حذر المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، الذي اختتم أمس الأربعاء زيارته الثانية للسودان منذ اندلاع الحرب العام الماضي، من أنه بدون جهود سلام منسقة، سيفر المزيد من الناس من الحرب الوحشية في السودان وإلى البلدان المجاورة.

المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي

مراكز النازحين في كوستي

ووفقا لنائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق الذي كان يطلع الصحافة أمس الأربعاء، زار غراندي مخيمات اللاجئين ومراكز النازحين في كوستي، في ولاية النيل الأبيض في السودان، حيث لجأ أكثر من مليون شخص منذ بدء القتال.

 تقييم غراندي

وقال حق عن تقييم غراندي للوضع على الأرض: "لقد أشار إلى أن مستوى المعاناة غير معقول حقا، مضيفا أن السودان هو تعريف العاصفة الكاملة: فظائع حقوق الإنسان المروعة، مع نزوح الملايين بسبب هذه الحرب المجنونة والحروب الأخرى التي سبقتها".

أضاف إن المفوض السامي، حذر من أن مجاعة رهيبة تلوح في الأفق، وأن الفيضانات الشديدة ستعيق قريبا تسليم المساعدات بشكل أكبر.

وأعرب عن قلقه العميق إزاء حجم حالة الطوارئ الإنسانية. وقد تصاعد العنف في الفاشر، شمال دارفور، وتم الإبلاغ عن فظائع ضد المدنيين في ولاية الجزيرة". 

وقد عززت المفوضية وشركاؤها جهود الاستجابة في النيل الأبيض ومناطق أخرى. 

ومنذ بداية النزاع، وصلت المفوضية إلى حوالي 800,000 نازح سوداني بمساعدات الحماية والخدمات والإحالات والنقد ومواد الإغاثة الأساسية والمأوى الطارئ".

قدم السفير الحارث إدريس بيانًا باسم حكومة السودان، مستعرضًا فيه مواقف تؤثر سلباً على مصالح الشعب السوداني، في جلسة مجلس الأمن المنعقدة بتاريخ 18 يونيو 2024.

أصدرت تنسيقية القوي الديمقراطية المدنية “تقدم”، بيانًا صحفيًا منذ قليل، للتوضيح علي موقفهم من جلسة مجلس الأمن.

ننشر النقاط التي وضحتها التنسيقية، على النحو التالي:-

أولاً: نرفض بشدة كافة أشكال التدخل الخارجي الذي يؤجج الحرب من خلال دعم أحد أطرافها وفي ذات الوقت نشيد ونرحب بكل جهود الأشقاء والأصدقاء في تقديم العون والمساعدة لشعبنا.

ثانياً: تصريحات السفير الحارث إدريس تعبر عن موقف أحد طرفي النزاع، وهو القوات المسلحة، ولا توجد سلطة شرعية في السودان منذ إنقلاب ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١م.

ثالثاً: خرجت تصريحات السفير عن كل الأعراف الدبلوماسية واتسمت بالهتافات، وعدم إحترام التقاليد التي تحكم التعامل بين الدول خاصة في المنظمات والمحافل الدولية، إن هذه التصريحات تكرس لسياسة النظام البائد التي عزلت السودان وحمّلت شعبه أعباءً كبيرة. 

لقد نجحت ثورة ديسمبر في إنهاء هذه العزلة بإعادة دمج السودان في الأسرة الدولية، لكن إنقلاب ٢٥ أكتوبر وحرب ١٥ أبريل أعادتا البلاد إلى ذات العزلة التي شهدناها خلال حكم الإنقاذ.

رابعاً: تصريحات السفير التي قللت من حجم الكارثة الإنسانية تعبر عن استخفاف كبير بمعاناة أهل السودان جراء هذه الحرب، فالحرب التي يعبر السفير عن أحد أطرافها تسببت في قتل وتشريد وإفقار، فضلاً عن تجويع الشعب الذي يعاني وفقًا لتقارير دولية موثقة من أكبر كارثة جوع في العالم.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الحرب الوحشية المفوض السامي للأمم المتحدة شؤون اللاجئين الفاشر شمال دارفور المفوض السامي المفوض السامی

إقرأ أيضاً:

