حرب السودان والمجتمع الدولى وبخلاء الجاحظ
تاريخ النشر: 20th, June 2024 GMT
???? الرأى اليوم
*حرب السودان والمجتمع الدولى وبخلاء الجاحظ*
✍️صلاح جلال
(١)
???? لقد أظهرت حرب السودان خلال الخمسة عشر شهر المنصرمة كل ثقوب النظام الدولى الجديد وكيفية إدارته للمسرح العالمى بالمقطوعية Pits & Pieces وسياسة النفير بين التكتلات الدولية المتصارعة على النفوذ حول العالم خاصة فى مجلس الأمن الدولى حيث تتجمع سُحب الحرب الباردة كما كانت فى الماضى القريب فصار مجلس الأمن الدولى الراعى للسلم والأمن الدوليين نادى للكلام دون إنتاج والتحركات الدولية والإقليمية كبخلاء الجاحظ يضعون عظمهم ولحمهم فى طنجرةٍ (حلة ) واحدة شكلاً وكل واحد يربط قطعته بخيط ويمسك بطرفها خارج الطنجرة يتشاركون المرق ولكن لايتقاسمون اللحم والعظم مما يُطيل معاناة الضحايا فى الإنتظار ويمنح العابثين المستهترين بالأرواح والمصالح مزيد من الفرص دون مواجهة ضغوط حقيقية للتفاوض بحسن نيه لإنهاء المعاناة وهم يخرِجون طرف ألسنتهم إستهزاءاً بالعقوبات الشكلية والبيانات الفاضية وخمج التى لاتوصل لقمة لجائع وجرعة دواء لمريض .
(٢)
???? منذ إندلاع الحرب فى السودان ١٥ أبريل ٢٠٢٣ ظهرت مبادرة منبر جدة تحت رعاية المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية *كإطار جاد وفاعل أعطى الأمل للضحايا بقرب الحلول التفاوضية* لوقف إطلاق النار وإنهاء العدائيات وفتح الممرات الآمنة للمعونات الإنسانية والإنتهاء لعملية سياسية شاملة تستعيد المسار الديمقراطى وتجدد أهداف ومبادئي ثورة ديسمبر المجيدة مازال منبر جدة يراوح مكانه لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى ، لحق به تدخل الإتحاد الأفريقى بمبادرة وعِدة إجتماعات ضاجه للتنسيق الإقليمى والدولى وتفويض اللجنة الرباعية لمنظمة الإيجاد بوضع إطار تنفيذى لعملية سياسية تحت رعايتة ودعوة قيادات طرفى الحرب للاجتماع المباشر بين الفريقين (البرهان وحميدتى) وإنتهت قراراته لتكوين لجنة عليا من رؤساء أفارقة ووزراء خارجية سابقين لمتابعة ملف إنهاء الحرب فى السودان مازالت مسافرة بين الدول ، ثم جاء منبر دول جوار السودان الذى عقد ثلاثة إجتماعات إحداها على مستوى الرؤساء، لم تنقطع طوال هذه المدة إجتماعات مجلس الأمن الدولى حول الحالة فى السودان بلا ثمرة.
