ما سر ظاهرة المرشح المساعد في الانتخابات الرئاسية بإيران؟
تاريخ النشر: 21st, June 2024 GMT
طهران- ما إن أعلنت وزارة الداخلية الإيرانية القائمة النهائية لمرشحي الانتخابات الرئاسية المبكرة المقررة في 28 يونيو/حزيران الجاري، حتى بدأت الأوساط السياسية في إيران الحديث عن ظاهرة أضحت تعرف بـ"المرشح المساعد".
وجاءت تركيبة القائمة التي أجازها مجلس صيانة الدستور المخول بدراسة أهلية المرشحين للسباق الرئاسي مكونة من 5 محافظين وإصلاحي واحد، لتفتح الباب على مصراعيه أمام الصحافة القريبة من التيار الإصلاحي لنشر تقارير عديدة عن ظاهرة المرشح المساعد وأهدافها ومدى تأثيرها على نتيجة الانتخابات.
والظاهرة المستحدثة عبارة عن تسجيل عدة أفراد من تيار سياسي واحد لخوض السباق الرئاسي، وبعد تأييد مجلس صيانة الدستور أهلية أكثر من مرشح منهم، يقومون بالدعاية لتيارهم ومهاجمة مرشحي التيار المقابل خاصة في المناظرات التلفزيونية، وفي نهاية المطاف ينسحب -قبيل الاقتراع- بعض هؤلاء لصالح المرشح الأصلي.
يقول قهرمان بور إن اتضاح نوايا المرشحين المساعدين قد يؤدي إلى عزوف الناخب عن التصويت (الجزيرة) ظاهرة مستحدثةوالمفارقة في الظاهرة الجديدة أن المرشح المساعد لم يأت ليصبح رئيسا أصلا ما يبرر له عدم السعي الحثيث لكسب أصوات الناخبين، فيصب جل اهتمامه للنيل من شعبية المرشح المنافس ومهاجمته، بيد أن ذلك لم يأت من فراغ فهناك ما يبرر للتيارات السياسية اللجوء إلى هذه اللعبة، وفق الباحث السياسي الأكاديمي بجامعة طهران رحمان قهرمان بور.
ويرجع قهرمان بور -في حديثه للجزيرة نت- سبب استحداث الظاهرة إلى النظام الرئاسي للحكم في بلاده وحصر المصادقة على أهلية المرشحين بيد مجلس صيانة الدستور.
وأوضح أنه في غياب الأحزاب السياسية الكبيرة والفاعلة، يتقدم الأفراد بأوراق الترشح للانتخابات بشكل فردي رغم انتمائهم السياسي، وبذلك لن يكون التيار السياسي مسؤولا عن سبب ترشيح أكثر من مرشح لخوض الانتخابات.
وتابع أن القائمة النهائية للمرشحين عادة تأتي بمفاجآت، إذ تضم أسماء أفراد لم تكن بالحسبان وتقصي آخرين كانت التيارات السياسية تعول عليها كونها الأوفر حظا لكسب أصوات الناخبين، مؤكدا أن المرشح المساعد يأتي لمساعدة زميله في مهاجمة المرشح المنافس ليتسنى للمرشح الأصلي توضيح برامجه وإطلاق وعود جذابة.
هندسة الانتخابات
من ناحيته، يعتبر الناشط الإصلاحي البارز محمد علي أبطحي رئيس مكتب الرئيس الإصلاحي الأسبق محمد خاتمي أن ظاهرة المرشح المساعد تأتي لتقسيم الأدوار بين مرشحي التيار السياسي الواحد وتفويت الفرصة على العديد من الراغبين بخوض المعترك الانتخابي من الحصول على أهلية مجلس صيانة الدستور.
وفي حديثه للجزيرة نت، يعتقد الناشط أبطحي أن منظري هذه الظاهرة يريدون هندسة الانتخابات وفق أجندتهم السياسية، مستدركا أن تياره السياسي قد اعتاد على هذه المحاولات منذ نحو 10 أعوام وأنها أضحت تنقلب سلبا على مدبريها، لأنهم لم يتمكنوا من التشويش على شعبية الإصلاحيين لدى الناخب الإيراني.
وتابع أن الناخب الإيراني أظهر إقبالا واسعا تجاه الإصلاحيين حيثما تمكن مرشحوه من اجتياز عقبة مجلس صيانة الدستور، مؤكدا أن سياسة المرشحين المساعدين في كيل الاتهامات وقلب الحقائق قد تأتي بنتائج عكسية، ناهيك عن أن أصوات جمهورهم سوف تتقسم بين المرشح الأصلي والمرشحين الذين سيجبرون على البقاء حتى نهاية المعترك الانتخابي.
