موسكو-سانا

أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن بلاده تفكر في إجراء تغييرات على عقيدتها النووية بسبب عمل العدو على خفض عتبة استخدام الأسلحة النووية، مبيناً أنها لا تحتاج إلى توجيه ضربة نووية وقائية، لأنها ستضمن في أي ضربة جوابية مضادة تدمير العدو.

وقال بوتين في مؤتمر صحفي اليوم بختام زيارته إلى كوريا الديمقراطية وفيتنام: “يجري على وجه الخصوص تطوير قنابل نووية متفجرة ذات طاقة منخفضة للغاية، ونحن نعلم أن هناك أفكاراً في دوائر الخبراء في الغرب حول إمكانية استخدام مثل هذه  الأسلحة، ونحن ننتبه إلى هذا”، مضيفاً: “إن القوات النووية الاستراتيجية لروسيا الاتحادية هي دائماً في حالة استعداد قتالي كامل، لذا فإن ما تفعله الدول الغربية الآن لا يزعجنا كثيراً ولكننا بالطبع نراقبه عن كثب”.

وأكد بوتين أن الجيش الروسي يستعد لجميع السيناريوهات المحتملة لتطور الوضع على الاتجاه الأوكراني، مشيراً إلى محاولات غربية لدفع أوكرانيا إلى تنفيذ هجوم مضاد جديد كي يُعتبَر نجاحاً استراتيجياً لها في عام 2024  قبل قمة الناتو القادمة والانتخابات في الولايات المتحدة.

وأشار بوتين إلى أن الغرب يصعد الموقف على أمل أن تشعر روسيا بالخوف في مرحلة ما، مبيناً أن الهزيمة الاستراتيجية بالنسبة لروسيا ستعني نهاية الدولة، ولهذا السبب يجب ألا تهاب، ويجب أن تواصل مهامها حتى النهاية.

وشدد بوتين على أن موسكو لا تطلب المساعدة من أحد لإتمام العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا، لافتاً إلى أن مقترحها للسلام لن يدوم إلى الأبد وسيتغير وفقاً للوضع.

وأشار بوتين إلى أن المكان الذي ستجري فيه المفاوضات حول أوكرانيا ليس مهماً، ومن الممكن أن تجرى من الغد، لكن روسيا ستنطلق من الوضع الراهن والمقترحات الروسية مطروحة على الطاولة.

وقال بوتين: “إن رد فعل الغرب على مبادراته للسلام كان متوقعاً، ولكن الساسة العقلاء سيفكرون فيها إذا كانوا يريدون إنهاء الصراع في وسط أوروبا”، مضيفاً: “إذا تم ربط إجراء المفاوضات بانسحاب قواتنا، وهو ما يحلم به نظام كييف، فمن الواضح أن هذا لن يحدث أبداً، لأن نظام كييف لا يريد ترك السلطة، ولا يريد إجراء انتخابات عادية وفقاً للدستور الأوكراني”.

ولم يستبعد بوتين توريد أسلحة روسية إلى دول أخرى رداً على توريد الأسلحة إلى أوكرانيا، وقال: “تحتفظ روسيا بحق توريد الأسلحة إلى جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية وربما مناطق أخرى”.

وأشار بوتين إلى أن الغرب يزود أوكرانيا بالأسلحة، ويقول إنه لم يعد يسيطر على أي شيء، ولا يهم كيفية استخدامها، داعياً الغرب إلى التفكير أين سينتهي الأمر.

وأكد الرئيس الروسي أن وقاحة الولايات المتحدة في الضغط على الدول الأخرى لا تشكل لها إلا الضرر استراتيجياً، وقال: “إن الضغوط التي تمارسها واشنطن ودول غربية أخرى، لها تأثير على البعض، ولكن ليس كثيراً على البعض الآخر، وعلى أي حال فإن وقاحة السلطات الأمريكية هذه لا تناسبهم دائماً، وتشكل لهم أضراراً على المستوى الاستراتيجي، لأن لا أحد يحب هذه العجرفة وهذا التكبر، ولن يغفرها أحد لهم أبداً، حتى في المنظور التاريخي على المدى المتوسط”.

وتوقع الرئيس الروسي أن يلجأ الغرب إلى تغيير زعيم نظام كييف فلاديمير زيلينسكي في النصف الأول من العام المقبل، وإلقاء اللوم عليه في جميع القرارات التي لا تحظى بشعبية.

