قصة أغرب توبة في العالم.. قاتل سلاحه "حمالات صدر" يخدع بلدا بأسره
تاريخ النشر: 20th, June 2024 GMT
تبدو قصة النمساوي جاك أونترويغر كما لو كانت رواية خيالية مليئة بالأحداث المثيرة على الرغم من أنها حدثت بالفعل. هذا الرجل بعد سجل إجرامي وجريمة قتل تحول إلى نجم شهير في النمسا.
إقرأ المزيد ملابسات إعدام اللورد "هاو هاو هاو"!ولد جاك في منطقة تقع وسط النمسا عام 1950. بدأ مشواره الإجرامي مبكرا في سن السادسة عشر باعتدائه على امرأة، وعقب ذلك أصبح زائرا دائما للسجون ومراكز الإصلاح في جرائم عنف متنوعة.
جاك أونترويغر تجاوز جميع الخطوط الحمراء في ديسمبر عام 1974 بقتله فتاة تبلغ من العمر 18 عاما بحمالة الصدر، مع ربطة بعقدة غريبة مميزة. وقع سريعا في قبضة الشرطة وحكم عليه بالسجن مدى الحياة.
استغل جاك المعروف بوسامته الوقت المتاح في فترة سجنه في كتابة سيرة ذاتية بعنوان "المطهر" بأسلوب مؤثر للغاية. كتاب سيرته الذاتية تصدر قائمة الكتب الأكثر مبيعا. علاوة على ذلك كتب قصائد رقيقة إلى درجة أنها عرضت في المدارس النمساوية، وامتدحها عدد من الحاصلين على جائزة نوبل في الأدب، كما ألف روايات ومسرحيات وقصصا قصيرة. كتاب له بعنوان المحطة الأخيرة حصل على جائزة أدبية في عام 1984، وحظي باهتمام واسع بين أوساط النخبة الأدبية في بلاده.
اللافت أن جاك النمساوي لم يرتد المدارس في صغره وكان أميا حين دخل السجن، لكنه أصلح من أوضاعه وتعلم القراءة والكتابة وأصبح ظاهرة فريدة في مجتمعه.
كان المؤرخ والصحفي والإعلامي النمساوي بيتر هومر، واحدا من أشد المعجبين بسيرة جاك الذاتية، وكان يقول عنها إنها "صرخة حقيقية من الروح"، كما امتدحت نفس الكتاب الروائية إلفريدا جيلينك التي حصلت لاحقا على جائزة نوبل في الأدب ووصفت سيرته الذاتية بأنها تتميز بالوضوح والجودة الأدبية الرفيعة.
زاره عدد من الكتاب والصحفيين في السجن بعد اشتهاره بكتاب سيرته الذاتية، وقال عنه الصحفي ألفريد كوليريتش وكان بين هؤلاء، "إنه ضعيف للغاية ومؤثر"، معلنا في هذا السياق "قررنا أنه يتوجب علينا العفو عنه".
الحملة المطالبة بالعفو عن هذا القاتل المدان المحكوم بالسجن مدى الحياة اتسعت وانضم إليها عشرات من المثقفين وحتى المسؤولين الحكوميين. أنصار الحملة وصفوا جاك بأنه تائب أعيد تأهيله بشكل كامل وتغلب على ظروفه وأنه يستحق أن يطلق من سجنه مبكرا.
صدق كلمات جاك الرقيقة والرنانة الكثيرون وتحمسوا لمساعدته. بعد أن قضى في السجن 15 عاما وهو الحد الأدنى المنصوص عليه في القنانون النمساوي، أطلق سراح جاك أونترويغر من السجن في مايو عام 1990.
بعد إطلاق سراحه بأربعة أشهر، عثر على امرأة من صاحبات الرايات الحمر مقتولة وقد خنقت بحمالة صدرها بنفس الطريقة التي استخدمت في الجريمة التي أدين فيها جاك.
