عادل محجوب على
adelmhjoubali49@gmail.com
تطهير الذات لتدارك خطورة ماهو آت
• خطت اقلام وطنية صادقة حروف كلام مضيئة نابعة من جوف احساسها العميق بما يحيق بالوطن على منصات مهتمة بقضاياه.
•وكشفت الأحابيل ومصائد الشر المنصوبة لرمى الوطن فى جب الهاوية لتداركها ، قبل أن تذل الأرجل بوحل الحرب الراهنة .
• وكم من زرقاء يمامة ، قالت إنى أرى شجرا يسير ، فادركوا الوطن قبل سواد المصير .
• ورغم ذلك جاءت الطامة التى لم تجد مقدرات أمنية وطنية تهتم بحديث المشفقين ، وتوقف نزع الفتيل قبل إشتعال الحريق ، ولا إرادة سياسية غالبة توقف تدحرج كرة اللهب ، قبل أن تقضى على الأخضر واليابس .
•فيجب أن لا يحجب عنا عدم تدارك ما فات ،
إعمال البصيرة والبصر للحد من شر وخطورة ماهو آت .
• فعلينا ان لا نركن ذاتنا فى محطات التلاوم والوطن يضيع ، و ننغمس فى خطابات بث الكراهية فمآلها فظيع .
• فالاخطأ القاتلة هى التى تلد الواقع التعيس وعدم الإعتراف بها والتمادى بالخداع ومحاولات حجب شمس الحقيقة برفع السبابة بالتكبير عقابيله وخيمة والوطن لا يحتمل المزيد .
• فالحركة الإسلامية أخطأت الخطأ الشنيع ببناء استراتيجية أنانية ادلجت بمقتضاها القوات النظامية والاعتراف بالحقيقة الماثلة أفضل لهم وللوطن من التمادي فى الدحوض الباطلة .
• وهذا الأمر بما يكتنفه من نفاق وتدليس يجعلها ابعد ماتكون عن الدين الذى تدعيه وأقرب ما تكون إلى أبليس .
• إبليس الذى دلها ، أن لم يكن ، أذلها بولادة الخطيئة الكبرى الدعم السريع الذى أصبح قوات موازية والتى لم تسلم هى الأخرى من مساعى الإدلجة الحثيثة وتدخل الأيدى الخبيثة .
• وهكذا وضعت الحركة الإسلامية وابنها المؤتمر الوطنى الوطن بين رحى جيش مؤدلج وجنجويد مدجج . وياتى من مكمنه الحذر .
• و تداخلت الأيدى القذرة والنوايا الخطرة الخارجية والداخلية والتطلعات الذاتية والشخصيات الانتهازية مع بنية الهشاشة الوطنية و النزوة الحزبية لتلد الرماد الراهن .
• وحتما الحل ليس فى البل الذى يخرج صوته من نفس الكنانة التى صنعت هذا التعقيد وتسعى للمزيد .
• لكن الحل فى الاعتراف بالأخطأ ومعالجتها بالتوبة و الأوبة ..واتخاذ سبل المؤسسية والعقل وليس ركوب العاطفة القاتلة والغوغائية العبيطة بشأن قضايا الوطن .
• قال تعالى: إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ [البقرة٢٢٢].
• وقال رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم كل بني آدم خطَّاء، وخير الخطَّائين التَّوابون .
• وعلي الجميع أن يدرك يقينا أن تداعيات الأدلجة..والتهور بالقرارات الناتج من حب السلطة و النظرة للذات هى التى أوجدت مليشيا الدعم السريع ، و أقعدت بالوطن العشرات من السنوات .
• وبعمق. سطوتها ،قتلت ثورة الشعب العظيمة، التى هدفت للتغيير ، و وضع الوطن فى الطريق الصحيح للمسير .
