أزمات متفاقمة.. رياح الانتخابات المبكرة تهب في كنيست الاحتلال
تاريخ النشر: 20th, June 2024 GMT
في الوقت الذي تتورط فيه دولة الاحتلال في العدوان العسكري على غزة، فإنها تعيش ورطة أخرى مشابهة على الصعيد الداخلي تتمثل في الأزمات المتفاقمة بين الائتلاف والمعارضة، وداخل الحكومة ذاتها، سواء خلافات نتنياهو مع اليهود المتشددين حول التجنيد وقانون الحاخامات، أو تبايناته مع ابن غفير حول عضوية مجلس الحرب، وكل ذلك يثير مزيدا من الضجيج الذي لا يساهم بالتأكيد في تهدئة رئيس الوزراء والكنيست، مما يزاد من التوقعات بشأن اقتراب إجراء الانتخابات المقبلة.
موران أزولاي مراسلة الشؤون الحزبية في صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، أكدت أنه "في الأيام الأخيرة، بطريقة تعكس الواقع أو لا تعكسه، تهب رياح الانتخابات في الكنيست، في ضوء السلوك الجديد الذي بات ينتهجه فجأة أعضاء الكنيست من حزب الليكود، حتى من المقاعد الخلفية، مما باتوا يرفضون الانحياز لقيود الائتلاف، ويصرّون على البقاء منتبهين لتذمّر الجمهور من قانون التجنيد المعقد، وأزمة قانون تعيين الحاخامات التي اندلعت للتوّ، وبتنا أمام تطورات غير مقبولة".
وأضافت في تقرير ترجمته "عربي21"، أن "الضجيج الحزبي أصبح يصمّ الآذان، والتوقعات تتزايد نحو إقرار نظام انتخابي قادم حتى داخل الائتلاف الحاكم، الذي وصل بالفعل إلى طريق مسدود، لأن الأزمة بين حزبي الليكود وشاس، والمواجهة التي اتهم فيها الحاخام أرييه درعي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأنه لا يفعل له شيئا، ولا يحصل على شيء من هذه الشراكة، تعكس حدثا أكبر بكثير ومتزايد، داخل شاس ذاته، بزعم أنه لا يحقق أي إنجاز لجمهوره المتدين الشرقي، مما بات يشكل له إرهاقا علنياً، ومعاناة من صورة إشكالية على أعلى مستوى عاشه".
وكشفت أن "مستوى التوتر بين شاس والليكود وصل الى الدرجة التي باتت فيها الكنس الدينية تشهد وشايات مؤيدة لنتنياهو، وبدأت الشقوق الأولى في الظهور داخل هذه الكنس، ويتساءل أنصار الحزب أنفسهم عما سيستفيدونه من الشراكة مع نتنياهو، بعد أن فشل الحاخام درعي في تزويدهم بالأخبار الجيدة بالنسبة لهم، في حين أن الجمهور الخاص بـ"درعي" يطوّر رد فعل "متعجرف" من المطالب التي تشكل جزءًا لا يتجزأ من اتفاق الائتلاف، وتشير كل التطورات إلى أن الأمور لن تعود إلى ما كانت عليه داخل الحكومة".
ولفتت إلى أنه "صحيح أنه ما زال من السابق لأوانه التقييم والتنبؤ بمستقبل الائتلاف الحكومي، لكن من الواضح لجميع أعضاء الكنيست دون أدنى تردد أن الساعة الرملية لحلّ الكنيست قد بدأت بالفعل، وليس هذا فحسب، بل إنها تؤذن بعصر جديد، وفي الحملة الانتخابية المقبلة، بحسب رأيهم، لن تكون هناك رسائل مألوفة، لأن درعي سيعيد حساب المسار، ويقدّر المطلعون على سلوكه السياسي أنه رغم امتلاء بطنه، وشعوره بالإهانة، فإنه لن يحلّ الكنيست، ولن يدفع الحكومة إلى حافة الهاوية بأصابعه العشرة".
