بوابة الوفد:
2024-09-28@05:12:19 GMT

جامعة الإمام أحمد زروق

تاريخ النشر: 20th, June 2024 GMT

الأمم التى تقدّر رموزها العلمية والدينية والمعرفية هى أمم أصيلة حية لا تموت أبداً، تحفظ ذاكرتها، وتعرّف الأجيال اللاحقة بمناقبهم ومعارفهم، ولا تزال تجمع بين الأصيل والجديد فيها، لتواجه كل غريب وارد يقدح فى هويتها الثقافية، أو يطعن فى رسوخ قيمها العريقة. أنا شخصياً سعدت سعادة بالغة حين علمت ممّا نشره صديقى الأستاذ الدكتور الطاهر سعد ماضى على صفحته بصدور قرار حكومة الوحدة الوطنية الليبية بمجلس الوزراء رقم (241) لسنة 2024م بإنشاء جامعة الإمام أحمد زرّوق للعلوم الشرعية، ومقرّها مدينة مصراته.

تضمّنت كليات الشريعة والقانون، وأصول الدين، والدراسات الإسلاميّة، والاقتصاد والمصارف الإسلامية، وكلية القرآن الكريم وعلومه، واللغة العربية. وإنشاء جامعة تحمل اسم الإمام أحمد زرّوق خبر يسعد كل من يعرف ما لهذا الإمام من قدر ومكانة، ومكانته فى ثقافتنا الإسلامية كمكانة ابن رشد الفلسفية لا تقل عنها.     

هو شهاب الدين أبو العباس أحمد بن محمد عيسى البُرُّنُسيّ المغربى الأصل. قيل إن الزَّرُّوق لقب أتاه من جهة جدَّه لأمه الذى كان أزرق العينين. والبُرنُّسى، نسبة لقبيلة البرانس التابعة لقبيلة تازة بالمغرب. ولد فى الثانى والعشرين من المحرَّم عام (846هـ). توفى عنه والداه وهو صغير وربَّته جدته (أم البنين) وكانت من الصالحات، تربية حسنة: علمته - كما يقول هو فى الكنّاش - الصلاة وهو ابن خمس سنين، وأدخلته الكتّاب فى هذه السن، فتعلم من تلك المرأة الصالحة التوحيد والتوكل والإيمان والديانة بطريق عجيب. حدثته بحكايات الصالحين وأهل التوكل ولم تكلمه عن الخرافات والأباطيل، ودرَّبته وهو لم يزل صغيراً على نقد الكتب.

ويبدو أن هذه الدُرْبة المبكرة على نقد الكتب: إعمال العقل فيما يقرأ، ونقد ما يقرأ، قد أسفرت عن نزعة نقدية مُمَنْهَجَة، أثمرت فى حقل التصوف ثمارها الطيبة التى لا يخطئها بصر الناظر بالجملة فى كتابات الشيخ. ولعل هذه الدُرْبة الأولية هى التى قادته مبكراً إلى ما يقود وعى القارئ النابه نحو التحقق فيما عساه يقرأ ثم يفهم وينقد ما يقرأ على وعى من أمره وعلى بصيرة. 

فلما بلغ سن الرشد طلب العلم وكان له فى طلبه رحلات بين المغرب والمشرق. وأقام بمصر مُدة وتتلمذ فيها على عدد من أعلام الشيوخ فى الفقه والحديث والتصوف، وعلا كعبه فبرز وذاع صيته. ولفت نظر علماؤها هناك حتى قال عنه مؤرخ الصوفية الأشهر المناوى فى طبقاته: عابدُ من بحر العِبَر يغترف، وعالم بالولاية يتصف، تحلى بعقود القناعة والعفاف، وبرع فى معرفة الفقه والأصول والتصوف والخلاف، خطبته الدنيا فخطب سواها، وعرضت عليه المناصب فردَّها وأباها. 

وهى تعبيرات دالة ومعبِّرة على شخص العارف بالله أحمد زرَّوق كما تنطق بها كتاباته وتتكشف لنا فيها ملامح شخصيته. 

ومن مصر ارتحل إلى الجزائر ومكث فيها فترة من الزمن، ثم رجع إلى وطنه بفاس (المغرب) إلى أن حدثت بينه وبين أحد شيوخها جفوة، فتركها ونزل مصراتة عام (886هـ)، ولقى من أهلها كل تقدير وتكريم كعادة الحفاوة الليبية، فكانت له موطناً ومستقراً. وفى عام (894هـ) توجَّه إلى الحج، ومنه زار القاهرة حيث استقر بها قليلاً، فألقى بعض الدروس بالجامع الأزهر، ثم رجع إلى مصراتة وقضى بها السنوات الأربع الباقية من عمره، إلى أن توفاه الله فى الثامن عشر من صفر عام (899هـ) بعد رحلة كفاح مضنية ذاق فيها طعم الجهاد الروحى ومعاناة التجربة الصوفية وفتوح العرفان والكتابة فى هذا الميدان بمداد مُعبَّق بعبق الروح وخلاصة المعارف الذوقيّة. 