• فكانت الأدلجة بوجهها القبيح وعمق تغلغلها فى عصب الدولة و تمددها وراء سلسلة الانقلابات المعلنة و الخفية ما بعد الثورة ..وسبب كثير من المنقصات التى حولت حياة الناس إلى جحيم لا يطاق و سارت بالوطن على طريق المهالك .
• وهذا لا يعفى من تصدوا للمسؤلية و تقاصرت مقدراتهم عن الألمام بدهاليز الوضع وخفايا الحبرتحية ، ولا من يدعون الثورية ويصنعون التأزيم بأسم الجذرية .
• ويعلم قادة الوعى والفاعلين السياسيين بمختلف توجهاتهم و إتجاهاتهم أنه مع لهيب حالة الغوغائية المصنوعة والتى يزيدها تأججا ، إنتشار الجهل ،و توهج عواطف، الإنتماء العقدى ، و القبلى، و الجهوى، بين أطراف الحرب، و بؤر النزاع ، مع كبر إنتشار السلاح ،لن ينعم الوطن بالاستقرار مالم تطفأ بؤر الشرار .
• و ستنطفى إذا خلع الجميع ثياب الانتماءات الضيقة و لبسوا جلباب الإحساس بمأساة الوطن ، وشرعوا فعلا فى إصلاح خطاياهم بأيديهم لا بايدى غيرهم لأجل عيون هذا الوطن المنكوب وبهذه اللحظة الفاصلة .
يا وطن لملم جراحك و انتصب
انفض غبار كل الدعاوى الباطلة
و الزيف والكذب
لملم خطاك
وأحضن جناك
ووقف الدم النزف
بلل ثراك
أغسل جراحك
من صديد قذر الحرب
نضف دواخلك
من سواد سكن القلب
طهر شوارعك
من عصابات النهب
تبت بلاوى العابثين..
قطعت إيادى المغتصب
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
مصطفى حمزة يكتب: أقصى درجات الغل والحقد على الوطن
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
«الوطن عبارة عن حفنة من تراب عفن» في نظر تيارات ما يعرف بالإسلام السياسي مثلما قال القيادي الإخواني الأشهر سيد قطب، وهو ما يعكس عقيدة هذه التيارات تجاه الحروب الوطنية ومعارك التحرير التي قادتها الجيوش النظامية لهذه الدول، والتي على رأسها معركة العاشر من رمضان، السادس من أكتوبر عام 1973م، التي مثلت لمصر انتصارًا حقيقيًا على العدو اليهودي في المنطقة أعاد لها هيبتها ورد إليها كرامتها بعد نكسة 1967م.
وقد تباينت مواقف التيارات الإسلامية من حرب أكتوبر المجيدة، ففي الوقت الذي وصفها السلفيون على اختلاف تياراتهم ومدارسهم بأنها نوع من أنواع الجهاد، حتى وإن لم تتوافر فيها بعض شروط الجهاد الشرعي، ونظرت هذه التيارات إلى الرئيس السادات على اعتباره حاكماً مسلماً باستثناء تيار السلفية الجهادية التي لم تكن تبلورت وقتها بشكل تنظيمي وإنما كانت واضحة في فكر بعض الأشخاص الذين ينتمون للتيار السلفي بشكل عام، ولكنهم يحملون أفكاراً تكفيرية.
بالإضافة إلى أنهم يعتقدون اعتقادًا فاسدًا يتمثل في أن الحرب كانت لأهداف سياسية للدفاع عن الوطن وليس عن الإسلام، أي أنها رفعت راية »الوطنية« ولم ترفع راية »الدين» وراية الوطنية عندهم راية جاهلية يحرم القتال خلفها، مع ما يترتب على ذلك من أحكام للمشاركين في هذه الحرب في حال موتهم، فهم يموتون ميتة جاهلية عند هؤلاء المتطرفين، على الرغم من أنهم عند الله شهداء.
