لماذا أحرج نتنياهو الإدارة الأميركية بتصريحاته عن الأسلحة؟.. محللون يجيبون
تاريخ النشر: 21st, June 2024 GMT
يرى الأكاديمي والخبير في الشؤون الإسرائيلية الدكتور محمد هلسة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يهدف بانتقاده وقف الإدارة الأميركية شحنات أسلحة لإسرائيل، إلى الضغط عليها، لضمان مزيد من الدعم في الجبهة الشمالية، إذ يبدو أنه يحضر لتوسيع المواجهة مع حزب الله.
وكان نتنياهو قد أدلى بتصريح مصور أكد فيه لومه وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن على وقف شحنات أسلحة وذخائر لإسرائيل، مما أثار حيرة مسؤولين أميركيين، تحولت لاحقا إلى صدمة وخيبة أمل في البيت الأبيض، بسبب عدم دقة المعلومات التي قدمها رئيس الوزراء الإسرائيلي.
في المقابل، أكد البيت الأبيض أن نشر نتنياهو التصريح المصور لن يغير شيئا في دعمهم لإسرائيل، معلنا أن مستشار الأمن القومي الأميركي سيلتقي نظيره الإسرائيلي ووزير الشؤون الإستراتيجية، في حين رأت المعارضة الإسرائيلية أن نتنياهو يسعى لتحقيق مكاسب داخلية بإحراج الإدارة الأميركية.
ويرى هلسة -في حديثه لبرنامج "غزة.. ماذا بعد؟"- أن نتنياهو يؤدي دورا مسرحيا يجمع بين التراجيديا والكوميديا، حيث يظهر إسرائيل كضحية للسلوك الأميركي الذي يعطل حسم المعركة بعدم إيصال السلاح، وفي الوقت نفسه يتلاعب بالإدارة الأميركية ورموزها، مما يحرجها أمام الداخل لديها.
مظهر البطلوأوضح هلسة أن نتنياهو يوظف هذه الخلافات الظاهرية ليظهر بمظهر البطل، ولا يريد أن تبقى الأمور في الغرف المغلقة، حيث تساهم هذه التكتيكات في تعزيز صورته كقائد صلب ومتمنع قادر على توجيه الولايات المتحدة لخدمة مصالح إسرائيل.
وألقى هلسة باللوم على الداخل الإسرائيلي المتماهي في انتقاداته، وكذلك على الحليف الأميركي الذي يتعامل بليونة وتراخٍ مع نتنياهو، مشيرا إلى أن المعارضة الإسرائيلية لم تتجاوز حدود الخجل في انتقادها لنتنياهو ولم تقدم بديلا سياسيا قويا للإطاحة به، مما سمح له بتماديه في كسر النمط السائد في العلاقة مع الولايات المتحدة.
ويرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية أن هذا الاستعراض التكتيكي الذي يلجأ إليه نتنياهو يهدف إلى الضغط على بايدن لدفعه إلى مزيد من الانخراط الأميركي في الجبهة الشمالية، حيث يبدو أن نتنياهو يحضر لتوسيع المواجهة مع حزب الله هناك.
بدوره، يرى سعيد زياد، الباحث في الشأن السياسي والإستراتيجي، أن المقاومة الفلسطينية تستفيد من حالة الخلل الحالية، مشبها الوضع بتتابع سقوط أحجار الدومينو الذي بدأ بالاستعصاء الميداني وسقوط الحل العسكري في قطاع غزة.
وأوضح زياد أن إسرائيل فشلت عسكريا في غزة، وهو ما اعترف به قادتها العسكريون، الأمر الذي أدى إلى سلسلة أحداث منها خروج بيني غانتس من الحكومة، وتصاعد حدة الخلافات والاضطرابات الداخلية، ثم تصاعد الخلاف بين المؤسسة العسكرية ونتنياهو، وأخيرا توسع الخلاف الأميركي-الإسرائيلي.
شريان حياةوأكد زياد أن الولايات المتحدة تمثل شريان الحياة لإسرائيل، حيث تزودها بكل ما تحتاجه من موارد وأسلحة، معتبرا أن أي خلاف أو انقطاع مؤقت في هذه العلاقة يقلص من أسباب الحياة عن الكيان الإسرائيلي، حيث تبدو إسرائيل ضعيفة ومهزوزة عند كل تأخير في شحنات الأسلحة.
وأشار زياد إلى أن نتنياهو ليس العائق الوحيد، حيث إن هناك نسبة كبيرة من المجتمع الإسرائيلي لا تزال تدعم الحرب، فهذا المجتمع، رغم عدم إيمانه بأهداف نتنياهو، يقف خلفه بسبب حبه للحرب والاستيطان والانتقام، ولم يتخلص بعد من عقدة الخوف الوجودي، مما يدفعه لدعم الحرب بشكل أكبر.
وأوضح زياد أن نتنياهو قد يحقق مكاسب على المدى القريب من خلال طريقة إدارة علاقته مع الولايات المتحدة الحالية، لكن على المدى البعيد، ستدرك الولايات المتحدة أن نتنياهو يجرها إلى ورطة كبيرة.
بينما يلفت الدكتور وليام لورانس، المسؤول السابق في الخارجية الأميركية، إلى أن نتنياهو سياسي محنك أكثر من كونه عسكريا تكتيكيا، إذ يستطيع التلاعب إقليميا ودوليا بمهارة، ويسعى لتشجيع اليمين المتطرف في العالم لدعم أسلوبه وقراراته.
