واشنطن- تخضع أول زيارة يقوم بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى كوريا الشمالية منذ ما يقرب من ربع قرن لتدقيق مكثف في مختلف الدوائر الأميركية.

وفي الوقت الذي تتردد أغلب دول العالم في استقبال الرئيس الروسي بسبب مذكرة الاعتقال الصادرة من المحكمة الجنائية الدولية بسبب غزوه أوكرانيا، أبرز الإعلام الأميركي الترحيب الحار الذي قوبل به بوتين في بيونغ يانغ.

وتزامنت هذه الزيارة مع استعار الحملة الانتخابية الرئاسية في الولايات المتحدة، والتي تشهد بعد شهر واحد أولى مناظراتها الرئاسية. ويشير المعلقون الأميركيون إلى تطلع الرئيسين فلاديمير بوتين وكيم جونغ أون إلى عودة الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

وجمعت علاقات جيدة بين ترامب وقادة روسيا وكوريا الشمالية، على النقيض من العلاقات المتوترة التي تجمع الرئيس جو بايدن بهما.

قلق أميركي وترقب

لم يترك خطاب الزعيمين الروسي والكوري الشمالي، ولا ما يسمى ميثاق الشراكة الإستراتيجية الشاملة بينهما، أي شك لدى واشنطن في أنها هي الجهة المستهدفة من تحالفهما الجديد، لاسيما أن بوتين قال إن الشراكة الإستراتيجية تستهدف "السياسة الإمبريالية للولايات المتحدة وتوابعها".

وتخشى واشنطن مما يظهر أنه بند في الشراكة الروسية مع كوريا الشمالية، مشابه للمادة الخامسة من حلف شمال الأطلسي (الناتو) والتي تنص على "تقديم المساعدة المتبادلة في حالة العدوان على أحد أطراف هذا الاتفاق".

ومن غير الواضح لواشنطن إن كان ذلك قد يعني التعهد بالمساعدة العسكرية لبعضهما البعض، في وقت تتصاعد فيه المواجهات مع جيرانهما سواء شرق آسيا أو شرق أوروبا. وإذا كان ذلك صحيحا، فهل يشمل الردع النووي؟

غير أن القلق الأكثر إلحاحا تمثل في كون التعاون العسكري التقني، بين روسيا وكوريا الشمالية، قد يعني المزيد من القذائف والصواريخ التي تشق طريقها من المصانع الكورية الشمالية إلى الجيش الروسي وخطوطه الأمامية شرق أوكرانيا.

وفي حديثها مع الجزيرة نت، أشارت صون يون خبيرة العلاقات الصينية الأميركية بمركز ستيمسون للأبحاث إلى أن "توقيت زيارة بوتين لكوريا الشمالية -الذي جاء مباشرة بعد قمة جنيف للسلام التي بحثت مستقبل أوكرانيا بدون حضور موسكو- هو لإظهار مكانة روسيا الدولية ودعمها".

وبعد مضي شهر واحد من ولايته الجديدة، يعمل الرئيس الروسي على تعزيز العلاقات مع الصين وكوريا الشمالية ودول أخرى ذات صلات قوية ببلاده، بحسب يون.

من ناحية أخرى، جاءت قمة بوتين كيم في الوقت الذي بدأت فيه الأسلحة الأميركية بالتدفق إلى أوكرانيا، وما يرتبط بها من رفع بعض القيود المفروضة على استخدامها لضرب أهداف داخل روسيا.

عزلة دولية

ورغم التقدم الميداني في ساحات القتال بأوكرانيا، والذي سمح للجيش الروسي بالسيطرة على ما يقرب من ثلث الأراضي الأوكرانية، تحتاج موسكو إلى المزيد من الأسلحة لمواصلة إستراتيجيتها العسكرية المتمثلة في إرهاق أوكرانيا وتدمير جيشها.

وبعد أن دأب بوتين على زيارة عواصم غربية مثل برلين وروما وباريس، يحط الآن رحاله عند كيم، في ظل العزلة الدولية، حسب ما يقول خبير الشؤون الروسية ونزع السلاح بمعهد بروكينغز ستيف بايفر للجزيرة نت.

ويؤكد بايفر أن بوتين يحتاج اليوم إلى مساعدة مستمرة من كوريا الشمالية، من قبيل تزويد بلاده بقذائف المدفعية لدعم حربه ضد أوكرانيا.

بدوره، يقول للجزيرة نت ماثيو والين الرئيس التنفيذي لمشروع الأمن الأميركي -وهو مركز بحثي يركز على الشؤون العسكرية- إن "بوتين يائس وهو ما يدفعه لتعزيز العلاقات مع الحلفاء القلائل لديه" وإن اعتماده على كوريا الشمالية للحصول على الإمدادات العسكرية هو "شهادة على الوضع السيئ للجيش الروسي".

واشنطن ومعضلة عقوباتها

لا يمر شهر إلا ويمرر الكونغرس المزيد من العقوبات سواء على كوريا الشمالية أو روسيا. وتنبع العقوبات على بيونغ يانغ من اتهامها بعدم الالتزام بالاتفاقيات الدولية المتعلقة بالانتشار النووي، وإقدامها على تصنيع السلاح النووي، والتهديد باستخدامه حال اضطرت إلى ذلك. في حين تواجه روسيا عقوبات أميركية وأوروبية واسعة ومعقدة بسب غزوها للأراضي الأوكرانية في فبراير/شباط 2022.

