يعايشون الموت.. المحامي محاجنة يروي للجزيرة نت ظروف الأسرى في سديه تيمان
تاريخ النشر: 20th, June 2024 GMT
القدس المحتلة- متحدثا عن شهادات قاسية وظروف مأساوية، كشف المحامي خالد محاجنة من مدينة أم الفحم بالداخل الفلسطيني النقاب عن الواقع والمشاهد التي يعيشها الأسرى الغزيين في المعتقل السري "سديه تيمان" في صحراء النقب.
وسرد محاجنة، وهو محامي هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني، في حوار مع الجزيرة نت، الظروف التي يعيشها أكثر من ألف أسير من قطاع غزة داخل هذا المعتقل، الذي تمكن من زيارته، الأربعاء، والتقى الأسير الصحفي محمد صابر عرب، الذي اعتقل قبل أكثر من 100 يوم من مستشفى الشفاء في قطاع غزة.
ونقل محاجنة إفادات وشهادات الأسرى الغزيين في المعتقل السري، حسبما سردها له الأسير عرب، وتناولت الشهادات المعاناة اليومية في غياهب الأسر، بين لهيب رمال الصحراء ومسلسل التنكيل والتعذيب والاعتداءات التي يواجهها الأسرى من الجنود الإسرائيليين بمختلف أنواعها.
المحامي خالد محاجنة للجزيرة نت: هذه أول مرة أرى فيها مثل هذا السجن (الجزيرة) أنت أول محام يتمكن من زيارة معتقل "سديه تيمان"، ما الإجراءات والوقت الذي استغرقه الحصول على موافقة السلطات الإسرائيلية على طلبكم؟منذ أكثر من شهر، تقدمت بطلب إلى سلطات الاحتلال الإسرائيلي لزيارة المعتقل ولقاء الأسير الصحفي محمد صابر عرب (42 عاما)، ومعتقل منذ نحو 4 أشهر.
أبرقت عشرات الرسائل وأجريت اتصالات مكثفة مع السلطات الإسرائيلية ومختلف الجهات الأمنية، حيث أبلغوني بالموافقة المبدئية على زيارتي للمعتقل، مقابل شروط تشمل التفتيش والمراقبة الشديدة والمرافقة خلال الزيارة، وبعد مرور أكثر من شهر من المراجعات والاتصالات، تم تحديد الموعد ليكون في العاشرة صباحا من يوم الأربعاء 19 يونيو/حزيران الجاري.
أين يقع هذا المعتقل السري، وهل لك أن تصفه من الخارج وكيف يبدو؟يقع معتقل "سديه تيمان" في قلب صحراء النقب، وهو بعيد جدا عن أي تجمعات سكنية، ويوجَد في منطقة معزولة ومقطوعة عن العالم، وكأن المعتقل يوجَد بالفضاء الخارجي.
أثناء سفري إلى المعتقل، برفقة المحامية المتمرنة مرح أمارة، وعندما وصلت إلى مشارف مدينة رهط بالنقب، تلقيت اتصالا من إدارة المعتقل وأبلغوني أنه يُحظر الدخول للمعتقل بمركبات مدنية، وطلبوا مني إيقاف سيارتي والسير على الأقدام، وبعد السير لأكثر من 10 دقائق، اعترضني وزميلتي جيب عسكري بداخله 3 جنود، وطلبوا منا الصعود، ثم ذهبنا باتجاه المعتقل.
صف لنا لحظة دخولكم المعتقل، كيف بدا من الداخل؟بعد سفر بالجيب لمدة 20 دقيقة تقريبا، دخلنا المعتقل، ورغم أني أعمل منذ عقد ونيف في قضايا متعلقة بالأسرى وأزورهم في السجون الإسرائيلية، فإن هذه أول مرة أرى فيها مثل هذا السجن.
بدا "سديه تيمان" وكأنه معسكر أو ثكنة عسكرية وليس سجنا عاديا، العديد من الدبابات والمدرعات منتشرة في كل مكان، كذلك معدات عسكرية، هناك جنود في كل مكان ينتشرون بين كثبان الرمال.
يمتد المعتقل على مساحات واسعة، وهو مقسم إلى 4 أقسام للاحتجاز واعتقال الأسرى الغزيين، وفي كل قسم هناك 4 بركسات من صفيح وزينك، هي أشبه بالحظيرة، وفي كل واحدة يتم احتجاز 100 أسير من غزة، بدون ظروف إنسانية وبلا مقومات للحياة.
