الأمارات حصرت السودانيين في خيارين
تاريخ النشر: 20th, June 2024 GMT
زين العابدين صالح عبد الرحمن
أن المشادة في الخطاب التي حدثت في مجلس الأمن بين سفير السودان الدائم في مجلس الأمن و سفير الأمارات هي بداية لمعركة سياسية مباشرة بين البلدين.. الغريب في الأمر أن سفير الأمارات لم يرد على الاتهامات التي وجهت إلي دولته من قبل السودان، فقط ركز سفير الأمارات في حديثه على ثلاث قضايا .
أن تدخل الأمارات في الشأن السوداني و الانحياز للميليشيا لم يبدأ مع الحرب، أنما بدأ التدخل منذ أن اشتدت تظاهرات ثورة ديسمبر، خاصة من خلال بعض من كان يسمون أنفسهم " رجال الأعمال السودانيين" و هؤلاء هم الذين كانوا ممولين للتموين الذي قدم في ميدان الاعتصام، و بعد سقوط النظام كانت دولة الأمارات و معها المملكة العربية السعودية يعملان بتنسيق كامل بينهما في محاولة لدعم عناصر بعينها للسلطة ترضى عنهم الدولتان.. و أيضا في هذه الفترة كان التواجد الكبير لمكاتب مخابرات العديد من الدولة خاصة الدولتين المذكورتين، و في هذه الفترة نقل طه عثمان الحسين الذي كان يعمل مديرا لمكتب الرئيس السابق عمر البشير و كان قد تمت إٌقالته بتهمة تجسس لصالح الدولتين السعودية و الأمارات. نقل طه عثمان مكتبه بعد سقوط نظام الإنقاذ إلي دولة الأمارات، رغم أنه حائز على التابعية السعودية، و استعان طه عثمان بعدد من القيادات الأمنية السابقة للعمل معه في مكتب أبوظبي، هذه الفترة هي التي تم فيها تقديم الدعوة لعدد من القيادات السياسية لزيارة أبوظبي، و أيضا هي الفترة التي بدأت تعمل فيها ما يسمى بالرباعية " أمريكا – بريطانيا – السعودية – الأمارات) و بدأ التدخل المباشر في الشأن السياسي السوداني..
الغريب في الأمر أن قيادات القوى السياسية كانت مدركة لهذا التدخل السافر لسفارات الدول في الشأن السوداني، و كما ذكرت تكرارا كان قد أشار إليها الأستاذ محمد مختار الخطيب السكرتير العام للحزب الشيوعي السوداني في الندوة الأولى و الأخيرة للحزب في ميدان المدرسة، حيث اتهم بعض الدول التدخل في الشأن الداخلي و أيضا في زيارة بعض القيادات السياسية للسفارات، و تنبأ الخطيب أن التدخل الخارجي سوف يكون له انعكاسات سالبة على العملية السياسية مستقبلا.. أيضا أن الأمارات هي التي كانت قد تكفلت بدعم محادثات جوبا بين المكون العسكري الذي كان على رأسه محمد حمدان حميدتي و الحركات المسلحة في جوبا، و دفعت الأمارات كل تكاليف العملية من تذاكر السفر و النثريات و الإقامة و المعاش، الأمر الذي يؤكد أن المخطط كان مع بداية نجاح الثورة، و هذا يبين لماذا أتخذت الحركات موقف الحياد عندما بدأت الحرب، و عندما رجعت لرشدها و أعلنت تأييدها و وقوفها مع القوات المسلحة، جاءت دعوة قياداتها للحضور للعاصمة التشادية "أنجمينا" حيث كان متواجدا هناك عبد الرحيم دقلو القائد الثاني للميليشيا، هذا يبين بوضح لماذا وقف كل من الطاهر حجر و الهادي أدريس و انقسم صندل و بعض القيادات من حركة العدل و المساواة , و أيضا طال الانقسام حركة تحرير السودان بقيادة مني اركو مناوي و وقوفهم إلي جانب " قحت المركزي" الجناح السياسي للميليشيا و ليس لهم خيار غير ذلك..
كان قائد الميليشيا و أيضا الضباط الذين معه واثقين 100% أن انقلابهم سوف ينجح لذلك لم تكن لهم أي خطة أخرى إذا فشل الانقلاب، و كانت القيادات السياسية التي ربطت نفسها بالمخطط يقع عليها عبء تعبيئة الجماهير و حشدها للتأييد بعد إذاعة بيان الانقلاب، و بعد ما تأكد أن الانقلاب قد فشل و لا تستطيع الميليشيا استلام السلطة. أصبح التركيز على تفاوض مع القوات المسلحة بهدف إعادة الميليشيا للملعب السياسي مرة أخرى.. هذا المخطط هو الذي جعل القيادات السياسية التابعة " قحت المركزي" تذهب إلي أديس أبابا بعد ما رتبت الأمارات التفاهم مع كل من رئيس الوزراء الأثيوبي أبي أحمد و الرئيس الكيني وليم روتو و الرئيس اليوغندي يووري موسفيني على أن تذهب العناصر الإعلامية إلي كمبالا و نيروبي و هؤلاء مناط بهم إدارة المعركة الإعلامية الادعمة للميليشيا و في ذات الوقت دعما لمخطط التفاوض الذي يفضي إلي تسوية بين الجيش و الميليشيا..
