حيروت – وكالات

تجاوز عدد حالات الوفاة في صفوف الحجّاج هذا العام الألف بحسب حصيلة جمعتها وكالة فرانس برس من سلطات الدول المعنية ودبلوماسيين أشار أحدهم إلى أن أكثر من نصف الضحايا كانوا من دون تصاريح للحجّ، وقد أدوا الفريضة في ظلّ طقس حار جدًا.

 

وقال دبلوماسي عربي لوكالة فرانس برس بدون الكشف عن اسمه إنّ 58 حالة وفاة إضافية سُجلت في صفوف الحجاج المصريين، ما يرفع عدد المصريين المتوفين في الموسم الحالي إلى 658 على الأقلّ، بينهم 630 لا يحملون تصاريح للحج.

 

واستنادًا إلى أعداد وفّرتها حوالى عشر دول عبر بيانات رسمية أو دبلوماسيون منخرطون في عمليات البحث عن الضحايا، بلغ عدد الوفيات في موسم الحجّ هذا العام 1081، بدون تحديد في معظم الأحيان الأسباب. ويشمل العدد 658 مصريًا و183 إندونيسيًا و68 هنديًا و60 أردنيًا و35 تونسيًا و13 من كردستان العراق و11 إيرانيًا و3 سنغاليين و35 باكستانيًا و14 ماليزيًا وسوداني واحد.

 

وتزامن موسم الحجّ وهو من أكبر التجمعات الدينية في العالم، مرة جديدة هذا العام مع طقس حار للغاية إذ بلغت الحرارة مطلع الأسبوع الحالي 51,8 درجة مئوية في الظلّ في مكة المكرّمة.

 

ويتأثر الحج وهو أحد أركان الإسلام الخمسة، بشكل متزايد بالتغير المناخي بحسب دراسة سعودية أفادت بأن الحرارة في المنطقة ترتفع 0,4 درجة مئوية في كل عقد.

 

وكل عام يؤدي عشرات آلاف الحجاج الفريضة بدون تصاريح بسبب احتمال عدم قبولهم لوجود حصة محددة لكل دولة وارتفاع تكاليف الحجوزات. ويحرمهم ذلك من الوصول إلى الأماكن المكيّفة التي وفّرتها السلطات السعودية لـ1,8 مليون حاج يحملون تصاريح.

 

وأعلنت السلطات السعودية في وقت سابق من هذا الشهر أنها أبعدت مئات آلاف الحجاج غير المسجّلين عن مكة، لكن يبدو أن عددًا كبيرًا من غير المصرح لهم شارك في المناسك التي بدأت الجمعة، في ظروف صعبة.

 

وقال الدبلوماسي العربي لوكالة فرانس برس الخميس “الناس واجهت صعوبات بسبب المطاردات قبل يوم عرفة (السبت)، وكانت قواهم قد أُنهكت”.

 

وأضاف أن الأسباب التي أدت إلى وفاة هذا العدد من الحجاج المصريين هي “الحرّ والأمراض المزمنة وعدم تلقي الرعاية الصحية في موعدها ومضاعفات الضغط وغيبوبة السكري وهبوط الدورة الدموية جراء الحر والاجهاد”.

 

وقالت وزارة الخارجية المصرية في بيان الخميس: “تقوم فرق العمل القنصلية بإجراء الزيارات الميدانية للمستشفيات للحصول على بيانات المواطنين المصريين المتواجدين بها سواء من يتلقى العلاج أو من وافته المنية ومطابقتها مع بيانات المواطنين الذين أبلغ ذويهم عن فقدهم”.

 

لكنّها أضافت أن “وجود أعداد كبيرة من المواطنين المصريين غير المسجلين بقواعد بيانات الحج يتطلب مجهوداً مضاعفاً ووقتاً أطول للبحث عن المفقودين منهم والاستدلال على ذويهم”.

 

– بدء آليات الدفن –

 

وبالإضافة إلى المصريين، ارتفعت أعداد الوفيات في صفوف الباكستانيين والإندونيسيين.

 

وأفاد دبلوماسي مطّلع على الحصيلة فرانس برس أن من بين 150 ألف حاج باكستاني، سُجلت 58 حالة وفاة.