بما أنه "معتقل عسكري"، هل كانت الزيارة تحت قيود ورقابة مشددة من قبل جنود من جيش الاحتلال؟صحيح، تم نقلي بالجيب العسكري وحراسة الجنود إلى مكان معزول ومنقطع عن العالم، وتمت الزيارة تحت قيود ورقابة مشددة، وخضعت لفحوصات وإجراءات لم أخضع لها سابقا كمحام خلال زياراتي لسجون الاحتلال للقاء الأسرى.
تم اقتيادي إلى غرفة أعدت خصيصا لمكوث من يزور المعتقل من المدنيين، عندما وصلتها كان هناك عدد من الجنود الملثمين، جردوني من مقتنياتي الشخصية، ومنعوني من إدخال هاتفي، وأجروا تفتيشات دقيقة على جسدي وملابسي، وحذروني من أي محاولة للإخلال بالنظام خلال لقاء الصحفي عرب.
كانت إجراءات التعامل تنكيلية وانتقامية، وتتعارض حتى مع المواثيق والقوانين الدولية المعمول بها خلال زيارة الأسرى والمعتقلين بالحرب، امتنعت عن مناقشة الجنود والعسكريين، وترفعت عن الاعتراض على المعاملة المسيئة، لأن هدفي هو لقاء من ينوب عن الأسرى في هذا المعتقل، لكن أصريت على إدخال أوراق وقلم، فوافقوا على طلبي بعد إخضاعها لفحوصات أمنية.
كيف كان لقاؤكم بالأسير الصحفي محمد عرب، وما هي ظروف ومدة الزيارة، وهل سمحت الإدارة بتصوير وتوثيق اللقاء؟مكثت في الغرفة مدة 15 دقيقة أنتظر إدخال الأسير عرب، أبلغني الجنود الملثمون خلالها للمرة الثانية، أن الزيارة مراقبة ويتم توثيقها، وأن أي حركة من قبلي من شأنها أن "تمس بأمن إسرائيل والمعتقل" فإنها ستؤدي إلى وقف الزيارة على الفور.
خصصت الإدارة مدة 45 دقيقة للزيارة، وتم إدخال الأسير عرب برفقة جنود ملثمين يجيدون اللغة العربية، وهو مكبل اليدين ومعصوب الأعين، ورأسه مطأطأ إلى الأسفل لا يقوى على الحركة، حيث تم جره من قبل الجنود الذين أجلسوه على كرسي، ثم بقوا عند الباب يراقبون مجريات الزيارة والحديث الذي دار بيننا.
جلست قبالة الأسير عرب الذي فصلني عنه جدار زجاجي وشبك حديدي أيضا، أزال الجنود العصبة عن عينيه، كانت هذه المرة الأولى التي يرى فيها النور منذ أكثر من 100 يوم، لم يعرف أنه محتجز في "سديه تيمان"، ولأول مرة يلتقي شخصا مدنيا في هذه المعتقل العسكري.
ما الشهادات التي نقلها لكم عرب عما يتعرض له، وعن واقع الأسرى وظروف احتجازهم؟كان أول تساؤل وجهه لي الأسير عرب، أين هو؟ ومن أنا الذي جئت للقائه؟ عندما أخبرته أنني محام، لم يصدقني، وقال "من يدري، لربما أنت محقق أو متعاون مع الجيش الإسرائيلي".
حينها أخبرته بأنني أزوره بتوكيل من التلفزيون العربي (جهة عمله) وعائلته، وأنني أعمل منذ سنوات طويلة مع هيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير، وأبلغته سلامات وتحيات عائلته، وأنهم جميعا بخير، وجميعهم يمكثون في منزل شقيقه أشرف.
بعد أن تيقن من صدقي، وتبادلنا أطرف الحديث الذي عززت ثقته، أجهش الأسير عرب بالبكاء، وقال "لأول مرة منذ 100 يوم أرى النور، وأشاهد أمامي شخصا مدنيا وليس جنديا أو عسكريا، اعتقلوني في شهر مارس/آذار الماضي، خلال عملي الصحفي في مستشفى الشفاء، ومنذ ذلك الحين وأنا وغيري من الأسرى الغزيين معزولون عن العالم، ولا نعرف أين نوجَد".
سرد الأسير عرب شهادات وإفادات مرعبة ومروعة وصادمة للمعتقلين الغزيين في "سديه تيمان"، حول كل ما يتعلق بظروف الاعتقال وظروف الاحتجاز، حيث اعتقلوا من غزة، وتم تجريدهم من ملابسهم وتحميلهم على عربات عسكرية كبيرة وهم عراة لعدة ساعات، وتم الزج بهم في مكان معزول.
