رؤيا الأخباري:
2024-12-27@20:45:09 GMT

الحسن بن طلال: الأضحى بين الشعائر والمشاعر

تاريخ النشر: 20th, June 2024 GMT

الحسن بن طلال: الأضحى بين الشعائر والمشاعر

مقال صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال المعظم:

"لكل أمةٍ أعيادها المرتبطة بثقافتها وعقيدتها وتاريخها وهويتها، ومن الأعياد ما يرتبط بالأمة كلها، كعيد الأضحى الذي يغرس في قلوبنا أننا أمة واحدة نشترك في أفراحنا ومشاعرنا وعواطفنا، مثلما نشترك في شعائرنا ومناسكنا وعبادتنا " وَإِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فاتقون" (سورة المؤمنون: 52).

اقرأ أيضاً : الملك يغادر أرض الوطن في زيارة خاصة

وقد تكاملت أركان هذه الأمة وتجلى وجهها السياسي والثقافي الحضاري بميثاق المدينة المنورة الذي اتسم بانفتاحه على المِلل، واحترام حرية المعتقد لأهل الكتاب، وإقراره لسيادة الشرع، وعلوّه على نزعة الثأر القبلي في سبيل بناء دولة العدالة وكرامة الإنسان وصناعة الأمة الوسط؛ وإذا أردنا أن نعيش واقع التميز والتقدم العلمي والمعرفي في هذا العالم، فعلينا الاستعداد وتهيئة المنطلقات اللازمة للبدء، وتحديد أهدافنا وإلا صار العمل عبثاً. إن وعينا بتاريخنا وهويتنا سيشكل بداية لإحياء القيم الوسطية والمعاني الحضارية التي قررتها وثيقة المدينة، ويؤهلنا للقيام بالدور العالمي المأمول، ففهمنا لماضينا وحاضرنا يؤثر على وعينا بقضايانا ونهجنا.

إن إحياء الوسطية يحمل أبعاداً سياسية وثقافية لمفهوم (أمة وسطاً)، ويستوعب التنوع ويفتح الباب للإبداع، مثلما هي أمة وسط جغرافياً: تتوسط العالم، وتتوسط أوروبا وآسيا الأوراسية، وهذا ما يحثنا على تنمية الوسط العربي والإسلامي، وعلى تذكُّر أهمية صلات بلاد الشام التاريخية المستمرة بالجزيرة العربية ومصر والعراق، وأن نجعل خير أمورنا أوسطها، فلا ننساق خلف خطابات التفتيت والتجزئة.

ويقترن عيد (الأضحى) برحلة المؤمنين إلى بيت الله الحرام، وفي هذه الرحلة المليئة بمعاني التجرد والبذل والعطاء والافتقار، يستوحي المؤمنون المعاني العظيمة من مشاهداتهم، وكما أن القبلة تتوسط صحن الحرم، فإن المؤمن يتوسط بين الأمم، ليكون في موقع مركزي ينأى بنفسه عن التطرف والغلو والاستعلاء في الأرض.

تذكرنا شعيرة الحج بأهمية الربط بين دروب الحج ودروب الأفكار في التقريب بين الأمم والشعوب. فالمُدن المقدسة هي أيضاً مراكز روحية وثقافية وتجارية تربط بين الديني والاقتصادي، وقد فَهِمَ بُناة الحضارة الإسلامية أنّ عَمارةَ الأرض نوع من العبادة فانتشرت الأسواق على طريق الحج من سمرقند إلى الحجاز وهو ما يعرف بطريق الحرير؛ كما استطاع الأسلاف أن يمزجوا بين السمو الروحي في زيارة الأماكن المقدسة وبين التنمية المستدامة في فتح الأسواق سبيلاً للقضاء على الفقر والجوع والعوز، وكل هذا داخل في عموم قوله تعالى: "ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير." (الحج:28) لنكون من خلال هذه الوحدة الوجدانية والعملية، صادقين مع الخالق ومع أنفسنا.

