رؤيا الأخباري:
2025-04-08@15:20:10 GMT

الحسن بن طلال: الأضحى بين الشعائر والمشاعر

تاريخ النشر: 20th, June 2024 GMT

الحسن بن طلال: الأضحى بين الشعائر والمشاعر

مقال صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال المعظم:

"لكل أمةٍ أعيادها المرتبطة بثقافتها وعقيدتها وتاريخها وهويتها، ومن الأعياد ما يرتبط بالأمة كلها، كعيد الأضحى الذي يغرس في قلوبنا أننا أمة واحدة نشترك في أفراحنا ومشاعرنا وعواطفنا، مثلما نشترك في شعائرنا ومناسكنا وعبادتنا " وَإِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فاتقون" (سورة المؤمنون: 52).

اقرأ أيضاً : الملك يغادر أرض الوطن في زيارة خاصة

وقد تكاملت أركان هذه الأمة وتجلى وجهها السياسي والثقافي الحضاري بميثاق المدينة المنورة الذي اتسم بانفتاحه على المِلل، واحترام حرية المعتقد لأهل الكتاب، وإقراره لسيادة الشرع، وعلوّه على نزعة الثأر القبلي في سبيل بناء دولة العدالة وكرامة الإنسان وصناعة الأمة الوسط؛ وإذا أردنا أن نعيش واقع التميز والتقدم العلمي والمعرفي في هذا العالم، فعلينا الاستعداد وتهيئة المنطلقات اللازمة للبدء، وتحديد أهدافنا وإلا صار العمل عبثاً. إن وعينا بتاريخنا وهويتنا سيشكل بداية لإحياء القيم الوسطية والمعاني الحضارية التي قررتها وثيقة المدينة، ويؤهلنا للقيام بالدور العالمي المأمول، ففهمنا لماضينا وحاضرنا يؤثر على وعينا بقضايانا ونهجنا.

إن إحياء الوسطية يحمل أبعاداً سياسية وثقافية لمفهوم (أمة وسطاً)، ويستوعب التنوع ويفتح الباب للإبداع، مثلما هي أمة وسط جغرافياً: تتوسط العالم، وتتوسط أوروبا وآسيا الأوراسية، وهذا ما يحثنا على تنمية الوسط العربي والإسلامي، وعلى تذكُّر أهمية صلات بلاد الشام التاريخية المستمرة بالجزيرة العربية ومصر والعراق، وأن نجعل خير أمورنا أوسطها، فلا ننساق خلف خطابات التفتيت والتجزئة.

ويقترن عيد (الأضحى) برحلة المؤمنين إلى بيت الله الحرام، وفي هذه الرحلة المليئة بمعاني التجرد والبذل والعطاء والافتقار، يستوحي المؤمنون المعاني العظيمة من مشاهداتهم، وكما أن القبلة تتوسط صحن الحرم، فإن المؤمن يتوسط بين الأمم، ليكون في موقع مركزي ينأى بنفسه عن التطرف والغلو والاستعلاء في الأرض.

تذكرنا شعيرة الحج بأهمية الربط بين دروب الحج ودروب الأفكار في التقريب بين الأمم والشعوب. فالمُدن المقدسة هي أيضاً مراكز روحية وثقافية وتجارية تربط بين الديني والاقتصادي، وقد فَهِمَ بُناة الحضارة الإسلامية أنّ عَمارةَ الأرض نوع من العبادة فانتشرت الأسواق على طريق الحج من سمرقند إلى الحجاز وهو ما يعرف بطريق الحرير؛ كما استطاع الأسلاف أن يمزجوا بين السمو الروحي في زيارة الأماكن المقدسة وبين التنمية المستدامة في فتح الأسواق سبيلاً للقضاء على الفقر والجوع والعوز، وكل هذا داخل في عموم قوله تعالى: "ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير." (الحج:28) لنكون من خلال هذه الوحدة الوجدانية والعملية، صادقين مع الخالق ومع أنفسنا.