كم عدد الأسرى الغزيين الذين تم احتجازهم في "سديه تيمان"؟يوميا يتم إحضار أسرى من غزة إلى المعتقل السري في صحراء النقب، وحسب التقديرات يتم احتجاز أكثر من ألف معتقل في المكان، حيث تُبقي إدارة المعتقل العسكري على المعتقلين مكبلين ومقيدي الأيدي ومعصوبي الأعين على مدار 24 ساعة، ومن يحاول رفع العصبة عن عيونه يتعرض للعقوبة.
الغالبية العظمى من الأسرى الغزيين محتجزين في المكان منذ أكثر من 8 أشهر، ولم يسمح لها باستبدال ملابسهم التي ارتدوها لحظة اعتقالهم من القطاع، قبل الزيارة سمح للأسير عرب باستبدال البنطال، بينما بقي في سترة لم يستبدلها منذ 50 يوما، فالملابس التي يرتديها الأسرى ذات رائحة كريهة جدا، وباتت متعفنة وبيئة حاضنة للقاذورات والأمراض والأوبئة التي تنهش أجسادهم.
في العنبر الواحد الذي تصل مساحته عشرات الأمتار المربعة فقط، يتم احتجاز 100 أسير، ويتم تزويد كل واحد منهم بأسورة تحمل رقما خاصا به، حيث لا يتم التعامل مع الأسرى بالأسماء بل بالأرقام.
تتنوع فئات الأسرى المعتقلين العمرية من الأطفال حتى كبار السن لكنهم يعيشون ظروفا صعبة واحدة (الجزيرة)ما ظروف احتجاز الأسرى؟ وما الذي يتعرضون له على مدار الساعة من قبل إدارة المعتقل؟
بحسب الشهادات والإفادات التي نقلها عرب، يتم احتجاز الأسرى بظروف غير إنسانية ومهينة، يبقون على مدار 24 ساعة مكبلي الأيدي ومعصوبي الأعين داخل العنبر الحديدي، ويخضعون لحراسة على مدار الساعة من قبل جنود مدججين بالأسلحة، ترافقهم كلاب بوليسية تتجول بين الأسرى، الذين يتعرضون إلى مسلسل تنكيل وتعذيب وذهل وامتهان للكرامة.
يفترش الأسرى الأرض للمكوث والنوم، ولا توفر لهم إدارة المعتقل الأغطية أو الأسرة، هم ينامون على الأرض، ويستعملون أحذيتهم كمخدات للنوم، بينما يعد المرحاض جزءا من المكان ومشهدا متعلقا بظروف الاحتجاز.
يُحظر على الأسرى تبادل أطراف الحديث، ويمنعون من تأدية الصلوات وممارسة أي شعائر دينية، ومن يخالف ذلك يعاقب، كما يمنع النوم خلال النهار، حيث يسمح لهم النوم عند الساعة 12 منتصف الليل حتى الساعة الخامسة فجرا.
كيف تبدو حياة الأسرى في ظل ما يتعرضون له من هذه الممارسات؟ظروف حياتهم أشبه بالجحيم، فهم محاطون بالجنود المسلحين والكلاب البوليسية على مدار الساعة، وبحسب ما أفاد الأسير عرب، يُسمح للمعتقل باستخدام دورة المياه لمدة دقيقة واحدة فقط، ومن يتجاوز الوقت يعرض نفسه للعقوبات، التي تصل إلى الضرب والتنكيل والتعذيب، والاعتداء الجنسي وحتى الاغتصاب في حال تراكم الكثير من العقوبات.
أما فيما يتعلق بالاستحمام، فيسمح للأسير أن يقوم به مرة واحدة في الأسبوع، خلال مدة دقيقة واحدة، في الحمام الملاصق للمرحاض، وبناء على ذلك يتجنب الكثير من المعتقلين دخول دورة المياه، إما خوفا من العقوبات، أو بسبب سوء التغذية وعدم القدرة على إخراج البراز بسبب قلة الطعام، حيث يعاني الأسرى الغزيون من الإمساك المزمن.
الطعام الذي يقدم للأسرى قليل جدا، والوجبة تقتصر على الخبز الجاف، ولقيمات من اللبنة وقطعة بندورة أو خيار، وهذه هي مكونات الوجبات التي تقدم لهم يوميا، بينما لا توفر لهم مياه صالحة للشرب، ويسمح لهم بالشرب من مياه الصنبور بالمرحاض، وبسبب ذلك، فقد جميع الأسرى الكثير من أوزانهم، وبدا بعضهم كالهياكل العظمية بسبب سياسة التجويع.