اقرأ أيضاً : وصول طلائع الحجاج الأردنيين المُتعجلين إلى أرض الوطن - فيديو

إن ما نعيشه اليوم، في مشرقنا العربي الإسلامي، ليس صراعاً بين الحضارات أو الثقافات، بل صراع حول ماهية الثقافة وأبرز مظاهره هي "الإبادة الجماعية الثقافية" التي تقوم على العدوان القاتل ضد المجموعات التي لها جذور عرقية ودينية وسياسية وثقافية أيضاً، كما يحدث على أرض فلسطين في سعي لمحو الذاكرة المكانية عبر تغييب أصحابها من خلال القتل والتدمير الممنهج لأحياء ومربعات سكنية بأكملها. لقد دمَّر العدوانَ على غزّة، فيما دمَّر، جميعَ شعاراتِ التنميةِ المستدامة، وأبرزُها "عدم تركِ أحدٍ خلفَ الركْب"؛ ولا سيما مع سياسات الإماتة التي يستخدمها الاحتلال الإسرائيلي ضد أهل غزة عبر حرمانهم من كل مقومات الحياة في ممارسة للرهاب بمعناه الحقيقي.

إن أهم ما في مشكلتنا عدم الربط بين الأشياء والحقائق المطلقة، وهنا تبرز أهمية علم المعاني: لدينا احتلال دام أكثر من 70 سنة لأعز ما نملك وهي مدينة القدس الشريف التي يجري تطويقها بالمستعمرات والكانتونات أو المعازل، واقتلاع أهلها وإحلال المهاجرين اليهود محلهم عبر استخدام قوانين مخصصة لهذه الغاية مثل "قانون الغائبين" و"قانون التنظيم والبناء"، مع تزايد عنف المستوطنين.

إذا كانت العقيدة تجيز وتبرر تصرفات دولة الاحتلال بهذه الصورة المنافية لأية ادعاءات بأن هناك رغبة في السلم التفاوضي، فالسبب أن مؤسس تلك الدولة رآها كامتداد لأوروبا، ونحن في عيد الأضحى نؤكد أننا امتداد لحضارة عالمية، ونؤمن برب العالمين، وعلينا ألا نسمح للفتن الخارجية أن تنخر فينا، كما علينا أن نستمع لصوت شبابنا في الداخل وفي المهجر. إن النظرة الإسلامية كانت نظرة جامعة للأمة مع احترام الأقليات، في حين أنَّ نظرتهم قائمة على تجميع الأقليات.

يأتي عيد الأضحى ليذكرنا بأن الابتلاء إذا ما اقترن بالصبر والتسليم فإن الله سيبدله فرجاً ونصرا، فسيدنا إبراهيم عليه السلام كان شيخاً كبيراً عندما وهبه الله تعالى إسماعيل، فكان شديد التعلق به، فجاء الابتلاء بأن يتركه وأمه في واٍد غير ذي زرع، فلما كبر إسماعيل وبلغ أشده جاء الأمر لسيدنا إبراهيم بذبح ابنه، فاستجاب الأب وابنه للأمر، لكن الحكمة الإلهية جاءت لتظهر أنَّ التدين المقبول عند الله هو الذي يُدخل الفرح على قلوب عباد الله.

تأتي فلسفة عيد الأضحى لإظهار وحدة المسلمين ومساواتهم التي تتجلى في اجتماعهم لصلاة العيد، وكذلك في اجتماع الحجاج يوم عرفة على صعيد واحد لا فرق بين غني وفقير ولا أبيض وأسود ولا عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى، هذه الوحدة يجب أن تكون نواة ومرتكزاً لوحده المسلمين من أجل تأسيس مجلس إقليمي من المشرق إلى العالم، تتكامل فيه الجزيرة العربية مع المشرق الذي يشكل عمقها الجغرافي والتاريخي، ويتكامل فيه الدرعان النبطي والنوبي على شاطئي البحر الأحمر لنخطو خطوة جادة نحو استقرار منطقتنا في المؤتمرات التي يُعدُّ لها في الأمم المتحدة، وذلك من خلال الاستقلال السيادي المتكافل بين دول الإقليم وبلدانه خصوصاً أن الأغلبية الساحقة من دول العالم اعترفت بالدولة الموعودة منذ بداية القضية الفلسطينية، أي دولة فلسطين ذاتها. وهنا نتذكر أهمية البدايات وضرورة رسم النهج من أجل بلوغ المقصد.

