رؤيا الأخباري:
2025-03-04@04:04:12 GMT

الحسن بن طلال: الأضحى بين الشعائر والمشاعر

تاريخ النشر: 20th, June 2024 GMT

الحسن بن طلال: الأضحى بين الشعائر والمشاعر

مقال صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال المعظم:

"لكل أمةٍ أعيادها المرتبطة بثقافتها وعقيدتها وتاريخها وهويتها، ومن الأعياد ما يرتبط بالأمة كلها، كعيد الأضحى الذي يغرس في قلوبنا أننا أمة واحدة نشترك في أفراحنا ومشاعرنا وعواطفنا، مثلما نشترك في شعائرنا ومناسكنا وعبادتنا " وَإِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فاتقون" (سورة المؤمنون: 52).

اقرأ أيضاً : الملك يغادر أرض الوطن في زيارة خاصة

وقد تكاملت أركان هذه الأمة وتجلى وجهها السياسي والثقافي الحضاري بميثاق المدينة المنورة الذي اتسم بانفتاحه على المِلل، واحترام حرية المعتقد لأهل الكتاب، وإقراره لسيادة الشرع، وعلوّه على نزعة الثأر القبلي في سبيل بناء دولة العدالة وكرامة الإنسان وصناعة الأمة الوسط؛ وإذا أردنا أن نعيش واقع التميز والتقدم العلمي والمعرفي في هذا العالم، فعلينا الاستعداد وتهيئة المنطلقات اللازمة للبدء، وتحديد أهدافنا وإلا صار العمل عبثاً. إن وعينا بتاريخنا وهويتنا سيشكل بداية لإحياء القيم الوسطية والمعاني الحضارية التي قررتها وثيقة المدينة، ويؤهلنا للقيام بالدور العالمي المأمول، ففهمنا لماضينا وحاضرنا يؤثر على وعينا بقضايانا ونهجنا.

إن إحياء الوسطية يحمل أبعاداً سياسية وثقافية لمفهوم (أمة وسطاً)، ويستوعب التنوع ويفتح الباب للإبداع، مثلما هي أمة وسط جغرافياً: تتوسط العالم، وتتوسط أوروبا وآسيا الأوراسية، وهذا ما يحثنا على تنمية الوسط العربي والإسلامي، وعلى تذكُّر أهمية صلات بلاد الشام التاريخية المستمرة بالجزيرة العربية ومصر والعراق، وأن نجعل خير أمورنا أوسطها، فلا ننساق خلف خطابات التفتيت والتجزئة.

ويقترن عيد (الأضحى) برحلة المؤمنين إلى بيت الله الحرام، وفي هذه الرحلة المليئة بمعاني التجرد والبذل والعطاء والافتقار، يستوحي المؤمنون المعاني العظيمة من مشاهداتهم، وكما أن القبلة تتوسط صحن الحرم، فإن المؤمن يتوسط بين الأمم، ليكون في موقع مركزي ينأى بنفسه عن التطرف والغلو والاستعلاء في الأرض.

تذكرنا شعيرة الحج بأهمية الربط بين دروب الحج ودروب الأفكار في التقريب بين الأمم والشعوب. فالمُدن المقدسة هي أيضاً مراكز روحية وثقافية وتجارية تربط بين الديني والاقتصادي، وقد فَهِمَ بُناة الحضارة الإسلامية أنّ عَمارةَ الأرض نوع من العبادة فانتشرت الأسواق على طريق الحج من سمرقند إلى الحجاز وهو ما يعرف بطريق الحرير؛ كما استطاع الأسلاف أن يمزجوا بين السمو الروحي في زيارة الأماكن المقدسة وبين التنمية المستدامة في فتح الأسواق سبيلاً للقضاء على الفقر والجوع والعوز، وكل هذا داخل في عموم قوله تعالى: "ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير." (الحج:28) لنكون من خلال هذه الوحدة الوجدانية والعملية، صادقين مع الخالق ومع أنفسنا.

