- التوجهات الحكومية توسع خيارات التمويل وفرص الاستثمار للشركات والمؤسسات وتشجعها على تبنى أفضل ممارسات الشفافية والحوكمة

‏تشير أحدث تقارير البنك الدولي حول آفاق النمو العالمي إلى أن الفترة المقبلة ستشهد تراجعا لمعدل التضخم العالمي لكن بوتيرة أبطأ مما كان متوقعا، ويرجح أن تظل أسعار الفائدة المصرفية العالمية مرتفعة لتبقى عند متوسط 4 بالمائة خلال عامي 2025 و2026، أي ضعف متوسط أسعار الفائدة خلال الفترة 2000-2019.

وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية قامت غالبية البنوك المركزية العالمية برفع متوالي لأسعار الفائدة كإجراء ضروري لخفض معدلات السيولة المتاحة في الأسواق ودفع التضخم للتراجع، وقد أحدث رفع الفائدة بالفعل تأثيره المطلوب في تراجع معدلات التضخم عن الذروة التي كانت قد وصلت إليها قبل عامين، ومع هدوء وتيرة التضخم، بدأت البنوك المركزية العالمية بتثبيت أسعار الفائدة وتستعد لخفضها خلال الفترة المقبلة، لكن رغم هذا الخفض المتوقع ستبقى أسعار الفائدة المصرفية عند مستويات مرتفعة على المدى المتوسط والطويل مقارنة مع مستوياتها خلال العقد الماضي، مما يمثل عبئا على كلفة تمويل القطاع الخاص ويوجد ضغوطا على آفاق النمو الاقتصادي الذي يعتمد بشكل أساسي على توسع وتطور أنشطة القطاع الخاص.

وبنهاية الربع الأول من العام الجاري، تشير بيانات البنك المركزي العماني إلى أن المتوسط المرجح لأسعار الفائدة على الودائع بالريال العماني ارتفع إلى 2.642 بالمائة من 2.124 بالمائة في مارس 2023، فيما زاد المتوسط المرجح لأسعار الفائدة على القروض من 5.381 بالمائة إلى 5.563 بالمائة وارتفع متوسط الفائدة في سوق الإقراض ما بين البنوك لليلة واحدة من 5.073 بالمائة إلى 5.086 بالمائة خلال الفترة نفسها التي شهدت أيضا زيادة المتوسط المرجح على عمليات إعادة الشراء من 5.323 بالمائة إلى 6 بالمائة تماشيا مع سياسات بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.

وبالتزامن مع هذا الارتفاع في الفائدة، جاءت مبادرات التمويل المتنوعة التي طرحتها الحكومة لتمثل خطوة جديدة نحو حلحلة التحديات التي تواجه عمل القطاع الخاص والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتسهل تمويل المشروعات بكلفة مواتية خلال هذه الحقبة من ارتفاع أسعار الفائدة، وتربط هذه المبادرات ما بين تمويل القطاع الخاص وبين توجيه مشروعاته بشكل متزايد نحو تعزيز أداء القطاعات الاقتصادية المستهدفة كركائز للنمو في الخطة الخمسية العاشرة ورؤية «عمان 2040».

وضمن مبادرات التمويل المبتكر، يأتي تنفيذ خطط تطوير القطاع المالي وسوق رأس المال التي تشجع أيضا القطاع الخاص على تبنى أفضل ممارسات الشفافية والحوكمة من خلال الإدراج في بورصة مسقط وتوسعة أدوات التمويل المتاحة عبر سوق رأس المال الذي يملك إمكانيات واسعة في تمويل القطاع الخاص سواء من خلال إصدارات السندات والصكوك أو عمليات الطرح الأولي. ووفق الإحصائيات المتاحة التي صدرت عن هيئة الخدمات المالية، بلغ حجم التمويل الذي قدمه سوق رأس المال للقطاع الخاص في سلطنة عمان في عام 2022 ما يقارب ملياري ريال عماني، وهو ما يعادل 4 أمثال التمويل المقدم من القطاع المصرفي خلال العام نفسه، ومثلت أدوات الدين، ومنها سندات التمويل التي أصدرتها البنوك والشركات المدرجة في بورصة مسقط، ما نسبته 39 بالمائة من هذا التمويل، ومن المتوقع أن تساهم حزمة الحوافز التي سيتم منحها لشركات القطاع الخاص الراغبة في الإدراج في بورصة مسقط، ومنها الشركات العائلية، على تشجيع الإدراج في البورصة وتنشيط عمليات الاكتتاب الأولى. وتتضمن وسائل التمويل المبتكر التي انطلق نشاطها خلال الفترة الماضية منصات التمويل الجماعي عبر سوق رأس المال التي تقدم دعما كبيرا بشكل خاص للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، كما تفتح سوق الشركات الواعدة التي سيتم تأسيسها في بورصة مسقط أفقا متسعا لنمو هذه المؤسسات.