السودان: إنقاذ ما لم يمكن إنقاذه

ناصر السيد النور

لم تعد الأزمة السودانية التي خلقتها الحرب ـ المستمرة – تلقى اهتماماً يجدر بما وصلت إليه من كوارث مهولة، بدا وكأنها عصية على الحل، وفي الوقت نفسه يواصل طرفاها قوات الجيش والدعم السريع القتال، بكل ما تتيحه وسائل الحرب. والاهتمام المفترض هو ما يعول عليه ضحاياها بالمعنى الإنساني، في إنهاء معاناتهم الإنسانية كأكثر الأطراف تضررا من الحرب، أو بما تشكله من تهديد وخطر داهم، لا يتوافق ومنظومة الأمن الإقليمي والدولي هذا إذا حسن الظن بالوثوق بما تقوله ـ من دون أن تنفذه غالبا- مؤسسات معنية بالسلم والأمن الدوليين، ممثلة بالأمم المتحدة ومجلس أمنها الدولي، أو مؤسسة إقليمية من جامعة عربية واتحاد افريقي، بإمكانياتهما المحدودة، وموقفهما المتردد في التعامل مع أطراف الأزمة وضحاياها.
وما يلفت الانتباه مؤخراً، تكرار التحذيرات الصادرة عن كل الهيئات الدولية الإنسانية، بما سيؤول إليه الوضع في السودان، نتيجة لحرب وحشية، وما أحدثته من حالات إنسانية في النزوح واللجوء، وسقوط ضحايا دون حصر، ومؤخراً المجاعة الوشيكة. ويتزامن هذا مع وصف يبعث على الإحباط، باعتبارها أسوأ كارثة يشهدها العالم في الألفية الثالثة، وتقع الكارثة السودانية ضمن خريطة صراعات العالم، أو البؤر الملتهبة (غزة، وأوكرانيا) في موقع تتقاطع معه قوى الصراع الدولي، والوزن الاقتصادي والتأثير السياسي، وأخيراً الموقع الاستراتيجي.
وقد كتب حازم صاغية الكاتب اللبناني مؤخراً «ما من شكّ في أنّ بيننا عنصريّين تصدّهم عن الاهتمام بالسودان أفريقيّتُه، واللون الأسمر لبشرة سكانه. لكنْ في بيئات ثقافية قد لا يصح فيها هذا الوصف، يبدو التجاهل أعقد وأشدّ مواربة. ذاك أنّ أحوال السودان تشكّل فضيحة لوعي تلك البيئات، التي غالباً ما اعتبرت أنّ النزاعات والصراعات لا تستحقّ صفتها هذه، ناهيك عن الاهتمام بها، ما لم تكن نتاج اصطدام بطرف غربيّ وأجنبيّ، وأنّ الضحايا بالتالي لا يكونون ضحايا ما لم يقتلهم هذا الطرف بعينه». وهذا الوصف ربما يصدق وربما وافق واقع حال السياسات العربية، بل قبل ذلك النظرة العربية لدول الجامعة العربية التي تعاني في تعريف هويتها عربياً كدول في هامش المحيط العربي كالصومال وموريتانيا، إذ تُعامل من حيث موقعها الجغرافي من الخليج إلى المحيط، من دون اعتراف بالقواسم المشتركة، وأولها البعد الثقافي والعنصري. والواقع أن التأثير العربي في الأزمة السودانية لا ينكر وجوده، ولكنه على الجانب الذي لا يرغب فيه السودانيون. فقد اتهم سفير السودان هذا الأسبوع في جلسة مجلس الأمن، دولة الإمارات صراحة بدعم قوات الدعم السريع، وطالبها بالتوقف عن التدخل في دعم أحد طرفي الصراع، واعتبرها سفير الإمارات في رده على الاتهامات، سخيفة. فأدخلت الحرب العلاقات الدبلوماسية بين السودان ومحيطه العربي في أزمة ذات بعد آخر، من دون أن تصل إلى موقف الخطر لأسباب معلومة. والحرب بطبيعة الحال أصبحت جاذبة لتدخلات متفرقة مثلها مثل حروب أخرى.
أما الداخل الذي ترك ليواجه مصيره تفتك به معارك الطرفين، من دون تمييز في مستوى الدمار والخراب في وتيرة معارك متصاعدة، لا ينتظر منها نتيجة حاسمة، إلا في حدود ما تقتل من مدنيين. ومن دون تدخل مطلوب، إقليماً أو دولياً، ازدادت قوى الطرفين شراهة في حربها، وفي حجم الانتهاكات المرتكبة. وقد لا تنتظر الأزمة السودانية حلولا ما بعد الحرب، كإعادة الإعمار والمصالحة الوطنية، وما إليها مما يؤمل أن تعيد الأمور إلى نصابها، وهذه الرؤية الرغبوية، التي يأمل فيها السودانيون تبدو، مع واقع الظروف الحالية، بعيدة عن التحقق، وأعقد مما تسمح به الإمكانيات المتاحة. فما الذي يمكن أن ينقذ، خاصة أن الأزمة السودانية أصبحت مركبة تداخلت فيها المؤثرات ومجريات الأحداث، بما دفع بها بعيداً نحو المجهول، وتأخرت بالتالي معالجة جزئياتها، ما زاد من تعقيدها. فاقتصاد البلد الفقير قد أوصلته الحرب إلى ما يتعدى البيانات والأرقام الإحصائية، إلى مرحلة صفرية، مع انهيار