أما التيارات الأخرى، فقد استخدمت الجماعات الإسلامية المتنوعة سياسة ازدواجية المعايير، وذلك بتصدير خطابين مختلفين يختلف كل منهما حسب الجمهور الذي تخاطبه تلك التيارات، ففي حين تؤكد هذه الجماعات على اختلاف تنوعها في خطابها المعلن أن حرب أكتوبر أعادت العزة للدولة المصرية، ومثلت انتصاراً حقيقياً على العدو "اليهودي"، حتى يظهروا وكأنهم وطنيون محبون لمصر، إلا أن هناك خطاباً آخر لا يتم الإعلان عنه إلا للمنتمين لكل جماعة من هذه الجماعات، بحيث تؤكد فيه موقفها من الحرب المجيدة وفق مرجعيتها الدينية الخاصة بها، وهو الأمر الذي انكشفت بوضوح بعد أحداث ٢٥ يناير ٢٠١١م.
فجماعة الإخوان المسلمين التي تعتبر الجماعة الأم لكل الجماعات لا تعترف بحرب أكتوبر وتعتبرها في مزابل التاريخ وليست حرباً حقيقية، ولكنهم يعترفون بحرب ١٩٤٨م ويعتبرونها الحرب الوحيدة التي تستحق الفخر، بسبب الانتصارات الوهمية التي ينسبونها لأنفسهم في هذه الحرب، ولو كان الإخوان يعظمون حرب أكتوبر لعظموا قادتها.
وأثنى محمود الصباغ على قتلة الرئيس السادات، في كتابه "حقيقة التنظيم الخاص ودوره في دعوة الإخوان المسلمين"، الذي قدم له المرشد الخامس مصطفى مشهور، حيث قال في ص ٢٩: "فسلط عليه شبابا من شباب مصر وأظلهم بظله فباغتوه في وضح النهار وفى أوج زينته وعزه يستعرض قواته المسلحة ولا يرى فيهم إلا عبيدا له ينحنون وبقوته وعظمته يشهدون وإذا بهم سادة يقذفونه بالنار ويدفعون عن أنفسهم وصمة الذل والعار والشنار"، فشبه السادات بالإله وشبه رجال الجيش البواسل بالعبيد الذين ينحنون له، ليزرع في قلوب أتباعه تكفير الرئيس، واستحقاقه للقتل كما لا يخفى من ثنائه على القتلة الذين زعم أن الله أظلهم بظله ليرتكبوا جريمتهم عياذًا بالله.
والغريب أنهم اتخذوا هذا الموقف مع الرئيس الذي فتح لهم باب الدعوة وأعادهم إلى الحياة السياسية مرة أخرى بعد أن فقدوا الأمل من الخروج من سجون الرئيس الراحل عبد الناصر، ليدفع حياته ثمنًا لغدرهم، لأنهم لا عهد لهم، ويقابلون الإحسان بأشد الإساءة.
ولكن الجماعة صدرت خطابًا آخر يتناسب مع نظرة المجتمع لهذا النصر المجيد وتمثل ذلك في وصف الدكتور عبد الرحمن البر، مفتي جماعة الإخوان المسلمين، حرب أكتوبر بأنها من أهم الأيام في تاريخنا الحديث، معتبراً أنها أول نصر حقيقي للأمة في تاريخها الحديث على "الصهاينة"، بعد هزائم متتالية تجرعت الأمة مرارتها، لا سيما الهزيمة الكبرى في الخامس من يونيو سنة ١٩٦٧م، مشيراً إلى أن تصحيح العقائد والاستمساك بالدين في هذه الحرب هو أهم أسباب نصر الجنود المصريين الذين وصفهم بالمجاهدين.
