تصريح صحفي حول اجتماع اللجنة السياسية للكتلة الديمقراطية
تاريخ النشر: 21st, June 2024 GMT
انعقد الأربعاء الموافق 19 يونيو 2024 اجتماعٌ عالي المستوى للجنة السياسية للكتلة الديمقراطية بدعوة كريمة من القائد مني أركو مناوي رئيس اللجنة وحضور السيد مولانا جعفر الميرغني رئيس الكتلة الديمقراطية وأعضاء اللجنة. تناول الاجتماع العديد من القضايا والأجندة.في البداية، ترحم الاجتماع على أرواح شهداء الوطن في كل ربوع السودان وحيا الاجتماع الشعب السوداني وتلاحمه مع قواته المسلحة وجدد المجتمعون دعمهم وتمسكهم بوحدة السودان وترابه ووقوفهم مع القوات المسلحة السودانية والقوات المشتركة والشباب والنساء للدفاع عن السودان ودحر العدوان عليه.
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الشعب السودانی
إقرأ أيضاً:
جريمة الإفلات من العقاب في السودان
سنظل نوسم يوم الإثنين الثالث من يونيو/حزيران 2019، باليوم الشؤم لأنه في جنح ظلام ذلك اليوم، غزت جحافل تتار السودان ميدان القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية لتمزّق وتشوي أجساد الشباب المعتصمين سلميا، وهم نيام، أمام بوابات القيادة يحدوهم الأمل والعشم أن يحميهم جيشهم من بطش كتائب الموت، ولكنه لم يفعل. لم يكن الهدف الرئيس للغزو هو فض الاعتصام، فهذا كان يمكن أن يتحقق بدون إطلاق رصاصة واحدة، والمعتصمون كانوا عزّلا إلا من سلاح تصميمهم على إنتصار الثورة، وكان يمكن إعتقالهم جميعا فردا فرد، ما داموا نياما وعددهم قليل مقارنة بحجم وعدد وتسليح القوات الغازية. وبالنظر إلى عمليات القتل وإلقاء الجثث، والأحياء أيضا، في النيل وإطلاق الرصاص حتى على المحتمين بالمستشفيات القريبة من موقع الإعتصام، وبالنظر إلى أن هجمات فض وقمع الإعتصام تمت بالتزامن في كل مدن السودان التي إعتصم فيها الثوار، وليس في الخرطوم وحدها، وبالنظر إلى ما تبع المذبحة من عمليات إختطاف وقتل للقيادات من شباب لجان المقاومة في الأحياء، ومن فرض للأحكام العرفية وتحويل العاصمة إلى ثكنة عسكرية ترهب وتقمع، ومن قطع للإنترنت ومنع التجمعات والندوات والمؤتمرات الصحافية، حتى ولو كانت محصورة داخل الأندية والمقار، بالنظر إلى كل هذه الوقائع، فإن الهدف الرئيس من الغزوة، حسب إعتقادنا، لم يكن فض الإعتصام وحسب، وإنما كان محاولة لقتل أي أمل في التغيير عبر سفك دماء أكبر عدد من الشباب المنهمك بهمة وجدية وحيوية في التخطيط لبناء الغد الواعد في بلادنا. كانت المجزرة إنتقاما وتمهيدا لإنقلاب آخر مضاد على الثورة المجيدة، إستهان مخططوه ومنفذوه بشعب السودان العظيم الذي هزم الإنقلاب بعد ثلاثة أسابيع في 30 يونيو/حزيران 2019. يومها كتبنا: لا توصيف لمذبحة فض الإعتصام سوى أنها جريمة قتل عمد مكتملة الأركان، يجب ألا نسمح بإفلات من خطط لها أو نفذها من العقاب وفق أحكام القانون والعدالة. ومن هنا كان دعمنا للجنة التحقيق المُكَلفة من قبل رئيس الوزراء، المعروفة بلجنة نبيل أديب، لكشف أسرار تلك الجريمة النكراء. وفي مواجهة من وصفوا تحرك اللجنة بالسلحفائية، طالبنا بالصبر عليها وعدم التشويش على عملها، وأن ينتظروا تقريرها النهائي، تمسكا بالقانون.