(٣)
????جاء أخيراً الإسبوع الماضى إجتماع الجامعة العربية الشامل الشامل لكل أصحاب المبادرات بحضور كل المنظمات الإقليمية والدولية بغرض تنسيق الملعب والضغط الدولى لوقف الحرب وفى إطاره وجهت جمهورية مصر العربية الدعوة لكل القوى المدنية السودانية *عدا المؤتمر الوطنى* للإجتماع فى القاهر لوضع إطار للعملية السياسية قبل أن يجف مداد بيان جامعة الدول العربية الذى يهدف لتنسيق الدور الإقليمى والدولى خرج علينا الإتحاد الافريقى بتوزيع رقاع الدعوة لكافة القوى المدنية السودانية لإجتماع عاجل منتصف شهر يوليو لتوحيد الموقف السياسى المدنى متجاوزاً دعوة القاهرة لإجتماع مشابه فى الغرض والتوقيت والأهداف وإنتهت صيحة جامعة الدول العربية لتنسيق المبادرات كأنها لم تكن فى مشهد عبثى متكرر ، لكى تنجح أى مبادرة فى كسر حاجز الجمود لابد لها من تأثير على طرفى الحرب أو ما يعرف فى الدبلوماسية بال
lev·er·ag·ing. to use a quality force or advantage to obtain a desired effect or result
يتحقق ذلك بإستخدام الجذرة والعصا فمن الواضح أن كل المبادرات المطروحة تفتقر للتنسيق اللازم والعصا الضرورية لإجبار أطراف النزاع على قبول مبدأ الحلول المتفاوض عليها ، مبادرات لأطراف مثل [القوات المسلحة + الدعم السريع] قوى متحاربه فاقدة للحساسية السياسية والإلتزام الأخلاقى فى الإحساس بمعاناة المدنيين *لكى تنجح هذه المبادرات لابد لها من أسنان* تلزمهم بالحضور الجبرى لطاولة المفاوضات هذا هو جوهر خلل المبادرات المطروحة لحل قضية الحرب فى السودان.
(٤)
????الخطوة اللازمة فى الإتجاه الصحيح ذاتياً هى حشد الجبهة المدنية الداخلية كما فعل مؤتمر (تقدم) الذى وضع الأساس لرفض الحرب من خلال جبهة مدنية عريضة تنزع المشروعية عن خطاب الكراهية والقتال وتطالب بوقفهم فورا من خلال العرائض والوقفات الإحتجاجية فى الداخل فى مناطق سيطرة الطرفين وفى الخارج تفعيل الجاليات فى كل أنحاء العالم - *كيف لنا أن نحقق تنسيق الدور الإقليمى والدولى وتفعيله وتوحيد أهدافه فى ظل عالم منقسم لدوافع مختلفه*؟؟ *التضامن الدولى ضرورة لاغنى عنها لكل الشعوب المناضلة* يجب تحديد أهداف واضحة للمبادرات الإقليمية والدولية وحصرها فى وقف القتال والوصول لوقف طويل المدى لإطلاق النار ومن ثم وقف العدائيات الدائم والترتيبات الأمنية والخطوة الثانية التى تساعد فى توحيد المجتمع الدولى الحالة الإنسانية الحرِجة وخطر المجاعة والتوجه الفاعل لحماية المدنيين والتدخل الدولى لإعتبارات إنسانية وفقاً لميثاق الأمم المتحدة والسوابق الدولية فى هذا السياق ، *إذا لم تنجح هذه الأهداف الواضحة فى توحيد مجلس الأمن الدولى لتفعيل ميثاق الأمم المتحدة جماعيا* *لحماية المدنيين لم يتبقى خيار غير تحالف الراغبين الدولى* لضمان سلامة المدنيين فى السودان الذى يمكن تحقيقة بإرادة دولية جزئية بقيادة أوربية وأمريكية وأفريقية وعربية وبعض الدول الآسيوية لفرض حظر سلاح شامل لطرفى الحرب من الجو والبحر وحظر طيران وفرض ممرات آمنة لتوصيل كل الإحتياجات الإنسانية وتشكيل قوة سلام دولية أو أفريقية على الأرض لفرض وقف شامل لإطلاق النار فى كل أنحاء البلاد ، يتم حشد دبلوماسي واضح من كل الفاعلين الدوليين المهتمين والمتضامنين مع الشعب السودانى فى محنته الراهنة كخيار ثانى معلن كعصا *إذا رفضة أطراف الحرب الجلوس للتفاوض بحسن نية* وقبول الحلول السلمية ومعالجة القضية الإنسانية الملحة التى وصلت مراحل الخطر وفق كل المؤشرات الدولية كأسوأ حالة إنسانية كارثية محتملة فى عالم اليوم .
(٥)
????????ختامة
هذه هى خريطة الطريق الجادة التى تفعل المبادرات المطروحة لوقف الحرب من خلال التصعيد الشعبى والتضامن الدولى مستخدمين جذرة دبلوماسية نشطة لوقف الحرب وعصا دولية قاصدة لإستخدام فعلى للقوة الجبرية ، *إنى خيرتُك فأختارى بين الجذرة والعصا* ولايترك حبل المهلة على الجرار لمن لايرعوى ولايهتم لمعاناة المواطنين .