 

وقال “أعتقد أن نظرًا إلى عدد الناس والطقس، فإن (ما حصل) طبيعي جدًا”.

 

وأعلنت وزارة الشؤون الدينية في إندونيسيا التي شارك حوالى 240 ألفًا من مواطنيها في الحجّ هذا العام، أن عدد الوفيات في صفوف الإندونيسيين بلغ 183، مقارنة بـ313 وفاة مسجّلة العام الماضي.

 

يبحث أصدقاء وعائلات حجّاج مفقودين في المستشفيات في السعودية وينشرون مناشدات عبر مواقع التواصل الاجتماعي سعيًا للحصول على أي معلومات عن أحبائهم.

 

وقال دبلوماسيان لفرانس برس الخميس إن السلطات السعودية بدأت آليات دفن الضحايا التي تشمل تنظيف الجثامين ووضعها في أكفان ونقلها استعدادًا لتوارى الثرى في مقابر فردية.

 

وأكد أحد الدبلوماسيين أن “السلطات السعودية تهتمّ بعمليات الدفن. لديها نظامها الخاص، لذلك نحن نتبعه فقط”، مشيراً إلى أن بلاده تعمل على إخطار أهالي الضحايا بكل ما في وسعها من وسائل.

 

وأوضح الدبلوماسي الآخر أن نظرًا إلى عدد الضحايا سيكون من المستحيل إبلاغ الكثير من العائلات بشكل سريع خصوصًا تلك المصرية لأن عدد الحجاج المصريين المتوقين كبير.

 

“عتبة الخطر الشديد” –

 

لم تعطِ السلطات السعودية أي معلومات عن الوفيات، إلا أنّها أعلنت تسجيل يوم الأحد فقط “2764 حالة إصابة بالإجهاد الحراري”.

 

وقضى العام الماضي أكثر من 300 حاج معظمهم من إندونيسيا.

 

وأظهرت دراسة أجرتها مجلة “جيوفيزكل ريسيرتش ليترز” Geophysical Research Letters عام 2019 أنه بسبب التغير المناخي، فإن إصابة الحجّاج بالإجهاد الحراري ستتجاوز “عتبة الخطر الشديد” من عام 2047 إلى 2052 ومن 2079 إلى 2086، “مع زيادة تواترها وشدّتها مع تقدّم القرن”.

 

وتحوّل العديد من مواسم الحجّ الماضية إلى حوادث تدافع وحرائق، آخرها كان في العام 2015 عندما أدى تدافع إلى مصرع 2300 شخص، لكن الموقع شهد منذ ذلك الحين تطوّرات كبيرة لتسهيل حركة الحشود.

 

ويوفر الحج إلى مكة مكاسب مالية للمملكة العربية السعودية، أكبر مصدر للنفط الخام في العالم، والتي تسعى إلى تقليص اعتمادها على النفط من خلال تطوير السياحة الدينية خصوصاً.

 

وإلى جانب الحج، أدّى 13,5 مليون شخص مناسك العمرة العام الماضي، مع سعي السلطات للوصول إلى 30 مليون معتمر بحلول العام 2030.

المصدر: موقع حيروت الإخباري

كلمات دلالية: هذا العام فرانس برس فی صفوف

إقرأ أيضاً:

مأساة وفيات الحجاج المصريين.. من المسؤول؟

قضى عدد من الحجاج المصريين نحبهم، وقد وصل عددهم إلى ألف حاج أو يزيد، نسأل الله تعالى لهم أن يُبعثوا ملبين كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، عمن يلقى ربه وهو بملابس إحرامه، وفي مناسك الحج، ولكن ظل السؤال الأبرز في الحدث: من المسؤول عن هذا العدد الذي توفي؟

كعادة الإعلام المدجن في بلاط السلطة، رمى التهمة كلها على الحجاج أنفسهم، مدعيا أن هذه الوفيات حدثت فيمن حجوا مخالفين لشروط الحج التنظيمية؛ التي وضعتها المملكة العربية السعودية، وكان من الممكن أن ينطلي هذا الكلام على الناس لو لم يمت حُجاج ممن ذهبوا وفقا للشروط، ولكن الكلام أبرز مدى السقوط الأخلاقي لهذا الإعلام، إذ إنه لم يتعامل مع جلال الموت وهيبته بما يليق، بل تعامل مع الأرقام والأوراق، وكأن أرواح الناس تحولت لمجرد أوراق رسمية، وبيانات رسمية، تريد رفع التهمة عن كاهل السلطة المصرية.

