التفاوض فن، وأخذ الحق حرفة لا يتقنها الكثيرون، وتحتاج إلى قدرات خاصة مرتبطة بنوايا صادقة للحل والحصول على أكبر المكاسب بالضمانات الكافية، وقد لعب المفاوض المصرى دورا بارزا عقب اتفاقية كامب ديفيد، واستطاع بحرفية بالغة استرداد كافة الأراضى المصرية المحتلة من دون نقطة دماء.
المفاوض الفلسطينى عنده مشكلة كبيرة أنه دائما يرفض الحلول والمقترحات، وينظر بعين الشك والريبة للوسطاء، ومن ناحية أخرى هناك جماعات مستفيدة من استمرار المعارك والحرب، وتجنى مكاسب من وراء ذلك بصورة أو بأخرى.
الرئيس السادات رحمة الله عليه طلب من الراحل ياسر عرفات الانضمام فى مفاوضات سلام مع إسرائيل فى القاهرة، إلا أن الثانى رفض، وبقى المقعد المخصص له شاغرا.
الحقيقة أن الزمن وسوء التقدير هو العدو الأول للقضية الفلسطينية، فمنذ بداية الصراع فى العام 1947، وحتى اليوم مرورا بعام 1967 وغيرها من محطات التفاوض التى بلغت العشرات يتناقص سقف التفاوض، وما رفض فى الأمس لا يصبح متاحا اليوم، بل بات حلما نتمنى أن تدور عجلة الزمان للخلف لنصل إليه.
مفاوضات السلام بين العرب وإسرائيل بعضها كلل بالنجاح كما حدث مع مصر والأردن، إلا أن المسار الفلسطينى الإسرائيلى دائما لا يحالفه الحظ.
وقد طرحت عدة خطط للسلام بعد نكسة 1967، إلا أن مياه التفاوضات ظلت راكدة حتى نصر أكتوبر عام 1973، حيث تهيأت الأرض فى اتجاه السلام، خاصة بعد الزيارة التى قام بها الرئيس السادات إلى القدس عام 1977.
استغل الرئيس الأمريكى جيمى كارتر تلك الأجواء، ودعا السادات وبيجن لمباحثات سلام فى كامب ديفيد التى انتهت بإبرام اتفاقيتين كانت الأولى منها فى إطار السلام فى الشرق الأوسط عبر وضع أسس السلام بتوسيع القرار 242 لإبرام معاهدة سلام بين مصر وإسرائيل من ناحية ودعا إلى إبرام معاهدات أخرى بين إسرائيل وجيرانها.
وراعت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى مؤتمر مدريد 1991 بهدف تشجيع البلدان العربية على توقيع اتفاقيات سلام مع إسرائيل، وشارك الفلسطينيون فى المؤتمر من خلال وفد مشترك مع الأردن فى ظل رفض إسرائيل لمشاركة عرفات وآخرين فى المؤتمر، وأسفر عن معاهدة سلام بين الأردن وإسرائيل عام 1994، وتعثرت المباحثات مع سوريا ولبنان، وتعقدت عام 2006، بسبب الحرب مع حزب الله.
وكانت مفاوضات أوسلو عام 1993 التى تمثلت أهميتها فى التوصل إلى اعتراف نهائى متبادل بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، ورفضت حماس الاتفاق، وشنت عمليات انتحارية ضد الإسرائيليين، وتواصلت المفاوضات فى كامب ديفيد 2000، ولكنها فشلت كسابقاتها مما أدى إلى استئناف الانتفاضة الفلسطينية.
وفى العام 2002 طرحت المملكة العربية السعودية خطة للسلام فى القمة العربية التى عقدت فى بيروت وتنص على انسحاب إسرائيل إلى حدود 1967 والسماح بإقامة دولة فلسطينية وإيجاد حل عادل للقضية اللاجئين فى مقابل اعتراف الدول العربية بحق إسرائيل فى الوجود، وأعادت طرح نفس المبادرة مرة أخرى فى قمة الرياض 2007.
وأعدت اللجنة الرباعية التى ضمت الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبى والأمم المتحدة عام 2003، خارطة طريق على ثلاث مراحل لدعم حل الدولتين، أعقبها اتفاق جينيف 2003، وأنابوليس 2007، وصدر عن المؤتمر بيان مشترك، وحققت المفاوضات تقدما جيدا بخصوص قضايا الحدود، لكنها توقفت فجأة عندما بدأ الهجوم العسكرى الإسرائيلى على غزة 2008.
