حكم الملك «بيبى الثانى» مصر حوالى 94 عاما وهى أطول مدة حكم فى التاريخ، وهو الفرعون الخامس من الأسرة السادسة فى الدولة المصرية القديمة. تولى الملك «بيبى» الحكم وهو طفل صغير، لا يزيد عمره على ست سنوات وعاش حتى بلغ المائة. حيث تعتبر فترة حكمه الطويلة نكبة بكل المقاييس، فقد عرفت مصر فى عهده الفساد والانقلابات، والحروب الأهلية، وعانى المصريون من ويلات الفوضى والجوع حتى عجزوا عن دفن موتاهم وكانوا يلقون بهم فى النيل حتى أصبحت التماسيح ضخمة لكثرة ما تأكله من جثث المصريين، وساد الجدب حتى عقمت الكثير من النساء، وفرضت الضرائب، وانتشر البؤس حتى كان الشباب يقولون يا ليتنا ما ولدنا فى هذا الزمان.
تحول حكم «بيبى» إلى كارثة بكل ما تحمل الكلمة من معنى على مصر والمصريين، فقد اغتنم حكام الأقاليم ضعف الملك وشيخوخته فاستقلوا بأقاليهم، وعدوا هذا حقا مكتسبا لهم وليس منحة من ملوكهم، ونهبوا خيرات البلاد والعباد، واغتمنت القبائل العمورية الفرصة، إذ صارت حدود الدولة المصرية مفتوحة أمامها، من دون أن تجد من يدافع عنها، فبدأت طلائعها تتدفق إلى داخل الحدود المصرية، وتمردت قبائل النوبة على الدولة، حتى إنها تجرأت على قائد بعثته التجارية وقتلته، ولم يرسل «بيبى الثانى» الجيش المصرى لتأديبهم، بل جاء فى النصوص المصرية، أن الملك بعث «سابنى» «أبن القتيل» إلى النوبة لإحضار جثة والده «مخو» وقد استمال «سابنى» النوبيين بالهدايا ليسمحوا له بالعودة بجثة والده بسبب ضعف الدولة.
واستبد حكام الأقاليم واستقلوا عن السلطة المركزية، و فرضوا ضرائب ظالمة، وأهملوا إصلاح الأراضى الزراعية، وانضم لهم الكهنة غير مبالين بمعاناة أهل مصر، وكلما ذهب إليهم مظلوم بشكوى طالبوه بالطاعة ووعده بحسن الجزاء فى الأخرة، بدلا من الانضمام إليهم فى وجه ظلم حكامهم.
عندما بلغ اليأس بالمواطنين من حكم بيبى الضعيف، خرج رجل يدعى «أيثوم» يحفز الناس على الثورة ضد الظلم، فانتشرت بين الناس دعاوى التمرد والعصيان، وقاموا بثورة طاحنة وصفها المؤرخون بأنها أول ثورة فى التاريخ، ووصفها الفراعنة وقتها أنها ثورة الرعاع، بينما كانت هى فى واقع الأمر أيضا أول ثورة جياع، الغريب أن الثورة بدأت بمجموعة من المنشورات والشعارات العميقة التى تعكس مطالب الشعب مثل: «الأرض لمن زرعها، والحرفة لمن احترفها، وليس للسماء وصاية على الأرض» واستمرت حوالى سبع سنوات سقطت الأسرة السادسة وكانت نهاية الدولة القديمة فى عصر الفراعنة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: محمود غلاب حكاية وطن حكم الملك الدولة المصرية الأسرة السادسة المصريون
إقرأ أيضاً:
ثورة في صناعة السيارات| الصين تعلن عن المصنع الأضخم عالميا والأكبر من سان فرانسيسكو
من قال إن الحجم لا يهم، لم يرَ ما يحدث في الصين. شركة BYD الصينية، الرائدة في صناعة السيارات الكهربائية، قلبت الموازين مجدداً بمشروع ثوري من حيث الضخامة والطموح. تخيل مدينة بحجم سان فرانسيسكو، والآن تخيل أن هذا الحجم خُصص لمصنع واحد فقط لإنتاج السيارات الكهربائية! هذه ليست مبالغة، بل حقيقة تحدث الآن في مقاطعة خنان الصينية.
منشأة تشنغتشو| أكثر من مجرد مصنعBYD، التي تفوقت على "تسلا" من حيث مبيعات السيارات الكهربائية، تبني حالياً منشأة "تشنغتشو" التي تُعد واحدة من أكثر المشاريع طموحاً في العالم. تمتد المنشأة بالفعل على مراحل متعددة، ومن المتوقع أن تصل مساحتها النهائية إلى 50 ميلاً مربعاً، أي ما يزيد بأكثر من عشرة أضعاف عن مصنع تسلا العملاق في نيفادا، والذي تبلغ مساحته 4.5 ميلاً مربعاً فقط.
ولن يكون المصنع مجرد مكان للإنتاج، بل هو مجتمع مكتفٍ ذاتياً، يحتوي على مبانٍ سكنية شاهقة، ملاعب لكرة القدم والتنس، ومراكز ترفيه، بالإضافة إلى البنية التحتية الصناعية الهائلة. آلاف الموظفين يعيشون بالفعل داخل هذا "الكيان الصناعي"، حيث تندمج الحياة الشخصية مع العمل في تجربة غير مسبوقة.
إنتاج ضخم واستراتيجية توسع مذهلةبعد اكتمال التوسعة، يُتوقع أن يتمكن المصنع من إنتاج أكثر من مليون سيارة كهربائية سنوياً، وهو رقم يجعل BYD على بُعد خطوات قليلة من تجاوز إجمالي إنتاج تسلا العالمي الذي بلغ 1.8 مليون سيارة في عام 2023.
وحتى الآن، يعمل في المنشأة نحو 60,000 موظف، مع خطط لزيادة العدد إلى 200,000 موظف حول العالم. ولتسهيل التوظيف، خصصت BYD موقعاً إلكترونياً لهذا الغرض، مع توفير مرافق لتخزين الأمتعة، وإقامة مجانية، ووجبات مدعومة لكل من يجتاز المقابلات والفحوص الطبية.
الجدل والنجاح| بين الشكوك والإنجازاتورغم النجاح الكبير، لم تسلم BYD من الانتقادات. البعض يرى أن توسعها السريع قد يتحول إلى "مدينة أشباح" مستقبلية في حال لم يُواكب بالطلب الكافي. لكن رئيس مجلس إدارة الشركة وانغ تشوانفو بدا واثقاً ومصراً على المضي قدماً، خاصة بعد أن سجلت BYD مبيعات قياسية بلغت 4.25 مليون سيارة كهربائية في عام 2024، ما يُعتبر رداً عملياً على المشككين.
مدينة المستقبل تبدأ من مصنعبينما لا تزال العديد من الدول تُخطط لمستقبل السيارات الكهربائية، فإن BYD تبنيه فعلياً على الأرض، وبحجم لم يسبق له مثيل. "تشنغتشو" ليست مجرد منشأة صناعية، بل هي نموذج لما قد تبدو عليه مدن المستقبل حيث يتلاقى العمل مع المعيشة، والإنتاج مع الابتكار، والطموح مع التنفيذ.
ومن الواضح أن BYD لا تنافس تسلا فقط، بل تضع معايير جديدة قد تُجبر الجميع على إعادة التفكير في كيف تُبنى مصانع القرن الحادي والعشرين.