أحد الأضلع الثلاثة لشعار ثورة السودان العظيمة هو العدالة، وفي جوهرها القاعدة القانونية الذهبية المتمثلة في مبدأ عدم الإفلات من العقاب. ونعني بالإفلات من العقاب تلك الحالات التي لا يتم فيها محاسبة الأفراد أو الجماعات على أفعالهم غير القانونية أو غير الأخلاقية، وهي تحدث لعدة أسباب منها: ضعف أو فساد النظام القضائي وأجهزة إنفاذ القانون، امتلاك الأفراد أو الجماعات نفوذاً سياسياً أو مالياً يحميهم من المحاسبة، التحيز في تطبيق القانون لصالح فئة معينة على حساب أخرى، الافتقار إلى الإرادة السياسية وعدم رغبة السلطات في ملاحقة بعض الجرائم لأسباب سياسية أو اجتماعية…، وغير ذلك من الأسباب. وكان ثوار حراك ديسمبر/كانون الأول 2018 في السودان، يشددون على تمسكهم بهذا المبدأ ويحذرون من التحايل والإلتفاف عليه، قياسا على تجاربنا السياسية السابقة، إذ كثيرا ما كان يتم خرقه أو تجاهله، فلا يقدم إلى العدالة سوى حفنة من الذين إرتكبوا جرائم وهم في سدة الحكم، أو يتم التراجع عن المبدأ من خلال التفاوض وغض النظر عن المسؤولية الجنائية والعدالة في مقابل الوصول إلى حل سياسي للأوضاع المتأزمة غداة التغيرات الكبرى، ووفق شعارات تدعي الحكمة والعقلانية كشعار «عفا الله عما سلف» الخادع لظاهرة الإفلات من العقاب، وشعار المصالحة الوطنية الذي يتغاضى عن المساءلة والمحاسبة، في حين أن أي مصالحة وطنية حقيقية تبدأ بتقديم كل من إرتكب جرما في حق الوطن والمواطن إلى العدالة. فالقانون «مثل الموت…، لا يستثني أحدا» كما قال صاحب نظرية الفصل بين السلطات، القاضي والفيلسوف الفرنسي شارل لوي دي سيكوند المعروف باسم مونتيسكيو (1689 ـ 1755).
الكثير يمكن أن يقال نقدا ورفضا لما أسمته حكومة بورتسودان التعديلات على الوثيقة الدستورية، من عدم شرعية هذه التعديلات إلى أنها تكريس لنظام ديكتاتوري جديد في البلاد. ولكني أراها إرتكبت جريمة لا تغتفر بإلغاءها للبند 16 من المادة 8 والخاص باللجنة الوطنية المستقلة للتحقيق في جريمة مذبحة فض إعتصام ميدان القيادة العامة. فهذا الإلغاء في نظري يعني السماح لمرتكبي المجزرة بالإفلات من المحاسبة، مما يزيد الشكوك حول من إرتكب تلك المجزرة ويعمق من عدم الثقة التي هي أصلا مفقودة. وكنا في مقالنا السابق، في معرض مناقشتنا لخطوة تكوين الحكومة الموازية، قد أشرنا إلى أن وجود حكومتين في البلد سيضعف من فرص تحقيق العدالة في البلد، خاصة بالنسبة إلى الجرائم والإنتهاكات الفظيعة التي ارتكبت اثناء الحرب ضد البشر وضد الأعيان المدنية، ويمكّن الإفلات من العقاب على هذه الجرائم، وكل ذلك يصب في إستمرار الحلقة الشريرة في البلد.
أعتقد أن لأرواح شهداء مجزرة فض الإعتصام وأسرهم حقاً على لجنة التحقيق، لجنة الأستاذ نبيل أديب، لتوضيح موقف اللجنة ومصيرها على ضوء هذه التعديلات، خاصة وأن اللجنة قطعت شوطا طويلا في إنجاز مهامها. وفي هذا السياق، فليسمح لنا الأستاذ نبيل بأن نقترح عليه إصدار بيان مفصل حول ما قامت به اللجنة وأثر تعديلات الوثيقة الدستورية على وجودها ونشاطها، لأن الصمت سيعطي فرصة لدمغ اللجنة ورئيسها بتهمة التَّوَاطُؤ.ِ
أخيرا، إذا كانت روح الشهيد لا تعبأ بمتى تنجح الثورة، لأنها تحررت من حساب الزمن، فالباقون معنيون بالحفاظ على الأرواح والعيش الكريم وتحقيق أحلام الشهداء، وهذا يستوجب عملا ملموسا لإنجاز مهام الثورة، يبدأ بمعاقبة من إرتكبوا تلك المجزرة بحق أنضر الشباب في بلادي، والذين كان حبهم الأول ضمان الحياة الكريمة للآخرين.
نقلا عن القدس العربي