تشير هذه التطورات الحزبية الإسرائيلية إلى أن المتدينين اليهود لن يقاتلوا من أجل حلّ الكنيست، وإجراء انتخابات مبكرة، رغم أنهم قد يضعوا المزيد من العصي في عجلات الحكومة، ويواصلوا إطلاق التهديدات تجاه نتنياهو، لكنهم يعلمون بأنه إذا انهارت هذه الحكومة، فإنهما سيصبحان القطاع الأكثر كراهية في دولة الاحتلال، ولن يعودوا للحصول على إنجازات لم يصدقوا أنهم حصلوا عليها في الحكومة الحالية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية الاحتلال غزة نتنياهو الكنيست غزة نتنياهو الاحتلال الكنيست صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
خالد نبهان.. الشهيد المبتسم الذي سلبه الاحتلال روح الروح
لم يكن خالد نبهان جَدّا عاديا، بل لم يكن أيضا شهيدا عاديا، كان قصة أحزان وأشواق دخلت كل بيت في العالم تقريبا، ورأى الناس كيف رسم بكلماته الجريحة قصة من أروع قصص الفراق الدامي في غزة.
فبعد طول انتظار وترقب التحق خالد نبهان بحفيدته "روح الروح" والتحف البياضَ الذي كان قد وخَطَ رأسه ولحيته، وكساها هيبة ووقارا، ازداد إشعاعها وهو يغادر الدنيا شهيدا مبتسما.
ما كانت الشهادة تخطئ أبا ضياء خالد نبهان، إلا لتصيبه في مقتل من الروح، وشغاف من الفؤاد.
قبل نحو عام من الآن، التحف نبهان الصبر وهو يحتضن حفيدته ريم ويقبل جسدها الصغير، كالوردة متلفِّعة بلون شقائق النعمان، إلا أنها محمرة بالدم القاني، مثل شقائقها اللائي سبقنها من كل بيت، بعد أن كسرت تلك العظام الرخوة والجسد الغض البريء قاذفات اللهب الإسرائيلية.
انتشل خالد نبهان حفيدته الصغيرة ريم من تحت الركام، ولم يكن يصدق أن عمرها البهيج قد أوقفه الجيش الإسرائيلي عند 3 سنوات، وأن ضحكتها التي كانت تملأ البيت سعادة، قد تحولت إلى نشيج دائم، وأن صورها البراقة، قد تحولت إلى أطياف محلقة تؤرق الليل وتهيج الذكرى، وتستدر الدمع النبيل.
يتمسك الجد الوقور، بالجثمان الصغير، يشمه ويقبله، ويضمه إلى صدره، ويتمنى لو انطلقت من ذلك الكفن الوديع ضحكة طفولية، لتقول له إن الأمر مزحة كله.
إعلانلكن "روح الروح" كانت حقيقة في قربها ومأساتها، وحقيقة أخرى صارخة هي أن المجازر الإسرائيلية في قطاع غزة لم تكن تفرق بين صغير أو كبير بين مدني أو مقاتل، فقد كان التطهير العرقي والإبادة الجماعية والعدوان يستهدف كل ما يرف للحياة من جفن في القطاع المدمر كما يقول الكثيرون.
الشيخ المحتسب الصبور، خالد النبهان، يسلم الروح شهيدا في #غزة، ملتحقا في الأعالي بحفيدته الصغيرة التي دعاها "روح الروح" يوم فقَدها.. اللهم اجمعهما في علِّيين pic.twitter.com/G6s5U1uklz
— محمد المختار الشنقيطي (@mshinqiti) December 16, 2024
ذكرى الميلاد وموعد الرحيلفي ديسمبر/كانون الأول، ولد الجد والحفيدة وفيه رحلا معا في عامين متتاليين، ففي العام الماضي، ودعت الصغيرة قبل نحو شهر من عيد ميلادها الرابع.
وفي حين كانت الصغيرة تنتظر تلك الذكرى العطرة، كان الجد الحنون يعد ما يليق بتلك اللحظة الشذية بالمشاعر والأحاسيس الرقراقة، وكانت المصادفة الأكثر حلاوة في الأمر أن الجد وحفيدته يلتقيان في شهر ميلاد واحد، وكم كان للفرح من أرجوحة في قلب الشيخ النبيل، وكم كان للسعادة من وردة متفتقة، ولحن طفولي عذب في القلب الصغير للوردة ريم الصغيرة المذبوحة برصاص إسرائيلي.
