالذكاء الاصطناعي يُسهم في تعزيز الإنتاجية والدقة، بينما يضمن الذكاء العاطفي اتخاذ قرارات تتماشى مع القيم الإنسانية. وعلى الرغم من أن التكنولوجيا لا تستطيع محاكاة المشاعر البشرية بشكل كامل، إلا أنها قادرة على دعم الفهم العاطفي وتعزيز التفاعل البشري.
لذا.. فإنَّ تحقيق أقصى استفادة من هذا التكامل يتطلب توجيه التطور التكنولوجي نحو تعزيز القيم الإنسانية، وضمان الاستخدام الأخلاقي للابتكارات التقنية، بما يسهم في رفاهية المجتمعات واستدامة التطور ودعم مستقبل أكثر ذكاءً وإنسانيةً.