للمرة الأولى، تجاوز استهلاك الفرد من الطاقة في الصين نظيره في أوروبا وذلك خلال العام الماضي، مع استمرار ارتفاع الطلب من قطاعي التكنولوجيا والتصنيع.

بحسب تقرير المراجعة الإحصائية السنوي لمعهد الطاقة، زادت الصين من تشغيل محطات توليد الكهرباء بالفحم، لكنها زادت سعة توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة على نحو أكبر من بقية دول العالم مجتمعة.

يعني هذا أن كثافة الكربون في إنتاج طاقتها آخذة بالتراجع فعلاً.

يُعزا ارتفاع استهلاك الصين إلى التوسع في مراكز البيانات والبنية التحتية لشبكات الجيل الخامس من الإنترنت وشحن السيارات، كما تعمل العديد من المصانع بسعتها الإنتاجية الكاملة للوفاء بالطلب على السلع خارجياً.

 وقد أوضح نيك وايز، الرئيس التنفيذي لمعهد الطاقة: “لا ينبغي لنا أن نتجاهل الطاقة والانبعاثات التي نقلها الأوروبيون فعلياً إلى الشركات المصنعة الصينية”.

توجد أدلة متزايدة على أن الاعتماد على الوقود الأحفوري في كبرى الاقتصادات المتقدمة ربما يكون قد بلغ ذروته.

ففي أوروبا السنة الماضية، مثلت أنواع الوقود الأحفوري أقل من 70% من إجمالي الطاقة الأساسية للمرة الأولى منذ الثورة الصناعية، وذلك بفضل تراجع الطلب ونمو مصادر الطاقة المتجددة، بحسب معهد الطاقة.

يبرز ذلك معضلة خفض انبعاثات الكربون التي تواجه العديد من البلدان. فإذا كان هبوط استهلاك الطاقة والانبعاثات في أوروبا يفاقم ببساطة انبعاثات الكربون بمواقع أخرى، فإن السياسات الرامية إلى معالجة التغير المناخي على مستوى العالم لن تكون فعالة.

تزايد أيضاً استخدام الفحم في الهند السنة الماضية وسط النمو الاقتصادي السريع. لأول مرة، استهلكت الهند من هذا الوقود الملوث أكثر مما استهلكته أوروبا وأميركا الشمالية مجتمعتين، بحسب تقرير المراجعة الإحصائية.

قال وايز: “تخفي الصورة العامة قصصاً متنوعة للطاقة تتكشف عبر مناطق جغرافية مختلفة. نلاحظ في الاقتصادات المتقدمة علامات على بلوغ الطلب على الوقود الأحفوري ذروته، وذلك على النقيض من اقتصادات الجنوب العالمي، إذ تستمر التنمية الاقتصادية وتحسين جودة الحياة في تعزيز استخدام الوقود الأحفوري”.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: استهلاك الطاقة الصين الوقود الاحفوري انبعاث الكربون اوروبا الوقود الأحفوری

إقرأ أيضاً:

استمرار تعطل الدوام الحكومي بعدة محافظات في إيران بسبب ارتفاع استهلاك الغاز

أعلنت السلطات الإيرانية تعطيل الدوام في المكاتب الحكومية والمراكز التعليمية في عدد من المحافظات، من بينها طهران، بعد ارتفاع استهلاك الغاز بنسبة 16% خلال الأيام الماضية، وهذا أدى إلى ضغط على إمدادات الطاقة.

وشملت الإجراءات تحويل الدراسة في المدارس إلى نظام التعليم الافتراضي، بالإضافة إلى تعطيل الدوام في محافظات أخرى مثل أذربيجان الشرقية، أصفهان، فارس، وخراسان رضوي، في محاولة لإدارة الاستهلاك خلال فصل الشتاء.

وتواجه إيران سنويا زيادة كبيرة في استهلاك الغاز خلال موسم البرد، وهذا يضع شبكة الإمدادات تحت ضغط متزايد.