عدد الضحايا تزايد بعد ذلك بسرعة. في الأشهر التالية، قتلت سبع نساء أخريات جميعهن عاهرات جرى خنقهن بحمالات الصدر ورميت جثثهن في الغابة. كان أسلوب القتل في جميع هذه الجرائم يشير إلى جاك أونترويغر.
المفارقة أن أونترويغر الذي أصبح نجما وكاتبا مشهورا في المجتمع النمساوي كان بعيدا في ذلك الوقت عن الشبهات وكان مشغولا بتنظيم مسرحياته والعمل كمراسل صحفي متخصص في التحقيق في جرائم القتل التي ترتكب ضد صاحبات الرايات الحمر!
حول تلك الجرائم التي ارتكبت بنفس طريقة جريمته الأولى، أجرى جاك مقابلة صحفية مع قائد شرطة العاصمة فيينا ونشر مقالات في الصحف حول ملابسات تلك الجرائم العنيفة ضد النساء.
عمله كمراسل صحفي قاده إلى الولايات المتحدة، حيث أجرى تحقيقات ميدانية سلط فيها الضوء على الظروف الرهيبة التي تحتجز فيها البغايا في مدينة لوس أنجلوس. تجول في أحد فنادق المدينة سيئة السمعة برفقة عناصر من الشرطة الأمريكية لمساعدته.
في فترة إقامته في لوس أنجلوس، ارتكبت ثلاث جرائم قتل لعاهرات. النساء الثلاثة قتلن بطريقة واحدة، خنقا بحمالات الصدور. الشرطة الأمريكية وضعت عينها على جاك، وقارنت شرطة لوس أنجلوس وقت ارتكاب تلك الجرائم بوجود جاك في المدينة.
مثل ذنب يقظ، هرب جاك النمساوي من الولايات المتحدة إلى سويسرا قبل أن يضيق الخناق عليه. انتقل بعدها إلى ميامي حيث استدرجه عملاء سريون بحجة إجراء مقابلة صحفية مقابل مبلغ كبير من المال. وقع جاك في الفخ وألقت السلطات القبض عليه في فبراير عام 1992، ثم جرى تسليمه إلى النمسا.
على الرغم من وجود أدلة دامغة ضده، بقي بعض المدافعين السابقين عنه في صفه. شككوا في تورطه وحاولوا بمختلف السبل إيجاد أي عذر له.
الأمر مضى أبعد من ذلك، حتى أن بعض النساء اللائي كانت على معرفة به بكين خلال محاكمته، واعتبرنه ضحية بريئة، في حين شهدت ضده نساء أخريات وأشرن إلى طباعه الغريبة وسلوكه المزعج.
أدين هذا الرجل الذي خدع بلدا بأسره في 29 يونيو عام 1994. في تلك الليلة نفذ جاك ما كان وعد به. كان أعلن بعد إطلاق سراحه السابق أنه لن يستطيع مرة أخرى الوقوف كي يعود إلى الزنزانة. شنق هذا النمساوي نفسه في السجن، وأنهى حياته المزدوجة المثيرة والعنيفة بيديه.
المؤرخ النمساوي بيتر هومر الذي كان من أشد المعجبين به، صرّح قائلا: "في ذلك الوقت، كنت أؤمن بصدق أن جاك أونتيفيجر كان رجلا مصلحا... لكنني الآن أشعر أنني خدعت، وأنني مسؤول جزئيا عما حدث".
RT
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: أرشيف
إقرأ أيضاً:
الأسيرة المحررة دنيا أشتية لـ«الوطن»: في سجون الاحتلال كانت الدقائق كالعمر بأسره
انتظر والد الأسيرة المحررة دنيا أشتية لساعات طويلة بشوارع رام الله، بينما كانت درجات الحرارة منخفضة، وأمامه في الجهة المقابلة يقف بعض المستوطنين الذين كانوا يقذفونه بالحجارة ويُحرقون المركبات، وهو في انتظار وصول حافلة الأسرى الفلسطينيين المحررين، والتي تأخرت أكثر من 9 ساعات.