وقال بوتين: “إن زيلينسكي ليس شخصية مستقلة، وسلطات الدول الغربية سوف تعلّق على كتفيه جميع القرارات التي لا تحظى بشعبية وتغيره في النصف الأول من العام 2025” ، مضيفاً: “كل ما في الأمر أنهم في الغرب لا يريدون تغييره الآن لأن الوقت غير مناسب”.

وأشار بوتين إلى أن سلطات كييف الحالية تؤيد استمرار الصراع، لأنها لا تريد إجراء انتخابات رئاسية، معتبراً أن محاولات كييف الضغط على القوات الروسية لإخراجها من مقاطعة خاركوف بأي ثمن ستكلفها خسائر كبيرة.

المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء

إقرأ أيضاً:

الأسلحة الكيميائية.. سر نظام الأسد المظلم الذي يخشاه الغرب وإسرائيل

 

تُثير ترسانة الأسلحة الكيميائية لنظام بشار الأسد في سوريا قلقًا عالميًا مستمرًا، خاصة بعد انهياره المفاجئ الذي ترك تساؤلات مفتوحة حول مصير هذه الأسلحة، رغم الجهود الدولية لإجبار النظام السوري على تفكيك مخزونه الكيميائي عقب مجزرة الغوطة عام 2013، التي أودت بحياة 1400 شخص باستخدام غاز السارين، فإن الشكوك ما زالت تحوم حول نجاح النظام في إخفاء جزء من ترسانته وتجديدها لاحقًا.

تاريخ أسود لتطوير “الكيماوي”

بدأت سوريا مسيرتها في امتلاك الأسلحة الكيميائية عام 1971 بإنشاء مركز البحوث والدراسات العلمية بدعم من الاتحاد السوفيتي.

وفي السبعينيات، حصلت دمشق على مواد كيميائية من مصر عشية حرب أكتوبر 1973، لاحقًا، تزايد اهتمام النظام بتطوير هذا السلاح، خاصة بعد فقدانه الحليف المصري وتعرضه لضربات إسرائيلية قوية في لبنان عام 1982.

بحلول منتصف الثمانينيات، أكدت تقارير استخباراتية أميركية وجود منشآت سورية لإنتاج غاز السارين والخردل، ومع حلول التسعينيات، حوّلت دمشق مصانع كيماوية زراعية إلى مرافق لإنتاج الأسلحة الكيميائية، وكشفت تقارير لاحقة عن حصول النظام على مئات الأطنان من المواد الكيميائية من دول أوروبية، مما ساهم في تطوير عوامل أعصاب فتاكة.

الكيماوي في وجه الشعب

تحوّلت الأسلحة الكيميائية إلى أداة حرب ضد الشعب السوري بعد اندلاع الثورة عام 2011، ففي 2013، شهدت الغوطة الشرقية هجومًا بالسارين، دفع المجتمع الدولي إلى إجبار النظام على تفكيك ترسانته تحت إشراف منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.

ومع ذلك، كشفت تقارير لاحقة عن هجمات جديدة للنظام باستخدام الكلور وغاز الأعصاب، أبرزها مجزرة خان شيخون عام 2017 وهجوم دوما 2018.

قلق إسرائيلي وغربي

تخشى إسرائيل والغرب وصول هذه الأسلحة إلى أيدي فصائل معارضة أو تنظيمات مسلحة، مما يهدد أمن المنطقة، هذا القلق دفع إسرائيل إلى شنّ غارات جوية مكثفة استهدفت مراكز أبحاث ومستودعات أسلحة كيميائية، أبرزها مركز البحوث العلمية بدمشق.


 أدوات حرب تُثير الرعب العالمي

تُعد الأسلحة الكيميائية واحدة من أخطر أدوات الحرب، إذ تُعرِّفها منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بأنها مواد سامة مُصممة خصيصًا لإحداث الوفاة أو التسبب بأضرار جسيمة من خلال التفاعلات الكيميائية. تُستخدم هذه الأسلحة في أشكال متعددة، مثل السوائل، أو الغازات، أو البخار، أو الغبار، ما يجعلها سريعة التأثير وصعبة الاكتشاف في بعض الأحيان.