اقرأ أيضاً : وصول طلائع الحجاج الأردنيين المُتعجلين إلى أرض الوطن - فيديو

إن ما نعيشه اليوم، في مشرقنا العربي الإسلامي، ليس صراعاً بين الحضارات أو الثقافات، بل صراع حول ماهية الثقافة وأبرز مظاهره هي "الإبادة الجماعية الثقافية" التي تقوم على العدوان القاتل ضد المجموعات التي لها جذور عرقية ودينية وسياسية وثقافية أيضاً، كما يحدث على أرض فلسطين في سعي لمحو الذاكرة المكانية عبر تغييب أصحابها من خلال القتل والتدمير الممنهج لأحياء ومربعات سكنية بأكملها. لقد دمَّر العدوانَ على غزّة، فيما دمَّر، جميعَ شعاراتِ التنميةِ المستدامة، وأبرزُها "عدم تركِ أحدٍ خلفَ الركْب"؛ ولا سيما مع سياسات الإماتة التي يستخدمها الاحتلال الإسرائيلي ضد أهل غزة عبر حرمانهم من كل مقومات الحياة في ممارسة للرهاب بمعناه الحقيقي.

إن أهم ما في مشكلتنا عدم الربط بين الأشياء والحقائق المطلقة، وهنا تبرز أهمية علم المعاني: لدينا احتلال دام أكثر من 70 سنة لأعز ما نملك وهي مدينة القدس الشريف التي يجري تطويقها بالمستعمرات والكانتونات أو المعازل، واقتلاع أهلها وإحلال المهاجرين اليهود محلهم عبر استخدام قوانين مخصصة لهذه الغاية مثل "قانون الغائبين" و"قانون التنظيم والبناء"، مع تزايد عنف المستوطنين.

إذا كانت العقيدة تجيز وتبرر تصرفات دولة الاحتلال بهذه الصورة المنافية لأية ادعاءات بأن هناك رغبة في السلم التفاوضي، فالسبب أن مؤسس تلك الدولة رآها كامتداد لأوروبا، ونحن في عيد الأضحى نؤكد أننا امتداد لحضارة عالمية، ونؤمن برب العالمين، وعلينا ألا نسمح للفتن الخارجية أن تنخر فينا، كما علينا أن نستمع لصوت شبابنا في الداخل وفي المهجر. إن النظرة الإسلامية كانت نظرة جامعة للأمة مع احترام الأقليات، في حين أنَّ نظرتهم قائمة على تجميع الأقليات.

يأتي عيد الأضحى ليذكرنا بأن الابتلاء إذا ما اقترن بالصبر والتسليم فإن الله سيبدله فرجاً ونصرا، فسيدنا إبراهيم عليه السلام كان شيخاً كبيراً عندما وهبه الله تعالى إسماعيل، فكان شديد التعلق به، فجاء الابتلاء بأن يتركه وأمه في واٍد غير ذي زرع، فلما كبر إسماعيل وبلغ أشده جاء الأمر لسيدنا إبراهيم بذبح ابنه، فاستجاب الأب وابنه للأمر، لكن الحكمة الإلهية جاءت لتظهر أنَّ التدين المقبول عند الله هو الذي يُدخل الفرح على قلوب عباد الله.

تأتي فلسفة عيد الأضحى لإظهار وحدة المسلمين ومساواتهم التي تتجلى في اجتماعهم لصلاة العيد، وكذلك في اجتماع الحجاج يوم عرفة على صعيد واحد لا فرق بين غني وفقير ولا أبيض وأسود ولا عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى، هذه الوحدة يجب أن تكون نواة ومرتكزاً لوحده المسلمين من أجل تأسيس مجلس إقليمي من المشرق إلى العالم، تتكامل فيه الجزيرة العربية مع المشرق الذي يشكل عمقها الجغرافي والتاريخي، ويتكامل فيه الدرعان النبطي والنوبي على شاطئي البحر الأحمر لنخطو خطوة جادة نحو استقرار منطقتنا في المؤتمرات التي يُعدُّ لها في الأمم المتحدة، وذلك من خلال الاستقلال السيادي المتكافل بين دول الإقليم وبلدانه خصوصاً أن الأغلبية الساحقة من دول العالم اعترفت بالدولة الموعودة منذ بداية القضية الفلسطينية، أي دولة فلسطين ذاتها. وهنا نتذكر أهمية البدايات وضرورة رسم النهج من أجل بلوغ المقصد.

