في ذكرى وفاته.. الشيخ محمد صديق المنشاوي"صوتٌ لا ينطفئ"
تاريخ النشر: 21st, June 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في رحاب الزمن، تظل أرواح العظماء تضيء كنجوم لا تنطفئ، تحمل في طياتها عبق الذكرى ونسائم الخلود، في مثل هذا اليوم، نستذكر رجلاً من رجال الله، عاش بيننا بروحه النقية وصوته الملائكي، يفيض علينا بمعاني القرآن الكريم من خلال تلاوته التي تخترق الحواجز وتتغلغل في القلوب.. انه الشيخ محمد صديق المنشاوي، رمزٌ خالد من رموز التلاوة القرآنية، وصوتٌ لا يزال يتردد صداه في أرجاء العالم الإسلامي، نابضاً بالحياة، ومُشِعّاً بالنور.
وُلِدَ في أرض الكنانة، وترعرع بين أروقة القرآن، حيث نمت موهبته الفريدة وتبلورت معاني الإيمان في قلبه، تميز بصوت يحمل بين طياته رقة الإحساس وقوة الإيمان، فكان قراءته للقرآن الكريم كنسمة تحمل عبير الجنة، تخترق القلوب وتلامس الأرواح. لم يكن مجرد قارئٍ يتلو الآيات، بل كان مؤدياً ينقل الرسالة الإلهية بكل خشوع وتدبر، يمزج بين النغمة والمعنى، وبين الروح والنص.
في ذكرى وفاته، نتأمل مسيرة حياته، ونستذكر بصماته التي تركها في دنيا التلاوة القرآنية. لنقف إجلالاً وتقديراً أمام هذا الصوت الذي ظل ينبض بالحياة، صوت الشيخ محمد صديق المنشاوي الذي علمنا كيف يكون الحب الحقيقي لكلام الله، وكيف تتجلى الروح في أبهى صورها عندما تصافح آيات القرآن الكريم.
الشيخ محمد صديق المنشاوي، رحمه الله، يعد من أبرز القراء الذين عرفهم العالم الإسلامي في القرن العشرين، وُلِدَ الشيخ المنشاوي في 20 يناير 1920 في قرية المنشاة بمحافظة سوهاج ، وهو ينتمي إلى عائلة عريقة في مجال تلاوة القرآن الكريم، حيث كان والده الشيخ صديق المنشاوي وجده الشيخ علي المنشاوي من القراء المشهورين أيضاً.
تميز الشيخ محمد صديق المنشاوي بصوته العذب وأدائه المميز الذي يجمع بين قوة التلاوة وجمال النغمة، مما جعل تلاواته تتردد في أنحاء العالم الإسلامي وتحظى بحب وتقدير الملايين. كما كان يتمتع بقدرة استثنائية على إيصال المعاني الروحية للقرآن الكريم من خلال تلاوته، وهو ما جعله يحظى بمكانة خاصة بين القراء.
أسلوب الشيخ المنشاوي في التلاوة يجمع بين الطابع التقليدي والنغمات الموسيقية، حيث كان يستخدم المقامات الموسيقية الشرقية في تلاوته، ما أضاف بعداً جمالياً وروحياً لتلاواته، من أشهر المقامات التي استخدمها الشيخ المنشاوي مقام "الرست" و"الصبا" و"البيات"، وكل منها يحمل طابعاً خاصاً يعبر عن معاني معينة في الآيات التي يتلوها.
خلال حياته، سافر الشيخ المنشاوي إلى العديد من الدول الإسلامية والأجنبية لنشر تلاوة القرآن الكريم، وقام بتسجيل العديد من المصاحف المرتلة والمجودة التي تُعد حتى اليوم مرجعاً لكل محبي القرآن الكريم، كما شارك في إحياء العديد من المناسبات الدينية والأعياد والمناسبات الرسمية.
وفاته :في يوم 20 يونيو 1969، انتقل الشيخ محمد صديق المنشاوي إلى رحمة الله، تاركاً وراءه إرثاً عظيماً من التلاوات القرآنية التي لا تزال تُسمع وتُدرس في جميع أنحاء العالم. في ذكرى وفاته، يستذكر المسلمون هذا القارئ العظيم، ويتلون آيات القرآن الكريم على روحه، داعين الله أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته.
الشيخ محمد صديق المنشاوي لم يكن مجرد قارئ قرآن، بل كان سفيراً للقرآن الكريم، نشر جمال تلاوته وروحانيته في قلوب الناس في كل مكان، وذكراه ستظل خالدة في ذاكرة المسلمين ومحبي القرآن الكريم إلى الأبد.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الشيخ محمد صديق المنشاوي المنشاوي في ذكرى وفاته التلاوة الشيخ المنشاوي الشیخ محمد صدیق المنشاوی الشیخ المنشاوی القرآن الکریم
إقرأ أيضاً:
حكم قراءة القرآن الكريم وكتابته بغير العربية.. الإفتاء توضح
قالت دار الإفتاء المصرية أن القرآن الكريم هو كلام رب العالمين المنزَّل على نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم بلسان عربي مبين، الذي أُمر بتبليغه للعالمين؛ فقال عز شأنه: ﴿قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنعام: 90]، فرسالته صلى الله عليه وآله وسلم عامة لجميع الناس، وليست قاصرة على جنس دون جنس، ولا زمن دون آخر، وإنما هي ليوم القيامة.
