بوابة الوفد:
2024-12-22@22:16:05 GMT

جامعة الإمام أحمد زروق

تاريخ النشر: 20th, June 2024 GMT

الأمم التى تقدّر رموزها العلمية والدينية والمعرفية هى أمم أصيلة حية لا تموت أبداً، تحفظ ذاكرتها، وتعرّف الأجيال اللاحقة بمناقبهم ومعارفهم، ولا تزال تجمع بين الأصيل والجديد فيها، لتواجه كل غريب وارد يقدح فى هويتها الثقافية، أو يطعن فى رسوخ قيمها العريقة. أنا شخصياً سعدت سعادة بالغة حين علمت ممّا نشره صديقى الأستاذ الدكتور الطاهر سعد ماضى على صفحته بصدور قرار حكومة الوحدة الوطنية الليبية بمجلس الوزراء رقم (241) لسنة 2024م بإنشاء جامعة الإمام أحمد زرّوق للعلوم الشرعية، ومقرّها مدينة مصراته.

تضمّنت كليات الشريعة والقانون، وأصول الدين، والدراسات الإسلاميّة، والاقتصاد والمصارف الإسلامية، وكلية القرآن الكريم وعلومه، واللغة العربية. وإنشاء جامعة تحمل اسم الإمام أحمد زرّوق خبر يسعد كل من يعرف ما لهذا الإمام من قدر ومكانة، ومكانته فى ثقافتنا الإسلامية كمكانة ابن رشد الفلسفية لا تقل عنها.     

هو شهاب الدين أبو العباس أحمد بن محمد عيسى البُرُّنُسيّ المغربى الأصل. قيل إن الزَّرُّوق لقب أتاه من جهة جدَّه لأمه الذى كان أزرق العينين. والبُرنُّسى، نسبة لقبيلة البرانس التابعة لقبيلة تازة بالمغرب. ولد فى الثانى والعشرين من المحرَّم عام (846هـ). توفى عنه والداه وهو صغير وربَّته جدته (أم البنين) وكانت من الصالحات، تربية حسنة: علمته - كما يقول هو فى الكنّاش - الصلاة وهو ابن خمس سنين، وأدخلته الكتّاب فى هذه السن، فتعلم من تلك المرأة الصالحة التوحيد والتوكل والإيمان والديانة بطريق عجيب. حدثته بحكايات الصالحين وأهل التوكل ولم تكلمه عن الخرافات والأباطيل، ودرَّبته وهو لم يزل صغيراً على نقد الكتب.

ويبدو أن هذه الدُرْبة المبكرة على نقد الكتب: إعمال العقل فيما يقرأ، ونقد ما يقرأ، قد أسفرت عن نزعة نقدية مُمَنْهَجَة، أثمرت فى حقل التصوف ثمارها الطيبة التى لا يخطئها بصر الناظر بالجملة فى كتابات الشيخ. ولعل هذه الدُرْبة الأولية هى التى قادته مبكراً إلى ما يقود وعى القارئ النابه نحو التحقق فيما عساه يقرأ ثم يفهم وينقد ما يقرأ على وعى من أمره وعلى بصيرة. 

فلما بلغ سن الرشد طلب العلم وكان له فى طلبه رحلات بين المغرب والمشرق. وأقام بمصر مُدة وتتلمذ فيها على عدد من أعلام الشيوخ فى الفقه والحديث والتصوف، وعلا كعبه فبرز وذاع صيته. ولفت نظر علماؤها هناك حتى قال عنه مؤرخ الصوفية الأشهر المناوى فى طبقاته: عابدُ من بحر العِبَر يغترف، وعالم بالولاية يتصف، تحلى بعقود القناعة والعفاف، وبرع فى معرفة الفقه والأصول والتصوف والخلاف، خطبته الدنيا فخطب سواها، وعرضت عليه المناصب فردَّها وأباها. 

وهى تعبيرات دالة ومعبِّرة على شخص العارف بالله أحمد زرَّوق كما تنطق بها كتاباته وتتكشف لنا فيها ملامح شخصيته. 

