حد سن اليأس وكيفية احتساب عدة المرأة الآيسة، من الأمور التي أوضحتها دار الإفتاء المصرية من خلال موقعها الرسمي. 

كيفية احتساب عدة المرأة الآيسة

يقول السائل: ما هو سن المرأة الآيسة وفقًا للراجح من المذهب الحنفي، والمعمول به في القانون والقضاء المصري؟ وما القول في امرأة تبلغ من العمر اثنين وخمسين عامًا، ورأت دم الحيض في شهر يناير وطلقها زوجها في شهر فبراير، ولم تر دم الحيض بعد ذلك؛ فما حكم عدتها ومدتها؟

وقال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية: إن سن اليأس هو السن الذي ينقطع رجاء المرأة فيه من نزول دم الحيض عليها في قابل الأيام، وهو عند السادة الحنفية خمسة وخمسون سنة بالتقويم الهجري، ويشترط للحكم بالإياس في هذه السن أن ينقطع الدم عن المرأة مدة طويلة، وهي ستة أشهر في الأصح.

قال الإمام ابن عابدين في "رد المحتار" (3/ 516، ط. دار الكتب العلمية): [ذكر في "الحقائق شرح المنظومة النسفية" في باب الإمام مالك ما نصه: وعندنا ما لم تبلغ حد الإياس لا تعتد بالأشهر، وحَدُّه خمس وخمسون سنة هو المختار، لكنه يشترط للحكم بالإياس في هذه المدة أن ينقطع الدم عنها مدة طويلة وهي ستة أشهر في الأصح. ثم هل يشترط أن يكون انقطاع ستة أشهر بعد مدة الإياس؟ الأصح أنه ليس بشرط، حتى لو كان منقطعًا قبل مدة الإياس ثم تمت مدة الإياس وطلقها زوجها يحكم بإياسها وتعتد بثلاثة أشهر، هذا هو المنصوص في الشفاء في الحيض وهذه دقيقة تحفظ.اهـ. ونقل هذه العبارة وأقرها الشهاب أحمد بن يونس الشلبي في "شرحه على الكنز" عن خط العلامة باكير شارح "الكنز" غير معزية لأحد، ونقلها ط عن السيد الحموي] اهـ.

عدة المرأة الآيسة

وبين أن عدة الآيسة تكون بالأشهر، وهي ثلاثة أشهر قمرية كاملة؛ لقوله تعالى: ﴿وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ﴾ [الطلاق: 4].

وهذا هو ما قضت به محكمة النقض في الطعن رقم (39) لسنة (29ق/ أحوال شخصية- جلسة 1962م)، والطعن رقم (16) لسنة (34ق/ أحوال شخصية- جلسة 30/ 3/ 1966م)، والطعن رقم (30) لسنة (36ق/ أحوال شخصية- جلسة 6/ 1/ 1971م).

وحول عدة المطلقة ممتدة الطهر وأقوال الفقهاء في ذلك، قال المفتي، إن انقطع الدم عن المرأة قبل هذا السن، واستمر طهرها، فهي ما تُعرَف في الفقه بـ(مُمتَدَّة الطُّهر)، وهي المرأة التي كانت تحيض ثم انقطع حيضها بلا سبب يُعرَف قبل بلوغها سن اليأس، والمنقول عن مذهب الحنفية في هذه المسألة أنها تنتظر إلى سن اليأس، غير أن الذي عليه المحققون من الحنفية: أن الفتوى في هذه المسألة على مذهب الإمام مالك في جعله عدة ممتدة الطهر سنة قمرية (تسعة أشهر للإياس من الحمل، وثلاثة أشهر لانقضاء العدة)، كما أن المعتمد عليه في مذهب الحنفية أنه لو قضى بذلك قاضٍ فإن قضاءه نافذ ولا يُنقَض.

وممن نصَّ على الفتوى بذلك من فقهاء الحنفية: العلاّمة نجم الدين الزاهدي في كتابه "المجتبى شرح القدوري" حيث قال: [وقد كان بعض أصحابنا وأستاذينا يُفتُون بقول مالكٍ في هذه المسألة للضرورة، خصوصًا الإمامُ والدي] اهـ نقلاً عن "البحر الرائق" للعلامة ابن نجيم (4/ 142، ط. دار الكتاب الإسلامي)، و"حاشية الطحطاوي على الدر المختار" (2/ 217، ط. بولاق).