معاناة أسرة الأسيرة المحررة خلال انتظارهاوقال «أشتية» في تصريحات لـ«الوطن» إنه علم قبل أسبوع بأنّ اسم ابنته دنيا أشتية ضمن المحررين في الدفعة الأولى من صفقة التبادل، مشيرًا إلى أنه بدأ يعد الدقائق قبل الساعات في انتظار عودتها، وفي مساء السبت، توجه مع والدته، التي يطلق عليها الفلسطينيون في الضفة الغربية لقب «سيدة الزيتون»، من منزله في مدينة نابلس إلى معبر بيتونيا، حيث كانت ستصل حافلة الأسرى المحررين، لكن المستوطنين هاجموهم وقذفوهم بالحجارة، تحت حماية شرطة الاحتلال، ما أسفر عن حرق بعض المركبات.
ورغم هذه المعاناة، قرر «أشتية» البقاء في انتظار ابنته، الطالبة في كلية الشريعة بجامعة النجاح، حتى لو اضطر للبقاء في الشوارع لساعات طويلة، أو حتى المبيت على الأرصفة.
وكانت دنيا قد تم اعتقالها من منزلها في قرية سالم بمدينة نابلس في 24 يوليو 2024، واحتجازها في سجن الدامون بتهمة التحريض على إسرائيل.
وصول الأسيرة المحررة دنيا أشتية إلى منزلهاوفي الساعات الأولى من صباح يوم الأحد، وصلت حافلة الأسرى المحررين، وعلى متنها الأسيرة دنيا أشتية التي لم تتجاوز العشرين عامًا، لتلتقي بوالدها ووالدتها بعد غياب دام نحو ستة أشهر، اللذين استقبلاها بالدموع والقبلات والأحضان.
تحدثت «دنيا» لـ«الوطن»، قائلة: «في سجون الاحتلال كانت الدقائق كالعمر بأسره، فقد كان السجان يتحكم في كل شيء، وإذا تأخرنا دقيقة واحدة في الحمام كنا نتعرض للعقاب، وكان العقاب في بعض الأحيان قاسيًا».
وأضافت: «وحتى دخول سجن الاحتلال ليس بالبساطة التي يتخيلها البعض، فبعض اعتقالي من الدار، أخذتني الشرطة إلى أكثر من موقف (مكان مؤقت للسجن) ثم لمعسكر، ثم لمعبار، وحتى السجن الذي تبقي فيه الأسيرة».
وأردفت: «حسب سبب الاعتقال تكون المعاملة في المعسكر (الهشارون)، فأنا بقيت في معسكر لمدة 4 ساعات لا أعرف موقعه ولا طريقة، قاموا بإدخالنا إلى غرفة صغيرة أقرب للقبر، ليست زنزانة، كانت قذرة وسيئة التهوية إلى أبعد حد، ثم تم نقلي إلى سجن دايمون».
وعن شعورها بعد معرفتها عن بإدراج اسمها ضمن الدفعة الأولى من صفقة التبادل، قالت دنيا: «إحساس حلو ممزوج بالوجوع فداخل زنزانتي كانت هناك 10 أسيرات، 3 منهن من غزة، وواحدة من القدس، وأخرى من يطا، وواحدة من رام الله وطولكرم وقبلان، وكنا نشعر أننا سنرى أهالينا ولكننا كل مرة كنا نعود إلى نفس السجن والتعنيف، واليوم في سجون الاحتلال كان ثقيلا والدقائق لا تمر».
عائلة مناضلةالأسيرة المحررة دنيا أشتية هي حفيدة السيدة الفلسطينية «محفوظة أشتية» التي تعتبر أيقونة للنضال في الضفة الغربية، فهي صاحبة الصورة الشهيرة التي انتشرت بالعام 2005، عندما احتضنت شجرة الزيتون بعدما اقتلعت جرافات الاحتلال الإسرائيلي الأشجار حتى أصبح لقبها «سيدة الزيتون»، والتي قالت إنه رغم سعادتها بخروج حفيدتها، إلا أنها «مكسورة الخاطر» من أجل أهل غزة وما حدث لهم.