نسأل الله العلي القدير أن يديم على أوطاننا الأعياد بالطاعات والمسرات، وأن يفرِّج الكرب عن أهلنا في غزة وفلسطين وفي كل ديار المسلمين والعرب، وكل عام وأنتم بخير.

المصدر: رؤيا الأخباري

كلمات دلالية: مقالات عيد الأضحى الدول العربية عید الأضحى

إقرأ أيضاً:

الرئيس اليمني في خطاب للشعب بمناسبة شهر رمضان : الأمة التي تجتمع على الخير لا تهزم أبدا

عدن (الجمهورية اليمنية) - دعا الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، ابناء الشعب اليمني، وقواه الوطنية الى وحدة الصف، ونبذ الفرقة، واعلاء قيم التكافل، والتراحم، كما دعا القطاع الخاص ومجتمع المال والاعمال، والمبادرات المجتمعية الى مضاعفة برامجهم الخيرية، ومساعدة المحتاجين، خصوصا خلال شهر رمضان المبارك، حيث تشتد الحاجة الى حشد كافة الامكانيات الحكومية، والاهلية للتخفيف من وطأة الازمة الانسانية التي صنعتها المليشيات الحوثية الارهابية المدعومة من النظام الايراني، وفقا لـ(سبأ).

وهنأ رئيس القيادة الرئاسي اليمني باسمه وإخوانه اعضاء المجلس، والحكومة، في خطاب بمناسبة شهر رمضان المبارك، كافة ابناء الشعب اليمني في الداخل والخارج بحلول الشهر الكريم الذي جعله الله رحمةً لعباده، وفرصةً للتقوى، والتكاتف، والتآزر، سائلا الله سبحانه وتعالى أن يجعله شهر خير وبركة، وأن يعيده وقد تحقق للشعب اليمني كل ما يصبوا إليه من تطلعات في النصر، واستعادة مؤسسات دولته، وامنه، واستقراره.

كما وجه الرئيس العليمي في الخطاب الذي القاه نيابة عنه وزير الاوقاف والارشاد الدكتور محمد شبيبة، تهنئة خاصة لأبطال القوات المسلحة والامن، والمقاومة الشعبية، وكافة التشكيلات العسكرية المرابطين في الجبهات، وميادين العزة والكرامة، والى أولئك المناوبين في مختلف مرافق الخدمة العامة خلال الشهر الفضيل، مجددا الشكر لكافة المكونات الوطنية، والاشقاء في تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية، ودولة الامارات العربية المتحدة، ومنابر الوعي في الداخل والخارج الذين كان لهم جميعا ابلغ الأثر في تعزيز الصمود الاسطوري.

وقال فخامة الرئيس اليمني:" في هذه الأيام والليالي المباركة، ندعو الجميع وفي المقدمة فاعلي الخير من رجال الاعمال والقطاع الخاص إلى اعلاء قيم التراحم، وإغاثة الملهوفين، ومضاعفة تدخلاتهم الانسانية للأسر المتضررة، فالأمة التي تجتمع على الخير، والتكافل لا تُهزم أبدًا".

اضاف:" يحل علينا هذا الشهر الفضيل، وما يزال شعبنا يعاني تداعيات حربٍ ظالمة، فرضتها مليشيات إرهابية انقلابية بدعم من النظام الإيراني، مسخرة في ذلك كل وسائل الترهيب، والتخريب لتجريف سبل العيش، واعاقة أي فرصة من جانب الحكومة، والمجتمع الإقليمي والدولي لتخفيف المعاناة الإنسانية المؤلمة".

واكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي بأنه واخوانه أعضاء المجلس، على إدراك تام بهول آثار الازمة الاقتصادية، والخدمية، والوجع المتفاقم المعبر عنه في الفعاليات السلمية، والاصوات الحرة، وأنات الأمهات والأطفال في كل شبر من ربوع وطننا الحبيب، مجددا العهد بعدم ادخار أي جهد في سبيل التخفيف من المعاناة التي صنعتها المليشيات الارهابية الحوثية التي كانت تراهن بتدمير المنشآت النفطية وايقافها عن التصدير، على انهيار كامل للأوضاع في غضون أيام.

ونوه العليمي بقوة، وصلابة ابناء الشعب اليمني وصمودهم في وجه ذلك المخطط الإرهابي الذي باء بالفشل رغم ما خلفه من ازمة تمويلية، جراء فقدان الدولة أكثر من 60 بالمائة من مواردها العامة، ومصدرها الرئيسي لتغذية إحتياطياتها من النقد الأجنبي.

وقال:" ها نحن اليوم أكثر صمودا بعد نحو عامين ونصف من تلك الهجمات الاجرامية، وباقون على العهد والوعد بتحويل الازمات الى فرص للنصر الناجز بعونه تعالى".

وجدد  الرئيس اليمني في هذا الشهر الكريم تذكير المواطنين في المناطق التي ترزح غصبا تحت سلطة المليشيات الارهابية، بأن الحكومة بذلت كل جهد، وقدمت كل التنازلات الممكنة، من أجل تحسين أوضاعهم، واستئناف دفع مرتباتهم.

استدرك قائلا:" لكن هذه الجماعة لا تريد للشعب اليمني إلا الفقر، والقهر، والهوان"، مجددا التأكيد على الوقوف الى جانب المواطنين في المناطق الخاضعة بالقوة للمليشيات الارهابية، ودعم ارادتهم، واحلامهم بأن هذا القيد آن له ان ينكسر.
وقال" إننا نؤمن أن الليل مهما طال، فإن الفجر قادم، وأن اليمن سينهض رغم كل المحن".

على الصعيد القومي، اشار فخامة الرئيس الى تلبيته دعوة اخيه فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية الشقيقة لحضور القمة العربية غير العادية المرتقبة بالقاهرة في 4 مارس المقبل، وذلك تأكيدا لموقف اليمن الثابت الى جانب الشعب الفلسطيني، ورفض كافة المشاريع الرامية الى تهجيره، وتصفية قضيته العادلة.

كما شدد رئيس مجلس القيادة الرئاسي على توجيهاته بهذه المناسبة الدينية العظيمة، الى الجهات المعنية بالإفراج الفوري عن السجناء الذين امضوا ثلاثة أرباع مدة العقوبة او نصفها، والنظر في الإفراج بالضمان التجاري عن المحبوسين على ذمة الحقوق الخاصة، مع تشكيل لجان في المحافظات من النيابات، والسلطات المحلية والغرف التجارية لمساعدة المعسرين.

وفيما يلي نص الخطاب:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين القائل في كتابه الكريم: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ”. والصلاة والسلام على اصدق انبيائه المرسلين.

أيها الإخوة المواطنون، أيتها الأخوات المواطنات، في الداخل والخارج،،

أهنئكم جميعًا، باسمي، وإخواني اعضاء مجلس القيادة الرئاسي، والحكومة بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، شهر الرحمة، والغفران، والعتق من النار.. الشهر الذي جعله الله رحمةً لعباده، وفرصةً للتقوى، والتكاتف، والتآزر.

وهي تهنئة خاصة لأبطال القوات المسلحة والامن، والمقاومة الشعبية، وكافة التشكيلات العسكرية المرابطين في الجبهات، وميادين العزة والكرامة، والى أولئك المناوبين في مختلف مرافق الخدمة العامة خلال الشهر الفضيل الذي نسأله سبحانه وتعالى أن يجعله شهر خير وبركة، وأن يعيده علينا وقد تحقق لشعبنا كل ما يصبو إليه من تطلعات في النصر، واستعادة مؤسسات دولته، وامنه، واستقراره.

