د. محمد بنطلحة الدكالي – مدير المركز الوطني للدراسات والبحوث حول الصحراء

علم الاتصال الدبلوماسي أصبح يفتح آفاقا جديدة في عملية تحليل الرموز والمعاني وفهم الإشارات التي يتضمنها سلوك القادة وخطابهم، ولا يقل الاتصال غير اللفظي مثل حركات الجسد والإيحاءات أهمية عن الاتصال اللفظي حيث يحمل الكثير من المعاني والدلالات لأن كل حركة يمكن تفسيرها وتأويلها.

وفي هذا الإطار، أنشأت العديد من الدول مدارس دبلوماسية، من بين مقراراتها لغة الجسد وكيفية استخدام اللغة الإيمائية، لما لها من أثر بالغ في إيصال الفكرة دون التلفظ بأي كلمة وخاصة في اللقاءات الرسمية وكذلك طبيعة ومستوى استخدام هذه اللغة لأن لغة الجسد أو علم الحركة يعتبر هو النسق الرمزي الذي يحقق إيصال الفكرة بعيدا عن الخطاب اللغوي، ولعل هذا ما يؤكد ويبرر الرأي الذي تبناه الخبير الدولي Sandro Rado، ومفاده أن لغة الجسد تمثل قاعدة كل اللغات طالما تجذرت أصولها في الإحساس الخاص بالجسد.

إن لغة الجسد تستخدم في نقل المعلومات والمواقف وتبادل الرسائل بشكل غير لفظي، وفي كثير من الأحيان تكون اللغة غير المنطوقة أكثر بلاغة وصدقا لكونها تعبير عفوي خال من الكلمات المنمقة التي يلجأ إليها البعض لأهداف معينة لا تعبر بالضرورة عما يقصد ويريد، لأن التلاعب بالكلمات أسهل من التلاعب بالحركات والإيماءات ونبرات الصوت، وبالتالي إن لغة الجسد تمنح المفاوض فرصة مهمة لتحليل الخصائص النفسية والسلوكية للطرف الآخر والتعرف على مفاتيح القوة والضعف في شخصيته، وكلما زاد إتقان لغة الجسد تنامت قدرتنا على التأثير في الآخرين. وفي هذا الصدد، نتذكر أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان يحرص على الضغط بقوة على يد رؤساء الدول الذين يصافحهم لإظهار نوع من القوة والسلطان على الطرف الآخر.

مناسبة هذا الكلام مقال أورده الموقع الجزائري «أوراس»، بعنوان: «تبون في قمة السبع الكبار.. من قوة الخطاب إلى صرامة لغة الإشارة».

لقد انبرى صاحب المقال في الإشادة بمشاركة الرئيس تبون الذي صنع الحدث وأظهر المكانة التي باتت تحتلها الجزائر في المجموعة الدولية، من خلال بعض الإشارات التي قام بها مع بعض زعماء الدول، لدرجة تخيل أن «اللقاء المطول الذي جرى بإقامة تبون وحضره وزير الخارجية أحمد عطاف، وتجوال الرئيسين وهما يقبضان يد بعضهما، منح مراقبين فرصة تصنيف الخطوة في خانة الرد على اليمين المتطرف في فرنسا، كما كشف أن الرئيس ماكرون يعاني ضغطا داخليا رهيبا من اليمين والشارع».

ويزيد صاحب المقال في توضيح استهاماته مشيرا إلى أن «نظرات الرئيس الأمريكي بايدن ورئيسة الحكومة الإيطالية ميلوني إلى الرئيس الجزائري تبون وهو يصافح بابا الفاتيكان تصدرت النقاشات وكشفت عن رسالة واضحة من الجزائر لعديد الأطراف التي تسارع في كل مرة إلى إصدار تقارير حول الحريات الدينية تنتقد الجزائر بدون وجه حق، كما هي رسالة حول تسامح الجزائريين».

لقد تعلمنا في أبجديات علم الاتصال الدبلوماسي، أن حركة العين وهي في حالة ذهول، لا تعني إعجابا وإنما استغرابا ناتجا عن عدم معرفة الطرف الآخر المصافح، وأن الإفراط في التودد والترحاب يبين أن علاقة الطرفين أبعد ما تكون عن الندية وتظهر أن اللقاء يجمع ما بين طرف قوي وطرف ضعيف.

إن المبالغة في الترحاب والإفراط في «التواصل الجسدي» والربت على الكتف والإمساك باليد والضحك المبالغ فيه… يخرج عن أعراف البروتوكولات الرسمية.

زيادة على ذلك، ما هو معنى دلالة تلك الصورة التي صدمت الرأي العام الدولي ومختلف وسائل الإعلام العالمية، حين وجه الرئيس تبون ضربة قوية على يد وزير خارجيته أحمد عطاف حين مصافحة هذا الأخير للرئيس الفرنسي، حيث اعتُبرت «فضيحة بروتوكولية!».

هذا المشهد، أعطى للملاحظين دلالة قوية كيف ترسم السياسات والتوجهات بقصر المرادية بل والبحث في من يضرب من؟

إن لغة الإشارة أظهرت لنا ذلك الارتباك الذي بدا واضحا خلال الصورة الجماعية التي التقطت لزعماء الدول الحاضرين، حين نبه الرئيس الفرنسي زعيم القوة الضاربة إلى ضرورة التوقف عن الحديث والتوجه إلى الكاميرا، وهو إخلال بروتوكولي يعطي سيئة عن صورة بلد ما زال يتلقى الأوامر.