بل زاد على ذلك المؤرخ الإخواني راغب السرجاني بتأكيده أن الرئيس أنور السادات كان يعمل بشكل شخصي مع قيادة الجيش المصري على التخطيط لهذه الحرب التي أتت مباغتة للجيش الإسرائيلي، إلا أن هذه التصريحات المعلنة لقادة الجماعة جاءت مناقضة لما ظهر من جماعة الإخوان فيما بعد، حينما وصلت لسدة الحكم في مصر، حينما احتفل الرئيس المخلوع محمد مرسي بهذه الحرب ليكشف عما تكنه صدور جماعته من الرؤية الاعتقادية تجاه هذه الحرب المجيدة، حيث استبعد جميع قادة الحرب من الاحتفال لإذلالهم، ودعا قادة الدم والإرهاب وقتلة السادات للجلوس على منصة الاحتفال، وكأنهم أبطال النصر، وهذا من وقاحتهم وغياب مروءتهم وشهامتهم.
والترجمة الفعلية لهذه العقيدة الإخوانية تجاه الحرب تمثلت في أول رد فعل لجماعة الإخوان على انتصارات أكتوبر بعد الحرب بستة أشهر حينما نفذت مجموعة إرهابية أول هجوم عسكري على موقع الكلية الفنية العسكرية المصرية في يوم ١٨ أبريل ١٩٧٤م، وتنظيم الفنية العسكرية هو الجناح العسكري للإخوان في ذلك الوقت، حسب اعترافات طلال الأنصاري القيادي في المجموعة التي نفذت المجزرة، والذي قال إنهم بايعوا المرشد العام حسن الهضيبي في بيت زينب الغزالي، وأن التنظيم كان علي علاقة عضوية ومباشرة بجماعة الإخوان المسلمين، وبمثابة الجناح العسكري لها.
وقد كشفت أحداث يناير ٢٠١١ وما تلاها من تطورات، النقاب عن الوجه القبيح للجماعة تجاه الجيش المصري، حيث يرى التكفيري الهارب وجدي غنيم أن الجيش الإسرائيلي أفضل من الجيش المصري، لأن الأخير مرتد، ولكن الأول كافر، ومعلوم أن المرتد أشد خطورة من الكافر الأصلي، وكذلك فتاوى القرضاوي في تكفير جيش مصر واستعدائه الدول عليه من أجل القضاء على هذا الجيش، وهو ما يعبر عن عمق الفكر التكفيري عند الإخوان، بالإضافة إلى مطالبة المدعو سلامة عبد القوي أنصار جماعته بقتل عناصر الشرطة والجيش، معتبرًا ذلك نوعًا من الجهاد في سبيل الله.
أما الجماعة الإسلامية فكانت ترى أن شروط الجهاد الشرعي لا تتوافر في حرب أكتوبر والتي من أهمها القتال خلف قائد مسلم، وقد كانوا يكفرون الرئيس السادات ولا يعتبرونه قائد حرب، وقد أظهر ذلك فتوى الشيخ عمر عبد الرحمن، أمير الجماعة الإسلامية في ذلك الوقت بإهدار دم السادات على الرغم من دوره الوطني في حرب التحرير، وكان للفتوى دور كبير في اغتيال السادات في يوم ذكرى الحرب المجيدة وأثناء استعراضه لتشكيلات من القوات المصرية التي شاركت فيها عام ١٩٨١م.
كما أن محمد عبد السلام فرج، صاحب كتاب الفريضة الغائبة، وصف قوات الشرطة والجيش في كتابه بأنهم من الطائفة المرتدة، وهو ما كان يمثل معتقد أغلب شباب وقيادات الجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد آنذاك، فالجيش المقاتل في ١٩٧٣م عندهم جيش مرتد.
ولكن هذا الموقف الرسمي القديم للجماعة من الحرب يختلف عن الموقف بعد المراجعات والذي ظهر جلياً في مقال للدكتور ناجح إبراهيم أحد القادة التاريخيين للجماعة عبر الموقع الرسمي لهم على شبكة الإنترنت حيث اعتبر نصر أكتوبر من أهم روافد الإسلام والدين وإحياء الموات في الشعب المصري من جديد، لافتاً إلى أن هذا النصر ضخ في شرايين مصر من جديد روح العزيمة وحب الشهادة في سبيل الله.