يرجع ترقي السبب وراء تعدّد المرشحين المحافظين إلى تفاوت الخطاب بين أبناء البيت الواحد (الصحافة الإيرانية) تنافس داخليفي المقابل، ينفي حميد رضا ترقي، عضو المجلس المركزي في حزب "مؤتلفة" المحافظ، نية تياره السياسي هندسة الانتخابات، معتبرا أن الحملة الدعائية التي تقودها الصحافة الإصلاحية ترمي لتشويه سمعة المرشحين المحافظين لدى الرأي العام الإيراني.
وفي حديثه للجزيرة نت، يرجع ترقي السبب وراء تعدّد المرشحين المحافظين في الرئاسيات المقبلة إلى تفاوت الخطاب بين أبناء البيت الواحد، مؤكدا أن القوائم المحافظة المختلفة قد تنافست بالفعل خلال الانتخابات البرلمانية التي أجريت مطلع مارس/آذار الماضي.
ولفت إلى أنه لا مكان للتنافس داخل البيت المحافظ في حال ارتفاع شعبية مرشح التيار المنافس، موضحا أن كبار السياسيين في التيار المحافظ يرصدون باستمرار نتائج استطلاعات الرأي، وأنهم عقدوا اجتماعات لانسحاب أحد المرشحين أو أكثر لصالح المرشح الذي يرونه قادرا على كسب أكبر نسبة من الأصوات.
خسائر وتعويض
من ناحيته، يعتقد الباحث السياسي رحمان قهرمان بور أن الإستراتيجية الانتخابية القائمة على توظيف المرشح المساعد لا تخلو من تحديات قد تقلب السحر على الساحر، ناهيك عن أنها تتسبب في هدر الثروات الوطنية وميزانية الانتخابات التي ترصد لضمان أمن المرشحين وتنقلهم والدعاية، إلی جانب حرمان مرشحين آخرين من خوض المعترك الانتخابي.
ويقول المتحدث نفسه إن اتضاح نوايا المرشحين المساعدين قد يؤدي إلى عزوف الناخب عن التصويت كما حصل في الانتخابات الأخيرة أو دفع الأصوات الرمادية نحو المرشح المنافس، ذلك لأن الظاهرة تشعر الناخب بأن أحد أطراف المعترك الانتخابي ليس صادقا معه.
ويعتقد قهرمان بور أن أداء بعض المرشحين المساعدين وظهورهم ضعفاء دون برامج انتخابية مدونة قد يؤدي إلى إدارة عزوف شريحة من جمهورهم عن التصويت وبالتالي رفع كفة المرشح المنافس.
وبالرغم من التحديات التي تحيط بإستراتيجية المرشح المساعد، فإن مراقبين في إيران يرون أن فائدة اللجوء إليها تفوق التكاليف التي يتقبلها المرشح، ذلك لأن تعويضه من قبل المرشح الفائز وتياره السياسي سوف ترفع من ثقله السياسي لدى الجمهور وتضمن له منصبا لائقا في الحكومة المقبلة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات مجلس صیانة الدستور
إقرأ أيضاً:
تأجيل تطبيق قانون الحجاب الصارم بإيران يثير الجدل.. ومخاوف من اندلاع الاحتجاجات
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أقرّ مجلس صيانة الدستور المتشدد قانونًا مثيرًا للجدل يتعلق بفرض قانون الحجاب الصارم، متضمنًا عقوبات صارمة تشمل غرامات مالية كبيرة وعقوبات بالسجن للنساء غير الملتزمات، بالإضافة إلى فرض عقوبات على المؤسسات التي تتهاون في تطبيق هذه القوانين.
رغم ذلك، لم يتم إرسال القانون إلى الحكومة للتنفيذ، وهي خطوة إجرائية تقليدية ينبغي أن تتم خلال خمسة أيام من الموافقة عليه. يُعتقد أن هذا التأخير مقصود لتجنب اندلاع احتجاجات شعبية واسعة في ظل الظروف الحالية.
ردود فعل متباينة حول قانون الحجاب الصارميواجه القانون رفضًا واضحًا من شخصيات سياسية، حيث أعلن بزشكيان معارضته لاستخدام العنف ضد النساء بسبب الحجاب. في المقابل، يواصل المتشددون الضغط لتطبيق القانون.