ومن مصر ارتحل إلى الجزائر ومكث فيها فترة من الزمن، ثم رجع إلى وطنه بفاس (المغرب) إلى أن حدثت بينه وبين أحد شيوخها جفوة، فتركها ونزل مصراتة عام (886هـ)، ولقى من أهلها كل تقدير وتكريم كعادة الحفاوة الليبية، فكانت له موطناً ومستقراً. وفى عام (894هـ) توجَّه إلى الحج، ومنه زار القاهرة حيث استقر بها قليلاً، فألقى بعض الدروس بالجامع الأزهر، ثم رجع إلى مصراتة وقضى بها السنوات الأربع الباقية من عمره، إلى أن توفاه الله فى الثامن عشر من صفر عام (899هـ) بعد رحلة كفاح مضنية ذاق فيها طعم الجهاد الروحى ومعاناة التجربة الصوفية وفتوح العرفان والكتابة فى هذا الميدان بمداد مُعبَّق بعبق الروح وخلاصة المعارف الذوقيّة. 

ولا يعقل أن تكون هنالك جامعة مؤسسة تحمل اسم الإمام أحمد زروق وهى لا تعنى عناية شديدة بتراثه المعرفى، وبخاصة إذا علمنا أن بعض مؤلفاته وشروحاته لم تزل حتى اليوم مخطوطات، فلا أقل من توافر قطاع الدراسات العليا بالجامعة على تحقيق هذه المخطوطات والعناية بها ونشرها بين الناس. 

سبقت الجامعة الأسمريّة التى تحمل اسم الإمام عبدالسلام الأسمر (981 هـ - 1573م)، فكانت امتداداً لمركزه الإسلامى الذى أسسه يومذاك فى مدينة زلتين غرب ليبيا (سنة 912هـ - 1491م)، علامة على جهوده الإصلاحية، مسجد ومدرسة لتعليم القرآن بالإضافة إلى مختلف العلوم الإسلامية ومرافق العمل الدعوى والاجتماعى الخدمى، يُدَرّس فيه القرآن الكريم والفقه المالكى والعقيدة والسلوك والتربية وعلوم الترقية، ولم تنقطع تلاوة القرآن ولا التمسك بالتعاليم الإسلامية من زاوية الأسمر منذ تأسيسها قبل أكثر من 500 عام. 

فلن تكون هذه بأقل من تلك، وكما شرح الزَّرُّوق صحيح البخارى وعلق عليه، وكتب حاشية على صحيح مسلم وجزءاً فى علم الحديث ورسالة فى مصطلح الحديث، كذلك شرح بعض كتب التّصوف بوجد متفرِّد عال وذوق راق بصير، وهو عجيب لافت للنظر: أنْ يجمع شيخنا بين عقلانية المنطق ووجد المتصوف ويفيض أسلوبه مع هذا بقوة روحية ورمزية عالية تجذب المنطقيَّ العقلانى بمقدار ما تشبع نهم المتصوف الروحانى بكل تأكيد.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: د مجدى إبراهيم قرار حكومة الوحدة الوطنية الليبية الأستاذ الدكتور الإمام أحمد

إقرأ أيضاً:

رئيس جامعة جنوب الوادى يستقبل فريق نوارة الفائز فى مسابقات برنامج GEN Z

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

استقبل الدكتور أحمد عكاوى رئيس جامعة جنوب الوادى فريق  " نوارة  "بجامعة جنوب الوادي  وهو الفريق الذى  أبدع  في
برنامج    "  Gen Z "  أول برنامج مسابقات لدعم المبتكرين من طلاب الجامعات ويشجع على تقديم افكار ريادية وابتكارية   وحصل  علي دعم 850 الف جنيها  نتيجة مشاركته المتميزة   ،
حضر الاستقبال الدكتور أشرف محمد  أبو الوفا  عميد كلية الصيدلة  والدكتورة عبير سعد الاستاذة  بقسم الصيدلانيات بكلية الصيدلة جامعة جنوب الوادي
قدم رئيس الجامعة التهنئة للطلاب المبدعين  وحرص  على الاستماع  لتجربتهم في  مشروعهم  الريادي  الذى يُحوّل نواة التمر إلى مستحضرات تجميل طبيعية
وأشاد رئيس الجامعة بالإنجاز الذى حققه طلاب الجامعة مؤكداً أن الجامعة تعمل جاهدة على  اكتشاف المبدعين والمتميزين ودعمهم معنويًا وماديًا، ما يعزز مواكبتهم لمستجدات العصر ومتغيراته المتسارعة، مما يسهم في تحقيق  رؤية مصر  2030
حيث قام الطلاب بتقديم شرح تفصيلي لطبيعة المشروع الذي قدم  حلول  لمشكلتين رئيسيتين  وهو  الهدر الكبير لنواة التمر، التي تمثل أكثر 25% من إجمالي التمور، خاصة أن مصر تُعد الأولى عالميًا في إنتاج التمور، وخاصةً أن هذا الهدر يتم التخلص منه بطرق غير صحيحة والمشكلة الثانية هى  الاعتماد على المواد الكيميائية فى مستحضرات التجميل مما يشكل خطورة على صحة المستهلكين  وتحدث الشباب عن نجاحهم  في تحويل نواة التمر - التي كانت مهملة - إلى مستحضرات تجميل طبيعية ذات خواص علاجية وتجميلية، غنية بمضادات الأكسدة، لتكون بديلًا صحيًا وفعّالًا للمنتجات الكيميائية المتداولة
وعن اسم المشروع  أشار الطلاب  أنه مستوحى من تراث الحضارة المصرية القديمة ويجسد  الجمال والحكمة في تقديم منتجات طبيعية تعكس أصالة البيئة المصرية وحلولها المستدامة
الجدير بالذكر انه  أشرف على فريق نوارة   كلا من الدكتورة عبير سعد  الاستاذة بقسم الصيدلانيات بكلية الصيدلة و الدكتور هانى احمد عطا الله منسق صندوق رعاية المبتكرين ومدير مركز اكتشاف ورعاية الطلاب الموهوبين بالجامعة  وضم الفريق كل من محمد الديباج  خالد  بكلية طب الفم والأسنان ومها عبد الفتاح عبادى ورحاب محمود عبد الموجود وعمر محمد  بكلية التجارة ومهند عبد الباسط  واحمد محمد مدين  بكلية الصيدلة   و أحمد كمال علي  وريناد عبد الحكيم  واسراء ابراهيم وسلفانا أيمن  بكلية الزراعة ويارا صلاح  وبهاء عبد الرحيم ومازن أحمد  بكلية العلوم  ورنا محمد بكلية الحقوق  وأمل أحمد بكلية الإعلام

مقالات مشابهة

  • رئيس جامعة الزقازيق يشهد فعاليات حفل ختام مهرجان المسرح للفصل الواحد
  • جامعة أسيوط تنظيم الكرنفال السنوي للأنشطة الطلابية
  • جامعة الفيوم تحتفل باليوم العالمي للغة العربية.. صور
  • رئيس جامعة جنوب الوادى يستقبل فريق نوارة الفائز فى مسابقات برنامج GEN Z
  • 3 مرات ظهرت فيها دينا الشربيني بفستان الزفاف.. آخرها فيلم الهنا اللي أنا فيه
  • جامعة الملك عبدالعزيز تدشن مسابقة “شاعر الجامعة” في نسختها الجديدة
  • التوفيق: وزارة الأوقاف تعمل حاليا على ترجمة معانى القرآن الكريم إلى الأمازيغية
  • طلاب إعلام أسيوط ينظمون حملة توعية بمستشفى الأورام الجامعي
  • جامعة الفيوم تفتتح مركز خدمة الطلبة ذوى الإعاقة
  • لماذا كان الرسول يقرأ السجدة والإنسان في فجر الجمعة؟.. حكم التكاسل عنهما