اقرأ أيضاً : وصول طلائع الحجاج الأردنيين المُتعجلين إلى أرض الوطن - فيديو

إن ما نعيشه اليوم، في مشرقنا العربي الإسلامي، ليس صراعاً بين الحضارات أو الثقافات، بل صراع حول ماهية الثقافة وأبرز مظاهره هي "الإبادة الجماعية الثقافية" التي تقوم على العدوان القاتل ضد المجموعات التي لها جذور عرقية ودينية وسياسية وثقافية أيضاً، كما يحدث على أرض فلسطين في سعي لمحو الذاكرة المكانية عبر تغييب أصحابها من خلال القتل والتدمير الممنهج لأحياء ومربعات سكنية بأكملها. لقد دمَّر العدوانَ على غزّة، فيما دمَّر، جميعَ شعاراتِ التنميةِ المستدامة، وأبرزُها "عدم تركِ أحدٍ خلفَ الركْب"؛ ولا سيما مع سياسات الإماتة التي يستخدمها الاحتلال الإسرائيلي ضد أهل غزة عبر حرمانهم من كل مقومات الحياة في ممارسة للرهاب بمعناه الحقيقي.

إن أهم ما في مشكلتنا عدم الربط بين الأشياء والحقائق المطلقة، وهنا تبرز أهمية علم المعاني: لدينا احتلال دام أكثر من 70 سنة لأعز ما نملك وهي مدينة القدس الشريف التي يجري تطويقها بالمستعمرات والكانتونات أو المعازل، واقتلاع أهلها وإحلال المهاجرين اليهود محلهم عبر استخدام قوانين مخصصة لهذه الغاية مثل "قانون الغائبين" و"قانون التنظيم والبناء"، مع تزايد عنف المستوطنين.

إذا كانت العقيدة تجيز وتبرر تصرفات دولة الاحتلال بهذه الصورة المنافية لأية ادعاءات بأن هناك رغبة في السلم التفاوضي، فالسبب أن مؤسس تلك الدولة رآها كامتداد لأوروبا، ونحن في عيد الأضحى نؤكد أننا امتداد لحضارة عالمية، ونؤمن برب العالمين، وعلينا ألا نسمح للفتن الخارجية أن تنخر فينا، كما علينا أن نستمع لصوت شبابنا في الداخل وفي المهجر. إن النظرة الإسلامية كانت نظرة جامعة للأمة مع احترام الأقليات، في حين أنَّ نظرتهم قائمة على تجميع الأقليات.

يأتي عيد الأضحى ليذكرنا بأن الابتلاء إذا ما اقترن بالصبر والتسليم فإن الله سيبدله فرجاً ونصرا، فسيدنا إبراهيم عليه السلام كان شيخاً كبيراً عندما وهبه الله تعالى إسماعيل، فكان شديد التعلق به، فجاء الابتلاء بأن يتركه وأمه في واٍد غير ذي زرع، فلما كبر إسماعيل وبلغ أشده جاء الأمر لسيدنا إبراهيم بذبح ابنه، فاستجاب الأب وابنه للأمر، لكن الحكمة الإلهية جاءت لتظهر أنَّ التدين المقبول عند الله هو الذي يُدخل الفرح على قلوب عباد الله.

تأتي فلسفة عيد الأضحى لإظهار وحدة المسلمين ومساواتهم التي تتجلى في اجتماعهم لصلاة العيد، وكذلك في اجتماع الحجاج يوم عرفة على صعيد واحد لا فرق بين غني وفقير ولا أبيض وأسود ولا عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى، هذه الوحدة يجب أن تكون نواة ومرتكزاً لوحده المسلمين من أجل تأسيس مجلس إقليمي من المشرق إلى العالم، تتكامل فيه الجزيرة العربية مع المشرق الذي يشكل عمقها الجغرافي والتاريخي، ويتكامل فيه الدرعان النبطي والنوبي على شاطئي البحر الأحمر لنخطو خطوة جادة نحو استقرار منطقتنا في المؤتمرات التي يُعدُّ لها في الأمم المتحدة، وذلك من خلال الاستقلال السيادي المتكافل بين دول الإقليم وبلدانه خصوصاً أن الأغلبية الساحقة من دول العالم اعترفت بالدولة الموعودة منذ بداية القضية الفلسطينية، أي دولة فلسطين ذاتها. وهنا نتذكر أهمية البدايات وضرورة رسم النهج من أجل بلوغ المقصد.

نسأل الله العلي القدير أن يديم على أوطاننا الأعياد بالطاعات والمسرات، وأن يفرِّج الكرب عن أهلنا في غزة وفلسطين وفي كل ديار المسلمين والعرب، وكل عام وأنتم بخير.

