يرى الأكاديمي والخبير في الشؤون الإسرائيلية الدكتور محمد هلسة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يهدف بانتقاده وقف الإدارة الأميركية شحنات أسلحة لإسرائيل، إلى الضغط عليها، لضمان مزيد من الدعم في الجبهة الشمالية، إذ يبدو أنه يحضر لتوسيع المواجهة مع حزب الله.

وكان نتنياهو قد أدلى بتصريح مصور أكد فيه لومه وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن على وقف شحنات أسلحة وذخائر لإسرائيل، مما أثار حيرة مسؤولين أميركيين، تحولت لاحقا إلى صدمة وخيبة أمل في البيت الأبيض، بسبب عدم دقة المعلومات التي قدمها رئيس الوزراء الإسرائيلي.

في المقابل، أكد البيت الأبيض أن نشر نتنياهو التصريح المصور لن يغير شيئا في دعمهم لإسرائيل، معلنا أن مستشار الأمن القومي الأميركي سيلتقي نظيره الإسرائيلي ووزير الشؤون الإستراتيجية، في حين رأت المعارضة الإسرائيلية أن نتنياهو يسعى لتحقيق مكاسب داخلية بإحراج الإدارة الأميركية.

ويرى هلسة -في حديثه لبرنامج "غزة.. ماذا بعد؟"- أن نتنياهو يؤدي دورا مسرحيا يجمع بين التراجيديا والكوميديا، حيث يظهر إسرائيل كضحية للسلوك الأميركي الذي يعطل حسم المعركة بعدم إيصال السلاح، وفي الوقت نفسه يتلاعب بالإدارة الأميركية ورموزها، مما يحرجها أمام الداخل لديها.

مظهر البطل

وأوضح هلسة أن نتنياهو يوظف هذه الخلافات الظاهرية ليظهر بمظهر البطل، ولا يريد أن تبقى الأمور في الغرف المغلقة، حيث تساهم هذه التكتيكات في تعزيز صورته كقائد صلب ومتمنع قادر على توجيه الولايات المتحدة لخدمة مصالح إسرائيل.

وألقى هلسة باللوم على الداخل الإسرائيلي المتماهي في انتقاداته، وكذلك على الحليف الأميركي الذي يتعامل بليونة وتراخٍ مع نتنياهو، مشيرا إلى أن المعارضة الإسرائيلية لم تتجاوز حدود الخجل في انتقادها لنتنياهو ولم تقدم بديلا سياسيا قويا للإطاحة به، مما سمح له بتماديه في كسر النمط السائد في العلاقة مع الولايات المتحدة.

ويرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية أن هذا الاستعراض التكتيكي الذي يلجأ إليه نتنياهو يهدف إلى الضغط على بايدن لدفعه إلى مزيد من الانخراط الأميركي في الجبهة الشمالية، حيث يبدو أن نتنياهو يحضر لتوسيع المواجهة مع حزب الله هناك.

بدوره، يرى سعيد زياد، الباحث في الشأن السياسي والإستراتيجي، أن المقاومة الفلسطينية تستفيد من حالة الخلل الحالية، مشبها الوضع بتتابع سقوط أحجار الدومينو الذي بدأ بالاستعصاء الميداني وسقوط الحل العسكري في قطاع غزة.

وأوضح زياد أن إسرائيل فشلت عسكريا في غزة، وهو ما اعترف به قادتها العسكريون، الأمر الذي أدى إلى سلسلة أحداث منها خروج بيني غانتس من الحكومة، وتصاعد حدة الخلافات والاضطرابات الداخلية، ثم تصاعد الخلاف بين المؤسسة العسكرية ونتنياهو، وأخيرا توسع الخلاف الأميركي-الإسرائيلي.

شريان حياة

وأكد زياد أن الولايات المتحدة تمثل شريان الحياة لإسرائيل، حيث تزودها بكل ما تحتاجه من موارد وأسلحة، معتبرا أن أي خلاف أو انقطاع مؤقت في هذه العلاقة يقلص من أسباب الحياة عن الكيان الإسرائيلي، حيث تبدو إسرائيل ضعيفة ومهزوزة عند كل تأخير في شحنات الأسلحة.

وأشار زياد إلى أن نتنياهو ليس العائق الوحيد، حيث إن هناك نسبة كبيرة من المجتمع الإسرائيلي لا تزال تدعم الحرب، فهذا المجتمع، رغم عدم إيمانه بأهداف نتنياهو، يقف خلفه بسبب حبه للحرب والاستيطان والانتقام، ولم يتخلص بعد من عقدة الخوف الوجودي، مما يدفعه لدعم الحرب بشكل أكبر.

وأوضح زياد أن نتنياهو قد يحقق مكاسب على المدى القريب من خلال طريقة إدارة علاقته مع الولايات المتحدة الحالية، لكن على المدى البعيد، ستدرك الولايات المتحدة أن نتنياهو يجرها إلى ورطة كبيرة.