ولا يعقل أن تكون هنالك جامعة مؤسسة تحمل اسم الإمام أحمد زروق وهى لا تعنى عناية شديدة بتراثه المعرفى، وبخاصة إذا علمنا أن بعض مؤلفاته وشروحاته لم تزل حتى اليوم مخطوطات، فلا أقل من توافر قطاع الدراسات العليا بالجامعة على تحقيق هذه المخطوطات والعناية بها ونشرها بين الناس. 

سبقت الجامعة الأسمريّة التى تحمل اسم الإمام عبدالسلام الأسمر (981 هـ - 1573م)، فكانت امتداداً لمركزه الإسلامى الذى أسسه يومذاك فى مدينة زلتين غرب ليبيا (سنة 912هـ - 1491م)، علامة على جهوده الإصلاحية، مسجد ومدرسة لتعليم القرآن بالإضافة إلى مختلف العلوم الإسلامية ومرافق العمل الدعوى والاجتماعى الخدمى، يُدَرّس فيه القرآن الكريم والفقه المالكى والعقيدة والسلوك والتربية وعلوم الترقية، ولم تنقطع تلاوة القرآن ولا التمسك بالتعاليم الإسلامية من زاوية الأسمر منذ تأسيسها قبل أكثر من 500 عام. 

فلن تكون هذه بأقل من تلك، وكما شرح الزَّرُّوق صحيح البخارى وعلق عليه، وكتب حاشية على صحيح مسلم وجزءاً فى علم الحديث ورسالة فى مصطلح الحديث، كذلك شرح بعض كتب التّصوف بوجد متفرِّد عال وذوق راق بصير، وهو عجيب لافت للنظر: أنْ يجمع شيخنا بين عقلانية المنطق ووجد المتصوف ويفيض أسلوبه مع هذا بقوة روحية ورمزية عالية تجذب المنطقيَّ العقلانى بمقدار ما تشبع نهم المتصوف الروحانى بكل تأكيد.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: د مجدى إبراهيم قرار حكومة الوحدة الوطنية الليبية الأستاذ الدكتور الإمام أحمد

إقرأ أيضاً:

حمدان بن محمد يزور جامع «حضرة الإمام» في أوزبكستان

طشقند (الاتحاد)

أخبار ذات صلة خالد بن محمد بن زايد: نعتز بأفراد وجنود وضباط القوات المسلحة «مجلس محمد بن زايد» يستضيف محاضرة «التكنولوجيا الخضراء الطريق نحو مستقبل مستدام»

زار سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع، جامع «حضرة الإمام» في طشقند.
واستمع سموّه خلال الجولة، التي شملت أروقة الجامع وباحته الخارجية، إلى شرح حول هذا الصرح الديني الكبير الذي يُعد من أبرز رموز الطراز المعمار الإسلامي المميز في أوزبكستان، وعن أهميته من الناحية التاريخية كونه يعتبر أحد أهم المعالم السياحية في العاصمة طشقند، وأسلوب البناء المستخدم في تشييده، والذي رُوعي فيه تزيين جدرانه بمجموعة مميزة من النقوش والزخارف الإسلامية المميزة.
كذلك استمع سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، خلال الجولة إلى شرح حول المكتبة الضخمة التي يضمها جامع حضرة الإمام، والتي تشمل مجموعة كبيرة من الكتب، يصل عددها إلى نحو 20 ألف كتاب، إضافة إلى المخطوطات النادرة والتي تُقدّر بنحو 3 آلاف مخطوطة.
واطلع سموّه ومرافقوه على ملامح مهمة من تاريخ الجامع ومرافقه المختلفة، والذي يُعد بين أبرز معالم الحضارة الإسلامية في مدينة طشقند، ويتمتع بمكانة مميزة بين أهم المعالم الأثرية والسياحية في جمهورية أوزبكستان، إذ يعود تاريخ بناء أجزاء منه إلى العام 975 ميلادي، فيما تم إعادة بناء جامع حضرة إمام في العام 2007 على الطراز المعماري الإسلامي.

مقالات مشابهة

  • حمدان بن محمد يزور جامع «حضرة الإمام» في أوزبكستان
  • حمدان بن محمد يزور جامع «حضرة الإمام» في طشقند
  • سورة الكهف.. حصن الأمان وأفضل ما يقرأ في يوم الجمعة
  • إدراج 18 عالما من جامعة المنيا ضمن الـ2% الأكثر تأثيرا في العالم
  • جامعة أسيوط تنظم ندوة تحت عنوان من أجل سماء زرقاء ومنع تلوث الهواء
  • شومان تنظم فعالية “ماراثون القراءة” تحت شعار “الأردن يقرأ”
  • جامعة الأقصر تنظم مسابقة في حفظ القرآن الكريم احتفالاً بالمولد النبوي الشريف
  • مجلس جامعة الأزهر يهنئ د. محمد عبد المالك بتجديد تعيينه نائبًا لرئيس الجامعة
  • تجديد تعيين الدكتور محمد عبدالمالك نائبًا لرئيس جامعة الأزهر للوجه القبلي بأسيوط 
  • الصبيحي: على رئيس الحكومة جعفر حسّان أن يقرأ هذه الأرقام بإمعان