ثم جاء العلاَّمة البَزّازي [ت: 827هـ] فقرر أن الفتوى عند الحنفية في زمانه إنما هي على قول الإمام مالك، وذلك في كتابه المعروف بـ"الفتاوى البَزّازِيَّة" (4/ 256، بهامش الفتاوى الهندية ط. الأميرية 1310هـ): ونص عبارته: [بَلَغَتْ فرَأَتْ يومًا دمًا، ثم انقطع ومضى حولٌ، ثم طلقت، فعِدَّتُها بالأشهر، وإن رأت ثلاثة أيام وانقطع ومضى سنة أو أكثر ثم طلقت فعِدَّتُها بالحيض إلى أن تبلغ حدَّ الإياس وهو خمس وخمسون سنة في المختار، وعند مالك للآيسة تسعة أشهر؛ ستة أشهر لاستبراء الرحم، وثلاثة أشهر للعدة، قال العلاّمة: والفتوى في زماننا على قول مالك في عدة الآيسة] اهـ.

وكلام الإمام البزازي هذا نقله جماعة من علماء الحنفية مُقِرِّينَ له؛ كالأنقروي، والقاضي ابن الشِّحْنة، وكذلك الشيخ شمس الدين القهستاني مرجع الفتوى ببخارى وجميع ما وراء النهر؛ حيث ذكر أن بعض الأصحاب يفتون بقول الإمام مالك. ينظر: "الفتاوى الأنقروية" (1/ 97، ط. بولاق 1281هـ)، و"الدر المختار للحصكفي" (3/ 558، ط. دار الفكر)، و"مجمع الأنهر" (1/ 467، ط. دار إحياء التراث العربي).

معتمد مذهب المالكية في عدة المطلقة ممتدة الطهر

المعتمد في مذهب المالكية أن ممتدة الطهر تنتظر حولاً لا تسعة أشهر؛ لأنها تمكث تسعة أشهر لاستبراء الرحم، ثم تتربص ثلاثة أشهر عدة الآيسة:

جاء في "مختصر الشيخ خليل وشرحه للعلامة الخرشي" (4/ 139، ط. دار الفكر): [(ص) وإن لم تميز أو تأخر بلا سبب أو مرضت تربصت تسعة أشهر ثم اعتدت بثلاثة.

(ش) يعني أن الزوجة إذا استحيضت ولم تميز دم الحيض من دم الاستحاضة، أو تأخر حيضها بلا سبب؛ بأن كانت غير مريضة ولا مرضعة، بل تأخر حيضها من غير علة، أو تأخر لأجل مرض، فإنها تمكث سنة؛ تسعة أشهر استبراء لأجل زوال الريبة، وثلاثة أشهر للعدة] اهـ.

حكم الإفتاء بمذهب غير مذهب المفتي للضرورة

التحقيق أن المراد عند الحنفية بكون الفتوى في هذه المسألة على قول الإمام مالك هو جواز إفتاء الحنفي فيها بذلك في حالة الضرورة، وأن ذلك لا يُخرِجُه عن مقتضى مذهب الحنفية.

ولا شك أن الضرورةَ -أو الحاجة التي تُنَزَّل مَنزلتَها- متحققةٌ في هذه المسألة؛ فإنها مفروضة في من انقطع حيضها من النساء قبل بلوغ سن اليأس، وفي منع المرأة من الزواج إلى بلوغ هذه السن من الحرج والمشقة ما لا يخفى، فإذا انضاف إلى ذلك تغير الزمان وكثرة المفاسد وشيوع أسباب الشهوات كانت الضرورة أعظم والحاجة إلى الفتوى والقضاء بقول المالكية أشد.

فإذا جاز قضاء القاضي الحنفي به في هذه الحالة آل الأمر إلى كونه هو المعمول به عند الحنفية في مسألة الضرورة أو حالتها أو زمانها، ويصدق عليه حينئذٍ أنه الأرجح في الفتوى والقضاء وإن لم يكن معتمد المذهب في النقل والتحرير، وأنه هو الذي ينبغي اتباعه في الفتوى والقضاء.

عدة المطلقة ممتدة الطهر في القانون المصري

أما من جهة المعمول به في القانون: فالذي جرى عليه أحكام النقض هو ما عليه مذهب مالك؛ ومن ذلك: ما جاء في الطعن رقم (46) لسنة (53ق، أحوال شخصية، جلسة 22/ 5/ 1984م): [ومفاد نص الفقرة الثانية من المادة (7) من المرسوم بقانون رقم (25) لسنة (1929م) يدل –وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- على أن المشرع قد جعل مدة السنة التالية للطلاق حدًّا تعتد فيه المطلقة فيما تدعيه من عدم انقضاء عدتها] اهـ.