وتأتي هذه التطورات رغم امتلاك إيران ثاني أكبر احتياطي للغاز الطبيعي في العالم، حيث تبلغ احتياطياتها المؤكدة نحو 29.6 تريليون متر مكعب، ما يعادل 15.8% من إجمالي الاحتياطي العالمي.

ورغم ذلك، تشير بيانات رسمية إلى أن استهلاك الغاز داخل إيران تجاوز 692 مليون متر مكعب يوميا هذا الشتاء، مع تخصيص حوالي 74% منه للقطاع السكني والتجاري والصناعات الصغيرة، وهذا يحد من قدرة البلاد على تصدير الغاز أو استخدامه في القطاعات الصناعية ومحطات الطاقة بكفاءة.

ويأتي هذا الوضع في ظل نقاشات مستمرة حول تحديات إدارة موارد الطاقة في البلاد، حيث تسعى الجهات المختصة إلى تحسين كفاءة الاستهلاك وتطوير البنية التحتية.

إعلان

في الوقت نفسه، يبقى الطلب المتزايد على الغاز، خاصة خلال فترات الذروة، عاملا رئيسا في رسم سياسات الطاقة على المدى القريب والبعيد، وسط جهود لتعزيز الإنتاج وتوسيع شبكات التوزيع لمواكبة الاحتياجات المتزايدة.

قيود الإنتاج

وبحسب خبير الطاقة حميد رضا شكوهي، فإن نقص الغاز في إيران يعود إلى عدة عوامل، أبرزها زيادة الاستهلاك وغياب التنوع في مصادر الطاقة، حيث تعتمد البلاد بشكل كبير على الغاز الطبيعي، إذ يشكل أكثر من 70% من إجمالي الطاقة المستهلكة، مقارنةً بدول أخرى تعتمد على مزيج متنوع من الطاقة يشمل الكهرباء والطاقة المتجددة ومصادر أخرى.

نقص الغاز في إيران يعود إلى عدة عوامل، أبرزها زيادة الاستهلاك وغياب التنوع في مصادر الطاقة وفق خبراء (الأوروبية)

وأوضح شكوهي للجزيرة نت أن امتلاك إيران ثاني أكبر احتياطي للغاز في العالم دفعها إلى تبني إستراتيجية تقوم على ضخ كميات هائلة من الغاز، إلا أن السعر المنخفض للغاز محليا أدى إلى ارتفاع معدلات الاستهلاك، في ظل غياب سياسات فاعلة لترشيده، مثل معايير بناء محطات توفير للطاقة أو فرض قيود على استهلاك أجهزة التدفئة.

وأشار إلى أن العقوبات الخارجية تشكل عقبتين رئيسيتين أمام قطاع الغاز الإيراني، إذ تؤثر سلبا على الاستثمار والتطور التقني، لافتا إلى أن إيران تحتاج إلى استقطاب استثمارات ضخمة وتقنيات متطورة مثل منصات تعزيز الضغط لضمان استمرار الإنتاج بكفاءة.

وأشار شكوهي في هذا السياق إلى العقد الذي أبرمته طهران مع شركة توتال الفرنسية عام 2017 لتطوير منصة ضغط في المنطقة 11 من حقل فارس الجنوبي المشترك مع قطر، إلا أن المشروع توقف بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي عام 2018، وهذا حال دون نقل التكنولوجيا التي كانت إيران تعوّل عليها لتخفيف الضغط في الحقول الأخرى.

ورأى شكوهي أن تعطيل المؤسسات التعليمية والحكومية لا يمثل حلا طويل الأمد، بل هو إجراء مؤقت يهدف إلى تقليل الضغط على شبكة الإمدادات.