وأشار إلى أن الأجواء الإيمانية التي صنعها النصر لا يستطيع مليون خطيب أو داعية أو واعظ أو مرب أن يصنعها في ظرف غير هذا الظرف وفي جو غير هذه الأجواء، مستنكراً تقليد بعض الإسلاميين لغير المنصفين الذين دفعتهم كراهيتهم العمياء للسادات للقول بأن حرب أكتوبر هي تمثيلية بين السادات وإسرائيل لتحريك الموقف السياسي المتجمد بينهما، وهذا والله لا يقول به عاقل أو منصف أو عنده ذرة من علم التاريخ، والذي يقول ذلك لم يقرأ أو يعرف عن حرب أكتوبر شيئا.
وأرجع عصام دربالة رئيس مجلس شورى الجماعة الإسلامية الراحل، تكريم محمد مرسي، للرئيس أنور السادات، بسبب اتخاذه قرار حرب أكتوبر، الذي وصفه بأنه من أعظم قرارات حياته التي لا يستطيع أن يختلف معه بشأنها أحد.
وأشار دربالة في تصريحات صحفية كان قد أدلى بها في حكم الإخوان إلى بعض أخطاء السادات، التي وصفها بالجسيمة مثل توقيعه لمعاهدة كامب ديفيد ودخوله في مفاوضات مع الجانب الإسرائيلي بشكل منفرد، موضحًا أن خوض السادات لهذه المفاوضات بعيدًا عن شركائه من الجانب العربي أضعف المفاوض المصري والعربي خلال المفاوضات مع إسرائيل.
واستثمرت الجماعات الإسلامية على اختلاف أنواعها هذا الحدث المهم وحاولت توظيفه في تشويه صورة السادات، وكانوا يتمنون أن تنتهي الحرب بهزيمة السادات لأنه في نظرهم كافر مرتد لا يقيم شرع الله، ومن ثم لا يستحق النصر، حسب اعتقادهم.
تأتي شهادات قادة إسرائيل الذين عاصروا حرب ١٩٧٣م لتفضح تشكيك الإسلاميين فيها، لأن الحكمة تقول "الحق ما شهد به الأعداء"، فلا تزال الحكومة الإسرائيلية تستعيد ذكريات هزيمتها في مثل هذا الموعد من كل عام على الرغم من مرور ٤٣ عامًا مما يدل على أن الجراح لم تندمل بعد، مثلما يقول الخبير العسكري، اللواء حسام سويلم.
والدليل على ذلك اعتراف جولدا مائير، رئيسة وزراء إسرائيل آنذاك، وهي تصرخ في مكالمتها الهاتفية مع وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر فجر يوم ٩ أكتوبر، قائلة: "لقد خسرنا حتى اليوم ٤٥٠ دبابة و١٢٠ طائرة، وأخشى أن نخسر سيناء"، فأجابها كيسنجر: "بل أخشى أن تخسروا إسرائيل ذاتها".
كما قالت في كتاب لها بعنوان "حياتي": "إن المصريين عبروا القناة وضربوا بشدة قواتنا في سيناء وتوغل السوريون في العمق علي مرتفعات الجولان وتكبدنا خسائر جسيمة علي الجبهتين وكان السؤال المؤلم في ذلك الوقت هو ما إذا كنا نطلع الأمة علي حقيقة الموقف السيئ أم لا، الكتابة عن حرب يوم الغفران يجب ألا تكون كتقرير عسكري بل ككارثة قريبة أو كابوس مروع عانيت منه أنا نفسي وسوف يلازمني مدي الحياة."
ووصف "موشي ديان" وزير الدفاع الإسرائيلي حينئذ في مذكرات منسوبة له حرب أكتوبر بـ"الزلزال" الذي تعرضت له إسرائيل، مؤكدًا أن ما حدث في هذه الحرب قد أزال الغبار عن العيون و"أظهر لنا ما لم نكن نراه قبلها وأدي كل ذلك إلي تغيير عقلية القادة الإسرائيليين".