المصدر: رؤيا الأخباري

كلمات دلالية: مقالات عيد الأضحى الدول العربية عید الأضحى

إقرأ أيضاً:

الإيطالي لوسيانو دارديري يتوج بلقب الدورة ال39 لجائزة الحسن الثاني الكبرى للتنس

توج الإيطالي لوسيانو دارديري، اليوم الأحد، بلقب الدورة ال39 لجائزة الحسن الثاني الكبرى للتنس التي أقيمت تحت الرعاية السامية للملك محمد السادس بملاعب النادي الملكي لكرة المضرب بمراكش مابين 31 مارس و6 أبريل الجاري.

وجاء تتويج الإيطالي المصنف رقم 7 في البطولة، بلقب هذا الدوري الدولي عقب فوزه في المباراة النهائية على الهولندي تالون غريكسبور المصنف رقم 1 في البطولة بجولتين لصفر (7-6 ،7-6 ).

وكان اللاعب الإيطالي قد بلغ المباراة النهائية أمس السبت على حساب الإسباني روبرتو كارباليس باينا بعدما انتصر عليه بجولتين لصفر ( 3-6 ، 2-6)، في حين تأهل اللاعب الهولندي على حساب اللاعب البولوني كاميل ماجشرزاك بجولتين لصفر (7-5 ،7-6).

وتميزت المباراة النهائية بالندية بين اللاعبين وبقوة إرسال الكرات، حيث لم تحسم النتيجة إلا في اللحظات الأخيرة من المباراة التي أظهر فيها اللاعب الإيطالي عن تركيز ذهني وقوة بدنية خصوصا في الجولة الثانية التي حاول خلالها اللاعب الهولندي العودة في المباراة أكثر من مرة، لكن دون جدوى أمام المصنف 57 في رابطة محترفي كرة المضرب.

ويعد هذا اللقب الأول للإيطالي لوسيانو في أول مشاركة له في جائزة الحسن الثاني الكبرى، والثاني له في سلسلة 250 نقطة في دوري بأمريكا اللاتينية.

وفي تصريح للصحافة، عبر الإيطالي لوسيانو دارديري، عن سعادته بهذا التتويج الأول له بهذه الجائزة على حساب الهولندي تالون غريكسبور الذي يعرف طريقة لعبه بعد أن سبق له اللعب ضده في منافسة إحدى بطولات لورانغاروس.

كما نوه بالدور الكبير الذي لعبه الجمهور المغربي والإيطالي الذي شجعه طيلة هذه المباراة القوية والمتكافئة.

من جانبه، اعتبر هشام أرازي مدير الدورة، أن المباراة النهائية كانت جيدة بين لاعبين متميزين قدما عروضا ممتعة أمام جمهور غفير حج للملعب الرئيسي للنادي الملكي للتنس بمراكش، مشيرا إلى أن هذا الدوري أضحى يعرف مشاركة مكثفة للاعبين مرموقين في رياضة كرة المضرب على المستوى العالمي.

وحضر المباراة النهائية كل من وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، محمد سعد برادة، ووالي جهة مراكش آسفي عامل عمالة مراكش فريد شوراق، ورئيس الجامعة الملكية المغربية للتنس، فيصل العرايشي، إلى جانب عدد من الشخصيات المدنية والعسكرية.

وتعد هذه التظاهرة البطولة الوحيدة في إفريقيا التي ينظمها اتحاد لاعبي التنس المحترفينATP 250 ، وتجمع كل سنة لاعبين من الطراز العالمي يتنافسون على اللقب.

يشار أن لقب النسخة ال38 من جائزة الحسن الثاني الكبرى توج بها الإيطالي ماتيو بيريتيني على حساب الإسباني روبرتو كارباليس باينا.

مقالات مشابهة

  • عباس أبو الحسن يعلق على وفاة المراسل الفلسطينى أحمد منصور
  • تصعيد إسرائيلي في لبنان والجيش يدعوه للانسحاب من المناطق التي يحتلّها
  • استجابةً للتحديات التي تواجه صناعتها... إطلاق تجمّع منتجي الدراما في لبنان
  • محافظة دمشق: توحيد طريق كورنيش الميدان ذهاباً من دوار جامع الحسن ‏حتى تقاطع المجتهد
  • عبارات تهنئة عيد الأضحى للاصدقاء
  • لازم يبطل أكاذيب.. عباس أبو الحسن يهاجم عامل سيرك طنطا
  • الإيطالي لوسيانو دارديري يتوج بلقب الدورة ال39 لجائزة الحسن الثاني الكبرى للتنس
  • صمت لا يُغتفر
  • يسرية محمد الحسن.. شكرا مصر…. شكرا جمهور الهلال الوفي..!!
  • من هي ابتهال أبو السعد التي فضحت عملاق التكنولوجيا في العالم؟