إعلان

وأضاف أن الحكومة تحاول عبر هذه العطلة تفادي قطع الغاز عن المصانع والبتروكيميائيات ومحطات الكهرباء، لكنها لم تنجح بالكامل في ذلك، إذ لا تزال مضطرة إلى تقنين إمدادات الغاز للقطاع الإنتاجي، وهذا يؤثر سلبا على الاقتصاد والصناعة.

وأكد أن الحل الجذري لهذه الأزمة يكمن في زيادة الاستثمارات في قطاع الغاز، وتطوير تقنيات تعزيز الضغط، وتحسين كفاءة الاستهلاك، إلى جانب الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة مثل محطات الطاقة الشمسية، وذلك لضمان أمن الطاقة وتقليل الاعتماد المفرط على الغاز الطبيعي.

تأثير العقوبات

من جهته يقول خبير الاقتصاد آيزاك سعيديان، إن البنية التحتية لقطاعي النفط والغاز في إيران تعود إلى أكثر من 45 عاما، ولم تشهد عمليات تطوير وتحديث واسعة النطاق خلال العقود الماضية.

البنية التحتية لقطاعي النفط والغاز في إيران تعود إلى أكثر من 45 عاما، ولم تشهد عمليات تطوير وتحديث منذ ذلك الحين (رويترز)

وأوضح للجزيرة نت أن تجديد هذه البنى التحتية يتطلب استثمارات ضخمة، سواء محلية أو أجنبية، بالإضافة إلى استقطاب التقنيات الحديثة لتعزيز الكفاءة وزيادة الإنتاج.

وأشار سعيديان إلى أن العقوبات المفروضة على إيران تشكل عائقا رئيسا أمام تدفق الاستثمارات إلى قطاع الطاقة، إلا أنه أوضح أن بعض السياسات الداخلية أيضا تساهم في الحد من قدرة بعض الشركات على الاستثمار داخل البلاد، وهذا يفاقم التحديات التي يواجهها القطاع.

وفيما يتعلق بتأثير تعطيل المؤسسات، أكد سعيديان أن هذا الإجراء لا يمثل حلا جذريا للأزمة، بل يعد مسكّنا مؤقتا، مشيرا إلى أن تداعياته تمتد إلى الناتج المحلي الإجمالي على المدى المتوسط.

وأوضح أن قطع الغاز عن محطات الكهرباء يؤدي إلى تعطيل المصانع، وهذا يؤثر سلبا على الإنتاج الصناعي، مشيرا إلى أن هذا النقص الإنتاجي في الشتاء قد ينعكس في انخفاض قدرة المصانع على العمل بكامل طاقتها خلال فصل الصيف، وهو ما يؤثر على معدلات النمو الاقتصادي في البلاد.

إعلان

مقالات مشابهة

  • احتياطي النقد الأجنبي في تركيا يتجاوز 100 مليار دولار لأول مرة منذ سنوات
  • استمرار تعطل الدوام الحكومي بعدة محافظات في إيران بسبب ارتفاع استهلاك الغاز
  • دور الإطارات في تقليل استهلاك الوقود: نصائح لقيادة أكثر كفاءة
  • بوروسيا دورتموند يتجاوز عقبة سبورتينغ ويبلغ ثمن نهائي دوري الأبطال
  • كيف تؤثر إطارات السيارة على زيادة استهلاك الوقود
  • تعرف على تفاصيل التواجد الأمريكي العسكري في قارة أوروبا (خريطة تفاعلية)
  • تعرف إلى تفاصيل التواجد الأمريكي العسكري في قارة أوروبا (خريطة تفاعلية)
  • 5 كيلو زبادي استهلاك الفرد في رمضان..وتوقعات باستقرار الأسعار
  • وزير الكهرباء: رفع كفاءة وحدات الإنتاج وجودة التشغيل وخفض استهلاك الوقود بمحطات التوليد
  • وزير الكهرباء يبحث مع جنرال إلكتريك -أوروبا والشرق الأوسط تعزيز التعاون -تفاصيل