وأنها فرصة أيضا ان نجدد في كل مناسبة الشكر لكافة المكونات الوطنية، واشقائنا في تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية، ودولة الامارات العربية المتحدة، ومنابر الوعي في الداخل والخارج الذين كان لهم جميعا ابلغ الأثر في تعزيز هذا الصمود الاسطوري.

أيها الإخوة والأخوات المواطنون،،
هذا الشهر العظيم اختصه الله بفضائل جليلة، وجعله ميدانًا للطاعات، والتقرب اليه سبحانه وتعالى، وسبيلاً لمغفرة الذنوب ورفع الدرجات، فطوبى لمن استغله في مرضاته تعالى بالخيرات، والأعمال الصالحات.
"شَهْرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِىٓ أُنزِلَ فِيهِ ٱلْقُرْءَانُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَٰتٍۢ مِّنَ ٱلْهُدَىٰ وَٱلْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍۢ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ ٱلْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ ٱلْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَىٰكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون".

إن شهر رمضان ليس مجرد امتناع عن الطعام والشراب والملذات، بل هو مدرسة إيمانية يتربى فيها المسلم على الصبر، والتقوى، ويزداد فيها التقرب من الله عز وجل بالصيام والقيام، وقراءة القرآن، والإحسان إلى الفقراء، والمحتاجين.

وهو فرصة عظيمة لتجديد العهد مع الله، ولإحياء قيمنا الإسلامية النبيلة التي تدعو إلى التكافل والتراحم والتآخي بين أبناء المجتمع.

أيتها الأخوات أيها الإخوة الاحرار في كل مكان،،
يحل علينا هذا الشهر الفضيل، ومايزال شعبنا يعاني تداعيات حربٍ ظالمة، فرضتها مليشيات إرهابية انقلابية بدعم من النظام الإيراني، مسخرة في ذلك كل وسائل الترهيب، والتخريب لتجريف سبل العيش، واعاقة أي فرصة من جانب الحكومة، والمجتمع الإقليمي والدولي لتخفيف المعاناة الإنسانية المؤلمة.
انني واخواني أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، على إدراك تام بهول آثار الازمة الاقتصادية، والخدمية، والوجع المتفاقم المعبر عنه في فعالياتكم السلمية، واصواتكم الحرة، وأنات الأمهات والأطفال في كل شبر من ربوع وطننا الحبيب.

لقد كانت المليشيات الارهابية تراهن بتدمير المنشآت النفطية وايقافها عن التصدير، على انهيار كامل للأوضاع في غضون بضعة أيام، بعدما فقدت الدولة أكثر من 60 بالمائة من مواردها العامة، ومصدرها الرئيسي لتغذية احتياطياتها من النقد الأجنبي.

لكن ذلك المخطط الإرهابي رغم ما خلفه من ازمة تمويلية، باء بالفشل بفضل صبركم، ووعيكم، ودعم الاشقاء والأصدقاء.. وها نحن اليوم أكثر صمود بعد نحو عامين ونصف من تلك الهجمات الاجرامية، وباقون على العهد والوعد بتحويل الازمات الى فرص للنصر الناجز بعونه تعالى.

اعلم ان هذا هو ليس الوقت المناسب للحديث عن المزيد من الوعود، لان الأولوية هي الان للخبز والماء، والدواء، والخدمات الحيوية، وهو ما نعمل عليه اليوم، ولن ندخر أي جهد في سبيل التخفيف من المعاناة، دون النكوص عن التزامات المعركة الوطنية لاستعادة مؤسسات الدولة، واسقاط الانقلاب باعتباره جذر الازمة، وصانعها.