عندما تأكد للولايات المتحدة و الاتحاد الأوروبي أن هذا المشروع فاشل و لن ينجح بعد انعقاد " قحت المركزي لمؤتمرها في القاهرة الذي لم يجد أي صدى وسط الجماهير، و تجاهلته وسائل الاتصال الاجتماعي، و قرر هؤلاء لابد من بروز قيادات جديدة تغطي على فشل قيادات " قحت المركزي" فكانت فكرة أمريكا وجوب بروز قيادات جديدة، فكانت مذكرة الأربعة " نور الدين ساتي – الباقر العفيف – و عبد الرحمن الأمين – و بكري الجاك" و هؤلاء هم الذي جاءوا بفكرة " تقدم" و قدمت الأمارات أسم حمدوك باعتبار كان له تأييدا في الشارع السوداني، ربما يكون جاذبا لقطاع عريض من الشباب، لكن كانت الميليشيا نقلت حربها ضد المواطنيين.. الأمر الذي جعل أغلبية الشعب تتجه لتأييد الجيش في كل مناطق السودان.. هذا التحول هو الذي دفع أيضا مكتب طه عثمان ينشط و يبحث عن عناصر بهدف أنقاذ للموقف.. كانت فكرة دعم قطاع لبعض الأكاديميين و المثقفين و بعض الناشطين السياسيين غير المنتمين أن يقوموا بحملة يطالبون فيها المجتمع الدولي للتدخل في السودان، أو من أجل الوصاية، و كلها قد فشلت أن تجد لها صدى في الشارع، و كان على الأمارات أن تقيم تجربتها الفاشلة، لكي تتأكد أن السودان رغم ما أحدثته الحرب لكنه يختلف عن شعوب الدول الأخرى التي خربت ثوراتها.. وأصبح الموقف واضحا الآن في القضية السودانية لا توجد منطقة أوسطى أما الوقوف لجانب الوطن و الجيش و إما الوقوف مع المخطط الأماراتي. و نسأل الله حسن البصيرة..
zainsalih@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: القیادات السیاسیة سفیر الأمارات قحت المرکزی طه عثمان فی الشأن
إقرأ أيضاً:
من هو كمال عدوان الذي سُمي مستشفى غزة باسمه؟
يتعرض مستشفى كمال عدوان منذ بدء الاحتلال الإسرائيلي اعتداءه على قطاع غزة، لقصف عنيف وكثيف وغير مسبوق، وكان آخر قصف للاحتلال أمس عندما شن الاحتلال غارات عنيفة وتسبب في سقوط الكثير من الشهداء والجرحى، فمن هو كمال عدوان الذي سُمي مستشفى غزة باسمه، بحسبما ذكرت شبكة «سكاي نيوز» البريطانية
من هو كمال عدوان الذي سُمي مستشفى غزة باسمه؟وفي التقرير التالي نكشف مَن هو كمال عدوان الذي سُمي مستشفى غزة باسمه، وأيضًا لماذا سُمي المستشفى الذي يخدم جزءا كبيرا من سكان القطاع باسمه؟
يحمل مستشفى كمال عدوان في شمال غزة هذا الاسم تخليدًا لذكرى الشهيد كمال عدوان، أحد قادة منظمة التحرير الفلسطينية البارزين، الذي استشهد عام 1973 وهو من أبناء المحافظة.
وُلد كمال عدوان، القيادي البارز في حركة فتح وعضو لجنتها المركزية، في قرية بربرة قرب عسقلان عام 1935، وعاشت عائلته النكبة عام 1948، ما أدى إلى انتقالها إلى قطاع غزة، وفقاً لما وثقته مؤسسة «خليل الوزير».
ويُشير مركز الناطور للدراسات والأبحاث الفلسطيني إلى أن والد كمال عدوان، وهو مقاول من وجهاء بربرة، هاجر مع عائلته إلى قطاع غزة إثر نكبة عام 1948، ومكثت العائلة في رفح لمدة ستة أشهر قبل الاستقرار في غزة، حيث توفي والد كمال عام 1952.
وبدأ كمال عدوان مسيرته التعليمية في مدرسة بربرة الابتدائية، بعد انتقال عائلته إلى غزة، التحق بمدرسة الرمال الإعدادية التابعة لوكالة الأونروا، ثم بمدرسة الإمام الشافعي الثانوية، وفي عام 1954، واصل تعليمه العالي في جامعة القاهرة، حيث درس الهندسة، تخصص بترول ومعادن.
وبعد مغادرته غزة عام 1955، سافر عدوان إلى مصر ثم إلى قطر، حيث عمل مدرسًا لمدة عام، وانتقل بعدها إلى السعودية عام 1958، ليعمل مهندسًا متدربًا في أرامكو بالدمام.
كمال عدوان لعب دورًا في تأسيس حركة فتحولعب كمال دورًا رائدًا في تأسيس حركة فتح، وشارك في المجلس الوطني الفلسطيني منذ دورته الأولى في القدس عام 1964، واستقال من عمله في قطر عام 1968 ليتفرغ للعمل في حركة فتح مسؤولًا عن الإعلام، مُقيمًا مقره في عمان، حيث أسس جهازًا إعلاميًا متطورًا.
وبعد أحداث أيلول الأسود، انتقل كمال عدوان إلى دمشق وبيروت حيث أعاد بناء جهاز إعلام حركة فتح، شارك في تأسيس وكالة الأنباء الفلسطينية «وفا»، وانتخب عضوًا في اللجنة المركزية لحركة فتح عام 1971، مُكلفًا بمسؤولية قطاع الأرض المحتلة (القطاع الغربي).
ويُصف مركز الدراسات والأبحاث الفلسطيني كمال عدوان بأنه مناضل كبير وواعٍ، استشهد عام 1973 في شقته بشارع فردان ببيروت، حيث قاوم مهاجميه حتى النهاية، مُصيبًا وقتلًا عدداً منهم قبل استشهاده.