إن لغة الجسد في عالم الدبلوماسية تعكس هيبة الدولة وسلطانها،ن ذكر هذا ليس تشفيا، وإنما غيرة على شعب شقيق مغلوب على أمره يسير به نظام عسكري إلى الهاوية…

المصدر: مراكش الان

كلمات دلالية: لغة الجسد إن لغة

إقرأ أيضاً:

محجوب فضل بدری: صياد النجوم فی أبْ قَبَّة فحل الديوم !!

-لاهلنا فی كردفان براعة فی إطلاق الألقاب علی كبريات مدنهم وقراهم،
فتراهم يُطلقون لقب (غِرَيْقَة أَم الديار)علی حاضرتهم المُجْلَد، ولقب (أبْ دَكَنة مسكين ما سَكَنَا) علی مدينة الرَّهَد، ولقب (أب قَبَّة فحل الديوم) علی مدينة[الأُبَيِّض] والتی نحن بصدد الكتابة عن حدثٍ كبير وَقَعَ فيها اليوم،ألَّا وهو قيام متحرك [الصياد] بفَكَّ الحصار الذی كانت مليشيا آل دقلو الإرهابية تفرضه عليها منذ إندلاع حرب الكرامة التی أشعلت نيرانها المليشيا، وهاهی اليوم تصطلی بلهيبها جزاءً وِفاقاً علی ما إقترفته أياديهم المُجرمة، مع علمهم بالمثل الشعبی الذی يقول:
(البيوقد النار بِيَتْدَّفَّابا هُوْ) قال الهدَّای:
-الجنزير التقيل البِيَقِلَّا ياتو؟
-البيوقد النار بيتدفابا هو.
-ساعة الحارَّه الزول بيلقی أخُو.

-وجاءت(ساعة الحارَّة) ولِقَا ابطال متحرك الصياد، بواسل الهجانة أم ريش أساس الجيش،فالهجانة من أقدم وحدات الجيش السودانی،قبل أن يتحوَّل إسمها إلیٰ اللواء الأول مُشاة ثمَّ القيادة الوسطیٰ،فی أب قَبَّة فحل الديوم،وانتهی بذلك فصلٌ من فصول الحرب التی سيُسدل عليها الستار بعد نهاية حتمية بإبادة مليشيا آل دقلو الإرهابية،علی يد جنود جيشنا البواسل.

-وهذه هدية قيمة مستحقة يُقدمها الجيش الباسل لشعبه المقاتل الذی ما تخلَّیٰ عنه ساعة الحارة،وقيمة الهدية تكمن فی التوقيت الذی جاء متزامناً بما تروِّج له المليشيا وأعوانها فی(هردبيسة نيروبی) التی وُلِدَت ميِّتةً،إذ لم تستهِلَ صارخةً،إذاً فلا صلاة عليها،ولا ميراث لها،وهكذا فإنَّ النصر النهاٸی فی حرب الكرامة لاحت بشاٸره ليس فی الخرطوم، بل فی ساٸر أرجاء السودان،ولا عزاء لكل من تعاون مع المليشيا وبنی عرش أحلامه علی قصرٍ من الرمال فعصفت به قواتنا المسلحة عصفاً، لا هوادة فيه.

التحية لأبطال الهجانة،ورجال متحرك الصيَّاد الذين زلزلوا الأرض تحت أقدام المليشيا فی ام روابة (عروس النيم) والرهد (أب دكنة) والأبيض (أب قبة فحل الديوم) أو (عروس الرمال) كما يحلو للمثقفاتية أن يطلقوا عليها،ولعل السيد مكاوی سليمان أكرت مدير مديرية كردفان، كان هو أول من أسمیٰ الابيض بلقب عروس الرمال، واليوم سعيد وكأنه عيد يلا يلا نزور حداٸق البان جديد، كما قال محمد عوض الكريم القرشی وغنی عثمان الشفيع،والبان جديد فی الابيض.
-النصر لجيشنا الباسل.
-العزة والمنعة لشعبنا المقاتل.
-الخزی والعار لأعداٸنا،وللعملاء، ولدويلة mbz أو wuz.
-وما النصر إلا من عند الله.
-والله أكبر، ولا نامت أعين الجبناء.

محجوب فضل بدری

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • الرئيس تبون يغادر مطار عنابة
  • محطة”كدية الدراوش”.. الرئيس تبون يتابع عرضا يُبرز التحديات التي واجهت هذا المشروع
  • الرئيس تبون:هذه المشاريع العملاقة شرف للجزائر المنتصرة
  • مصنع تحلية مياه البحر كدية الدراوش.. الرئيس تبون يتابع عرضا يُبرز التحديات التي واجهت هذا المشروع
  • الرئيس تبون يصل إلى مصنع تحلية مياه البحر كدية الدراوش بالطارف
  • لتدشين محطة تحلية مياه البحر بكدية الدراوش.. الرئيس تبون يحل بمطار عنابة
  • لتدشين محطة تحلية مياه البحر بكدية الدراوش.. الرئيس تبون يصل إلى ولاية عنابة
  • محجوب فضل بدری: صياد النجوم فی أبْ قَبَّة فحل الديوم !!
  • فوزي عمّار يكتب: الليبي الذي اكتشف كروية الأرض
  • الرئيس المشاط يكتب عن الشهيد حسن نصر الله