نسأل الله العلي القدير أن يديم على أوطاننا الأعياد بالطاعات والمسرات، وأن يفرِّج الكرب عن أهلنا في غزة وفلسطين وفي كل ديار المسلمين والعرب، وكل عام وأنتم بخير.

المصدر: رؤيا الأخباري

كلمات دلالية: مقالات عيد الأضحى الدول العربية عید الأضحى

إقرأ أيضاً:

احتفالات الكريسماس.. تعرف على الرموز المستخدمة في شجرة الميلاد ومعانيها

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تعددت الأشكال الموجودة في شجرة الميلاد، والتي تحمل معاني إنسانية ودينية كبيرة.

ولنأخذ على سبيل المثال النجمة: هي الرمز السماوي للوعد الله أرسل مخلصه للعالم ونجمة بيت لحم كانت علامة الوعد لانها قادت المجوس الى مكان ولادة المسيح.

نور النجمة هو الذي قاد المجوس لعند يسوع ويسوع نور العالم الذي بيقودنا لملكوت الله وتوضع النجمه في البيت على رأس الشجرة أو زينه على سطح البت كإشارة لولادة المسيح.

اللون الأحمر:

هو اللون الأول لعيد الميلاد واستخدم من قبل المؤمنين الأوائل لتذكيره بالدم الذي سفك من قبل المسيح.

فالمسيح أعطى حياته وسفك دمه من أجل أن نحصل على الحياة الأبدية.

اللون الأخضر:

هو اللون الثاني لعيد الميلاد فالشجرة هي أجمل خلفية للزخرفة الحمراء واللون الأخضر للأشجار دائمة الخضرة يبقى كما هو طوال أيام السنة، الأخضر هو الشباب والأمل والتجديد وأكثر الألوان غزارة في الطبيعة الأوراق الأبرية الشكل لشجرة عيد الميلاد تتجه نحو الأعلى وترمز إلى الصلوات المتجهة نحو السماء. 

الجرس:

استعمل الجرس للعثور على الخروف الضال. سيدق الجرس لكل. شخص أيضًا ليجد طريقه للأب ويعني ذلك الهداية والرجوع بالإضافة إلى ذلك تؤشر إلى إننا جميعًا أعزاء في عيون الله. 

الشموع والأضواء:

الشموع على شجرة الميلاد كانت تمثل تقدير الإنسان للنجمة أما الآن فتستخدم الأشرطة الضوئية لذكرى ميلاد المسيح. في الكثير من البيوت تضاء الشموع وهي تمثل نور الله. 

الربطة :

توضع على الهدايا لتذكرنا بروح الإخوة  وهكذا يجب أن يكون الجميع مترابطين مع بعضهم البعض. 

هدية الحب والسلام للابد هي رسالة هذا الرمز.

 

العكازة:

تمثل عصا الراعي الجزء المعقوف أو الملتوي من العصا كان يستخدم لجلب الخروف الضال واللون الأحمر والأخضر وبقية الألوان المستخدمة بشكل حلزوني ترمز إلى أننا حراس الأخ الضال، كما تمثل العكازة الحرف الأول من اسم المسيح باللغة الانكليزية عند قلبها رأسًا على عقب.
 

الطوق أو الإكليل:

يرمز إلى الطبيعة الخالد للحبلا تنتهي ولا تتوقف تذكرنا بحب الله اللامحدود لنا كما أنها تذكرنا بالسبب الحقيقي والصادق لميلاد المسيح.
 