ومنذ تفشي الجائحة وما صاحبها من تأثير سلبي على مختلف الأنشطة الاقتصادية، شهد إقراض القطاع الخاص من قبل القطاع المصرفي نموا محدودا، ومع تعافي الأنشطة الاقتصادية بشكل جيد بدءا من عام 2022، حقق الائتمان المصرفي خلال العام الماضي نموا معقولا لكن تلبية متطلبات النمو الاقتصادي الطموحة خلال هذه المرحلة المهمة من التحول نحو التنويع الاقتصادي تتطلب تعدد مصادر وخيارات التمويل بما يلائم مختلف فئات الشركات والمستثمرين.

وتشير إحصائيات البنك المركزي العماني إلى أنه خلال الربع الأول من هذا العام، سجل إجمالي حجم الإقراض من قبل البنوك التجارية نموا محدودا بنسبة 0.8 بالمائة خلال الربع الأول من العام الجاري، وزاد من 24.2 مليار ريال عماني في نهاية الربع الأول من 2023 إلى 24.4 مليار ريال عماني بنهاية الربع الأول من العام الجاري، وتبلغ حصة القطاع الخاص من هذا الائتمان نحو 20.2 مليار ريال عماني وسجل الائتمان الموجه للقطاع الخاص نموا بنسبة 1.6 بالمائة، وفي قطاع الصيرفة الإسلامية زاد حجم التمويل بشكل جيد من 5.6 مليار ريال عماني بنهاية الربع الأول من 2023 إلى 6.3 مليار ريال عماني بنهاية الربع الأول من العام الجاري.

وإلى جانب التمويل من القطاع المصرفي، تأتي إتاحة مصادر متعددة للتمويل لتتيح خيارات أوسع للقطاع الخاص بما يواكب توجهات النمو الاقتصادي الطموحة إلى دعم وتوسعة قطاعات التنويع الاقتصادي، وامتصاص تأثيرات التشدد الحالي في بيئة الائتمان محليا وعالميا مما يحد من رغبة القطاع الخاص في الحصول على الائتمان المصرفي أو يرفع كلفة الائتمان اللازم لتوسعة أنشطة القطاع الخاص. وتزداد أهمية مبادرات التمويل مع توقيت طرحها الذي يتزامن مع مرحلة تستهدف خلالها سلطنة عمان تعزيز دور القطاع الخاص في قيادة نمو الاقتصاد وإتاحة خيارات وفرص متنوعة استثماريا وتمويليا لتشجيع القطاع الخاص على بدء مشروعات جديدة والتوسع في الأنشطة القائمة تمكينا لهذا القطاع من دوره في دعم النمو وقيادته نحو تحقيق مستهدفات أولوية الاقتصاد والتنمية في الرؤية المستقبلية «عمان 2040».

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الربع الأول من العام الجاری أسعار الفائدة فی بورصة مسقط سوق رأس المال القطاع الخاص للقطاع الخاص خلال الفترة ریال عمانی الخاص فی

إقرأ أيضاً:

المشاط: 4 مليارات دولار تمويلات ميسرة من شركاء التنمية للقطاع الخاص

كشف تقرير المتابعة الثاني للمنصة الوطنية لبرنامج «نُوَفِّي»، الذي أطلقته وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، تحت رعاية الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، عن تطورات تنفيذ مشروعات محور الطاقة ضمن البرنامج، الذي تم إطلاقه في يوليو من عام 2022، كما شهد مؤتمر المناخ COP27 توقيع خطابات النوايا ومذكرات التفاهم الخاصة بالبرنامج.

وأكدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أن مشروعات الطاقة ضمن برنامج «نُوَفِّي»، تأتي في ضوء توجيهات القيادة السياسة بالتوسع في مشروعات التحول الأخضر، ودعم قطاع الكهرباء والطاقة المتجددة، وتحقيق طفرة نوعية في هذا القطاع الحيوي، من أجل تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للطاقة المتكاملة والمستدامة التي تهدف إلى تعظيم مشاركة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة لتصل إلى 42% عام 2030 و 60 % بحلول عام 2040، وذلك بالشراكة والتعاون مع القطاع الخاص، موضحة أن الاهتمام بقطاع الطاقة ينعكس بشكل كبير على جهود تحقيق التنمية الاقتصادية وزيادة الاستثمارات في مختلف المجالات.

الموقف التنفيذي لمشروعات محور الطاقة

وأشار التقرير إلى التقدم في تنفيذ مشروعات محور الطاقة ضمن برنامج «نُوَفِّي»، الذي يهدف إلى إضافة 10 جيجاوات من قدرات الطاقة المتجددة، باستثمارات نحو 10 مليارات دولار، والتخلص التدريجي من 5 جيجاوات من توليد الطاقة بالوقود الأحفوري بحلول عام 2028، مع تعزيز وتطوير البنية التحتية للشبكة، ودعم استثمارات الشبكة القومية، وذلك بهدف دعم الاستراتيجية الوطنية.

وأوضح التقرير أنه من خلال الجهود المُشتركة بين وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، الذي يعد شريك التنمية الرئيسي بمحور الطاقة، إلى جانب وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة، والجهات الوطنية المعنية، فقد فإنه حتى نهاية العام الماضي تم التوقيع على اتفاقيات شراء الطاقة بين الشركة المصرية لنقل الكهرباء بسعة 4,2 جيجا وات وشركات القطاع الخاص (مثل اكوا باور السعودية ACWA POWER، مصدر وانفينتي، سكاتك النرويجية SCATEC، إيميا باور التابعة لشركة النويس الاماراتية AMEA POWER، اوراسكوم، حسن علام للمرافق HAU).

كما نجحت الجهود المبذولة في إتاحة تمويلات ميسرة للقطاع الخاص بقيمة 4 مليار دولار من شركاء التنمية مثل البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية EBRD، ومؤسسة التمويل الدولية IFC، وبنك التنمية الأفريقي AFDB، ومؤسسة التمويل البريطانية BII، وصندوق أوبك للتنمية الدولية OPEC FUND، وبنك اليابان للتعاون الدولي JIBC، والوكالة اليابانية للتعاون الدولي JICA، وصندوق المناخ الأخضر GCF، ومؤسسة DEG التابعة لبنك التعمير الألماني، وغيرهم من الشركاء.

كما تم إيقاف تشغيل محطات حرارية بقدرات تصل إلى 1200ميجاوات من أصل 5000 ميجاوات مستهدفة ضمن البرنامج، إلى جانب توفير التمويلات اللازمة للإغلاق المالي لعدد 7 مشروعات طاقة متجددة (رياح/شمسي).

سعر الدولار الأمريكي مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 13-3-2025الصناعه: الدولة تعمل على توفير بيئة عمل مناسبة ومتطورة