إن المنصف في هذه المسألة سيجد أن المسؤولية تتجه إلى ثلاث جهات؛ الجهة الأولى: هي السلطة المصرية نفسها، فإنها لم تتعامل مع الأزمة بشكل يليق بكرامة المواطن المصري، بغض النظر عن كيفية ذهاب هؤلاء الناس بموافقة الشروط أو مخالفتها، فهم في النهاية مواطنون مصريون، لقوا حتفهم خلال أداء مناسك فريضة من أشرف ما يلقى الإنسان ربه عليه، ولم يموتوا في موقع جريمة، ولا مزمعين ارتكاب جرم قانوني أو شرعي.

إذا كنا لا نوافق الناس على مخالفة القوانين المنظمة للحج، لكن من تعرض لمشكلة صحية أو وفاة ليس مجرما، فيقوم الإعلام والسلطة والجميع بسلخه، فهذا ما لا يليق بسلوك الإنسان السوي، فضلا عن سلطة أولى واجباتها مراعاة مواطنيها أحياء وأمواتا
فإذا كنا لا نوافق الناس على مخالفة القوانين المنظمة للحج، لكن من تعرض لمشكلة صحية أو وفاة ليس مجرما، فيقوم الإعلام والسلطة والجميع بسلخه، فهذا ما لا يليق بسلوك الإنسان السوي، فضلا عن سلطة أولى واجباتها مراعاة مواطنيها أحياء وأمواتا، ونحن نرى كيف يحرص أعداؤنا على رفات أمواتهم، فضلا عن الجثث والأسرى.

وهو سلوك -للأسف- ملحوظ في السلطة المصرية منذ فترة طويلة، فمن تعامل مع الموتى المصريين خارج مصر يعرف أن إجراءات إرسال جثمان مصري توفي خارج مصر لمصر؛ تشترط في كل الدول أن يأتي مندوب من السفارة المصرية لمقر وفاة المصري، وإعطاء الموافقة على نزول الجثمان. كنت أجد كل السفارات ترسل أعلى ممثل لها، بينما كنا نرى السفارة المصرية تتباطأ في إرسال أي موطف، وربما يظل الجثمان المصري لأيام في ثلاجة مشرحة المستشفى، في سلوك لا ينم عن أي تقدير أو احترام للمواطن المصري حيا وميتا.

الجهة الثانية المسؤولة عن ذلك: هي المملكة العربية السعودية، فإن التذرع بأن المتوفين هم حجاج غير رسميين، فهي وسيلة هروب من المسؤولية، فلو لم يكن حاجا رسميا، فهو زائر رسمي للملكة، لأنه دخل بفيزا رسمية لها، صحيح هي فيزا للزيارة، لكنه دخل عن طريق المطار في السعودية، وختم له بخاتم دخول الدولة، والمدة المسموح لها ببقائه فيها. وإن من حقوق أي زائر في بلد ما، إذا مرض، أو توفي، أن يلقى الرعاية.

إن جهد المملكة المبذول في الشعائر كبير ولا ينكره أحد، لكنه منظور ومرئي في الحرمين الشريفين فقط، ولكن في بقية مشاعر الحج -للأسف- ليس على نفس القدر من الرعاية والاهتمام، فإنك في الحرمين الشريفين لو سقطت منك شعرة؛ لا تمر أكثر من ساعة وستجد أجهزة وآلات تمر للتنظيف، لكن في المشاعر والخيام لا تجد هذه الخدمة أبدا، بل كم الإهمال، وعدم النظافة، واضح ومرئي يراه كل من يمر بالمكان.