هذا هو واقع الحياة هناك في "سديه تيمان"، حيث يوجَد أسرى غزيون من مختلف الشرائح الاجتماعية، بينهم أطفال وفتية، وشبان ورجال وكبار بالسن، يعيشون الموت البطيء في الأسر، ويعانون من أمراض مزمنة جراء الإهمال الطبي والحرمان من العلاج، فالحشرات تنهش أجسادهم، وباتوا لا يقدرون على الحركة ولا يشعرون بأطرافهم، كون أياديهم مكبلة على مدار الساعة، ومنهم من فقد القدرة على الحركة.
كما يتعرض الأسرى لإجراءات عقابية انتقامية على مدار الساعة، تتنوع بين سلسلة من عمليات التنكيل والتعذيب، والضرب المبرح، والاعتداءات الجسدية والجنسية كذلك، حيث يتعرض بعضهم للاغتصاب، باستخدام أدوات حادة من بينها البنادق، وسجلت 6 حالات اغتصاب خلال الشهر الأخير لأسرى جرى معاقبتهم.
ماذا عن الأسرى الجرحى والمرضى؟هناك "عيادة" عبارة عن صندوق من الزنك والقصدير، وهي مخصصة بالذات للأسرى الجرحى الذي اعتقلوا في غزة، الذين يُعانون الإصابات جراء استهدافهم بنيران الجيش الإسرائيلي.
هناك طواقم من المسعفين والأطباء الذي يقدمون العلاج للأسرى المرضى والمصابين، حيث يتم إخضاعهم لعمليات جراحية واستئصال الشظايا من أجسادهم دون أي تخدير، وكان الأسرى يسمعون صراخهم خلال إخضاعهم للعمليات الجراحية التي غالبا ما تنتهي ببتر الأطراف.
ليس هذا وحسب، فوفقا لما سرده الأسير عرب، يترك الأسرى المرضى بلا علاج أو رعاية صحية، ويحرمون حتى من المسكنات، كما تتفاقم الأوضاع الصحية للأسرى ممن تم إخضاعهم لعمليات جراحية وبتر أطراف، وجميعهم تبقى جراحهم تنزف، وتتسبب لهم بتلويث جسدي وتعفن بالأطراف المبتورة.
هل تندرج حالات الاستشهاد بصفوف الأسرى في سياق سياسة الإخفاء القسري بحق معتقلي غزة؟بعض الأسرى استشهدوا جراء الاغتصاب والتعذيب الجسدي، ومنهم جراء الإهمال الطبي المتعمد، وهذا يندرج في سياق سياسة الإخفاء القسري التي تعتمدها السلطات الإسرائيلية بحق معتقلي غزة منذ بدء الحرب، فالأسرى يتعرضون لجرائم إبادة.
ترفض السلطات الإسرائيلية الإفصاح عن مصير الأسرى، وأعدادهم، وأماكن احتجازهم، ولا يُستبعد أن تكون هناك المزيد من المعتقلات السرية التي يحتجز بها آلاف الأسرى الغزيين دون أي سند قانوني أو تهم أو محاكمة.
على المؤسسات الحقوقية الدولية ممارسة الضغوطات على إسرائيل من أجل الكشف عن مصير جميع من اعتقلتهم من غزة خلال الحرب، وفتح تحقيق دولي بشأن الجرائم والانتهاكات الجسيمة التي مورست بحقّ المعتقلين الغزيين، كوجه من أوجه الإبادة وجرائم الحرب المستمرة بحق الشعب الفلسطيني.
في ظل انعدام المحاكمة وغياب أي تهم، يمكن القول إن المشاهد والإفادات التي نقلتها توحي بأن الأسرى يعايشون الموت؟سرد لي الأسير عرب واقعا ومشاهد لا يستوعبها العقل، معاناة وتنكيل يومية على مدار الساعة، فهو وغيره من الأسرى الغزيين يخضع للتحقيق مرة واحدة أو مرتين بالكثير، وتمحورت الأسئلة له ولغيره من الأسرى حول حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وترسانتها العسكرية، وقدراتها الصاروخية وشبكة الأنفاق.
تم عرض جميع الأسرى أمام المحكمة المركزية في بئر السبع عبر تطبيق "زووم" باستخدام هواتف الجنود في المعتقل، وجميعهم تم تمديد اعتقالهم إلى أجل غير مسمى، بزعم "الانتماء إلى تنظيم عسكري مجهول".