واعترف أهارون ياريف مدير المخابرات الإسرائيلية الأسبق، في ندوة عن حرب أكتوبر بالقدس في ١٦ سبتمبر ١٩٧٤ بأن الإسرائيليين قد خرجوا من الحرب ممزقين وضعفاء، مستشهدًا بتصريحات الرئيس الراحل أنور السادات حينما سئل: هل انتصرت في الحرب؟ فأجاب: "انظروا إلي ما يجري في إسرائيل بعد الحرب وأنتم تعرفون الإجابة عن هذا السؤال".
ويقول حاييم هيرتزوج الرئيس السادس لإسرائيل: "لقد تحدثنا أكثر من اللازم قبل السادس من أكتوبر، وكان ذلك يمثل إحدى مشكلاتنا فقد تعلم المصريون كيف يقاتلون، بينما تعلمنا نحن كيف نتكلم، لقد كانوا يتميزون بالصبر كما كانت بياناتهم أكثر واقعية منا، كانوا يقولون ويعلنون الحقائق حتي بدأ العالم الخارجي يتجه إلي الثقة بأقوالهم وبياناتهم."
بينما يرى ناحوم جولدمان في كتاب له بعنوان "إلي أين تمضي إسرائيل" أن الحرب وضعت حدًا لأسطورة إسرائيل في مواجهة العرب، وكلفت إسرائيل ثمنًا باهظًا نحو خمسة مليارات دولار، وأحدثت تغيرًا جذريًا في الوضع الاقتصادي في الدولة الإسرائيلية التي انتقلت من حالة الازدهار التي كانت تعيشها قبل عام، مشيرًا إلى أن النتائج الأكثر خطورة كانت تلك التي حدثت علي الصعيد النفسي وتمثلت في انتهاء ثقة الإسرائيليين في تفوقهم الدائم.
وفي نوفمبر ١٩٧٣م قال "أبا إيبان" وزير خارجية إسرائيل: "لقد طرأت متغيرات كثيرة منذ السادس من أكتوبر، لذلك ينبغي ألا نبالغ في مسألة التفوق العسكري الإسرائيلي بل علي العكس فإن هناك شعورًا طاغيًا في إسرائيل الآن بضرورة إعادة النظر في علم البلاغة الوطنية، إن علينا أن نكون أكثر واقعية وأن نبتعد عن المبالغة."
ويقول "زئيف شيف" المعلق العسكري الإسرائيلي، في كتابه "زلزال أكتوبر": "هذه هي أول حرب للجيش الإسرائيلي التي يعالج فيها الأطباء جنودًا كثيرين مصابين بصدمة القتال ويحتاجون إلي علاج نفسي، هناك من نسوا أسماءهم، لقد أذهل إسرائيل نجاح العرب في المفاجأة في حرب يوم عيد الغفران وفي تحقيق نجاحات عسكرية، لقد أثبتت هذه الحرب أن علي إسرائيل أن تعيد تقدير المحارب العربي"
وعلى الرغم من هذه الشهادات والاعترافات التي خرجت من أفواه القادة الإسرائيليين أنفسهم، إلا أن تيارات إسلامية تصر على التشكيك في القدرات التي اجتازتها مصر خلال هذه المعركة التي أعادت الكرامة للأمة العربية كلها، وأنهت أسطورة "إسرائيل التي لا تقهر" التي روجت لها إسرائيل في الغرب قبل الشرق، ودفنت هذه المقولة تحت التراب المصري، وقضت على ثقة الإسرائيليين في تفوقهم الدائم، ولكنها لم تقض على نظرية المؤامرة التي سيطرت ولا تزال تسيطر على عقول الإسلاميين المريضة التي تخيلوا بها أن حرب أكتوبر "تمثيلية" بين السادات وإسرائيل لتحريك المياه السياسية الراكدة.