وأطلق باراك أوباما فى عام 2010، مباحثات مباشرة بين محمود عباس ونتنياهو، لكن عمليات الاستيطان الإسرائيلى أدت إلى انهيار المفاوضات، واستمرت المفاوضات المتعثرة طوال سنوات عجاف تزيد الأمور تعقيدا، وتقلل من مكاسب الفلسطينيين فى حقوقهم المشروعة، حتى بدأت المحطة الأخيرة عقب عملية طوفان الأقصى فى السابع من أكتوبر الماضى، لتبذل مصر وقطر جهودا كبيرة لوقف إطلاق النار وإعادة الرهائن، ودخول المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار والانسحاب من غزة وتمكين النازحين من العودة، وما زالت المفاوضات مستمرة بين قبول ورفض متبادل من طرفى النزاع.
باختصار.. فلسطين قضية الفرص الضائعة تاريخيا، حيث تتقلص الأرض، ويتراجع سقف المطالب، وما حدث على مدار أكثر من 7 عقود يتكرر اليوم، ونخشى من نفس السيناريوهات، فإذا استمرت الأمور على هذا المنوال فسنجد غضاضة يوم عندما تفجعنا الكارثة، ولا نجد وطنا لنتفاوض عليه.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: باختصار قدرات خاصة أكبر المكاسب الأراضي المصرية المفاوض المصري اتفاقية كامب ديفيد
إقرأ أيضاً:
السيسي وترامب يؤكدان تعزيز العلاقات الاقتصادية والتعاون في مجال الأمن المائي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أكد الرئيس السيسي ونظيره الأمريكي ترامب على العلاقات الاستراتيجية التي تجمع البلدين، وضرورة تعزيز العلاقات الاقتصادية والاستثماريّة بينهما، والتعاون في مجال الامن المائي، وحرص الرئيسان على تحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط.
وتلقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، مساء اليوم، اتصالاً هاتفياً من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وأشار المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية إلى أن الرئيس قد هنّأ الرئيس ترامب مجددًا بمناسبة توليه السلطة رئيسًا للولايات المتحدة لفترة ثانية، وهو ما يعكس الثقة الكبيرة التي يتمتع بها لدى الشعب الأمريكي واعترافًا بقدراته.
كما وجه الرئيس الدعوة للرئيس ترامب لزيارة مصر في أقرب فرصة ممكنة، لتعزيز العلاقات الاستراتيجية بين البلدين والتباحث حول القضايا والأزمات المعقدة التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط، مما يسهم في دعم استقرار المنطقة، وكذا للمشاركة في افتتاح المتحف المصري الجديد.
ومن جانبه، وجه الرئيس ترامب دعوة مفتوحة الى الرئيس لزيارة واشنطن ولقائه بالبيت الأبيض.
كما تناول الاتصال القضايا الثنائية والإقليمية والدولية، والتأكيد على العلاقات الاستراتيجية التي تجمع البلدين، وضرورة تعزيز العلاقات الاقتصادية والاستثماريّة بينهما، والتعاون في مجال الامن المائي، وحرص الرئيسان على تحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط.
وأضاف السفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي، أن الاتصال شهد حواراً ايجابياً بين الرئيسين، بما في ذلك حول أهمية الاستمرار في تنفيذ المرحلة الأولى والثانية من اتفاق وقف إطلاق النار وتثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة، الذي تم التوصل إليه بوساطة مصرية قطرية وأمريكية، وضرورة تكثيف إيصال المساعدات لسكان غزة.
وفي هذا الإطار، أكد الرئيس على أهمية التوصل الى سلام دائم في المنطقة، مشيراً إلى أن المجتمع الدولي يعول على قدرة الرئيس ترامب على التوصل إلى اتفاق سلام دائم وتاريخي ينهي حالة الصراع القائمة بالمنطقة منذ عقود، خاصة مع انحياز الرئيس ترامب إلى السلام، وهو الأمر الذي أكد عليه الرئيس ترامب في خطاب تنصيبه بكونه رجل السلام وشدد الرئيس على ضرورة تدشين عملية سلام تفضي إلى حل دائم في المنطقة.