ما قامت به السلطات الإسرائيلية ينتهك المواثيق الدولية بكل ما يتعلق باحتجاز أسرى الحرب، حيث نفذت الاعتقالات العشوائية للغزيين من أجل الانتقام، دون أن يتم الكشف للمؤسسات الحقوقية عن أماكن احتجازهم، وسير التحقيقات، وإجراءات المحاكمة وتمديد الاعتقال، أو ماهية الشبهات وحقيقة التهم المنسوبة لهم.
ما الرسالة التي نقلها لكم المعتقلون الغزيون من خلال الأسير عرب؟كشف الأسير عرب عن هذه المشاهد وواقع الموت الذي يعيشه الأسرى الغزيون في معتقل "سديه تيمان" رغم علمه بأنه سيتعرض إلى التنكيل والتعذيب والضرب المبرح وحتى الاغتصاب، فالجنود الحراس عند الباب وثقوا كل كلمة.
وأكد الأسير عرب أنه رغم إدراكه للعقوبة التي تنتظره، فإنه يحمل رسالة الأسرى جميعا ويريد إيصالها للعالم أجمع، ليكشف عما يتعرض له الأسرى الغزيون في المعتقلات الإسرائيلية السرية من جرائم حرب وإبادة، مشيرا إلى أن الأسرى صامدون ولن يرضخوا لأي ابتزاز أو تهديدات.
ووجه عرب باسم كافة المعتقلين الغزيين في "سديه تيمان" رسالة للمجتمع الدولي ولكافة المؤسسات الحقوقية الدولية، مطالبا إياهم بممارسة الضغوطات على إسرائيل، وإلزامها بالكف عن التعامل مع الأسرى الغزيين بأساليب وإجراءات الإبادة، وأن يتحركوا بشكل فوري وعاجل لإنقاذ الأسرى من الموت البطيء.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات السلطات الإسرائیلیة على مدار الساعة إدارة المعتقل الغزیین فی فی المعتقل سدیه تیمان یتم احتجاز من الأسرى الأسرى فی أکثر من أول مرة من قبل من غزة
إقرأ أيضاً:
وزير الخارجية السوداني للجزيرة نت: سنعيد السودان لعمقه العربي والأفريقي
الخرطوم- قال وزير الخارجية السوداني، المعين حديثا، السفير علي يوسف، إنهم يتبنون سياسة خارجية منفتحة ومتوازنة لا غبش فيها، ويسعون لأن يستعيد السودان مكانته وتحسين علاقاته مع دول الجوار ليعود إلى موقعه الطبيعي في العمقين العربي والأفريقي.
وأوضح الوزير أن مصر تلعب دورا إيجابيا رئيسيا في مواجهة المؤامرة والتحدي اللذين يواجهان السودان من منطلق العلاقات العميقة بين الشعبين، وكشف عن تواصلهم مع الجهات التي يمكن أن تؤثر على صياغة السياسة الأميركية في المرحلة المقبلة لتعديل المواقف والتواصل بالصورة التي تستجيب لاحتياجات المرحلة الجديدة والتفهم للواقع في السودان.
وحول العلاقات السودانية الروسية، قال يوسف “نحن حريصون مئة بالمئة على تطوير علاقتنا مع روسيا، لكن نؤكد أن تطوير العلاقات مع أي دولة، لن يكون على حساب دولة أخرى”.
ما من شك في أن الجامعة العربية هي المؤشر الأول للمواقف العربية المشتركة، وأي موقف منها تجاه القضايا المطروحة على الساحة العربية يشير إلى إجماع عربي تجاه هذه القضية. لذلك نحن حرصنا حرصا كبيرا على أن نضع الجامعة العربية في الصورة مما يجري في السودان وما يتعرض له الشعب السوداني من تحديات ومؤامرات.
وهناك جهود كبيرة من مختلف منظمات الجامعة العربية الاقتصادية والاجتماعية والمهنية التي لها أدوار وعلاقة بما يجري في السودان. ولذلك كان اللقاء مع معالي الأمين العام أحمد أبو الغيط، فالرجل رحب بنا ترحيبا حارا، وأكد مواقف الجامعة العربية. ونحن شكرنا الجامعة العربية على مواقفها خاصة إدانتها لانتهاكات المليشيا ووصْفها لقوات الدعم السريع بأنها هي مليشيا، وهذا موقف إيجابي ومؤشر مفيد.