وشددت أن فسن اليأس عند السادة الحنفية خمس وخمسون سنة بالتقويم الهجري، بشرط انقطاع الدم عن المرأة مدة ستة أشهر، وعدتها تكون ثلاثة أشهر قمرية كاملة، وهذا هو ما قضت به محكمة النقض المصرية.

أما المرأة التي بلغت من العمر اثنين وخمسين عامًا، ورأت دم الحيض في شهر يناير وطلقها زوجها في شهر فبراير، ولم تر دم الحيض بعد ذلك، فإن كانت والحال هذه قد بلغت هذا السن بالتقويم الهجري أو الميلادي فهي من قبيل ممتدة الطهر؛ فتتربص سنة هجرية من ساعة انقطاع الدم، فإذا أتمتها دون نزول دم فقد انقضت عدتُها وترتبت على ذلك كل آثار انقضاء العدة شرعًا.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: دار الإفتاء ثلاثة أشهر ستة أشهر الدم عن فی شهر

إقرأ أيضاً:

حكم سداد الدين عن طريق الخطأ.. دار الإفتاء تجيب

ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما حكم سداد دين الغير بالخطأ؟ فقد سئل في رجل دفع لآخر مبلغًا معلومًا من الجنيهات؛ ظنًّا منه أنه دين على ابنه للمدفوع إليه واجب عليه، دفعه عنه لكونه في معيشته، والحال أنه ليس عليه ولا على ابنه شيء للمدفوع إليه بوجه من الوجوه الشرعية، فهل يكون لهذا الدافع الرجوع بما دفعه على المدفوع إليه، أم كيف الحال؟

ما حكم سداد ورثة الكفيل الدين المؤجل على الميت بالكفالة بمجرد وفاته؟ سداد الدين أم أداء العمرة؟.. الإفتاء توضح الأصح شرعا

وقالت دار الإفتاء في إجابتها على السؤال إنه في هذه الحالة المذكورة يرجع الدافع هنا بما دفعه على المدفوع إليه؛ سواء كان المدفوع عن نفسه أو عن ابنه؛ حيث لا حَقَّ للمدفوع إليه.

وقال في "الأشباه" في (القاعدة السابعة عشرة): [ولو ظن أن عليه دينًا فبان خلافه يرجع بما أدى] اهـ. وفي "شرحه" لهبة الله البعلي: [وكذا لو تبرع بقضاء دينِ غيره ظانًّا أنه عليه ثم ظهر خلافه رجع بما أدى] اهـ.

حكم المماطلة في سداد الدين

وذكرت الصفحة الرسمية لمجمع البحوث الإسلامية، حكم المماطلة في سداد الدين، حيث ذكرت السنة النبوية قول -رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: «مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ، وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلاَفَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ». صحيح البخاري
(من أخذ أموال الناس) بوجه من وجوه التعامل أو للحفظ أو لغير ذلك كقرض أو غيره، لكنه (يريد أداءها) (أدى الله عنه) أي يسر الله له ذلك بإعانته وتوسيع رزقه.

وتابعت: (ومن أخذ) أي أموالهم (يريد إتلافها) على أصحابها بصدقة أو غيرها (أتلفه الله) يعني أتلف أمواله في الدنيا بكثرة المحن والمغارم والمصائب ومحق البركة.

مقالات مشابهة

  • ما حكم من لم يستطع الوفاء بالنذر؟ ..الإفتاء تجيب
  • هل تجوز قراءة القرآن في سرادقات العزاء بأجر؟ .. دار الإفتاء تجيب
  • فوجئت بطلاقها عن توزيع الميراث.. فما حكم الشرع؟.. دار الإفتاء تجيب
  • حكم سداد الدين عن طريق الخطأ.. دار الإفتاء تجيب
  • دار الإفتاء تحسم الجدل حول شراء وبيع الذهب بالتقسيط
  • حكم أكل الجمبري عند الحنفية.. دار الإفتاء تجيب
  • حكم التصرف بالملابس إذا تركها صاحبها عند الخياط مدة طويلة
  • كيفية ختم الصلاة بالأذكار.. الإفتاء تجيب
  • غير ملزمة بخدمة الأهل.. ضوابط التعامل مع زوجة الابن في الإسلام
  • حكم صلاة القائم خلف الجالس في الفريضة.. دار الإفتاء تجيب