ويرى لورانس أن هذا التوجه يفسر تماشي الإسرائيليين مع الفاشيين الأوروبيين واتهام الجميع بمعاداة السامية، بما يتماشى مع السياسة الإسرائيلية، مؤكدا أن نتنياهو مستعد لتقويض العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل إلى حد كبير من أجل استمراره السياسي.
لكنه يرى كذلك أن الولايات المتحدة تتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية، إذ كان بإمكانها اتخاذ خطوات لإصلاح الأمور لكنها لم تفعل شيئا، وهو ما يضع الإدارة الأميركية في موقف الملامة بسبب عدم بذلها الجهود الكافية لمنع التوترات والتصعيد.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الإدارة الأمیرکیة الولایات المتحدة أن نتنیاهو
إقرأ أيضاً:
ما سر الغضب الإسرائيلي الأميركي من أوامر الجنائية الدولية؟
قوبلت أوامر المحكمة الجنائية الدولية ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت بغضب واستياء عارمين في تل أبيب وواشنطن وتهديدات بإجراءات قوية ضدها.
ويقول الأكاديمي والخبير في الشأن الإسرائيلي محمد هلسة إن التصريحات الغاضبة لإسرائيل تأتي في سياق ردود أفعال مشابهة أطلقتها ضد هيئات دولية أخرى مثل أوامر محكمة العدل الدولية، وهي نتاج نفسية ليست وليدة اللحظة إنما تربت فكريا وشجعها العالم.
وأشار هلسة إلى أن التصريحات الغاضبة لإسرائيل تأتي في سياق اعتقادها الحصري أنها "فوق القانون" واحتكارها "فكرة الضحية، ولا أحد سواها، في حين البقية بنظرها أعداء معتدون".
وإضافة إلى ما وصفه "المركّب النفسي التكويني الإسرائيلي" قال الخبير بالشأن الإسرائيلي إن "التعاطي اللين من طرف الولايات المتحدة والغرب وضع إسرائيل فوق القانون".
وفي وقت سابق اليوم الخميس، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت، وقالت إن هناك "أسبابا منطقية" للاعتقاد بأنهما ارتكبا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة.
وقالت المحكمة في بيان إن جرائم الحرب المنسوبة إلى نتنياهو وغالانت تشمل استخدام التجويع سلاح حرب، كما تشمل جرائم ضد الإنسانية، والمتمثلة في القتل والاضطهاد وغيرهما من الأفعال غير الإنسانية بحق السكان المدنيين.
وعقب القرار شن وزراء إسرائيليون وقادة بارزون في المعارضة هجوما ضد المحكمة الجنائية الدولية، ووصفوا قرارها بـ"وصمة عار أخلاقية معادية للسامية وتحط من العدالة".
ولا تتقبل إسرائيل نفسيا فكرة انتقادها لفظيا وكلاميا حيث "يُجن جنونها عندما يغرد أحد خارج سربها" -وفق هلسة- رغم أنها تدرك أن قرارات هذه الهيئات الدولية "لن تمنعها من مواصلة أفعالها على الأرض".
وحسب الأكاديمي هلسة، ذهبت إسرائيل تاريخيا إلى مزيد من البطش والقتل والمجازر والتدمير ضد الفلسطينيين فيما بدا كأنها "معاقبة المنابر والهيئات الدولية".
وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة جيروزاليم بوست أن وزير الخارجية الإسرائيلي غدعون ساعر بحث مع سفراء إسرائيل بالخارج ما بعد قرار "الجنائية الدولية".
تهديدات أميركيةبدوره، يرى المحامي المختص في قضايا حقوق الإنسان ريموند ميرفي أن "الجنائية الدولية" باتت معتادة على التهديدات الأميركية التي تطلق بحق المدعي العام للمحكمة وأفراد عائلته وقضاتها.
وقال ميرفي إن نظام روما الأساسي يحظى بتأييد أكثر من 120 دولة، مطالبا هذه الدول بدعم المدعي العام للجنائية الدولية ومؤسسات المحكمة من أجل "ضمان محاسبة من وجهت إليه مذكرات الاعتقال".
وخلص إلى أن "الجنائية الدولية" لن تُقوض رغم التضييقات والتهديدات الأميركية.
ورفضت الإدارة الأميركية الحالية المنتهية ولايتها برئاسة جو بايدن ونظيرتها المنتخبة بقيادة دونالد ترامب بـ"شكل قاطع" قرار "الجنائية الدولية" بحق نتنياهو وغالانت.
وكشفت هيئة البث الرسمية الإسرائيلية أن إسرائيل أعدت توصيات لإدارة ترامب المقبلة بشأن فرض عقوبات على المحكمة الدولية وأعضاء فيها.
بدوره، تعهد مايكل والتز مستشار الأمن القومي للرئيس المنتخب ترامب بـ"رد قوي في يناير/كانون الثاني (موعد تنصيب ترامب) على تحيز الجنائية الدولية المعادي للسامية".
وقال والتز إن "الجنائية الدولية" لا تتمتع بأي مصداقية، معتبرا أن إسرائيل "دافعت بشكل قانوني عن شعبها وحدودها ضد الإرهابيين".
و"الجنائية الدولية" محكمة أُسست بصفة قانونية في الأول من يوليو/تموز 2002 بموجب ميثاق روما الذي دخل حيز التنفيذ في 11 أبريل/نيسان من السنة نفسها، وتعمل على وقف انتهاكات حقوق الإنسان عبر التحقيق في جرائم الإبادة وجرائم الحرب.