وهناك بعض القضايا المتخصصة كذلك بحثناها معه حول مسائل تتعلق بدعم الموسم الزراعي في السودان ومواضيع الأمن الغذائي وانتقال بعض المؤسسات العربية من الخرطوم إلى مناطق أخرى تأكيدا على أنه انتقال مؤقت. ووجدنا درجة عالية جدا من التفهم والتأييد والتجاوب مع مطالبنا، ووجهنا له دعوة لزيارة السودان، ووافق على الزيارة التي ستكون إن شاء الله في الأسبوع الأول من شهر ديسمبر/كانون الأول المقبل.
هل يشعر السودان بأنه فقد عمقه العربي والأفريقي بسبب ما يمكن اعتباره تجاهلا للأزمة السودانية؟ وإذا كان الأمر كذلك هل لديكم خطة لمعالجة ذلك؟
السودان مؤكد أنه لم يفقد عمقه العربي والأفريقي. وكان هناك خلط وسوء فهم لما جرى في 15 أبريل/نيسان 2023، وطبعا كانت هناك بعض القيادات في دول أفريقية مثل كينيا وإثيوبيا لها علاقات ومصالح مرتبطة بالدعم السريع و”كفيل الدعم السريع”، أي الجهة الممولة له والتي تدعمه، وحدثت مواقف مناوئة جدا للحكومة السودانية.
وبمرور الوقت اتضح أن الصراع ليس بين جنرالين أو مجموعتين، وإنما هو صراع بين مليشيا وجيش وطني لدولة من أوائل الدول المستقلة في القارة الأفريقية والمؤسِّسة لمنظمة الوحدة الأفريقية ومن الدول التي دعمت حركات التحرر الأفريقي ولديها علاقات عريقة جدا مع الدول العربية وواحدة من الدول المهمة في الجامعة العربية. والصورة بدت تتضح رويدا رويدا.
وبالتالي المواقف بدأت تتبدل وما زلنا نعمل على أن يتفهم القادة في الدول العربية والدول الأفريقية خطورة ما يجري وأثره على الشعب السوداني، وعلى علاقات السودان بدول الجوار الأفريقية والعربية. ونسعى لأن يستعيد السودان مكانته، ففي الجامعة العربية يتمتع السودان بعضوية كاملة ويمارس نشاطه واتصالاته.
وبالنسبة للقارة الأفريقية، هناك تعليق لعضوية السودان في الاتحاد الأفريقي، وسنعمل بصورة جادة جدا لاستعادة موقع السودان في الاتحاد الأفريقي وأيضا تحسين علاقات السودان مع دول الجوار ليعود إلى موقعه الطبيعي في العمقين العربي والأفريقي.
ما الدور الذي تلعبه مصر بالتحديد في أزمة السودان؟ فهناك اتهامات لها من الدعم السريع بالتدخل العسكري المباشر
مصر مؤكد أنها تعلب دورا رئيسيا في مواجهة المؤامرة والتحدي الذي يواجه السودان. وهذا من منطلق العلاقات العميقة جدا بين شعبي مصر والسودان وأيضا القيادات والمسؤولين في مصر والسودان، والإيمان القاطع بأن أمن السودان من أمن مصر، وأن أمن مصر من أمن السودان، وأن البلدين يواجهان تحديات مشتركة، وأن الشعبين يواجهان تحديات تنموية وحياتية مشتركة.
وهذا ظهر لنا خلال لقائنا مع وزير الخارجية المصري من أن الالتزام فعلا قويٌّ ونابع من قلوب المصريين ومن فهمهم العميق لما يجري في السودان وجهودهم الجادة جدا في لعب دور إيجابي.
وطبعا في المعركة العسكرية فإن لمصر موقفا، وفي المعركة السياسية أيضا لمصر موقف. ومصر هي الدولة الوحيدة التي سعت لجمع الفرقاء السودانيين، وأول اجتماع شاركت فيه كل القوى السياسية السودانية في الساحة عندما قامت الحرب كان في القاهرة.
ونحن نريد أن نبني على هذه المبادرة فيما يتعلق بإحياء الأفق السياسي والسعي لتوافق سياسي بين الأطراف السياسية السودانية لأن هذا هو الطريق الوحيد لتسوية سياسية ولوضع خارطة طريق لما بعد الحرب، لأن الاتجاه هو أن تكون هناك حكومة مدنية ديمقراطية منتخبة من قبل الشعب، وهذا يقتضي أن تعمل هذه القوى الوطنية مع بعضها للوصول لهذه الصيغة المقبولة للأطراف والمقبولة كذلك للمجتمع الدولي.