حكم قراءة القرآن الكريم وكتابته بغير العربية
وتابعت الإفتاء عبر موقعها الرسمي في فتواها رقم 2348 لفضيلة الدكتور شوقي علام حول حكم قراءة القرآن الكريم وكتابته بغير العربية أن العمل على تبليغ القرآن الكريم وتعليمه لجميع المسلمين هو من المهمات في الدين، ولا شك أن ذلك يقتضي أحد أمرين: إما أن يعرف هؤلاء المسلمون اللغة العربية فلا إشكال، أو أنهم لا يعرفونها فيحتاجون حينئذٍ لمن ينقل لهم القرآن الكريم بلغتهم، ومن هنا فإن العلماء قد بحثوا حكم ترجمة القرآن الكريم وبيان جوازها من عدمه وانتهوا إلى فريقين:
الفريق الأول: المنع والتخوف من التحريف
يتمسك هذا الفريق بموقف صارم يرفض ترجمة القرآن الكريم إلى لغات أخرى. يعتقدون أن ترجمة القرآن هي أمر مستحيل؛ فحتى وإن كانت الترجمة دقيقة، فإنها لن تتمكن من نقل جمال وبلاغة القرآن الكريم. القرآن لا يُحاكى، ولا يُقارن به شيء، وهو معجز في أسلوبه، كما تحدى الله -سبحانه وتعالى- الإنس والجن أن يأتوا بمثله. لذلك، يرى هذا الفريق أن الترجمة قد تُفقد المسلمين الاتصال بالقرآن بلغته الأصلية، مما قد يؤدي إلى فهم مبتور أو حتى تحريف المعاني.
أحد المبررات البارزة لهذا الرأي هو أن الترجمة ليست مجرد نقل الكلمات من لغة إلى أخرى، بل هي تفسير للمعنى بلغة أخرى. وبالتالي، قد يعتقد البعض أن الترجمة هي القرآن نفسه، وهو ما يؤدي إلى تحريف المعنى بشكل غير مقصود. لذلك، يُحذّر هذا الفريق من أن الترجمة قد تُساهم في تقليل اهتمام المسلمين بتعلم اللغة العربية وفهم القرآن مباشرةً منها.
الفريق الثاني: الجواز مع الضوابطفي المقابل، هناك فريق من العلماء يرون أن ترجمة القرآن الكريم جائزة ولكن ضمن شروط وضوابط. هؤلاء يميزون بين الترجمة والقراءة الحرفية، حيث يعتبرون أن الترجمة ليست بديلاً عن القرآن، بل هي محاولة لنقل المعاني. ومن هنا، يستندون إلى أنه لا حرج في ترجمة القرآن إلى لغات مختلفة طالما تم التأكيد على أن الترجمة ليست قرآناً بالمعنى الحرفي، بل هي تفسير له.
من الناحية العملية، يقترح هذا الفريق تشكيل لجان من علماء التفسير واللغة لوضع معايير دقيقة للترجمات بما يضمن الحفاظ على معاني القرآن. يُفترض أن تتم الترجمة بالتعاون مع مختصين من لغتين: العربية واللغة المستهدفة، لضمان دقة التفسير. ويؤكد هذا الفريق على ضرورة أن يكون النص المترجم مرفقاً مع النص العربي الأصلي، لتجنب اللبس ولتوضيح أنه ليس بديلاً عن النص القرآني، بل هو تفسير يمكن أن يساعد غير الناطقين بالعربية على فهم معاني القرآن.
التحديات العملية والتخوفاتورغم أن العديد من المجامع الإسلامية، مثل مجمع البحوث الإسلامية في مصر ومجالس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، يلتزمون بمنع كتابة القرآن بلغات أخرى، فإن البعض يعترف بضرورة ترجمة القرآن في حالات معينة، مثل الدعاية الإسلامية أو تعليم المسلمين الجدد.
يُحتمل أن تكون الحاجة إلى هذه الترجمة ملحة خاصة في ظل التقدم التكنولوجي ووسائل التواصل الحديثة التي تجعل الوصول إلى معلومات دينية بلغة المواطن أسهل وأكثر شمولًا.
ضوابط الترجمة: الحفاظ على قدسية النص القرآنيمن أبرز الآراء المؤيدة للترجمة هو وضع ضوابط صارمة لضمان عدم تحريف النصوص القرآنية. يشير هذا الرأي إلى ضرورة عدم نشر النصوص المترجمة بمعزل عن النص العربي، بل يجب دمجها بشكل متكامل بحيث يتم التأكيد على أنها مجرد تفسير، مع تقديم توضيحات حول تنوع القراءات القرآنية. كما ينبغي أن تكون الترجمة تحت إشراف علماء مختصين، مما يضمن تطابق الصوتيات مع اللغة العربية بأدق صورة ممكنة.
حفاظاً على قدسية القرآن وفهمه العميقيظل الجدال حول ترجمة القرآن الكريم قضية شائكة، بين الحفاظ على قدسية النص العربي وفهمه السليم، وبين تلبية حاجات المسلمين غير الناطقين بالعربية. وبينما تظل الترجمة وسيلة لتوصيل معاني القرآن، يبقى الالتزام بالضوابط العلمية أمرًا بالغ الأهمية لضمان عدم تحريف القرآن، وحفاظاً على مبدأ التفسير الصحيح للمفاهيم القرآنية.
إن هدف المسلمين يجب أن يكون تعزيز فهم القرآن في أوسع نطاق ممكن، مع احترام قدسية النص وحمايته من أي تحريف أو سوء فهم.