الدعم الفني لقطاع الطاقة

وفي سياق متصل، أشار التقرير إلى توفير الدعم الفني اللازم لتنفيذ المشروعات، وبدء تنفيذ عدة برامج دعم فني ومن أهمها تعزيز سلاسل التوريد الخضراء الذي سيساهم في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتعزيز توطين الصناعات الخاصة بمشروعات الطاقة المتجددة، وإعداد خطة رئيسية لإيقاف تشغيل محطات الطاقة الحرارية المستهدفة بشكل آمن وفعال، وتوفير تدريب العاملين للعاملين في قطاع الطاقة، هذا بالإضافة إلى تقديم الدعم لجهاز تنظيم مرفق الكهرباء لوضع القواعد التنظيمية لإنتاج الطاقة وبيعها للقطاع الخاص بنظام P2P، وإعداد الدراسات والقياسات الفنية لسرعة الرياح على مستوى الجمهورية، وإطلاق تقييم بيئي استراتيجي لمنطقة خليج السويس، شهادة ضمان المنشأ، كما الانتهاء من الاتفاقيات الخاصة بالتمويلات التنموية الموجهة لوزارة الكهرباء والطاقة المتجددة لتعزيز شبكة نقل الكهرباء (مراكز تحكم/ خطوط/ ومحطات/ وتوزيع) من شركاء التنمية مثل البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية EBRD، الوكالة الفرنسية للتنمية AFD، الاتحاد الأوروبي EU.

دعم الشبكة القومية لنقل الكهرباء

واستعرض التقرير الجهود المبذولة لإتاحة التمويلات التنموية الميسرة من شركاء التنمية لدعم الشبكة القومية لنقل الكهرباء، حيث تم التوقيع على مشروع تطوير الشبكة الذكية بقيمة إجمالية ٥٣ مليون يورو متضمنة ٣ مليون يورو منحة، بهدف إضافة 450 ميجـا وات لقدرة محطة أبيس للمحولات وتخفيف الأحمال بمدينة أبو قير الجديدة، ودعم استقرار الشبكة بعد خروج محطات الطاقة منخفضة الكفاءة من الخدمة وتحسين وصول الطاقة المتجددة التي يتم إنتاجها بمنطقة البحر الأحمر إلي المنطقة الساحلية الشمالية.

كما تم توقيع الاتفاقيات الخاصة بمشروع مركز التحكم الإقليمي بالإسكندرية مع الوكالة الفرنسية للتنمية بقيمة 60 مليون يورو متضمنة 10 ملايين يورو من الاتحاد الأوروبي، وفي سياق آخر أتاح بنك الاستثمار الأوروبي منحة بقيمة ٨٠٠ ألف يورو من الاتحاد الأوروبي ويديرها البنك لتنفيذ دراسة الجدوى لمشروع مراكز التحكم في التوزيع - المرحلة الثالثة.

الأثر التنموي لمشروعات محور الطاقة

ويتمثل الأثر التنموي لمحور الطاقة ضمن المنصة الوطنية لبرنامج "نُوَفِّي" في تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية 2050، للوصول الي نمو اقتصادي مستدام وتنفيذ خطة المساهمات المحددة وطنيًا، وذلك بخفض نحو 17 مليون طن سنويا من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، كما أنه يتسق مع أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالطاقة النظيفة والعمل المناخي واستدامة المجتمعات المحلية. ويسهم المشروع في توفير ١.٢ مليار دولار سنويًا كان يتم إنفاقها على توفير الوقود اللازم لتشغيل هذه المحطات.



 

مقالات مشابهة

  • قفزة تاريخية للذهب.. ما الأسباب الخفية وراء الارتفاع الجنوني؟
  • الذهب عند مستوى قياسي جديد ويقترب من 3000 دولار
  • الاسمر: لدمج الرواتب التي تعطى كمساعدات في القطاع العام ضمن أساس الراتب
  • جولد بيليون: سعر الذهب في مصر يستهدف أعلى مستويات خلال عام
  • المشاط: 4 مليارات دولار تمويلات ميسرة من شركاء التنمية للقطاع الخاص
  • وزير الطاقة السوداني: خطتنا تمكين القطاع الخاص وتحرير الوقود لتوفير النفط
  • إجازة عيد الفطر 2025 للقطاع الخاص والحكومي
  • مدبولي: استقرار وانخفاض التضخم سيساهم في انخفاض أسعار الفائدة الفترة المقبلة
  • استقرار أسعار الذهب عالميا خلال تداولات اليوم الأربعاء
  • الذهب يستقر مع ترقب الأسواق لبيانات التضخم الأمريكية