بعد أشهر قليلة ولدت لخالد نبهان حفيدة أخرى أطلق عليها اسم "روجاد" ويعني وقت صلاة الفجر، أي وقت انبلاج النور من رحم الظلام، ووقت انطلاق عصافير الحياة مرفرفة في الكون الذي لم يعد فسيحا، منذ أن أصبحت أزهاره وعصافيره هدفا لقناص إسرائيلي يرسل الموت شراكا قلّ أن ينجو منه جد ولا حفيد.
ورغم عمق المأساة والألم الذي أحدثه رحيل "روح الروح" فقد ظل الجد خالد ذا روح مفعمة بالحب والجمال، كان حاضرا بقوة في الإنقاذ والتثبيت، مالكا لأسلوب رائع في تخفيف المآسي على قلوب الصغار، يملك روحا مشرقة، وخطابا إيمانيا متوثبا، ويعيش عالما من الرضا، يلين راسيات الجبال، ويذيب -لو كان لفراق روح الروح من سلوان- ما يراكمه الحزن اللاهب من جبال ألم، وما يسقي من أودية أشجان.
في الخالدين يا روح الروح
أبو ضياء شهيداً
عوَّضك الله الجنة على صبرك وإيمانك
وجمعك بحفيدتك في جنَّات النعيم pic.twitter.com/UkXg9EMKwg
— أدهم شرقاوي (@adhamsharkawi) December 16, 2024
إعلان غدا نلقى الأحبةريم وخالد حفيدا خالد النبهان، روحان من وهج الحياة المحروقة في غزة، وقصتان من بين عشرات الآلاف من القصص الموحدة العناوين المختلفة، في حين تغرز من مخالب الألم في تلك القلوب الرطبة والأجساد الصغيرة، إنها قصة قتل الحياة، وسفك دم الطفولة الرقراق.
لكن خالد كان من بين أفصح الجراح التي تمشي على قدمين، وأبلغ الأصوات التي تتحدث بلسان، كان صوته وصِيته وبسمته وحزنه وأشواقه رسائل تدك العالم كله، تتحطم أمامها أسوار التجاهل، فقد كانت عبارة روح الروح تهز ما بقي من روح في العالم المبَنّج.
ولأن روح خالد كانت قد حلقت في عالم الأشواق، يوم أرخى للحزن زمامه أسفا على روح الروح، فقد كان يحث السير ويترقب الرحيل كل حين، وفي واحدة من آخر تغريداته على حسابه على الإنستغرام، كان الرجل ينظر من سجف الغيب، ويهتف عبر ستائر الأشواق إلى حفيديه، بأنه قادم إليهما قريبا "هل نلتقي؟ فالبُعد مزّق خافقي. هل نلتقي من بعد شوق مُحرق؟ صدقا، توقفت الحياة، وما لها في ليل هجرك أي فجر مشرق". كما تقول كلمات الأنشودة التي كانت مرافقة لصورة نشرها قبل نحو أسبوع على حسابه في إنستغرام.
برحيل خالد نبهان لا ينضاف اسم جديد إلى لائحة طويلة من الشهداء فحسب، بل تكتب قصة ميلاد ملحمة حزن عابر للأيام، وقصة أجيال جمع بينها العدوان الإسرائيلي في كفن منسوج من عبق الكلمات الجريحة والأشواق المطهرة، والرضا والتوكل، والمقاومة التي تأخذ كل لبوس، من قسمات الطفل الرضيع، وهو يتلقى الرصاص قبل أن ينقطع حبله السري، وبسمة الرضيع وهو ينشق عبق المقاومة ويحتسي لبان الجهاد، ومن روح الروح وهو تكتب للحزن آمادا مفعمة بالألم، وترسم قصة جد، ملأ الدنيا حبا وشغل الناس حزنا، ومضى إلى حيث مراقد الصالحين، ومنازل المقاومين، إلى فردوس مديد، وروح وريحان… إلى حيث "روح الروح".
إعلان