وتسببت هذه العقوبات بإنهاء أي نفوذ أو تأثير أميركي في عملية صنع القرار بموسكو أو بيونغ يانغ. من هنا يرى الخبير في الشؤون الروسية بايفر أن "واشنطن وأوروبا لن ترحبا بالتعاون العسكري الكوري الشمالي الروسي، ولكن نظرا للعقوبات المطبقة بالفعل على هذين البلدين، فلن يكون الغرب قادرا على فعل الكثير حيال ذلك".

واتفقت الخبيرة صون يون مع طرح بايفر، وقالت للجزيرة نت إن "الولايات المتحدة قادرة على اختيار تعزيز العلاقات الدفاعية والانتشار في المنطقة، لكن ذلك سيكون له تداعيات، في ظل تشتت اهتمامها بين أوكرانيا والشرق الأوسط".

أما والين فقال إن واشنطن يجب أن تشعر بالقلق إزاء تحركات روسيا تجاه شركائها لدعمها في حربها، وطالبها بـ"السعي لإيجاد طرق تستغل من خلالها نقاط الضعف في علاقات موسكو بشركائها".

ورأى أن حاجة روسيا إلى أنواع محددة من الإمدادات (صواريخ وقذائف مدفعية) -من كوريا الشمالية- علامة على أنها غير قادرة على إنتاجها بالكميات التي تحتاجها للاستمرار في حربها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات کوریا الشمالیة

إقرأ أيضاً:

جنرال أمريكي يقارن بين عدد قوات الجيش الروسي حاليا وبداية غزو أوكرانيا وخسائره

(CNN)-- قال جنرال رفيع المستوى بالجيش الأمريكي، إن الجيش الروسي أصبح أكبر مما كان عليه في بداية الغزو الشامل لأوكرانيا في فبراير/شباط 2022 رغم مقتل أو إصابة ما يقدر بـ790 ألف جندي روسي.

وأضاف الجنرال كريستوفر كافولي، قائد القيادة الأمريكية في أوروبا في بيان، الجمعة: "رغم الخسائر الكبيرة في ساحة المعركة بأوكرانيا، فإن الجيش الروسي يعيد بناء نفسه وينمو بمعدل أسرع مما توقعه معظم المحللين".

وقال كافولي: "في الواقع، أصبح الجيش الروسي، الذي تحمل العبء الأكبر من القتال، اليوم أكبر مما كان عليه في بداية الحرب - رغم تكبده خسائر تقدر بنحو 790,000 ضحية". "في ديسمبر 2024، أمرت موسكو الجيش بزيادة تعداده إلى 1.5 مليون فرد عامل وتقوم بتجنيد حوالي 30 ألف جندي شهريا".

وأضاف الجنرال الأمريكي أن "القوات الروسية على خطوط المواجهة في أوكرانيا تجاوزت الآن 600 ألف جندي، وهو أعلى مستوى لها على مدار الحرب ويزيد تقريبا عن ضعف حجم القوة الأولية للغزو".

ولا تزال أرقام روسيا الخاصة بخسائرها البشرية تحيطها السرية. وفي سبتمبر/أيلول 2022، قال وزير الدفاع الروسي السابق، سيرغي شويغو إن 5,937 جنديا قُتلوا في الحرب. ولم تنشر الوزارة أي تحديث منذ ذلك الحين.

وتشير تقييمات الاستخبارات الأوكرانية والغربية باستمرار إلى أن حصيلة عدد القتلى والجرحى أعلى بكثير.

وفي مارس/آذار الماضي، قدرت وزارة الدفاع البريطانية أن أكثر من 900 ألف جندي روسي قُتلوا أو أُصيبوا. وبحسب وزارة الدفاع البريطانية، فقد قُتل ما بين 200 ألف و250 ألف جندي روسي، وهو ما يمثل أكبر خسارة لروسيا منذ الحرب العالمية الثانية.

مقالات مشابهة

  • ما الذي تخشاه واشنطن من “العين الصينية” في “البحر الأحمر”..!
  • خلال تفقده قوات خاصة .. الزعيم الكوري الشمالي يختبر بندقية قنص حديثة | صور
  • محلل سياسي: وجود القوات الأوروبية بـ أوكرانيا يهدد الأمن القومي الروسي
  • واشنطن بوست: ترامب يبدأ في إدراك حقيقة نيات بوتين
  • 19 شخصًا.. ارتفاع حصيلة قتلى الهجوم الروسي على وسط أوكرانيا
  • اختبار بندقية قنص حديثة بمشاركة زعيم كوريا الشمالية (صور)
  • زعيم كوريا الشمالية يختبر بنفسه «بندقية قنص حديثة»
  • بعد قرار المحكمة الدستورية.. أنصار الرئيس الكوري المعزول يتحدون المطر في مسيرة حاشدة بسيول
  • الزعيم الكوري الشمالي يختبر بندقية قنص حديثة خلال تفقد قوات خاصة
  • جنرال أمريكي يقارن بين عدد قوات الجيش الروسي حاليا وبداية غزو أوكرانيا وخسائره