ونحن اليوم أكثر يقينًا بأن النصر قادم، وأن هذا المشروع العنصري الى زوال، الامر الذي يتطلب منا جميعا الاستعداد لما قد يكون أصعب، واشد في مواجهة الارتدادات المحتملة لأزمة المليشيات الإرهابية، وداعميها في النظام الإيراني.

ايتها المواطنات أيها المواطنون،،
اننا على ثقة ان سنوات الحرب العجاف، كشفت لكم مخططات المليشيات الإرهابية لجعل بلدنا بعيدا عن ركب التطور الهائل الذي يشهده العالم من حولنا.

إن التحديات التي تواجه بلدنا لم تقتصر على تداعيات الانقلاب الغاشم في الداخل فقط، وانما امتدت إلى محاولات جعل اليمن ساحة ابتزاز للمجتمع الدولي، عبر تهديد الممرات المائية في البحر الأحمر، وخليج عدن، ضمن الاجندة الإيرانية المكشوفة لزعزعة امن واستقرار المنطقة، وتصفية قضاياها العادلة.

ولذلك، فقد كانت الازمة الاقتصادية، والتهديدات المتزايدة للأمن البحري في قلب مشاوراتنا مع الحلفاء والأصدقاء، وكافة الفاعلين الإقليميين والدوليين.

اننا في ذلك لا نستجدي الدعم العسكري كما يعتقد البعض، بل كف الأذى الإيراني عن بلدنا، لإن ايماننا بقضيتنا، وثقتنا بعزيمة شعبنا، وشجاعة جيشنا لا حدود لها في صناعة الغد المشرق الذي تستحقون.

ان هذه الاتصالات الدبلوماسية المثمرة، الذي نقودها، واخواني أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، هي جزء اصيل من سياسة الدفاع المشترك، في مواجهة عدو إقليمي مشترك، وحماية مصالح مشتركة.

وبالتالي فقد أكدنا ان هذه الشراكة، يجب ان تبدأ وفقا للالتزامات الدولية، بدعم قدرات الحكومة، العضو في الأمم المتحدة في حماية أراضيها، ومنع تحويلها الى منصة تهديد للسلم، والامن الدوليين.

وعلى الصعيد القومي فقد لبينا دعوة اخي فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية لحضور القمة العربية غير العادية المرتقبة خلال أيام في القاهرة، تأكيدا لموقف شعبنا الثابت الى جانب الشعب الفلسطيني، ورفض كافة المشاريع الرامية الى تهجيره، وتصفية قضيته العادلة، التي سنواصل بكل اخلاص الدفاع عنها، وحق شعبها المناضل في إقامة دولته المستقلة كاملة السيادة.

أيها اليمنيون الأحرار في كل مكان،،
نجدد في هذا الشهر الكريم تذكير أهلنا في المناطق التي ترزح غصبا تحت سلطة المليشيات الارهابية، اننا بذلنا كل جهد، وقدمنا كل التنازلات الممكنة، من أجل تحسين أوضاعكم، واستئناف دفع مرتباتكم، لكن هذه الجماعة لا تريد للشعب اليمني إلا الفقر، والقهر، والهوان.

إن هذه الحرب التي فرضتها المليشيات عليكم، وهذه الجبايات التي تستنزفكم، والجرائم، والاعتقالات التي ترتكبها بحقكم، ليست إلا جزءًا صغيرا من مشروعها الاوسع، القائم على العبودية، والعنصرية، والاستبداد، وإعادة اليمن قرون الى الوراء.

لذلك فإن أحد المداخل الحاسمة لأنهاء هذا العبث، الذي يصادر أحلامكم، ومستقبل ابنائكم، يرتكز على وقف تغذية المجهود الحربي للمليشيات بالمال، والرجال، والسلاح، والتمسك بمبادئ الحق، والعدل، والحرية، والمواطنة المتساوية.