ومن بين هذه الضغوط، الإعلان عن افتتاح "عيادة إعادة تأهيل" في طهران لمساعدة النساء غير الملتزمات بالحجاب على "الالتزام الطوعي" به. وقد وصف مسؤولون المهمة المعلنة لهذه العيادة بأنها تقدم "علاجًا علميًا ونفسيًا"، بينما أشارت تقارير أخرى إلى أن المشاركة قد تكون بديلًا عن الغرامات المالية التي تفرضها المحاكم.
انتقادات واسعة من المجتمع المدني على قانون الحجاب
لاقى افتتاح العيادة انتقادات شديدة من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي والجمعيات المهنية، حيث اعتبروا أنها تسعى لربط عدم الالتزام بالحجاب بمشكلات نفسية.
وفي بيان مشترك، أدانت الجمعية الإيرانية للطب النفسي والجمعيات النفسية العلاجية استخدام مفاهيم "العيادة" و"إعادة التأهيل"، واعتبرت ذلك "إساءة واضحة لاستخدام علم النفس والطب النفسي".
تحذيرات ومخاوف من تطبيق قانون الحجاب الصارمانتقد ناشطون هذا التحرك واعتبروه تمهيدًا لفرض مزيد من الضغوط على النساء والمجتمع، محذرين من استغلال هذه البرامج لتقييد الحريات بشكل أكبر.
ودعا البعض الحكومة إلى الحذر من تداعيات هذه الخطط المتشددة التي قد تؤدي إلى تصعيد غير مسبوق.
الرافضات للحجاب الإجباريوفي سياق متصل، وصفت زهراء بهروز آذر، نائبة الرئيس الإيراني لشؤون المرأة والأسرة، فكرة إنشاء "عيادة علاجية" للنساء الرافضات للحجاب الإجباري بأنها "عار على الإسلام".
في نفس الوقت، اعترفت ضمناً بأن الحكومة تحت قيادة مسعود بزشكيان تخطط لفرض الحجاب على الفتيات من خلال العمل التربوي والمشاركة الأسرية.
جاء ذلك بعد إعلان مهري دارستاني، رئيسة "دائرة المرأة والأسرة" التابعة لهيئة "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، عن إنشاء عيادة تهدف إلى "العلاج العلمي والنفسي" للنساء اللواتي يرفضن الحجاب الإجباري.
دارستاني أكدت أن العيادة تستهدف "الفتيات الصغيرات والمراهقات الباحثات عن هوية اجتماعية وإسلامية"، مشيرة إلى أن زيارة العيادة ستكون "اختيارية".
هذه التصريحات أثارت موجة من الانتقادات على منصات التواصل الاجتماعي، حيث اعتبر العديد أن استخدام علم النفس لتحقيق أهداف سياسية وأيديولوجية يعد إساءة فادحة لهذا المجال.
وقد وصف منتقدون هذا التوجه بأنه استمرار لسياسة النظام الإيراني في وصف معارضيه بأنهم يعانون من اضطرابات عقلية.
هذا التوجه يعود إلى ما سبق وأن حدث بعد الاحتجاجات الشعبية في عام 2022، حيث قامت الحكومة بنقل بعض الطلاب المعتقلين إلى "مراكز نفسية" في محاولة لمنعهم من أن يصبحوا "شخصيات معادية للمجتمع".
قانون الحجاب في إيرانقانون الحجاب في إيران، والذي أقره مجلس صيانة الدستور في سبتمبر 2023، يعد من أكثر القوانين المثيرة للجدل في البلاد، خصوصاً في ظل التحديات المجتمعية والسياسية التي تواجهها الحكومة الإيرانية.
هذا القانون يفرض عقوبات قاسية على النساء اللواتي لا يلتزمن بالحجاب، من بينها السجن لفترات تتراوح من خمس إلى 15 سنة إذا ثبت تعاونهن مع أطراف معادية أو منظمات خارجية تدعو لعدم الالتزام بالحجاب.
الحكومة الإيرانية تعمل على تنفيذ هذا القانون من خلال إجراءات صارمة مثل تركيب كاميرات في الأماكن العامة لرصد المخالفات، إضافة إلى إغلاق محال تجارية لمخالفتها القواعد.
في الوقت نفسه، تتزايد الاحتجاجات ضد هذا القانون منذ وفاة مهسا أميني في 2022، مما أثار حركة كبيرة من النساء الرافضات لسياسة الحجاب الإلزامي.
رغم ذلك، هناك تصريحات من بعض المسؤولين الإيرانيين التي تشير إلى أن هناك محاولات لتخفيف تنفيذ هذا القانون في بعض الأحيان لتجنب التصعيد الشعبي.
في المقابل، يستمر الضغط من جانب الجماعات المتشددة لتنفيذ القوانين بشكل أكثر صرامة.