أنواع الأسلحة الكيميائية وتأثيراتها

تنقسم الأسلحة الكيميائية إلى عدة فئات رئيسية، لكل منها خصائصها وأعراضها المدمرة:

1. العوامل المنفّطة:
أبرزها غاز الخردل، الذي يُصنَّف ضمن المواد المُنفّطة التي تُسبب حروقًا شديدة في الجلد والأغشية المخاطية، يظهر هذا الغاز عادةً في شكل سائل أو بخار عديم اللون والرائحة، لكنه يُصبح بُني اللون وله رائحة الثوم عند خلطه بمواد أخرى، ويُؤدي التعرض له إلى التهابات جلدية حادة، ومشكلات في الجهاز التنفسي، ما يجعله سلاحًا مؤلمًا طويل الأثر.
2. العوامل الخانقة:
تشمل هذه الفئة الكلور، الذي يكون عادةً في حالة غازية. عند استنشاقه، يُهيج الكلور الجهاز التنفسي ويُسبب تراكم السوائل في الرئتين، مما يؤدي إلى الاختناق، رغم استخدام الكلور في التطبيقات المدنية مثل تنقية المياه، إلا أن استخدامه العسكري يُعد محظورًا بموجب اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية.
3. العوامل العصبية:
تُعتبر هذه الفئة الأخطر على الإطلاق، وتشمل غازات مثل السارين وفي إكس، تُهاجم هذه المواد الجهاز العصبي مباشرةً، وتُسبب تشنجات شديدة، وفقدان السيطرة على العضلات، مما يؤدي إلى شلل عضلات القلب والجهاز التنفسي، وبالتالي الوفاة، يُعد السارين، الذي طُوِّر خلال الحرب العالمية الثانية، الأخف وزنًا والأكثر تطايرًا، حيث يتحول إلى سائل عديم اللون والرائحة في درجة حرارة الغرفة.

استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا

استخدم نظام الأسد الأسلحة الكيميائية مرارًا ضد المدنيين، حيث تُشير التقارير إلى أن الكلور كان المادة الأكثر استخدامًا بسبب سهولة إنتاجه وصعوبة إثبات استخدامه، إذ يتبخر سريعًا بعد الهجوم، ووفقًا لبيانات بي بي سي، يُشتبه في وقوع 79 هجومًا بالكلور نفّذه النظام السوري.

من ناحية أخرى، كشفت شهادات منشقين عن مركز الدراسات والبحوث العلمية السوري لصحيفة لوموند الفرنسية عام 2020 أن براميل الكلور تُصنع محليًا في ورشات خاصة، أبرزها في جمرايا ومصياف.

كما أظهرت التحقيقات أن سوريا استوردت بين عامي 2014-2018 مركبات كيميائية محظورة من 39 دولة، بينها 15 دولة أوروبية، أبرزها مادة أيزوبروبانول، التي تُستخدم في إنتاج غاز السارين.

أداة حرب محظورة

تُشكّل الأسلحة الكيميائية تهديدًا عالميًا بسبب سهولة إنتاجها وصعوبة اكتشافها، وهو ما يجعلها أداة مثالية للحروب غير التقليدية، ورغم حظر استخدامها دوليًا، إلا أن استمرار استخدامها في النزاعات المسلحة، كما حدث في سوريا، يُسلط الضوء على التحديات الكبيرة التي تواجه المجتمع الدولي في منع انتشار

تساؤلات بلا إجابات

رغم الجهود الدولية، لا تزال الأسئلة قائمة حول مصير الترسانة الكيميائية السورية، استمرار استخدام النظام لهذه الأسلحة بعد تفكيكها رسميًا يُشير إلى وجود مخزون مخفي، ما يجعل هذه القضية تهديدًا دائمًا لأمن المنطقة والعالم.

مقالات مشابهة

  • لمواجهة روسيا.. أوكرانيا تراهن على الشركات الناشئة لإنتاج الأسلحة
  • بوتين يعلن استعداد روسيا لمواصلة تزويد الغرب بالغاز
  • بوتين يتوعد كييف بالدمار.. حرب المسيرات تشتعل بين روسيا وأوكرانيا
  • بوتين: لو لم نطلق العملية العسكرية في أوكرانيا لأجرمنا بحق روسيا وشعبها
  • بوتين: الغرب يصعد الوضع .. ولا أستبعد تطبيع العلاقات مع أميركا
  • بوتين : روسيا مستعدة لمواجهة أي تحد والبحث عن حلول وسط لأزمة أوكرانيا
  • بوتين يعرفنا جيدداً..ألمانيا تحذر من هجمات روسيا الهجينة لتقسيمها
  • نائب أمريكي: بايدن وترامب فشلا في وقف سعي إيران نحو الأسلحة النووية
  • الأسلحة الكيميائية.. سر نظام الأسد المظلم الذي يخشاه الغرب وإسرائيل
  • بعد تصريح بوتين عن مبارزة صواريخ ورد زيلينسكي.. روسيا تشن هجوما مميتا على كييف