وعندما حدثت من قبل أزمات وسيول، برز هذا القصور بشكل فج، فقد رأينا كم القمامة الذي عام على وجه السيل، وهي قمامة كفيلة بأن تجلب أمراض الدنيا للحجيج، فإن تجمعا بشريا بهذا الحجم يحتاج إلى ترتيب على مستوى عال جدا، وليس صعبا على دولة كالسعودية، ويمكنها جلب شركات عالمية للتنظيم، وهذا ليس عيبا، فقد فعلت ذلك قطر في تنظيم كأس العالم، وقدمت السعودية لتنال تنظيم كأس العالم، ولو ووفق لها ستفعل ذلك، فالأمر هنا ليس عيبا، ولا معرة تخشى منها، بل هو ترتيب لا بد منه، وهو أقل واجب يقام به مع ضيوف الرحمن.

الجهة الثالثة المسؤولة من وجهة نظري: هم بعض المشايخ الذين تبعوا عددا من حملات الحج من المصريين وغيرهم، فقد فوجئتُ بكم هائل من الاتصالات أتتني من أشخاص يقولون: نحن مجموعة من الحجاج، وفتحنا ميكرفون الهاتف لنسألك، وحولنا الناس: نريد ألا نبيت في منى بعد يوم العيد الأول، لأن المبيت يشكل عقبة وعسرا شديدا علينا، فالجو شديد الحرارة والأعداد هائلة في الخيام، وهو ما يضم الطرفين المسؤولين: المصري والسعودي في الأمر هنا، فلا بد من مراقبة لأداء هذه الشركات.

تشدد بعض المشايخ في فتاوى الحج، وهو عامل كبير في الأزمة، فإذا كنا أشرنا إلى العامل الرسمي المتمثل في الأنظمة، فإن العامل الشرعي والإفتائي لا يقل أهمية ودرجة عنهما، وهو ما يوجب التضافر بين الجهات التي تبغي إصلاح منظومة الحج بالفعل
وكنت أُفتيهم بأن المبيت في منى سنة عند الأحناف، فخذوا بهذا المذهب، ووكلوا من يرمي عنكم الجمرات، ولا حرج عليكم، وذلك تخفيفا على الناس، وتخفيفا عن العدد، لأن معظم من يسأل من المصريين والأتراك، وكلاهما يعتنق المذهب الحنفي رسميا، فلو خف العدد من أتباع المذهب الحنفي لو ضممنا إليهم الأفغان والباكستان، ودولا أخرى، لحلت مشكلة.

لكني بعدما أفتيتهم بذلك، وخرج بعضهم، فوجئوا بمن يتصلون بهم في الفنادق: كيف تخرجون وتتبعون أقلية في الرأي، وتضيعون حجكم؟ فكانوا يتصلون مرة أخرى، خائفين من ضياع جهدهم ومالهم وسفرهم في هذا الحج، وكان هذا الخطاب المتشدد يكاد يؤتي أثره معهم، لولا أنهم رأوا المشقة في ذلك، والتيسير في الرأي الذي أفتيتهم به.

هذا نموذج من نماذج تشدد بعض المشايخ في فتاوى الحج، وهو عامل كبير في الأزمة، فإذا كنا أشرنا إلى العامل الرسمي المتمثل في الأنظمة، فإن العامل الشرعي والإفتائي لا يقل أهمية ودرجة عنهما، وهو ما يوجب التضافر بين الجهات التي تبغي إصلاح منظومة الحج بالفعل.

[email protected]

مقالات مشابهة

  • مأساة وفيات الحجاج المصريين.. من المسؤول؟
  • وزارة الإرشاد تحمل السلطات السعودية المسئولية الكاملة عن سلامة الحجاج اليمنيين
  • «سياحة النواب» تناقش أزمة الحج المخالف
  • كيف أصبح طريق الموت سبيلا إلى الحج؟
  • جنوا أموالا طائلة.. وفيات الحجاج تسلط الأضواء على عالم العصابات في صناعة الحج
  • العشرات بأكفان بيضاء.. ما هو أصل صورة جثامين الحجاج المصريين؟
  • الداخلية السعودية: بلغ عدد الوفيات قرابة 1079 ممن لا يحملون تصريح الحج
  • المحاسبة.. وتحديد المسئولية
  • بعد سحب التراخيص.. القبض على مئات المصريين بسبب وفاة الحجاج
  • لماذا تأخرت وزارة الصحة السعودية في إعلان حالات الوفيات في الحج؟.. مصدر سعودي يجيب