ونحن نثق في موقف مصر ثقة كاملة، ولحسن الحظ فإن أول لقاء إبان وجودي في مصر كان أنْ اتصل بي وزير الخارجية المصري في المرة الأولى للتهنئة، ثم التقينا لقاء مهما جدا بحثنا فيه مختلف المسائل خاصة المسائل المتعلقة بالمواطنين السودانيين الموجودين في جمهورية مصر العربية من أسوان إلى الإسكندرية.
وكان لقاء مثمرا ومتميّزا جدا بحثنا فيه أهم المشاكل واتفقنا على كيفية المعالجات، لأن هناك أشياء مرتبطة بوزارات وجهات أخرى وعد بتذليلها. وبحث اللقاء العديد من القضايا وكيفية معالجتها وإن شاء الله سيكون لهذا اللقاء ما بعده.
ونتمنى أن تتواصل اللقاءات على المستوى الرئاسي، وكان قبلها تم لقاء بين الرئيس البرهان والرئيس السيسي في القاهرة، وستتواصل اللقاءات على مختلف المستويات، فسفير السودان في القاهرة يقوم بمجهود كبير جدا مع مختلف الأطراف، وهناك اتصالات ولقاءات على مستويات مختلفة كوزراء التعليم والتعليم العالي وغير ذلك، فالعلاقة مع مصر متميزة وهي علاقة تاريخية ومصيرية وإن شاء الله تسير دائما للأمام.
هل أنتم متفائلون بفتح صفحة جديدة من العلاقات بين الخرطوم وواشنطن والضغط على الدعم السريع واعتبارها مليشيا إرهابية في عهد ترامب كما ألمح البعض إلى إمكانية ذلك؟
نحن نهنئ الشعب الأميركي بأنه اتخذ قرارا في ظل انتخابات حرة ونزيهة بانتخاب الرئيس ترامب مرة أخرى، وهذا خيار ديمقراطي للشعب الأميركي نهنئه عليه. وتمت تهنئة الرئيس الأميركي بواسطة رئيس مجلس السيادة. ومؤكد أن الرئيس ترامب سيكون مشغولا بتشكيل إدارته وانتقال السلطة في يناير/كانون الثاني من الحزب الديمقراطي للحزب الجمهوري.
ونتواصل مع الجهات التي يمكن أن تؤثر على صياغة السياسة الأميركية في المرحلة المقبلة لتعديل المواقف والتواصل سواء أكان عن طريق مبعوثين أم سفراء أم غيره بالصورة التي تستجيب لاحتياجات المرحلة الجديدة والتفهم للواقع في السودان.
وهناك مؤشرات مهمة على تحسن فهم الموقف الأميركي للمشكلة وإدانة الانتهاكات التي تقوم بها المليشيا تجاه الشعب السوداني خاصة في منطقة الجزيرة.
وطبعا الولايات المتحدة الأميركية دولة مهمة وقوة رئيسية في العالم، ونحن حريصون على أن تكون لنا علاقات طيبة معها قائمة على الفهم المشترك للقضايا والتعاون المثمر والوقوف مع قضايا الحق والعدل.
كيف تنظر لوضع علاقات السودان الخارجية حاليا خاصة الموقف الروسي الذي يبدو ضبابيا للسودانيين؟
الآن المحور الرئيسي لعلاقتنا الخارجية هو معركة الكرامة والحرب التي يخوضها السودان للقضاء على التمرد الذي قامت به مليشيا الدعم السريع وإعادة الأوضاع الأمنية والعسكرية إلى حالتها الطبيعية، وإعادة إعمار السودان بعد هذه الحرب التي دمرت المقدرات السودانية في العاصمة ومدن أخرى وقعت تحت سيطرة المليشيا الإرهابية تدميرا ممنهجا.
وسنسعى بصورة جادة جدا لاستكمال مهام مرحلة حرب التحرير سواء أكان ذلك بدعم الجيش أم بدعم جهود مفاوضات السلام وصولا لإنهاء هذه الظاهرة “الكريهة” في تاريخ السودان. وسياستنا منفتحة ومتوازنة وقائمة على الاحترام المتبادل وقياس تطور العلاقات ومدى الدعم والوقوف مع الحق السوداني، ولا يوجد أي غبش.