*إذا كانَت الطّباع طباع سوءٍ فلا أدبٌ يفيد ولا أديبُ*
١٩/٦/٢٠٢٤
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: مجلس الأمن الدولى فى السودان
إقرأ أيضاً:
د. محمد سليم شوشة: استخدام الذكاء الاصطناعي في اللغة يُهدد الحضارة العربية
أكد محمد سليم شوشة، الأستاذ بجامعة الفيوم، أن المخاطر والتحديات التى تواجه الثقافة العربية بوضعها الراهن وسُبل تعاملها مع الذكاء الاصطناعى، دفعته لتأليف كتابه الجديد «فخ الحضارة»، للإجابة عن الأسئلة الشائكة التى تتمحور حول هذه الإشكالية المستحدثة، وتناول مدى تأثيرها على اللغة ومستقبلها، فى ظل تغيير كثير من الأنماط التعليمية.
وأشار فى حوار لـ«الوطن»، إلى الأسباب المؤدية إلى عجز الآلة المتوقع عن التعامل مع اللغة العربية التى يتطلب فهمها جهداً عميقاً من الإنسان، وتداعيات كل ذلك على المواطن العربى فى المستقبل القريب، كما طرح عدداً من الحلول المطروحة لحل تلك المعضلة.
ما دوافع تأليف كتابك «فخ الحضارة» عن الذكاء الاصطناعى؟
- تخصّصى الدقيق فى الدراسات الأدبية، ونقطة التلاقى بين الأدب والذكاء الاصطناعى كانت تخصّص الإدراكيات، أى نقطة تلاقى العلوم الإنسانية والتطبيقية، ولما تكرر ذكر الذكاء الاصطناعى فى الإدراكيات بدأت ألتفت إلى هذا الجانب، وكان هو المدخل الذى دفعنى إلى الاهتمام بالذكاء الاصطناعى واللغة العربية، ونقطة التحول فى التكنولوجيا بسبب تحول الذكاء الاصطناعى إلى التعامل مع اللغة الطبيعية، بدلاً من لغة الأرقام القديمة، إذاً التكنولوجيا صارت تتعامل مثل الإنسان بالدرس والاستيعاب والفهم، وهى نقطة تحول خطيرة من المفترض أن تُنبه المشتغلين بالدراسات اللغوية والأدبية إلى هذا التحول فى الحضارة الإنسانية، وأنا تنبّهت إلى هذه الخطورة، لأن الذكاء الاصطناعى أصبح متصلاً بعملى ومجالى، وهو ما غفل عنه المتخصّصون فى دراسات اللغة العربية.
ما القضايا التى يناقشها الكتاب؟
- الكتاب لا يتعامل مع الإشكاليات العامة والآثار الاجتماعية لهذا التطور الهائل المتمثل فى ثورة الذكاء الاصطناعى، فهى أمور مطروحة بكثرة عند كل الأمم، وأنا ركّزت على ما يخصّنا نحن فى الثقافة العربية، لذلك يناقش الكتاب آثار ثورة الذكاء الاصطناعى على اللغة العربية والثقافة العربية، وما يتحتّم علينا فعله فى هذه الحالة لمواجهة هذه المخاطر الناجمة عن الذكاء الاصطناعى، لأن التطور التكنولوجى الأخير أصبح محاكاة لعمل الخلايا العصبية وعقل البشر، أى إن الآلة أصبحت تفهم الجملة وتستوعب المعنى وتجيب عن الأسئلة، وهذا التحول لم يحدث فجأة لكن بدأ العمل عليه منذ سنوات، واكتمل خلال السنوات الأخيرة، فالآلة أصبحت تُفكر وتتعامل مع اللغة، وبإمكانها تأليف نصوص مكتوبة.