بينما يلفت الدكتور وليام لورانس، المسؤول السابق في الخارجية الأميركية، إلى أن نتنياهو سياسي محنك أكثر من كونه عسكريا تكتيكيا، إذ يستطيع التلاعب إقليميا ودوليا بمهارة، ويسعى لتشجيع اليمين المتطرف في العالم لدعم أسلوبه وقراراته.

ويرى لورانس أن هذا التوجه يفسر تماشي الإسرائيليين مع الفاشيين الأوروبيين واتهام الجميع بمعاداة السامية، بما يتماشى مع السياسة الإسرائيلية، مؤكدا أن نتنياهو مستعد لتقويض العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل إلى حد كبير من أجل استمراره السياسي.

لكنه يرى كذلك أن الولايات المتحدة تتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية، إذ كان بإمكانها اتخاذ خطوات لإصلاح الأمور لكنها لم تفعل شيئا، وهو ما يضع الإدارة الأميركية في موقف الملامة بسبب عدم بذلها الجهود الكافية لمنع التوترات والتصعيد.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الإدارة الأمیرکیة الولایات المتحدة أن نتنیاهو

إقرأ أيضاً:

هل يعتبر التضخم في الولايات المتحدة تحت السيطرة؟

توقع تقرير  لبنك قطر الوطني تباطؤ التضخم في الولايات المتحدة بشكل أكبر خلال العام المقبل، مدفوعاً بتطبيع استخدام الطاقة الإنتاجية، وتعديلات تكلفة الإسكان، واحتمال ضبط الأوضاع المالية العامة خلال ولاية ترامب الثانية مع تولي بيسنت منصب وزير الخزانة.

وقال التقرير تحت عنوان " هل يعتبر التضخم في الولايات المتحدة تحت السيطرة؟  بعد أن بلغ ذروته عند 5.6% سنوياً قبل أكثر من 30 شهراً في يونيو 2022، عاد التضخم في الولايات المتحدة تدريجياً ليقترب من نسبة 2% المستهدفة في الأشهر الأخيرة. وكان هذا إنجازاً كبيراً لبنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، ومبرراً لبداية دورة التيسير النقدي في شهر سبتمبر من العام الجاري، عندما تم إقرار تخفيضات أسعار الفائدة لأول مرة منذ بداية الجائحة في عام 2020.

وعلى الرغم من النجاح والتقدم في السيطرة على التضخم، فإن المخاوف بشأن أسعار المستهلك في الولايات المتحدة لا تزال تلقي بظلالها على أجندة المستثمرين. في الأسابيع الأخيرة، أدت بيانات التضخم الأعلى من المتوقع و"الاكتساح الجمهوري"، مع فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية وهيمنة حزبه على الأغلبية في مجلسي الشيوخ والنواب، إلى مخاوف بشأن توقعات التضخم. والأهم من ذلك، أن المقياس الرئيسي لبنك الاحتياطي الفيدرالي، وهو التضخم الأساسي في نفقات الاستهلاك الشخصي، والذي يستثني الأسعار المتقلبة للطاقة والمواد الغذائية من المؤشر، لا يزال أعلى من النسبة المستهدفة. وهناك مخاوف من أن "الجزء الأخير" من عملية السيطرة على التضخم قد لا يكون سهلاً كما كان متوقعاً في السابق، وأن "النسخة الثانية من سياسة أمريكا أولاً" قد تؤدي إلى زيادة التضخم، بسبب التوسع المالي وارتفاع الرسوم الجمركية على السلع المستوردة.

وأوضح تقرير QNB أن احتمالية ارتفاع التضخم أدت بالفعل إلى تغيير كبير في التوقعات المرتبطة بحجم ووتيرة التيسير النقدي الذي سينفذه بنك الاحتياطي الفيدرالي في عام 2025. ففي غضون أسابيع قليلة، خفض مستثمرو أدوات الدخل الثابت توقعاتهم بشأن تخفيضات أسعار الفائدة من 150 نقطة أساس إلى 50 نقطة أساس فقط، مما يشير إلى أن سعر الفائدة الأساسي على الأموال الفيدرالية سيستقر في نهاية العام المقبل عند 4% بدلاً من 3%

 

ويرى التقرير أنه بغض النظر عن جميع المخاوف والصدمات المحتملة التي قد تؤثر على الأسعار الأمريكية، فإننا نعتقد أن التوقعات المرتبطة بالتضخم في الولايات المتحدة إيجابية، بمعنى أن التضخم سيعود تدريجياً إلى النسبة المستهدفة (2%) ما لم تحدث أي تطورات جيوسياسية كبيرة أو تصدعات في السياسة الأمريكية. 