بابا نويل:

الذي يعتبره الكثيرون شخصية وهمية كان لها أساس واقعي مستمد من شخصية"  القديس_نيقولاوس أسقف ميرا المتوفي سنة 341م "، والذي لقب بصانع العجائب لكثرة العجائب التي أجراها الله على يديه، كما اشتهر بعمل الإحسان، وتوزيع الصدقات على الفقراء، فقد باع كل ما ورثه عن والديه ووزعه على المساكين، ومن وحي سيرته واهتمامه بالأحداث، اتخذ كشخص وهمي يوزع الهدايا في عيد الميلاد، وسمي "سانتا كلوز" أو بابا نويل، واسم "سانتا كلوز" جاء من اسمه بالإنكليزية سانت نيكولاس، وأول رسم لبابا نويل كان سنة 1862م وهو عبارة عن شخص صغير يبدو قزما يلبس ملابس حمراء وقبعة صغيرة، وله ذقن طويلة بيضاء.
 

الشجرة:

هي رمز عرفته الشعوب القديمة، ففي روما كان الناس يزينون المنازل والشرفات بمناسبة الاحتفالات التي تبدأ بالأسبوع الأخير من العام، وفي أثينا كانت الإحتفالات تدور حول شجرة في منتصف المدينة تسمى شجرة العالم.

وانتقلت هذه العادة الى المسيحية وهي ترمز بإخضرارها إلى حياة المسيح الأولية، وفي يومنا هذا تحتفل معظم دول العالم بتزيين شجرة رأس السنة وهي العادة الأكثر شيوعًا.
 

الهدايا:

جرت العادة أن يقدم الناس في عيد الميلاد هدايا متنوعة ترمز الى السيد المسيح " هدية الله_للإنسان"، وترمز الى العطايا التي قدمها  المجوس للطفل يسوع، وكانوا أول من قدم هدايا في العصر المسيحي، وبالنسبة لبطاقة الميلاد أنشأها كندول الإنكليزي سنة 1944 وعمت بعد ذلك معظم بلدان العالم.
 

مذود القش:

يرمز لميلاد المسيح  لكن بدون خطيئة واختار يكون مجيئه على هذا العالم بمغارة باردة بين الحيوانات ليعلمنا التواضع والمحبة الحقيقية  تكون بالتضحية وترك الحياه الغنيه ليحمل خطايا البشر.
 

الرعاة:
 

الناس البسطاء اللذين ينتظرون مجيء المسيح فالمسيح جاء ليريح التعبانين الحزانى المتألمين لياخد آلامهم ويعطيهم الفرح والسلام.
 

المجوس:

ملوك ركعوا للملك دلالة على إن المسيح ملك الملوك الذي تكلم عنه الأنبياء وانتظرته البشرية قرون طويلة وكل الأرض بكل شيء فيها.
 

الملائكة:

يرمزون إلى حضور الله الفعال بين الناس.
 

القطن:

يرمز إلى الثلج فلا وجود لأي معنى لاهوتي أو ديني له، أما الغاية من وجود القطن هو المعتقد الشعبي بميلاد المسيح في فصل الشتا، كما أن منطقة بيت لحم هي منطقة جبلية، وتساقط الثلوج شيء طبيعي فيها فيرمز القطن (الثلج) في معتقد المسيحين الشعبية إلى الطهارة ونقاوة النفس، فالمسيح جلب معه الطهارة والنقاوة إلى جانب الوفرة وكثرة الثمار.


 

مقالات مشابهة

  • يونيفيل: بلدة الخيام الوحيدة التي أخلتها إسرائيل وانتشر فيها الجيش اللبناني
  • كيف نستقبل العالم الجديد؟ عالم أزهري يحدد روشتة شرعية
  • دعاء الامتحان الصعب والنجاح: الأدعية التي تساعد الطلاب على التوفيق
  • 103 سنة على ميلاد العالم والمفكر الراحل مصطفى محمود.. تعرف على أهم مؤلفاته
  • الوداد البيضاوي يعلن تعيين طلال ناطقا رسميا للفريق
  • احتفالات الكريسماس.. تعرف على الرموز المستخدمة في شجرة الميلاد ومعانيها
  • القناة 12 العبرية: القنبلة التي استهدفت هنية كانت في وسادته
  • أبرز أحداث عام 2024 التي شغلت العالم
  • بعد الهزيمة من الأهلي.. لاعب شباب بلوزداد يشتبك مع مدرب ورئيس النادي
  • بعد الهزيمة القاسية من الأهلي.. لاعب بلوزداد يطالب بالرحيل من الفريق لهذا السبب