ولعلكم تشاهدون الحراك الاجتماعي الواسع في المحافظات المحررة، كمؤشر للحياة والحريات المكفولة بموجب الدستور والقانون، وليس تعبيرا عن الفوضى كما تحاول ان تصورها منابر المليشيات.. وأننا هنا لا نحملكم فوق طاقتكم تحت ضغط القوة الغاشمة، وانما لتأكيد الوقوف الى جانبكم، ودعم ارادتكم، واحلامكم بأن هذا القيد آن له ان ينكسر.

أيتها الإخوات.. ايها الاخوة المواطنون،،
يعلمنا هذا الشهر الفضيل الصبر في المحن، والانصاف، وقول الحق، وصون اللسان، والأقلام عن الخوض في الاشاعات، والتضليل، وعدم استخدام نعمة التكنولوجيا، ووسائل التواصل الاجتماعي في التحريض، وتكريس الفرقة والشقاق، بل توظيفها فيما ينفع الناس، وتجديد الأمل بمستقبل أفضل تتحقق فيه تطلعاتهم في إنهاء كابوس الإمامة، واستعادة الأمن والاستقرار، والسلام بمشيئته تعالى.

وفي هذه الأيام والليالي المباركة، ندعو الجميع وفي المقدمة فاعلي الخير من رجال الاعمال والقطاع الخاص إلى اعلاء قيم التراحم، وإغاثة الملهوفين، ومضاعفة تدخلاتهم الانسانية للأسر المتضررة، فالأمة التي تجتمع على الخير، والتكافل لا تُهزم أبدًا.

وقد وجهنا بهذه المناسبة الدينية العظيمة، الجهات المعنية بالإفراج الفوري عن السجناء الذين امضوا ثلاثة أرباع مدة العقوبة او نصفها، والنظر في الإفراج بالضمان التجاري عن المحبوسين على ذمة الحقوق الخاصة، مع تشكيل لجان في المحافظات من النيابات، والسلطات المحلية والغرف التجارية لمساعدة المعسرين.

أيها الشعب اليمني العظيم،،
إننا نؤمن أن الليل مهما طال، فإن الفجر قادم، وأن اليمن سينهض رغم كل المحن.

وأننا نسأل الله عزّ وجل في هذه الليلة المباركة أن يوفقنا لاغتنام أيام رمضان ولياليه بحسن طاعته، وأن يديم علينا التوفيق والسداد، كما نسأله تعالى الرحمة للشهداء، والشفاء للجرحى، والحرية للمعتقلين، وان يحفظ بلدنا وشعبنا، وسائر الشعوب والبلدان من كل مكروه وسوء، تقبل الله منا جميعا صيامنا وقيامنا.. إنه سميع مجيب.

رمضان كريم.. وكل عام وأنتم بخير
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

Your browser does not support the video tag.

مقالات مشابهة

  • شيخ الأزهر: ندعو الله أن يوفِّق القادة العرب في القمة العربية ووضع حدٍّ للغطرسة والفوضى التي يتعامل بهما الداعمون للكيان المحتل
  • قرار إلغاء شعيرة الأضحى يرخي بظلاله على مسلمي سبتة و مليلية
  • شاهد| معاناة نبي الله إبراهيم عليه السلام من الغربة لحالة الشرك التي وصلت حتى إلى محيطه الأسري
  • الرئيس اللبناني: أتطلع إلى المحادثات التي سأجريها مع الأمير محمد بن سلمان
  • وليد جاب الله: الدولة المصرية تهتم بالشريحة التي تحتاج للرعاية المجتمعية
  • كم عدد الطيور التي أمر الله إبراهيم بتوزيعها على الجبل؟
  • حدث في ثاني يوم رمضان.. اعرف أهم الأحداث التاريخية التي وقعت فيه
  • طلال آل الشيخ: احتجاج النصر ضد العروبة سيُرفض.. فيديو
  • الرئيس اليمني في خطاب للشعب بمناسبة شهر رمضان : الأمة التي تجتمع على الخير لا تهزم أبدا
  • محمد السادس للمغاربة: "لا تشتروا الخراف في عيد الأضحى" فما هي الأسباب؟