ويوضح أن هناك ثلاثة عوامل رئيسية تدعم وجهة نظرهم وهي:

أولاً، شهد الاقتصاد الأميركي بالفعل تعديلات كبيرة في الأرباع الأخيرة، الأمر الذي ساهم في تخفيف حالة نقص العرض وارتفاع الطلب التي كانت تضغط على الأسعار. ويشير معدل استغلال الطاقة الإنتاجية في الولايات المتحدة، قياساً بحالة سوق العمل والركود الصناعي، إلى أن الاقتصاد الأميركي لم يعد محموماً. بعبارة أخرى، هناك عدد مناسب من العمالة لفرص العمل المتاحة، في حين أن النشاط الصناعي يسير دون اتجاهه الطويل الأجل. وتأقلمت سوق العمل بالكامل وهي الآن عند مستوى طبيعي، حيث بلغ معدل البطالة 4.1% في أكتوبر 2024، بعد أن كان قد بلغ أقصى درجات الضيق في أوائل عام 2023 عندما تراجع بكثير من مستوى التوازن إلى 3.4%. وتدعم هذه الظروف التخفيف التدريجي لضغوط الأسعار.

ثانياً، سيصبح انخفاض التضخم في أسعار الإسكان مساهماً رئيسياً في انخفاض التضخم الإجمالي في الأرباع القادمة. يمثل الإسكان ما يقرب من 15% من مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي، ويشمل الإيجار أو، إذا كانت الوحدة السكنية مملوكة للمالك، ما قد يكلفه استئجار وحدة مماثلة في سوق الإسكان الحالية. بلغ التضخم في الإسكان ذروته عند 8.2% في أبريل 2023، حيث تأخر كثيراً عن ذروة التضخم الإجمالي، مما يعكس "ثبات" الأسعار، نظراً لأن العقود تستند إلى الإيجار السنوي. لذلك، تتفاعل الأسعار بشكل أبطأ حيث عادة ما يظهر تأثير تغير الأوضاع الاقتصادية الكلية عليها بشكل متأخر. انخفض تضخم الإسكان بوتيرة ثابتة منذ منتصف عام 2023 وهو حالياً أقل من 5%. تُظهر مؤشرات السوق للإيجارات المتعاقد عليها حديثاً، والتي تتوقع الاتجاهات في الإحصائيات التقليدية، أن تضخم الإيجار أقل من مستويات ما قبل الجائحة. وهذا يشير إلى أن مكون الإسكان في الأسعار سيستمر في التباطؤ في عام 2025، مما يساعد في خفض التضخم الإجمالي.

ثالثاً، غالباً ما يتم المبالغة في المخاوف بشأن الطبيعة التضخمية للنسخة الثانية من سياسة الرئيس ترامب الاقتصادية "أميركا أولاً". ستبدأ إدارة ترامب الجديدة في ظل بيئة وطنية ودولية مختلفة تماماً عن ظروف الولاية السابقة في عام 2016، حيث سيكون نطاق التحفيز المالي الكبير مقيداً أكثر. لقد اتسع العجز المالي الأميركي بالفعل بشكل كبير من 3% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2016 إلى 6% في عام 2024، مع زيادة نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في نفس الفترة من أقل من 100% إلى ما يقرب من 125%. وأعرب وزير الخزانة القادم، سكوت بيسنت، الذي يعتبر "أحد الصقور" في القطاع المالي، بالفعل عن نيته "تطبيع" العجز إلى 3% بحلول نهاية الولاية. بعبارة أخرى، سيتم تشديد الأوضاع المالية أكثر بدلاً من تخفيفها، وهو ما من شأنه أن يساهم في إبطاء ضغوط الأسعار، على الرغم من أي تأثيرات ناجمة عن سياسات التعريفات الجمركية والهجرة التي لم يتم إضفاء الطابع الرسمي عليها بالكامل بعد. 

مقالات مشابهة

  • محللون إسرائيليون: نتنياهو يحاول شراء الوقت ولا يريد صفقة أسرى
  • واشنطن بوست: مسؤول عراقي يتوقع تمديد بقاء القوات الأميركية
  • هل يعتبر التضخم في الولايات المتحدة تحت السيطرة؟
  • عطوان: لماذا سيدخل الصاروخ الفرط صوتي اليمني الذي قصف قلب يافا اليوم التاريخ من أوسع أبوابه؟
  • الصين تصف تايوان بـ”الخط الأحمر” وتنتقد المساعدات العسكرية الأميركية الجديدة للجزيرة
  • لماذا فشل الدفاع الجوي الإسرائيلي في اعتراض الصاروخ الحوثي؟
  • خبير عسكري: الضربات الأميركية البريطانية تضر بقدرات الحوثيين لكنها لن توقف هجماتهم
  • خبير عسكري: الضربات الأميركية البريطانية لن توقف هجمات الحوثيين
  • QNB: التضخم في الولايات المتحدة الأميركية يتباطأ في عام 2025
  • السلطات الأميركية تدرس حظر أجهزة الراوتر الصينية في الولايات المتحدة