في العملة وارتفاع في التضخم، وما انسحب جراء ذلك من تعطل الحياة والأنشطة الاقتصادية، وسكان يعانون شظف العيش، وبحاجة إلى مساعدات وكل ما يتأتى من الخارج في مواجهة مجاعة هي الأسوأ من نوعها أيضا وفق التقديرات الدولية. ولأن الحرب ألحقت ضرراً بليغاً بالبنية التحتية على رثاثتها، وتشمل المؤسسات الاقتصادية القائمة وخروج الاقتصاد السوداني عن مسار اقتصاد الدولة، التي فقدت أصولها وممتلكاتها، أسوة بممتلكات المواطنين؛ فإن ما ينتظر إصلاحه اقتصادياً سيحتاج إلى عقود، فإذا كان الانهيار الاقتصادي الذي يؤثر في سردية الحرب، ويعيد على ضوء نتائجه الفادحة المباشرة صياغة ملامح البلاد من جوانبها كافة، فإن السياسة التي قادت بطرق ممارستها من قبل الساسة للحرب نفسها وبعثت التشوهات السياسية في منظومة الحكم والدولة، ما يعني عملياً بروز نمط آخر لساسة وإدارة السياسة، وفق وضعية مغايرة مضادة لتقاليدها التاريخية ورموزها السياسية، ولأن الحرب أخطر ما أحدثه الانقسام المجتمعي في التصنيف الجهوي والقبلي لمنظومات الدولة الضاربة، كالجيش وبقية التحالفات العسكرية، تكون الأزمة السودانية قد دفعت إلى الوجود بلداً مقسماً وفق نتائج الحرب.
إزاء هذا الوضع السياسي الغامض والمربك يصعب التنبؤ بما يمكن أن تنقذه السياسة تسوية أو على فرضية إطار سياسي جامع، يستدعي أشكال الحلول والتوافقات السياسية على ما درج عليها ممارسو السياسية السودانية. فالعودة إلى الخريطة التقليدية للمكونات السياسية بأحزابها ونقاباتها وتكتلاتها في اليمين واليسار، خضعت لمناورات الحرب، وتغيرت قواعد اللعبة فيها بين سياسة حرب تعبر عنها حكومة عسكرية، تمثل طرفاً رئيسياً في الحرب، والمدنيين الذين يمثلون الجانب السياسي الرافض لاستمرار الحرب. وهنا تبدو المساحة متباعدة بين جميع الأطراف، ما يضع الواجهات السياسية في موقف حرج لغياب الإرادة الوطنية السياسية، خاصة أن المكونات السياسية المدنية تصنف بالذراع السياسي لقوات الدعم السريع. وهو تصنيف يلقي ظلالا سالبة عليها، على الرغم من الغرض والدعاية التي تقف وراءه، وهذه القوات التي يقاتلها الجيش زادت من حدة تعقيد المعادلة السياسية والعسكرية الاجتماعية في البلاد. ويزيد من مستوى الانهيار السياسي عدم التنسيق في المواقف، وأحياناً الموقف من الحرب نفسها، فلا تزال نتائج الحرب تحدد مستوى الاقتراب بين الموقف الوطني والحزبي والجهوي. ولعل الأخير يشكل أبرز التحديات التي يواجهها السياسي السوداني لارتباطاتها النفسية والاجتماعية. إذا كان حجم المخاطر التي أحدثتها الحرب الجارية في السودان منذ عام ونصف العام من دون توقف، جعلت من غير الممكن تصور ما سيكون عليه الوضع بعد مرحلة الحرب، إلا بالقدر الذي يحمل التمنيات أكثر من الواقع وحقائقه. فما تضرر لم يكن محصوراً بالدائرة العسكرية، حيث ميادين القتال ولغة السلاح، وإنما كارثة أقرب ما تكون إلى الفناء ألمت بشعب وأرض وكل ما ترمز إليه محددات الدولة التعريفية، في حدود ما يلامس الوجود الإنساني قبل القانوني والدستوري للكيان الذي بعثرته سياسات أخطأت بالتقدير، أو سبق الإصرار نتائج لم تكن في الحسبان مما يجعل من معالجتها أمراً غير وارد في المدى المنظور.
كاتب سوداني
نشر بالقدس العربي اللندنية# 26/06/2024م

nassyid@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • السودان.. مرصد دولي للجوع يحذر من خطر المجاعة في 14 منطقة
  • السفارة الروسية في بيروت تنصح الروس بـ"تأجيل السفر إلى لبنان إن أمكن"
  • السودان: إنقاذ ما لا يمكن إنقاذه
  • سودانيون بين صراعين.. قتال ضد السرطان وحرب تزيد المعاناة
  • السودان: إنقاذ ما لم يمكن إنقاذه
  • عادل الباز: تهديدات.. مستمرة ومسمومة
  • الأمن يحذر من نشر فيديوهات العملية الأمنية الأخيرة
  • المدير العام لقوات الشرطة المكلف يلتقي معتمد معتمدية اللأجئين
  • هل يكون دعم هايلي بوابة ترامب لنيل مزيد من التبرعات والأصوات النسائية؟
  • خبير أمريكي يحذر من انهيار اقتصادي أكبر من أزمة 2008!