وعلاقتنا مع روسيا الاتحادية جيدة وطيبة جدا وهي ليست بالجديدة وظلت مستمرة لفترة طويلة جدا. ونحن نعرف أن هناك بعض المخاوف من تطور العلاقات بين السودان وروسيا خاصة بعد ما أبدته روسيا من رغبة في أن تكون لها تسهيلات بحرية أو قاعدة على البحر الأحمر وهذا أمر قيد البحث والاتفاق لكن ينبغي أن لا يقود لأي نوع من المخاوف.
وأنا لم أقترب من هذا الملف بعد، لكن نحن حريصون مئة بالمئة على تطوير علاقتنا مع روسيا، لكن نؤكد أن تطوير العلاقات مع أي دولة، لن يكون على حساب دولة أخرى. فنحن نسعى لعلاقات متوازنة فيها فائدة لبلدنا وشعبنا مع البلاد والشعوب الأخرى.
هناك تخوف سوداني من احتمال نشر قوات أممية على الأرض، هل هو تخوّف مشروع؟ وهل لا يزال هذا الاحتمال قائما مما يستوجب العمل من جانبكم لإجهاضه؟
ليس هناك مخاوف، هنالك عمل حقيقي يجري على الأرض بين أطراف دولية وأطراف إقليمية وأطراف محلية لاستدعاء قوات أممية للتدخل في السودان لتوصيل المساعدات وغير ذلك. وهذا انبنت عليه مخططات بالحديث عن مجاعة في السودان وأن السلطات السودانية ترفض السماح بإدخال المساعدات الإنسانية وأن توصيل المساعدات غير آمن وأن المنافذ لم تفتح، لكن كل هذا هو مجرد محاولات لتهيئة المناخ لهذا التدخل.
ونحن نعارض مثل هذا الأمر لأن السودان تجاوب تجاوبا كاملا مع جهود إيصال الإغاثة، ووافق على فتح المعابر. حتى ما يثار الآن حول معبر أدري على الحدود السودانية التشادية نحن من حيث المبدأ وافقنا وهناك طلب واحد أن يكون هناك حضور للجهات السودانية في الحدود حتى لا يكون المعبر مدخلا لتهريب الأسلحة.
فنحن لا نريد أن يستمر الصراع في السودان لفترة أطول ويكون هناك ضحايا وخسائر أكبر. فنحن نريد أن تقدّم المساعدات وأن تكون هناك جهود لإنهاء الحرب والتمرد وحل المشاكل بطرق سلمية. ويهمنا جدا الإنسان السوداني في أي بقعة من بقاع السودان. والحكومة تقدم بنفسها مساعدات ضخمة، وهناك العديد من المساعدات تأتي من الدول العربية الشقيقة ودول أخرى صديقة تصل بصورة منتظمة وتحوّل بصورة سريعة جدا إلى المحتاجين.
وذريعة أن هناك مجاعة وأن هناك أمرا يستدعي التدخل أمر سخيف، وحتى الأمين العام للأمم المتحدة قال إنه لا حاجة للتدخل في هذه المرحلة بحجة إيصال المساعدات الإنسانية. وعلى مستوى مجلس الأمن، مؤكد هنالك بعض الأصدقاء المتفهمين للقضايا السودانية ولما يجري في السودان وللأطماع الخارجية وسيوقفون هذه المحاولة عند حدها باستخدام حق النقض وليس لدينا شك في ذلك.
كيف تنظر لاتهام الدبلوماسية السودانية بالتقصير في التصدي للأزمة؟ وما أهم ملامح خطتكم للعمل الدبلوماسي خلال المرحلة المقبلة؟
أول همومنا عندما نعود لبورتسودان هو ترتيب البيت من الداخل بإعادة تنظيم وزارة الخارجية بصورة أكبر وإشراك أكبر عدد ممكن من السفراء والدبلوماسيين في العمل لأن هناك مجموعة بسيطة لا تتعدى 10 أشخاص هي هيكل وزارة الخارجية في السودان.
وطبعا هناك تفعيل السفارات وإكمال الهياكل البشرية والإدارية لها ودعمها، وهذا يتساوى مع جهود الحرب، ومع تزويد الجيش باحتياجاته، فلا بد من تزويد وزارة الخارجية باحتياجاتها.
ثم بعد ذلك نحن لدينا أولويات واضحة مرتبطة بدعم القوات المسلحة ودعم جهود السلام، وسنسعى في كل ذلك بصورة إيجابية جدا، وسنظل -إن شاء الله- على اتصال لإحاطتكم بما نقوم به من أجل السودان وشعب السودان.
الجزيرة نت
إنضم لقناة النيلين على واتساب