وبالتالى لديها القدرة على تعليم اللغات، مثل اللغة الإنجليزية، لكنها فى المقابل تتعامل مع اللغة العربية بصعوبة وبمعالجة غير عميقة، فمن الصعب على الذكاء الاصطناعى أن يتعلم اللغة العربية بشكل عميق، فى الوقت الذى لم يفهم فيه أهل اللغة العربية أنفسهم لغتهم بالشكل الكافى أو كما يجب، وبالتالى فالذكاء الاصطناعى أمامه صعوبات فى التعامل العميق مع لغتنا، مع أنه من المفترض أن يعلم كل اللغات طالما تعلمها أو تم استخلاص أنماطها بدقة وعمق.
حدّثنا عن سبب عجز الآلة عن التعامل مع اللغة العربية.
- المشكلة تكمن فى تأخر فهمنا نحن للغتنا، وهو ما يُصعّب تعامل اللغة العربية مع التكنولوجيا، ويتمثّل هذا العجز ويتجلّى فى المعالجة السطحية للغة حين يتعامل معها الذكاء الاصطناعى، وهناك أيضاً فجوة فى مستوى تعامله مع بعض اللغات الأخرى، والأمر ليس مقصوراً على اللغة العربية، الأمر الذى يُحتم علينا طرح بعض الأسئلة، منها مثلاً: هل النحو القديم بطريقته يصلح أو مناسب للذكاء الاصطناعى وعقل الآلة؟ هل التركيز على فكرة تعليم القاعدة النحوية وتحفيظها فقط، والتعليم بألفية ابن مالك يساعد فى تطوير اللغة العربية؟ هل هو مُجدٍ ويُكسِب المتعلمين الملكة اللغوية التى نحتاجها أكثر ممّا نحتاج تحفيظ القاعدة، فهذه بعض الأفكار والأسئلة التى يطرحها الكتاب.
وأرى أيضاً أن هناك أكثر من مشكلة أخرى فى تعامل الذكاء الاصطناعى مع اللغة العربية، تم طرحها ومناقشتها فى الكتاب وطرح طرق تداركها أو حلها، فهذه هى المشكلات التى تُمثل عقبات من شأنها أن تخلق مشكلة فى تعامل الذكاء الاصطناعى مع اللغة العربية، ومنها ما يخص البلاغة، فهل الباحثون والمتخصّصون فى اللغة مُدركون للمخاطر التى تواجهها اللغة العربية مع الذكاء الاصطناعى، وكيف يمكننا تعليمها للذكاء الاصطناعى.
مَن المنوط به تعليم اللغة العربية للذكاء الاصطناعى؟
- هى مهمة علماء اللغة فى المقام الأول، لأن الذكاء الاصطناعى يتعلم بنظام الأنماط، أى إنه يكتسب هذه الأنماط، ولذلك يجب على الباحثين فى اللغة العربية أن يُفكروا فى فهم جديد للغة العربية يمكنهم من تعليم الذكاء الاصطناعى لغتنا، ليُفكر معنا داخل لغتنا فى قضايانا وشئوننا.
ما الاتجاهات الجديدة التى من الممكن أن ندرس بها اللغة؟
- عقل الآلة يكتسب اللغة على المستوى العميق عبر ما يُعرف (بالنمط)، والأنماط (بنية الجملة) كثيرة، والدراسات اللغوية من المفترض أن تشرح اللغة على كل المستويات، سواء كبنية فيزيائية؛ صوت وموجات وذبذبات، وحتى على مستوى دمجها مع الإشارات الجسدية ولغة اليد، وفى إطار الجانب العصبى والتشريحى، والبلاغى والمجازى، والمطلوب الاهتمام بالدراسات الإدراكية للغة، فهى الأهم الآن، لأنها نقطة الربط والالتقاء بين الذكاء الاصطناعى واللغة، وهى تخصّص بينىّ يربط أكثر من مجال، بينها دراسة اللغة على مستوى التشريح وعلم النفس الإدراكى والعلوم العصبية، وقوانين العقل.
ما مخاطر استخدامنا للذكاء الاصطناعى بلغة أخرى؟
- استخدامنا للذكاء الاصطناعى بلغة أخرى يعنى خروج اللغة العربية من التكنولوجيا، وهو ما أتوقع أن تكون له انعكاسات سلبية كثيرة وعديدة، من بينها أزمات نفسية وشعور بالاغتراب، مما قد يجعل الإنسان العربى أكثر تطرفاً وعنفاً وغير متوائم مع حاضره، حيث سيشعر بالغزو والحصار وأن لغته تحارَب، ويتسبّب ذلك أيضاً فى مزيد من التشتّت للعقل العربى، وجعل الإنسان العربى يعيش بازدواجية، فمثلاً عند تعامل تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى بلغة أخرى فإن هذا يعنى أن هذه اللغة ستغزو الحياة العامة، ولن تقتصر على النخبة، فى اعتقادى أن التأثير سيكون خطيراً وسيشمل كل الحياة، ويُهدّد الهُويات الوطنية.
كيف يجرى تطوير الآلة كى تتعامل مع اللغة العربية؟
- نحتاج إلى الربط بين الذكاء الاصطناعى واللغة العربية بصورة أقوى وأعمق، والأمر لا يقتصر على فهم اللغة، ولكنه يمتد إلى تحليل البيانات الكبرى، ويمتد الأمر أيضاً إلى تطوير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى لدينا أيضاً بما لا يجعلنا مجرد مستهلكين ومستخدمين له، وهذا يلزمه بالأساس تطوير العلوم الأساسية التى يقوم عليها، ومن بينها علوم اللغة واللسانيات، واللغة العربية حدث لها مأزق لم نشعر به من قبل، ويتمثّل فى خروجها من دراسة العلوم الطبيعية، مثل الطب والهندسة، وقبل أن يتكرّر الأمر ونخرج من الذكاء الاصطناعى، يجب علينا أن نُسارع فى الاهتمام بالعلم، وهو ما يتطلب عمل علماء اللغة على تطوير اللغة، بالتوازى مع تطوير علماء العلوم التطبيقية وربطها بالعلوم الإنسانية.
ما الجهات المنوط بها الاضطلاع بمهمة تطوير الذكاء الاصطناعى؟
- لا يوجد فرد واحد يمكنه أن يعمل فى الذكاء الاصطناعى، ولا بد أن يكون العمل فى فريق بحثى من تخصّصات علمية مختلفة وليس فرداً واحداً، لدينا ثلاث جهات مسئولة مسئولية مباشرة عن تطوير أبحاث اللغة العربية لتُناسب الذكاء الاصطناعى، وهى الأزهر ووزارة التعليم العالى وزارة الثقافة، والأزهر مهمته تحرير العقل ومنح الإرادة فى العلم، والوحدة والتنوير، فالأزهر دائماً له دور وطنى فى المقاومة وأوقات الخطر، مع ما يجب عليه أيضاً من تحرير العقول وعدم تقييد العلوم أو تحجيمها فى نوع معين من العلم، وهى مسئوليته العامة والروحية تجاه المجتمع بأكمله وليس تجاه الطلاب المنتسبين إليه فقط.
أما وزارة التعليم العالى فمهمتها إصلاح الحياة العلمية وضبط إيقاعها ولا بد أن يكون لديها وعى باللوائح الخاصة بالكليات الجديدة التى تنشئها، بمراعاة البنية الهرمية للمعرفة وأولوياتها والتخصّصات المهمة والجديدة، وإعادة الفلسفة إلى وضعها الطبيعى فى تخصّصاتنا، ففى دول العالم كله نجد أساسيات الفلسفة تدرّس فى كليات الطب وكليات العلوم الطبيعية، أى تدريس الفلسفة (أم العلوم) بمنهجية فى الكليات العملية بهدف انتظام الفكر، أما وزارة الثقافة فدورها مركب ومُعقّد، وهو إصلاح الحياة الفكرية والثقافية، وضبط المنتج المعرفى المقدّم للجمهور، وفقاً للتحولات التى تحدث مع وضع المجتمع فى قلب هذه التحديات، وتبصير المجتمع بها، لمواكبة حساسية الحياة وعليها تكملة دور وزارة التعليم العالى وتحويل الإصلاح العلمى الذى يتم فى الجامعات ليصبح ثقافة عامة عند الناس.